آخر رحلة للطائرة الألمانية التي اختطفها فلسطينيون قبل عقود – DW – 2017/7/27
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

آخر رحلة للطائرة الألمانية التي اختطفها فلسطينيون قبل عقود

٢٧ يوليو ٢٠١٧

شهدت طائرة "لاندسهوت" الألمانية قبل أربع عقود عملية اختطاف قام بها فلسطينيون. اليوم تحولت الطائرة إلى خردة من الحديد تقبع في البرازيل. وزير الخارجية الألمانية قرر جلب الطائرة إلى موطنها الأصلي، لتكون شاهدا على التاريخ.

https://p.dw.com/p/2hGSq
Lufthansa Landshut 1977 - 2017
صورة من: picture-alliance/dpa/TMA Fortaleza/P. Wagner

لا أحد من طاقم طائرة "لاندسهوت" التابعة للخطوط الجوية الألمانية لوفتهانزا ولا من ركابها الستة والثمانين عاشوا في حياتهم كابوسا أكثر رعبا كذلك الذي عاشوه يوم الثالث عشر أكتوبر/تشرين الأول عام 1977 على متن الرحلة "أل أيش 181" من جزيرة مايوركا الاسبانية والمتوجهة إلى مدينة فرانكفورت الألمانية.

لا أحد من المخابرات الألمانية ولا الاسبانية كان على علم بما كان يدبره أربعة شباب فلسطينيين تابعين لوحدة "الشهيدة حليمة" في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالتعاون مع منظمة الجيش الأحمر اليسارية الارهابية الألمانية. ولم يفطن أحد من أمن المطار ايضاً لما خبأه قائد المجموعة زهير عكاشة وزملاؤه نبيل حربي ونادية دعيبس وسهيلة أندرواس في حقائبهم اليدوية قبل صعودهم طائرة البوينغ 737 -200 : مسدسان وأربع قنابل يدوية و500 غرام من مواد متفجرة. فيما كان العقل المدبر للعملية وديع حداد يشرف على تفاصيل العملية بنفسه من بغداد. 

مطالب الخاطفين 

ساعة الصفر كانت بعد إقلاع الطائرة بنصف ساعة ودخولها المجال الجوي الفرنسي، نجح فيها الخاطفون في السيطرة على غرفة التحكم وتحويل وجهة الطائرة، كما كان مخططا، إلى مدينة لارنكا اليونانية في جزيرة قبرص. قبل ذلك كان لا بد من التزود بالوقود من العاصمة الإيطالية روما. من هناك أعلن قائد المجموعة زهير عكاشة عن مجموعة من المطالب: الإفراج عن 11 إرهابياً من عناصر جبهة الجيش الأحمر(بادرماينهوف) يقضون عقوبات في السجون الألمانية ورفيقين له في السجون التركية ودفع فدية قيمتها 15 مليون دولار أمريكي. وإلا ماذا؟ قتل جميع المسافرين الذين احتجزوا كرهائن.

رحلة عشوائية طوال 9000 كيلومتر

تم شحن الطائرة بما يكفيها من الوقود، وواصل  كابتنها الألماني يورغن شومان الطيران  تحت تهديد فوهات سلاح الإرهابيين الأربعة إلى مصير مجهول. بعد هبوط في روما ولارنكا واصل الخاطفون رحلتهم العشوائية لتحط في بيروت وبعدها المنامة ودبي ثم اضطراريا في عدن، هناك قتل الخاطفون قبطان الطائرة. وفي اليوم الثالث واصل مساعد الربان قيادة "لاندسهوت" لتحط الطائرة في محطتها الأخيرة مقديشو وظلت هناك يوما كاملا.

Lufthansa Landshut 1977 - 2017
صورة من: picture-alliance/AP

قبل انتهاء المهلة التي مُنحت إلى الحكومة الألمانية، قام الخاطفون بتفخيخ الطائرة بالمتفجرات وربط جميع الرهائن ورشوا عليهم الكحول. في المقابل، أذعن المتفاوضون الألمان للأمر الواقع بعد مرور أربع أيام من الكر والفر وأبلغوا الخاطفين بقبولهم للمطالب. لكن في نفس الوقت أجبر الألمان الشباب الفلسطينيين على الانتظار سبع ساعات، مدة جلب المساجين المطلوبين من سجن شتوتغارت الألماني إلى مقديشو. بلع الخاطفون الطعم فالساعات السبع كانت في الواقع مجرد تمويه استخباراتي لربح الوقت ولوضع اللمسات الأخيرة على عملية "سحر النار". 

سبع دقائق أنهت أربع أيام من الرعب

في الثامن عشر أكتوبر/تشرين الأول 1977 وبعد خمس دقائق من انتصاف الليل، اقتحمت وحدة الكوماندوز "جي أس جي 9" لمكافحة الإرهاب طائرة "لاندسهوت" القابعة في مقديشو. سبع دقائق كانت كفيلة بتحرير الرهائن كلهم والقضاء على ثلاثة من الخاطفين، فيما ألقي القبض على سهيلة أندراوس. سبع دقائق كانت كفيلة بإنهاء كابوس دام أربع أيام ازدحمت بالخوف والترقب والرعب. في نفس اليوم، انتحر بعض أعضاء منظمة الجيش الأحمر في زنازينهم بعد سماعهم بفشل العملية.

"لاندسهوت" تعود لألمانيا

انتهت الرحلة بتحرير كافة الرهائن، لكن رحلة "لاندسهوت" لم تنتهِ بعد، فقد احتفظت شركة لوفتهانزا بالطائرة (انضمت إلى أسطولها عام 1970) حتى عام 1985. ثم بيعت وبقيت في الخدمة مع ستة شركات طيران أخرى، آخرها الخطوط البرازيلية وظلت تطير حتى 2008، بعد 38 سنة من الخدمة و60 ألف رحلة. منذ ذلك الوقت، تقبع الطائرة كخردة في مطار فورتاليزا في شمال البرازيل. 

Lufthansa Landshut 1977 - 2017
صورة من: picture-alliance/dpa/TMA Fortaleza/P. Wagner

وفي شباط/ فبراير 2017 سمع وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابريل بالقصة المثيرة للاندسهوت وبمبادرة جماعية من وزارة الخارجية الألمانية ووزارة الثقافة ولوفتهانزا قرر شراءها مقابل 20 ألف يورو وجلبها إلى موطنها الأصلي ألمانيا وستكلف مصاريف جلبها مليوني يورو والهدف هو إعادة الحياة للخردة وعرضها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل في معرض دورنيه بمدينة فريدريش هافن، كشاهد عن فصل مهم في التاريخ الألماني الحديث وعن معركة انتصار الحرية على الإرهاب. 

سميح عامري

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد