إسرائيل.. ماذا بعد إقرار بند أساسي من خطة الإصلاح القضائي؟ – DW – 2023/7/25
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إسرائيل.. ماذا بعد إقرار بند أساسي من خطة الإصلاح القضائي؟

٢٥ يوليو ٢٠٢٣

متجاهلا كل الاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة منذ أشهر، أقر البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بندا رئيسيا في خطة الإصلاح القضائي، ما قد يزيد من انقسام المجتمع الإسرائيلي. لكن كيف سيؤثر ذلك على فصل السلطات؟

https://p.dw.com/p/4ULIo
مظاهرة لمعارضي الإصلاح القضائي في القدس قرب الكنيست 24.07.2023
مشروع الإصلاح القضائي يعمق انقسام المجتمع الإسرائيل ويحذر مراقبون من وقوف البلاد على شفا أزمة وطنيةصورة من: MENAHEM KAHANA/AFP/Getty Images

إذا استمرت المظاهرات الحاشدة وبمشاركة عشرات الآلاف وفي مختلف أنحاء البلاد، فيجب أن يتعلق الأمر بقضية مهمة جدا. منذ شهر يناير/ كانون الثاني، تشهد إسرائيل احتجاجات كبيرة لم يسبق لها مثيل من قبل، حيث أن خطة الإصلاح القضائي لحكومة بنيامين نتنياهو يمكن أن تغير البلاد بشكل كبير.

وقد أقر الكنيست بندا أساسيا في خطة الإصلاح هذه، متجاهلا كل الاحتجاجات المعارضة.

 

ما هي البنود الرئيسية في خطة الإصلاح القضائي؟

يريد الائتلاف الحكومي اليميني واليميني المتشدد بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تعديل العديد من النقاط المتعلقة بالفصل بين السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية. وبدل الدستور، حيث ليس هناك دستور في إسرائيل، تنظم بعض القوانين فصل السلطات والعلاقة بين مختلف مؤسسات الدولة.

وتقليديا تمتلك المحكمة العليا سلطة قوية، حيث ليست هناك غرفة تشريعية (برلمانية) أخرى تراقب التشريعات التي يصدرها الكنيست (البرلمان).

ويتعلق الآن الأمر بالدرجة الأولى ببند "المعقولية"، فحتى الآن كانت المحكمة العليا تستطيع تصنف قرارات الحكومة على أنها "غير معقولة" وتلغيها. والآن تريد حكومة نتنياهو انتزاع هذه السلطة من المحكمة من خلال مشروع الإصلاح القضائي.

وبعد أول تصويت في أواسط شهر تموز/ يوليو الجاري جاء التصويت الثاني الحاسم بأغلبية 64 صوتا من أصل 120 صوتا، حيث صوت جميع نواب الائتلاف الحكومي الـ 64 بنعم، وبالتالي تم إقرار التعديل القانوني.

وحسب تقارير من المقرر أن يتم في الخريف مناقشة الأجزاء الأخرى في خطة التعديل القضائي، والتي تتضمن منح الحكومة صلاحية أكبر فيما يتعلق بتعيين القضاة. في هذا الجزءأشار نتنياهو قبل فترة إلى تنازل جزئي. وفي مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية صرح بأنه يريد حذف بند الإلغاء كليا، وبذلك يكون البرلمان قد منح نفسة عمليا حق إلغاء أحكام المحكمة العليا.

ما هي حجج المؤيدين؟

لا يتم انتخاب القضاة من الشعب مباشرة، كما هو الحال بالنسبة لنواب البرلمان الـ 120 نائبا. لذلك ترى الحكومة ومؤيدوها في التعديل تعزيزا للديمقراطية. ومن وجهة نظرهم لدى السلطة القضائية الآن هيمنة (غلبة) فيما يتعلق بفصل السلطات، والإصلاح سيحسن التوازن بين المؤسسات.

في الآونة الأخيرة نزل مؤيدو الحكومة أيضا إلى الشوارع. وحسب تقارير إعلامية شارك حوالي 50 ألف شخص في مظاهرات نظمها هؤلاء في تل أبيب مساء الأحد (23 تموز/ يوليو 2023)، كان بينهم الكثير ممن جاؤوا من المدن الأخرى ومن المستوطنات في الضفة الغربية. وفي نهاية التجمع وقعت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن كما تمت مهاجمة فريق تصوير أيضا.

وضمن الائتلاف الحكومي يتم الدفع بالإصلاح القضائي إلى الأمام من قبل الأطراف اليمينية القومية والدينية. فوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اليميني المتطرف، صرح مؤخرا بأن حزبه "القوة اليهودية" يرفض "أي تخفيف" لمشروع القانون ويعتبره "إخصاء". وطالب الائتلاف الحكومي إقرار مشروع القانون بشكله الحالي دون أي تغيير، وكذلك باقي أجزاء خطة الإصلاح القضائي.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في جلسة للبرلمان (10.7.2023)
دافع نتنياهو عن خطة الإصلاح القضائي وخاصة ما يتعلق بسلطات المحكمة العليا على أنها ضرورية لخق توازن بين السلطات.صورة من: Maya Alleruzzo/AP/picture alliance

ما هي حجج المعارضين؟

حسب وجهة نظر الكثير من المواطنين، ما تخطط له الحكومة هو "تدمير للديمقراطية"، وكان ذلك واضحا من خلال اللافتات التي كانوا يرفعونها أثناء الاحتجاجات. وكان يتم دائما مقارنة ما يتم في إسرائيل بما جرى في بولندا وهنغاريا، هذان البلدان اللذان يقلقان الاتحاد الأوروبي في مجال سيادة القانون وفصل السلطات، ولذلك يواجهان العديد من الدعاوى بشأن خرق اتفاقيات وقوانين الاتحاد الأوروبي.

كما يهدد الإصلاح القضائي في إسرائيل بانقسام عميق في المجتمع حسب المعارضين، ففي السابق قامت المحكمة العليا باستمرار بالدفاع عن مبادئ المساواة بين الجنسين وحماية الأقليات الجنسية، ضد القيود الدينية الصارمة. لذلك يخشى الكثير من الإسرائيليين الذين يصفون أنفسهم بالعلمانيين واليساريين والليبراليين، إعادة الهيكلة في اتجاه الأرثوذوكسية المتشددة.

وفي الأثناء وصل الأمر إلى الجيش أيضا، الذي تعتبر الخدمة الإلزامية فيه للنساء والرجال، بمثابة بوتقة انصهار لتوحيد وربط المجتمع (باستثناء الأرثوذوكس المتشددين المعفيين من الخدمة، وهو ما رأته المحكمة مرارا تمييزا).

فقبل عدة أيام هدد 1142 من ضباط سلاح الجو الاحتياط بالانسحاب من الخدمة الاحتياطية إذا تم تمرير الإصلاح القضائي. وجاء في بيان مشترك لهم "نحن جميعا مسؤولون معنا عن معالجة الانقسام والاستقطاب والصدع بين الشعب".

وبسبب نسبة الإنجاب العالية بين اليهود الأرثوذوكس المتشددين، فإن نسبتهم منذ عقود في تزايد داخل المجتمع الإسرائيلي. كما انضم كثيرون من جنود الاحتياط في الوحدات الأخرى، بينهم العديد من جهازي المخابرات الداخلية المعروف اختصارا بـ"الشين بيت" أو "الشاباك" والخارجية الموساد، إلى بيان احتياطيي ضباط سلاح الجو.

لقطة من احتجاجات تل أبيب ضد مشروع الاصلاح القضائي (20.07.2023).
يقول معارضو الإصلاح القضائي إن التعديلات تدمير للديمقراطية. صورة من: Amir Cohen/REUTERS

من يسعى للتوفيق والتوحيد؟

بذل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، جهود وساطة واضحة، والذي يرى حسب تصريحاته أن إسرائيل في "حالة طوارئ وطنية" وطالب النواب بإظهار الشجاعة لجعل الاتفاق ممكنا. وقبل تصويت البرلمان بليلة ذهب هرتسوغ إلى المستشفى لإجراء محادثات وساطة مع نتنياهو الذي كان قد دخل المستشفى وتم زرع جهاز تنظيم ضربات القلب له، وغادر المستشفى قبل تصويت الكنيست بساعات قليلة.

ومن داخل الائتلاف الحكومييلعب وزير الدفاع يوآف غالانت دور الوسيط. وردا على بيان ضباط احتياط سلاح الجو قال غالانت إنه يبذل جهوده من أجل تحقيق "إجماع".

كيف ستسير الأمور الآن؟

أولا تستعد مؤسسات الدولة للاحتجاجات الغاضبة، فقد صرح قائد الشرطة كوبي شاباتي لقناة الأخبار الإسرائيلية 12 أن الشرطة تستعد لمنع اقتحام المحتجين لمبنى الكنيست.

مجموعات المجتمع المدني مثل "الحركة من أجل جودة الحكم" أعلنت بعد تصويت الكنيست أنها سترفع دعوى لدى المحكمة العليا لفحص مدى قانونية تعديل بند المعقولية.

إذن سيفحص قضاة المحكمة العليا فيما إذا كان تجريدهم من جزء من صلاحياتهم دستوري (قانوني) أم لا؟ وإذا كان الجواب لا، ستقف إسرائيل على شفا أزمة وطنية. ولتجنب ذلك قد تضطر الحكومة إلى سحب مشروع الإصلاح القضائي، ويعني هذا السيناريو انهيار الائتلاف الحكومي، حسب مراقبين.

دافيد إيهل/ عارف جابو