ازدياد خصوم سعيد واتساع جبهة المعارضين لتفرده بالسلطة – DW – 2021/9/30
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ازدياد خصوم سعيد واتساع جبهة المعارضين لتفرده بالسلطة

٣٠ سبتمبر ٢٠٢١

أثار إعلان الرئيس التونسي إحكام قبضته على السلطة التشريعية والتنفيذية المزيد من الانقسام. فيما أدان حليفه السابق الاتحاد العام للشغل الإعلان وانضم إلى خصومه. لكن كيف ينظر التونسيون إلى سعيد وقرارته ومن يتحدث باسمهم؟

https://p.dw.com/p/412lS
الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء إلقائه كلمة في مدينة سيدي بوزيد 20.09.2021
بقراراته الأخيرة عمق الرئيس التونسي انقسام المجتمع ووحد خصومه صورة من: Slim Abid/Tunisian Presidency/AP/picture alliance

في خضم الأزمة السياسية التونسية الذي بدأت شرارتها أواخر يوليو/ تموز الماضي، أشاد الاتحاد العام التونسي للشغل بالخطوات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد لحل أزمات البلاد، لا سيما تعطيل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي. لكن سعيد يتعرض في الفترة الأخيرة لضغوط متزايدة من الاتحاد العام للشغل الذي وقف إلى جانبه في السابق.

ورغم تعهد قيس سعيد بأن قراراته ستكون مؤقتة وسيحافظ على المسار الديمقراطي الذي سلكته تونس عقب ثورة الياسمين عام 2011، إلا أنه يبدو عازما على إحكام قبضته على السلطة أكثر فأكثر.

فخلال الأسبوع الماضي، غرد قيس سعيد على موقع تويتر بتغريدة توضح الخطوة المستقبلية الذي سيتخذها، إذ أصدر أمرا رئاسيا غيّر بموجبه الصلاحيات المتعلقة بالسلطة التنفيذية والتشريعية وجمع كل السلطات في يديه.

فبموجب القرار، سيختار قيس سعيد بنفسه أعضاء الحكومة الجديدةوسيدخل عن طريق لجنة سيشكلها بنفسه تعديلات على دستور عام 2014 والذي اكتسبته تونس بشق الأنفس. وقال سعيد إنه المسؤول الأول عن تفسير الدستور وأنه سيعمل على تغيير أي جزء يراه يتعارض مع سلطاته.

 انقسام واختلاف حول قرارات الرئيس

ومنذ إصداره مرسومه الرئاسي المثير للجدل بشأن تعليق البرلمان وإقالة الحكومة في يوليو/ تموز الماضي، ظلت تونس حبيسة حالة من الانقسام في الآراء، إذ يرى منتقدو سعيد أن قراراته تتعارض مع الدستور وتمهد الطريق ليصبح ديكتاتورا.

في المقابل، يؤكد أنصاره أن قراراته كانت ضرورية لإنهاء حالة الجمود السياسي التي عصفت بتونس في الآونة الأخيرة، وخرج بعض أنصاره للاحتفال، وهو ما اعتبره البعض استيلاء على السلطة.

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يمثل أكبر وأقوى منظمة نقابية في البلاد، من أبرز أنصار وحلفاء قيس سعيد في البداية، إذ أعرب ممثلو الاتحاد عن ثقتهم في قراراته وشددوا على أن إحداث نوع من التغيير السياسي الجذري كان ضروريا.

يشار إلى أن الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يضم قرابة مليون عامل في صفوفه، يحظى بنفوذ سياسي كبير في البلاد، ونال عام 2015 جائرة نوبل للسلام مشاركة مع ثلاث منظمات تونسية أخرى أطلق عليهم في حينه "رباعي الحوار التونسي"، اعترافا بجهودهم في التوسط بين الأحزاب الإسلامية والعلمانية لإنجاح الحوار الوطني التونسي ووضع تونس على طريق الديمقراطية وتحقيق ما أشارت إليه لجنة الجائزة في إطلاق "عملية سياسية بديلة وسلمية في وقت كانت فيه البلاد على شفير حرب أهلية".

لا مساس بالحريات وحقوق الإنسان

لكن وبمرور الوقت وتحديدا غداة إعلان سعيد استحواذه على السلطات التشريعية والتنفيذية، تغير موقف الاتحاد العام للشغل، إذ حذر من مخاطر حصر السلطات في يد الرئيس، معتبرا أن احتكاره لتعديل الدستور والقانون الانتخابي يُعتبر "خطرا" على الديمقراطية. وقال سمير الشفي، الأمين العام المساعد للاتحاد التونسي للشغل، في مقابلة مع DW إن أعضاء الاتحاد يطالبون بإصلاحات سياسية. وأضاف أن الاتحاد أظهر في السابق تعاطفا مع قرارات قيس سعيد التي صدرت في يوليو/ تموز الماضي "لأنها كانت تعبيرا حقيقيا عن تطلعات التونسيين، إذ سادت حالة من اليأس (عامة الشعب). بيد أن الإصلاح يتطلب مسارا تشاركيا". وأكد الشفي بأن "بناء تونس بطريقة أفضل يستوجب الانفتاح على كافة القوى المختلفة في البلاد، أقصد القوى التي لم تتورط في فساد أو قمع. هذا من نقصده بالمسار التشاركي".

وشدد الشفي على أن هذا الأمر هو ما أثار انزعاج الاتحاد العام للشغل بعد قرارات سعيد الأخيرة التي اعتبرها متعارضة مع المسار التشاركي، مشيرا إلى أن الاتحاد العام "يعتبر المكاسب التي تحققت في مجالات حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية لا يمكن المساس بها على الإطلاق".

"الانقلاب على الدستور"

وكانت أربعة أحزاب تونسية قالت بعد قرار الرئيس، إنه فقد شرعيته ودعت لمواجهة "الانقلاب على الدستور". وشددت أحزاب التكتل وآفاق والجمهوري والتيار الديمقراطي، الذي كان يُعتبر في السابق مقربا من سعيد، على أن خطوته تكرس الانفراد المطلق بالحكم. وانضمت الأحزاب الأربعة إلى حزب النهضة في اعتبار ما قام به سعيد انقلاب على الدستور.

وانتقد حزب النهضة، الذي يحمله البعض مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في تونس خاصة المأزق والجمود السياسي الأخير، التدابير الاستثنائية الجديدة التي أعلنها الرئيس قيس سعيد.

محلات مغلقة في القيروان استجابة لدعوة الاتحاد العام للشغل إلى إضراب عام 03.12.2020
يتمتع الاتحاد العام للشغل بنفوذ سياسي كبير وقد دعا لإضراب عام أواخر العام الماضي احتجاجا على فشل السياسات الاجتماعية والاقتصاديةصورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance

وتزامن هذا مع تقديم أكثر من 130 عضوا في حزب النهضةبينهم قيادات مركزية وجهوية وأعضاء بمجلس الشورى وأعضاء بالبرلمان المجمدة عضويته، استقالتهم لاعتبارهم قيادة الحزب مسؤولة عن قرارات سعيد. كما أرجع الأعضاء استقالتهم إلى الخيارات السياسية الخاطئة لقيادة النهضة التي أدت إلى "عزلتها وعدم نجاحها في الانخراط الفاعل في أي جبهة مشتركة لمقاومة الخطر الاستبدادي الداهم الذي تمثله قرارات 22 سبتمبر/أيلول 2021".

وفي الوقت الذي شدد فيه حزب حركة الشعب على دعمه للرئيس التونسي، خرج القيادي في الحزب هيكل مكي ليعرب عن بعض التحفظات إزاء قراراته الأخيرة. وفي مقابلة إذاعية، قال مكي إن حالة الطوارئ المفروضة في البلاد قد يتم تمديدها لستة أشهر أخرى، لكنه شدد على أن حزبه لم يمنح سعيد "شيكا على بياض".

اصطفاف منتقدي قيس سعيد معا

وفي تعليقه على التطورات الأخيرة، قال ريكاردو فابياني، مدير مشروع شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، إن انتقاد الاتحاد العام للشغل لقرارات قيس سعيد يعد "تطورا كبيرا". وأضاف في مقابلة مع DW "حتى هذه اللحظة، كانت الأصوات الوحيدة المنتقدة (لقرارات سعيد) من الإسلاميين، لذا فإن إقدام الاتحاد العام التونسي للشغل على انتقاد الرئيس علنا يعد تطورا ملحوظا".

في المقابل، يرى فابياني أنه لا يزال يغيب عن المشهد التونسي وجود أي حشد كبير ضد الرئيس حتى الآن، مضيفا "لم نر اجتماعا بين كافة الأطراف فلإعلان عما يتعين عليهم القيام به الآن لمنع (قيس سعيد)".

وشدد الباحث على أنه من الصعب معرفة ما إذا كان هذا الانتقاد المتزايد من الاتحاد العام للشغل والأحزاب السياسية الأخرى يعكس آراء غالبية الشعب التونسي. وأضاف "حتى إذا كان هذا واقع الأمر، فإنه من الصعب أيضا التكهن بالخطوات التي سيتخذها معارضو الرئيس لإيقافه. فهل سيطلبون من الجيش التدخل مثلا؟" لكن لا نعرف بماذا تفكر المؤسسة العسكرية التونسية بشأن كل هذا؟

مظاهرة ضد الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس 26.09.2021
الشارع التونسي منقسم بين مؤيد ومعارض للرئيس قيس سعيد... لكن من يمثل هذا الشارع ويتحدث باسمه؟صورة من: ZOUBEIR SOUISSI/REUTERS

من يتحدث باسم الشارع التونسي؟

وإزاء كل هذه المعطيات والمستجدات على الساحة السياسية التونسية، يقول معظم المراقبين إنه يصعب عليهم معرفة ما ستؤول إليه الأوضاع في تونس إذ بات خيارهم الوحيد هو الانتظار لمعرفة ما سيحدث في المستقبل.

وفي هذا السياق، قال فابياني "أعتقد أن السؤال الحاسم يتعلق بكيف يشعر غالبية الشعب التونسي؟" وأضاف أنه "يمكن استشعار الإجابة على هذا التساؤل بالنظر إلى رد فعل التونسيين حيال الاحتجاجات الأخيرة"، في إشارة إلى المظاهرات التي شهدتها البلاد مؤخرا لمعارضي قيس سعيد وأنصاره.  وقال اللافت هو أن "المظاهرات الأخيرة في تونس قوبلت بحالة لامبالاة نسبية!".

يشار إلى أنه خلال الأيام الماضية، شهدت عدة مدن تونسية بما في ذلك العاصمة، احتجاجات ضد قرارات قيس سعيد الأخيرة واحتجاجات أخرى تؤيده. وتأكيدا على هذا التباين، ذكرت صحيفة "لابريس" التونسية أن تظاهرات الأحد الماضي أثارت انقساما في شارع الحبيب بورقيبة، إذ تظاهر قرابة ألفي شخص بعضهم اتهم الرئيس التونسي بتدبير"انقلاب" فيما احتفى آخرون به وقالوا إنه يخلص البلاد ممن يصفونهم "بالمحتالين". وفي هذا السياق، طرح الصحفي كريم بن سعيد في"لابريس" تساؤلا في غاية الأهمية مفاده: من الذي يتحدث حقا باسم الشعب التونسي؟ وأجاب الصحافي عن تساؤله قائلا "لا أحد يعرف حقا، الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك تتمثل في إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن".

كاثرين شير وطارق القيزاني/ م.ع