الأردن: مجهولو النسب ومصاعب الاندماج في المجتمع – DW – 2012/3/26
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأردن: مجهولو النسب ومصاعب الاندماج في المجتمع

٢٦ مارس ٢٠١٢

يواجه مجهولو النسب في الأردن، بعد تخرجهم من دور الرعاية، مشاكل جمة لا تقتصر على الصورة النمطية السلبية التي تلاحقهم طوال حياتهم فحسب، بل تشكل عائقا كبيرا أمام اندماجهم في المجتمع. DW عربية تسلط الضوء على معاناة هؤلاء

https://p.dw.com/p/14Ob1
صورة من: AP

تقول فادية (24 عاما) لموقع DWعربية، إنها عاشت في دور الرعاية حتى سن 18 عاما قبل أن تخرج إلى الشارع بلا "مأوى" وتعمل في إحدى مراكز التسوق الكبيرة. فادية لم تكن تجد مكانا للنوم فكانت تنام في الحمامات فاكتشفت ذلك إدارة المركز مما اضطرها إلى البقاء في الحدائق العامة حتى الصباح رغم برودة الطقس.

وتصف فادية السنوات الست التي عاشتها بعد تخرجها من دور الرعاية بـ "القاسية" إذ تعرضت خلالها إلى أربع حالات "اغتصاب" قبل أن تتزوج من أحد خريجي دور الرعاية. وتشكو فادية من عدم متابعتها بعد تخرجها من دار الرعاية، كما تطالب بتأمينها صحيا والنظر في "الأرقام الوطنية" لمجهولي النسب، التي تختلف عن أرقام باقي المواطنين العاديين، مما يشكل لها معاناة كبيرة عند مراجعة أي بنك أو دائرة حكومية فتضطر لشرح وضعها في كل مرة لإنجاز معاملتها.

70 طفلا من مجهولي النسب يولدون سنويا في الأردن

وينقسم مجهولو النسب في الأردن إلى ثلاث فئات الأولى هم "اللقطاء" الذين تجدهم الشرطة في أماكن عامة مثل الشوارع ودور العبادة، والثانية هم نتاج زواج المحارم أو "ضحايا السفاح"، والفئة الثالثة هم من معروفي الأم وغير معروفي الأب. وبحسب إحصاءات وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية فإن 70 طفلا وطفلة من مجهولي النسب يولدون سنويا في الأردن.

ويقول سليم (19 عاما) لموقع DWعربية إنه نشأ في قرى الأطفال الأردنية SOSقبل أن ينتقل دار الرعاية. وعندما بلغ سن البلوغ وخرج من الدار واجه مشاكل كبيرة أهمها عدم تقبل الناس لحياته التي عاشها وشعوره بالحرج من شرح طبيعتها. ويشكو سليم، وهو طالب في كلية الخوارزمي في عمان، من قسوة الحياة وتحمله المسؤولية في سن صغيرة ويقول إنه يحاول تغيير نظرة المجتمع لإخوانه في القرية.

اما هاني مبارك ذو الثلاثين عاما فقد عاش مع أسرة احتضنته من سن ثلاثة شهور حتى بلغ عمره 17 عاما ثم ذهب إلى دور الرعاية وعاش فتره قصيرة. ويقول هاني أيضا إن معاناته بدأت مع خروجه من دور الرعاية. ويضيف هاني لموقع DWعربية أنه "لا توجد رعاية لاحقة ولا تخطيط للمنتفع بعد سن الـ 18 إضافة إلى تدني مستوى الدراسة والتحصيل العلمي كما لا يوجد تحقيق لأبسط المطالب". ويختم هاني حديثه لموقع DWعربية بالقول: " رغم أن المجتمع يرفض وجودنا على الأرض، نحن مستمرون في البقاء رغم التحديات التي نواجهها منه"، أي من المجتمع.

Findelkinder in Jordanien
مها السقا، المديرة التنفيذية لصندوق الأمان لمستقبل الأيتامصورة من: DW

"مشاريع قروض إنتاجية لمجهولي النسب"

من جهته يقول الناطق الإعلامي باسم وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية الدكتور فواز الرطروط لموقع DWعربية إن وزارته تتعامل مع مجهولي النسب من خلال برنامجين الأول وقائي يقوم على تحضين بعضهم للأسر المحرومة من الإنجاب والثاني علاجي خاص بفئة معروفي الأم وغير معروفي الأب. ويبين الرطروط أن وزارة التنمية الاجتماعية تقوم بمساعدتهم على الحصول على الوظيفة في القطاعين العام والخاص بحيث تم استحداث وحدة متخصصة بمتابعة أوضاع خريجي دور الرعاية بهدف منحهم مشاريع قروض إنتاجية وتدريبهم وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل.

"هجران وحرمان ومعاناة النفسية"

المديرة التنفيذية لصندوق الأمان لمستقبل الأيتام مها السقا ترى في حوار مع موقع DWعربية أن "أي طفل يعيش في دار رعاية تنتابه مشاعر الهجران والحرمان والمعاناة النفسية". وتضيف السقا أن دور الرعاية تتفاوت في درجات عملها والخدمات التي تقدمها. وأنها أصبحت في الفترة الأخيرة تخضع لرقابة مشددة بعد أن "سلط الإعلام الضوء على مشاكل خريجي دور الرعاية وتعرض بعضهم لنوع من أنواع الإساءة في طفولتهم سواء الضرب أو الإهمال أو الإساءات اللفظية أو الجسدية".

وتعرض السقا قصص نجاح لمجهولي النسب يغير الصورة النمطية السلبية المطبوعة في المجتمع وتؤكد أن لدى هؤلاء الشباب قدرات ومؤهلات للنجاح تجعلهم قادرين على منافسة أي شخص عاش في ظروف طبيعية. وتؤكد السقا أن الصورة النمطية تتغير تدريجيا لأن الأمر يتعلق بـ "تغيير مفاهيم" وهذا "لا يحصل بين ليلة وضحاها بل يحتاج لفترة زمنية معينة".

أما الصحفية نادين النمري، المتخصصة في الشؤون الاجتماعية، فتقول في حوار مع موقع DWعربية أن "المجتمع متعاطف مع مجهولي النسب لكنه ليس متعاونا معهم". وفي هذا الإطار تتساءل الصحفية عن عدد الأهالي الذين من الممكن أن يقبلوا تزويج أولادهم هؤلاء الأشخاص؟ وتؤكد أن أهم مشكلة تواجه هذه الشريحة هي قلة متابعة الانضباط السلوكي والتعليم داخل دور الرعاية مما يحول دون انخراط بعضهم في سوق العمل.

"تأثير للجذور الدينية والاجتماعية"

ويقول حسين محادين، أستاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة لموقع DWعربية إن الموقف من مجهوليالنسب يتأثر حكما بالجذور الدينيةوالاجتماعية لثقافة المجتمع العربي الإسلامي التي تهتم كثيرا بالنسب، ما يعني أن مفهوم "الوصمة الاجتماعية" سيبقى يلاحقهم .

Findelkinder in Jordanien
حسين محادين، استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتةصورة من: DW

ويضيف محادين أن الحكومات تمنح هؤلاء أسماء وانسابا مفترضة علها تُسهم في التقليل أو إخفاء خلفياتهم الاجتماعية كإجراء مواز لإبعاد "الوصمة" التي تلتصق بهم. فالمجتمع الأردني، وعبر أنماط التنشئة الاجتماعية المستدامة فيه، التي لا تبدي مرونة إزاء هذه الحالات المرفوضة بقسوة لاسيما في المجتمعات البسيطة المتجانسة، مقابل مرونة نسبية في تعامل أهل المدن الكبرى غير المتجانسة سكانيا، يتحمل العبء الأكبر في معاناة هؤلاء.

ويقترح الخبير الاجتماعي إنشاء مؤسسات تعنى بإدماج هؤلاء الشباب في سوق العمل ومساعدتهم على إطلاق مبادرات فردية. كما يطالب محادين بإطلاق حملات توعية عبر مختلف وسائل الإعلام للتقليل من معاناة هؤلاء الشباب في المجتمع الأردني.

محمد خير العناسوة – عمان

مراجعة: أحمد حسو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد