الاحتجاجات في سوريا- مواقف عراقية حذرة – DW – 2011/8/15
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاحتجاجات في سوريا- مواقف عراقية حذرة

١٥ أغسطس ٢٠١١

اختلفت مواقف النخبة السياسية العراقية إزاء موجة الاحتجاجات في سوريا، ولم تتمكن بغداد من صياغة موقف موحد تجاهها. دويتشه فيله تحدثت إلى خبراء سياسيين حول هذه المواقف التي أتت متباينة، بتباين المنظومة السياسية العراقية.

https://p.dw.com/p/12FM9
العراق وسوريا، مصالح مشتركة ومواقف متضاربة.

لم تمر سوى أسابيع قليلة على انطلاق موجة الاحتجاجات في سوريا حتى أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي دعمه للإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أنها "ستساعد على إحلال الأمن والاستقرار" في سوريا، "لأن استقرار المنطقة ككل مرتبط باستقرار سوريا وأمنها". تصريح المالكي جاء إثر زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم إلى بغداد أواخر شهر أيار/ مايو الماضي. ورغم التحركات المساندة للاحتجاجات في سوريا، خاصة من طرف منظمات المجتمع المدني في إقليم كردستان، لم تقدم الحكومة العراقية على اتخاذ موقف صريح، حالها في ذلك حال أغلب الدول العربية. وبعد فترة من الصمت وجه الرئيس العراقي جلال طالباني رسالة إلى الأسد، أعرب فيها عن "دعم العراق لأمن واستقرار سوريا ولمسيرة الإصلاحات فيها".

هذه المواقف أتت مغايرة لطبيعة العلاقات بين سوريا وعراق ما بعد 2003، إذ طالما اتهمت بغداد نظام الأسد بتسهيل تدفق "الجهاديين" إلى أراضيه، ما أسهم في تدهور الوضع الأمني في مدن العراق. هذه الاتهامات قادت إلى أزمات دبلوماسية متكررة، كان أسوأها عام 2009 حين هزت موجة من التفجيرات العاصمة بغداد، ما انتهى بقطيعة دبلوماسية بين البلدين، دامت لأكثر من عام.

"ازدواجية المعايير الداخلية"

Syrien Unruhen Panzer in Deir al-Zor Protestbewegung
النظام السوري مصمم على قمع المتظاهرين، رغم ذلك لم يصدر لحد الآن أي موقف رسمي من الحكومة العراقية.صورة من: dapd

رسالة طالباني تلاها سكوت للحكومة العراقية تجاه التطورات التي تهز سوريا آذار/ مارس ماضي. هذا الصمت يعتبره الخبراء دليلاً على عجز بغداد تقديم موقف واضح تجاه الأحداث الدموية، وتجاه قمع المتظاهرين. لكن الانتقاد الوحيد لتعامل نظام الأسد مع حركة الاحتجاجات بدموية جاء على لسان رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي فقط، الذي أعلن الثلاثاء الماضي (9 آب/ أغسطس 2011) عن إدانته لقمع الحريات في سوريا، مطالباً نظام الأسد باتخاذ "موقف جريء لوقف نزيف الدم".

لكن حتى هذا الموقف لا يستند بالضرورة على قواعد مبدئية وإنسانية، كما يرى الصحفي العراقي الدكتور عبد الله الجبوري، رئيس تحرير جريدة Iraq Press الإلكترونية. فموقف النجيفي جاء بعد تنديد دول عديدة للعنف في سوريا، وخاصة تركيا ذات النفوذ القوي في المناطق الشمالية للعراق. ويشير الجبوري إلى أنه من "دون التدخل في الشأن السوري الداخلي وبغض النظر عن التوجهات السياسية الشخصية يجب على كل مسؤول، يحتل منصباً سياسياً داخل الدولة، أن يتخذ موقف مبدئياً وسريعاً"، ويضيف الجبوري "لأن هذا الموقف سيعكس موقف الشعب الذي يمثله هذا المسؤول".

Nouri al Maliki Ministerpräsident Irak
رئيس الوزراء نوري المالكي أبدى دعمه للإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس السوري بشار الأسدصورة من: AP

من جانبه يرجع المحلل السياسي العراقي غانم جواد اختلاف مواقف الساسة العراقيين تجاه ما يجري في سوريا إلى تعدد المنظومات الإيديولوجية التي ينتمي إليها هؤلاء، وهو "أمر طبيعي" كما يقول. ويستطرد جواد قائلاً: "لكن اختلاف الآراء الشخصية للفاعلين السياسيين لا يجب أن يرسم السياسة الخارجية للدولة". غير أن واقع الحال في بغداد عكس ذلك تماماً، كما يرى المراقبون.

أتباع أجندات خارجية

الجبوري من جانبه يتهم الأحزاب العراقية بإتباع مصالح لا تخدم بالضرورة المصالح الداخلية لبلدهم، بل ويذهب إلى اتهامها "بإتباع أجندات خارجية"، تتوافق بشكل خاص مع مصالح كل من إيران وتركيا، وذلك حسب انتمائها الطائفي. ويضيف الجبوري بالقول: "الأحزاب الشيعية تردد نفس المواقف الإيرانية في بعض القضايا، في حين تحاول الأحزاب السنية الدفاع عن المصالح التركية في العراق"، كما يقول. لذا يرى الجبوري في موقف رئيس البرلمان أسامة النجيفي المتأخر خير مثال على ما يسميه "ازدواجية المعايير الداخلية في العراق"، إذ لم يأت إلا بعد تبلور الموقف التركي بشكل واضح.

من جانبه يشير جواد إلى أن بغداد تعتريها "مخاوف من تطورات الوضع في سوريا ومن مرحلة ما بعد الأسد، التي ستنعكس على استقرار العراق وأمنه مستقبلاً". لكن المحلل السياسي العراقي يضيف بالقول: "إن سكوت الحكومة العراقية على المأساة الإنسانية، التي يعيشها الشعب السوري، يبقى غير مبرر". أما الجبوري فيرى أن على المسؤولين العراقيين أن "ينظروا إلى النظام والشعب السوري نظرة موحدة، وليس على أساس الطوائف التي تشكله. كما لا يجب أن نقف مع تلك الطائفة التي ننتمي نحن إليها. الإستراتجية السياسية تتطلب أن ننظر إلى الأمور وفق مصالح العراق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية الداخلية."

خالد الكوطيط

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد