الاعتداء على هنية يضع المناطق الفلسطينية على شفير الهاوية – DW – 2006/12/16
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الاعتداء على هنية يضع المناطق الفلسطينية على شفير الهاوية

تحليل بيتر فيليب / إعداد محمد السيد١٦ ديسمبر ٢٠٠٦

الاعتداء على موكب رئيس الوزراء الفلسطيني ينذر بتصعيد خطير في الأراضي الفلسطينية خاصة أن هنية على يقين من أن حركة فتح تقف وراء محاولة اغتياله. بيتر فيليب يحلل عواقب هذا الحادث على الساحة الفلسطينية.

https://p.dw.com/p/9XZh
هل سقط تحريم الدم الفلسطيني ضحية لغياب الوفاق الوطني؟صورة من: AP

قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إنه يعرف تماماً الجهة التي أطلقت النار على موكبه وإنه لن يدع المجرمين يفلتوا من العقاب. وكان هنية، زعيم حركة حماس، قد مُنع من دخول الأراضي الفلسطينية بعد إغلاق معبر رفح لساعات طويلة يوم الخميس الماضي، ولم يتمكن من دخول قطاع غزة إلا عند ساعة متأخرة من الليل. وبعيد السماح له بالدخول تعرض موكبه لإطلاق نار كثيف، أسفر عن مقتل احد حراسه وإصابة نجله، الذي يقوم بمهمة أحد مستشاريه. هنية لم يدع مجالاً للشك، فهو على يقين من أن حركة فتح المنافسة لحماس تقف وراء محاولة اغتياله. وبهذا الحادث فقد خطا قطاع غزة خطوة جديدة صوب شبح حرب أهلية مفتوحة في الأراضي الفلسطينية؛ إذ قتل يوم الخميس في وضح النهار قاض من أتباع حماس؛ وقبل ذلك بأيام كان مجهولون قد قتلوا ابناً لأحد مسؤولي المخابرات التابعين لفتح.

وتأتي تلك الإشتباكات المسلحة على خلفية الأزمة المتفاقمة التي تعم الأراضي الفلسطينية، وعلى الأخص قطاع غزة، بعد الانتخابات التي أسفرت عن فوز حكومة حماس. وبعد أن شكلت حماس الحكومة أعلنت عن عدم موافقتها على الكثير من الاتفاقيات، التي كانت الحكومة الفلسطينية السابقة قد عقدتها مع إسرائيل، ووضعت مبدأ تدمير دولة إسرائيل على جدول أعمالها.

تصعيد تدريجي

Jahresrückblick Februar 2006 Ismail Hanija Ministerpräsident Palästina
رئيس الوزراء الفلسطيني يتحدث إلى الصحافة عن جولته الأخيرة في الشرق الأوسطصورة من: AP

منذ تولي حماس زمام السلطة في الأراضي الفلسطينية قُطعت كل المحادثات الجارية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وفُرضت عقوبات قاسية على الفلسطينيين للضغط عليهم من أجل إجبار حماس على تغيير موقفها من إسرائيل وعملية السلام. فإسرائيل امتنعت عن تسليم السلطة الفلسطينية الأموال المستحقة لها بذمتها والمتأتية من الضرائب الجمركية. أما المساعدات التي تقدم للسلطة وخصوصاً من قبل الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي فقد جُمدت هي الأخرى. كانت كل هذه الإجراءات تهدف إلى إجبار حماس على الاعتراف بدولة إسرائيل، لكن حماس ما زالت مصرة على عدم تغيير ميثاقها، الذي ينص على تدمير إسرائيل. وأدت هذه العزلة الدولية إلى انتشار البطالة والفقر في قطاع غزة والضفة الغربية، إضافة إلى عدم دفع رواتب موظفي السلطة بما في ذلك أجور المدرسين والأطباء.

وعلاوة على ذلك ترفض حماس إجراء أي تغيير على برنامجها المتشدد تجاه إسرائيل، ومن جانب آخر فإن إسرائيل غير مستعدة للدخول في مفاوضات مع الحكومة الإسرائيلية التي تقودها حماس، ما لم تعترف الأخيرة بحق وجود دولة إسرائيل. ومن أجل تغيير هذه العلاقة الشائكة تدخل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في محاولة لإقناع حماس بتشكيل حكومة وحدة وطنية، يتولى فيها أعضاء منظمة التحرير الفلسطينية العلاقات مع إسرائيل ويواصل هو شخصياً قيادة المفاوضات مع تل أبيب.

ومرات عدة بدت الأطراف الفلسطينية متفقة فيما بينها، فهنية أعلن عن استعداده للتخلي عن منصبه لصالح الرئيس السابق لجامعة غزة المقرب من حركة حماس، ولكن سرعان نشبت الخلافات في صفوفها. ولم يتأجل تشكيل الحكومة بعد ذلك فحسب، بل أخذ التناحر الفلسطيني الداخلي أبعاداً خطيرة. فالتنافس يدور من ناحية حول منصب رئيس الوزراء والرئاسة، ومن ناحية أخرى بالطبع حول الإيديولوجيات والمبادئ السياسية، إذ ليس من السهل على منظمة التحرير أن تترك حماس تهمشها سياسياً. كما أن حماس لا يمكن أن تتخلى عن ثقلها الإيديولوجي، الذي لا يتناسب مع دورها الجديد كحزب حاكم. وفي كل مرة تُظهر فيها حماس بعض المرونة، تُعاد إلى موقفها الأول من قبل دمشق، حيث يقيم رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، الذي ليس عنده استعداد لإبداء أية مرونة. الجدير بالذكر أن مشعل نجا بأعجوبة قبل اقل من عام من عملية إسرائيلية استهدفته.

جولة هنية في الشرق الأوسط

Gaza Palästinenser Kämpfe Hamas Fatah Ismail Hanija
صورة لهنية وسط حرسه الخاصصورة من: AP

ونظراً للمعاناة التي تخيم على الكثير من مجالات الحياة في الأراضي الفلسطينية، فقد قرر إسماعيل هنية القيام بجولة في منطقة الشرق الأوسط، شملت محطات عدة كان من بينها طهران والخرطوم. وخلال تصريحاته أثناء تلك الجولة لم يكن هناك أي تغيير يلمس في مواقفه، بل إنه أعلن في العاصمة الإيرانية طهران أنه لن يعترف بإسرائيل. ويبدو أن ذلك التصريح كان تعبيرا عن شكره لمضيفيه الإيرانيين، الذين وعدوه بمبلغ 250 مليون دولار كمعونة مالية من أجل تغطية رواتب الموظفين هناك.

وفي بعض الدول العربية لم يلقى هنية الترحيب الذي كان يتوقعه. ففي بعضها لم يلتقي سوى بعض الشخصيات السياسية غير المهمة، وفي أخرى أُعطى الانطباع أن زيارته غير مرغوب فيها، الأمر الذي دفعه إلى اختصار جولته والعودة إلى غزة حاملاً حقيبة أموال لا يقل ما بها عن 35 مليون دولار كمعونة طارئة معظمها من إيران.

وعندما علمت إسرائيل بذلك، أغلت في وجهه معبر رفح الحدودي، الذي مازالت تتحكم به على الرغم من انسحابها من قطاع غزة. كما أغلقت مصر المعبر من ناحيتها، الأمر الذي اجبر هنية على الانتظار لساعات طويلة على الحدود. وأثناء ذلك تجمعت أعداد كبيرة من أنصاره واقتحموا المعبر فحطموه، حتى أنهم تسببوا في إحداث ثغرة كبيرة في السور الحدودي.

تشكل أحداث رفح أكثر التصعيدات خطورة على المشهد الفلسطيني الداخلي، كما أنها بالتأكيد ستلقي بظلالها الثقيلة على المناخ السياسي في الأراضي الفلسطينية في الفترة القادمة. وفضلا عن ذلك فإن هنية اضطر إلى أن يترك الأموال التي كانت بحوزته في الجامعة العربية في مصر ويرجع بدونها، وهو الأمر الذي "زاد الطين بلة" في استمرار معاناة الفلسطينيين والابتعاد عن الحلول السلمية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد