الديموقراطية المصرية في مواجهة بطش الأجهزة الأمنية – DW – 2006/5/18
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الديموقراطية المصرية في مواجهة بطش الأجهزة الأمنية

١٨ مايو ٢٠٠٦

أزمة الحكومة المصرية مع نادي القضاة تتفاعل بعد صدور حكم بلوم قاضٍ واستمرار تجاهل مطالب استقلالية القضاء. أما الاعتقالات التي قامت بها أجهزة الأمن مجددا فهي دليل على ضيق حدود الديمقراطية التي يريدها النظام المصري.

https://p.dw.com/p/8UsS
إحدى المظاهرات التي خرجت ضد قانون الانتخابات الجديد العام الماضيصورة من: AP

كرر الرئيس المصري حسني مبارك في أكثر من مناسبة وعوده على صعيد القيام بتحولات ديمقراطية في بلاده. لكن غالبية هذه الوعود لم تر النور على أرض الواقع. وهذا ما أظهرته نتائج الانتخابات الأخيرة لأعضاء مجلس الشعب. فخلال هذه الانتخابات جرت عمليات تزوير وتجاوزات من قبل أجهزة الأمن والشرطة المصرية لضمان الأغلبية الساحقة للحزب الوطني الحاكم ومنع فوز مرشحي قوى وأحزاب المعارضة. ويأتي في مقدمة هذه القوى جماعة الأخوان المسلمين التي فازت بـ 88 من مقاعد البرلمان البالغة 454 مقعدا. ولم تقتصر التجاوزات على منع ناخبين ومرشحين من الوصول إلى مراكز الاقتراع إذ تجاوزتها إلى القيام بضرب واعتقال متظاهرين قبل تقديمهم للمحاكمة بتهم مختلفة ومعروفة مثل الإخلال بالأمن العام وإهانة أجهزة الشرطة.

تجاهل مطالب القضاة

Proteste gegen Behörden nach Fährunglück in Ägypten
قوات الأمن المصرية لا تتردد في استخدام وسائل العقاب القاسية بحق المتظاهرينصورة من: AP

الاحتجاجات والمظاهرات على عمليات التزوير والتجاوزات وصلت إلى جهاز القضاء الذي كان من المفترض قيامه بالإشراف على سير العملية الانتخابية بهدف ضمان شفافيتها كما وعد مبارك نفسه. وفي إطار ذلك اتهم نائبا رئيس محكمة النقض المصرية هشام البسطويسي ومحمود مكي السلطات بالتدخل المباشر في العملية لصالح مرشحي الحزب الوطني الحاكم. وعلى ضوء ذلك طالب القاضيان الحكومة بإعداد قانون يقضي باستقلال القضاء عن السلطتين التنفيذية والتشريعية وإشرافه بشكل كامل على الانتخابات العامة واللوائح الانتخابية بدلا من وزارة الداخلية التي تستغل إشرافها عليها للتلاعب في نتائج الانتخابات. كما طالبا بإنهاء هيمنة وزارة العدل على الشؤون المالية والإدارية لقضاة مصر البالغ عددهم 11 ألفا.

مطالب البسطويسي ومكي لم تحظ فقط بدعم زملائهم أعضاء «نادي القضاة» الذي ينتمون إليه. فقد رحبت بها كذلك قوى المعارضة والعديد من النقابات ومنظمات المجتمع المدني. ومع بدء محاكمة القاضيين بتهمة تسييس القضاء والنيل من هيبته والإضرار بسمعته من خلال التصريحات التي أدلوا بها لوسائل الإعلام، تظاهر آلاف المتعاطفين معهم في القاهرة والمدن الأخرى خلال اليومين الماضيين. وقد ردت السلطات على الاحتجاجات بشكل صارم إذ قامت بضرب واعتقال عشرات الأشخاص بينهم عصام العريان المتحدث باسم الإخوان المسلمين. وقال معارضون للحكومة إن الشرطة أطلقت اليوم الغاز المسيل للدموع لتفريق مظاهرة شارك فيها آلاف الأشخاص تضامنا مع القاضيين في مدينة شبين الكوم شمال مصر. ووصلت موجة الاعتقالات إلى أصحاب المدونات الشخصية الذين شاركوا في المظاهرات. وتتحدث آخر المعلومات عن اعتقال ستة من أصحابها بينهم علاء أحمد سيف الإسلام علاء أحمد سيف الإسلام الذي يدون وزوجته منال في manalaa.net. وقد حازت هذه المدونة على جائزة المدونات التي نظمتها منظمة «صحافيون بلا حدود» و «دويتشه فيلة» الألمانية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.

احتجاجات أوروبية وأمريكية

وقد انتقد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أسلوب تعاطي سلطات الأمن المصرية مع المتظاهرين. وعير مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية ديفيد ولش عن قلق بلاده إزاء ذلك وإزاء بطء الإصلاحات السياسية ومحاولات إخماد التوجهات الديمقراطية. كما أدانت الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي استخدام مصر لقانون الطوارئ من اجل قمع المعارضين السياسيين. وجاء في بيان صدر في فيينا ان "الاتحاد الاوروبي يحض السلطات المصرية على حصر تطبيق قانون الطوارئ بحالات الإرهاب". وقد تلقت السلطات المصرية البيان بالدهشة والاستياء. وقال متحدث باسم الخارجية إنه يتضمن العديد من أوجه القصور والمعلومات المغلوطة. كما أعرب عن " الرفض التام للتدخل في شؤون مصر الداخلية أو اصدار أحكام على قضية داخلية تتعلق بالسلطات القضائية المصرية".

أحكام قاسية

Ajman Nur in Kairo Ägypten
المعارض المصري أيمن نورصورة من: AP

وفي ظل أجواء التوتر هذه وجه مجلس التأديب القضائي في مصر اليوم اللوم إلى المستشار البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض بينما تمت تبرئة زميله المستشار محمود مكي. ومما يعنيه ذلك حرمان الأول من الترقية المقبلة وطرده من السلك القضائي في حال قيامه بمخالفة أخرى. وأعلن رئيس نادي القضاة زكريا عبد العزيز رفضه الحكم واعتبره جائرا لاسيما وأن المحكوم عليه يرقد على فراش المرض. على صعيد آخر ردت محكمة النقض المصرية دعوى الاستئناف التي تقدم بها زعيم حزب الغد المعارض أيمن نور وقررت تثبيت الحكم الصادر عليه بالسجن لمدة خمس سنوات.

الأحكام الصادرة بحق المعارضين من جهة وتجاهل الحكومة للمطالب المتعلقة بفضل القضاء عن السلطات التشريعية والتنفيذية من جهة أخرى تنذر بتأجيج الأزمة مع القضاة وتحويلها إلى قضية سياسية قد تتحول إلى مواجهة في الشارع بين الحكومة ومعارضيها. وفي الوقت الذي تشدد فيها الحكومة على أن الأزمة بين القضاة أنفسهم أي بين نادي القضاة المقرب من البسطويسي ومكي والمجلس الأعلى للقضاء المقرب من الحكومة. وتتهم الحكومة قوى المعارضة باستغلال الوضع لتلميع صورتها في الشارع المصري بعد الهزيمة التي لحقت بغالبيتها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وفي هذا الإطار اتهمت وسائل الأعلام المقربة منها الجماعة بتسييس القضاء من خلال اختراق نادي القضاة وافتعال أزمات مع الحكومة. كما اتهمت بقية القوى السياسية الأخرى مثل «الحركة المصرية من أجل التغيير» المعروفة باسم «كفاية» بمحاولة ركوب المموجة.

ديمقراطية بمقاس

Hosni Mubarak, der ägyptische Präsident, Porträt
الرئيس مبارك: ديمقراطية الوعودصورة من: dpa

وبغض النظر عن حيثيات الاحتجاجات فإن سلوك قوات الأمن والشرطة المصرية يدل على أن نظام الرئيس المبارك يريد ديمقراطية مقننة تناسب مقاسه إذا صح التعبير. وإذا ما جرت محاولات لتجاوز الحدود التي وضعها لهذه الديمقراطية فإنه لا يتردد في استخدام وسائل العنف القاسية للقضاء عليها. ويساعده على ذلك استمرار سريان مفعول قانون الطوارئ الذي تم تمديده لمدة عامين مؤخرا. ولن تمر هذه المهلة الجديدة قبل صدور قانون آخر يحل محله تحت اسم قانون مكافحة الإرهاب. ويخشى المراقبون من أن يفسح هذا القانون بدوره المجال لاعتقال الناس بتهم مختلفة تحت مسميات قد لا تمت فعليا إلى الإرهاب بصلة.

ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد