العراق بين تعثر العملية السياسية وحرب الاتهامات – DW – 2006/3/2
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق بين تعثر العملية السياسية وحرب الاتهامات

٢ مارس ٢٠٠٦

تصاعدت الأوضاع في العراق بشكل خطير في الآونة الأخيرة، في ظل الاختلافات الكبيرة التي برزت الى المشهد السياسي وحرب اتهامات متبادلة من شأنها قطع الأواصر بين أطياف المجتمع العراقي وازدياد وتيرة العنف.

https://p.dw.com/p/83e7
صدام : اعترافات بتجريف بساتين الدجيلصورة من: AP

لم يكن الاعتداء الذي طال مزار الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء بالأمر الهين على العراقيين على اختلاف أطيافهم ومذاهبهم نظراً لما يتمتع به من قدسية في نفوسهم. فأخذت الأوضاع في العراق تتصاعد بشكل خطير خلال الأيام الماضية. ورغم دعوات التهدئة التي تصدر بين الحين والآخر عن الزعامات الدينية والسياسية بمختلف أطيافها، فالبلد تقف على شفى حرب طائفية تنذر بحرق الأخضر واليابس. فبعد تفجير مقام الإمامين الهادي والعسكري في سامراء انفجرت الأوضاع المحتقنة في الأصل بشكل اظهر الى الساحة بعداً طائفياً جديداً غطت تفاصيله بشكل كبير على الجهود المبذولة على الساحة السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة بعد قرابة الشهرين من إجراء الانتخابات البرلمانية. ومن الأمور التي زادت ربما من التوتر هي تصريحات بعض قادة الأحزاب السياسية التي حملت في طياتها تهديدات ما أجج مشاعر البعض من العراقيين فحدث ما حدث من استهداف دور العبادة. لكن يبدو ان زعامات العراق أخذت تشعر بالخطر المحدق بمستقبل بلادهم، فانطلقت دعوات التهدئة من اجل وأد الفتنة الطائفية.

اتهامات متبادلة وتهجير طائفي

Irak Soldaten inspizieren zerstörte sunnitische Moschee in Bagdad
مسجد للسنة تم تدميره في الأحداث الأخيرةصورة من: AP

بعد الأحداث التي أعقبت تفجير المرقد المقدس لدى المسلمين الشيعة تصاعدت وتيرة العنف بشكل دفع الكثير من المراقبين للشأن العراقي الحديث عن مخاطر حرب أهلية. فقد اندلعت في بغداد حرب مساجد، اختلفت الزعامات السياسية والدينية في تحديد عددها وفي هوية المشتركين فيها. ففي الوقت الذي اتهم فيه الحزب الإسلامي العراقي (سني) التيار الصدري (شيعي) بتنفيذ الاعتداءات، قالت هيئة علماء المسلمين (سنية) ان أفراد من جيش المهدي هم من قاموا بحماية المساجد السنية. وأعقب الانفجار أعمال عنف أوقعت قرابة 400 شخص وإصابة 458 توزيع للاتهامات في كل اتجاه. ففي الوقت الذي لم تأت بيانات المرجعيات الشيعية بجديد في بياناتها فيما يتعلق بمدبري الاعتداء على مزار سامراء، إذ قالت ان "التكفيرين والصداميين" هم من أقدم على العملية، اتهمت هيئة علماء المسلمين الأجهزة الأمنية بالقيام بالاعتداء. كما ان الهيئة ذهبت الى ابعد من ذلك باتهامها المرجعيات الشيعية بموجة العنف التي أعقبت العملية عند دعوتها العراقيين للتظاهر السلمي. وألقت باللوم على الحكومة والقوات الأمريكية في عدم حماية المساجد. وعن التهجير الطائفي الذي ازداد الى مستويات خطيرة في الأيام القليلة الماضية يرى المحلل السياسي في الشأن العراقي الدكتور غانم جواد، الذي ألتقاه موقعنا، ان هذا التهجير من أخطر النتائج التي وصلت اليها الأوضاع في العراق بعد ان انتقل الصراع من القوى السياسية الى باقي فئات الشعب، لان "نتائج ذلك تبقى لأمد طويل وتباعد المسافات بين طوائف الشعب"، ويضيف دكتور جواد ان هذه النتائج ماثلة أمامنا في ما حدث في جمهوريات البلقان وبعض دول أفريقيا. الامر الذي يتطلب مراجعة للخطاب السياسي لكثير من الأطراف المشتركة على الساحة العراقية.

عملية سياسية تراوح مكانها

Irak Verfassung
قادة العراق اتفاق على التهدئة ولكن...صورة من: AP

ماتزال المباحثات الجارية بين الفرقاء السياسيين لا تكاد تخرج من أزمة حتى تدخل في أخرى، فبعد الاختلافات والاحتجاجات وطعونات التزوير التي أعقبت الانتخابات البرلمانية، بدأ الحديث بعد ذلك عن كيفية توزيع الحقائب الوزارية على الفائزين في الانتخابات. يبدو ان الاختلاف لا يتعلق بتوزيع الحقائب الوزارية فحسب، بل يمتد ليشمل القبول باتفاق الائتلاف الشيعي على اختيار مرشحه لمنصب رئيس الوزراء في عملية استمرت هي الأخرى لأسابيع طويلة. إذ تحدثت مصادر سياسية مؤخراً من داخل الائتلاف عن تعرضه لضغوط متزايدة من شركاء محتملين لإعادة النظر في ترشيحه لإبراهيم الجعفري لفترة ثانية. إذ ترى شخصيات سياسية سنية وعلمانية وكردية ان الفوز المفاجئ للجعفري، الذي يوجهون إليه اتهامات بعدم الكفاءة والمصداقية، قد أصابهم بالغضب وخيبة الأمل، بل وذهبت احدى الشخصيات المشتركة في المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة الى ابعد من ذلك بقوله: "إذا بقي الجعفري مرشحاً عن الائتلاف فلن تكون هنالك حكومة"، كما نقلت وكالة رويترز للأنباء. وعن تأخر تشكيل حكومة عراقية جديدة يرى دكتور جواد ان العملية السياسية في العراق على أعتاب أزمة شديدة، تتمثل في التصعيد من العمليات الإرهابية، الامر الذي أخذ يؤثر بشكل مباشر على وتيرة مسار المحادثات الجارية، إذ أعلنت بعض القوى السنية مقاطعتها للعملية السياسية احتجاجاً على أعمال العنف التي أعقبت تفجير مزار سامراء. كما تحدث جواد عن "انعدام جسور الثقة بين الأطراف كافة"، الامر الذي من شأنه التأكيد على إيجاد "أرضية مشتركة والاتفاق على رؤى واقعية متبادلة لخلق قواسم مشتركة تسهل من الإسراع في تشكيل الحكومة". كما ان الكثير من العراقيين مازالوا يضعون آمالا كبيرة على تشكيل الحكومة للحد من ظاهرة العنف التي تحصد يومياً العشرات من العراقيين. من جهة أخرى قال مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي يوم الثلاثاء الماضي ان لديه أنباء مؤكدة عن ان تشكيل الحكومة الجديدة سيستغرق شهرين آخرين على الأقل.

عودة الهدوء الى قاعة المحكمة

على صعيد آخر لوحظ هدوء نسبي في الجلستين الأخيرتين من محاكمة الرئيس العراقي السابق صدام حسين وسبعة من معاونيه، واللتين اقتصرتا على تقديم عدد كبير من الأدلة الثبوتية ضده من قبل هيئة الادعاء، وذلك بعد ان شهدت الجلسات السابقة من المحاكمة موجة من تبادل الشتائم والإهانات والمقاطعات. وبعد تقديم أوامر الإعدام الموقعة من قبل صدام حسين بحق 148 عراقي اثر محاولة اغتياله في بلدة الدجيل عام 1982. وعن أوامر الإعدام التي قدمها الادعاء قال صدام "أنا الذي أحلتهم الى محكمة الثورة وحسب القانون". أما عن تجريف البساتين أضاف صدام قائلاً:" "بالنسبة الى تجريف البساتين، أنا الذي جرفتها، لماذا تذهبون الى (نائبه السابق) طه ياسين رمضان وبرزان التكريتي (الأخ غير الشقيق)؟ أنا الذي جرفتها. هذا لا يعني إنني ركبت جرافة وقمت بتجريفها بل صدر قرار عن مجلس قيادة الثورة بقطع البساتين وتجريفها لمن ثبت عليهم تهمة التعرض للموكب"، في خطوة يمكن فهمها بأنها خطوة الى الأمام في حسم القضية الأولى التي يحاكم فيها صدام.

Saddam Hussein Prozess in Bagdad
صدام في قفص الأتهام: هل بدأ الحبل يضيق على عنقه؟صورة من: AP

دويتشه فيله + وكالات

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد