العراق.. صراع الساسة وغياب الدولة – DW – 2012/8/3
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق.. صراع الساسة وغياب الدولة

٣ أغسطس ٢٠١٢

مد وجزر تشوب علاقة حكومة إقليم كردستان العراق وبغداد. وصلت أخيرا إلى حد منع قوات البيشمركة الكردية قوات عراقية للوصول إلى الحدود السورية. هل هو عدم التنسيق بين الأطراف أم تجاهله، أم انعدام الصراحة وعدم الثقة؟

https://p.dw.com/p/15jWQ
صورة من: dapd

بين الحين والآخر تظهر على السطح خلافات بين بغداد وإقليم كردستان. بعضها تعود لأسباب اقتصادية، أو سياسية، وأحيانا تتطور لتصبح عسكرية. آخرها الخلاف الذي شب بعد منع قوات البيشمركة القوات العراقية من دخول منطقة زمار المحاذية للحدود السورية. هذه الخلافات يعتبرها البعض انعكاسا لما يجري من شد وجذب بين القوى السياسية العراقية. فلعبة السياسة وعدم التوافق بين أطراف العملية السياسية ينعكس مباشرة على أمن المواطن (ورفاهيته)، على حياته اليومية. بل تصل إلى مرحلة فقدان الدولة لهيبتها من خلال ضعف سيطرة الحكومة المركزية على حدودها. فهل أن تحريك بغداد الفرقة العاشرة لحماية الحدود العراقية السورية، كان رغبة من بغداد في حماية البلاد من تأثيرات ما يحدث في الخارج، سوريا بالتحديد؟ أم أن منع قوات البيشمركة الكردية دخول هذه الفرقة إلى الأراضي التي تسيطر عليها منذ عام 1992 يعد فرض واقع على الأرض؟ هل ما يجري هو لعبة القوة بين المركز والإقليم؟

"سياسة النعامة"

 النائب السابق عن كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب العراقي الأستاذ آزاد بامرني قال في حديث لبرنامج العراق اليوم، إن المشكلة في هذه الأزمة يعود إلى عدم تنسيق الجيش العراقي مع قوات البيشمركة. وأضاف" مثل هذا الموقف مرفوض تماما، لأن قوات البيشمركة هم أخيرا جزء من القوات الدفاعية العراقية، فهم عراقيون مثل الجيش العراقي". لكنه يؤكد أن مثل هذا الموقف سببه عدم تنسيق العمل المشترك بين المركز والإقليم. و"يفترض أن لا تحدث مثل هذه الحالة في دولة موحدة مثل العراق".

ويؤكد على أن عدم التنسيق واستمرار الخلافات بين الإقليم والمركز يعود إلى ما بعد مرحلة سقوط النظام السابق. "إذ أن الخلافات امتدت منذ حكومتي أياد علاوي وابراهيم الجعفري  إلى رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي. ولم تتجرأ أي حكومة أن تحل هذه المشاكل". حسب قول النائب السابق آزاد بامرني. الذي يصف سياسة الحكومات بـ "سياسة النعامة".

"انعدام الثقة"

من جانبه نسب الإعلامي العراقي صلاح التكمجي ما يجري حاليا إلى "عدم الثقة" بين الأطراف السياسية العراقية. مضيفا بالقول" أزمة ثقة ضمن الاتفاقيات التي جرت، أزمة ثقة لأي إجراء حتى لو كان هذا الإجراء بحسن نية وضمن الإطار الدستوري. حتى الإجراء الأخير هو إجراء دستوري ومن حق رئيس الوزراء أن يرسل قوات لحماية الحدود، فهو القائد العام للقوات المسلحة".  ويضيف"المادة 104 من الدستور حددت الموارد التي يجب التنسيق فيها بين الإقليم والحكومة الاتحادية، مثل إدارة الجمارك، تنظيم مصادر الطاقة، سياسة البيئة، سياسة الصحة، في كل هذه الجوانب يجب التنسيق بين الإقليم والمركز". أما فيما يتعلق بالقوات المسلحة، فان قيادة القوات متنوعة بتنوع مكونات الشعب العراقي. لكن " انعدام حسن النية، حتى من قبل الأستاذ مسعود البرزاني، تسبب أحيانا مثل هذه الحوادث". حسب قوله. ثم يضيف" في السابق طلب الإقليم مساعدة القوات المسلحة العراقية لحماية الحدود ووقف التدخل التركي على الأراضي العراقية في منطقة كردستان العراق، أما اليوم فان الإقليم يرفض دخول القوات العراقية إلى الإقليم، وذلك بسبب أزمة عدم الثقة بين الإطراف". ويؤكد على ضرورة حل المشاكل لان "هناك مخاطر أمنية كبيرة تحاك ضد الإقليم والعراق برمته، ويجب أن تحل الأزمة من خلال اجتماع طارئ بين رئيس الوزراء نوري المالكي والسيد مسعود البرزاني".

"حماية الحدود"

الرأي نفسه أكده الأستاذ ازاد بامرني بقوله إن الدفاع جزء لا يتجزأ من عمل الحكومة الاتحادية، مثل حماية الحدود والذي هو من مهمة الحكومة المركزية والدستور يؤكد على ذلك. لكن هناك اتفاقيات، تمت بحضور الاميركان، أن قوات البيشمركة هي جزء من القوات العراقية، وان على هذه القوات أن تزود بالسلاح والدعم من قبل المركز. وأن تسمى "بقوة حرس الحدود" وذلك ضمن الاتفاقية بين الإقليم والمركز في عام 2007.  لكن لغاية الآن لم تتسلم هذه القوات أي طلقة من المركز. ويؤكد أنه يجب حل المشاكل بطريقه هادئة.

لكن التكمجي يشير إلى أن المشكلة في الاتفاقيات، فالوضع السياسي يسير الدولة ضمن اتفاقات "ليلية". وهذا هو الجزء الأكبر المسبب للازمة، أي الاحتكام إلى الاتفاقيات لا إلى الدستور. حسب قوله. إذ يضيف "فرغم كل الاتفاقيات التي جرت هناك اتفاق جرى في الليل هو "اتفاق اربيل" أصبح هو المرجعية لتسيير الدولة".  ويتساءل التكمجي" إذا كانت الدولة تسيير بالاتفاقيات فلماذا أنشئ الدستور؟". والحل هو" أن يكون الدستور ومؤسسات الدولة مرجعيتنا في إدارة شؤون الدولة".

لكن مبدأ إنشاء اتفاقيات أو عقود لقيادة الدولة لأحزاب فازت بالانتخابات هو مبدأ موجود في كل دول العالم، غير أن الأستاذ صلاح التكمجي يشير إلى  أن "المشكلة ليست في الدستور ولا في الاتفاقيات إذا كانت واضحة بل بالتنصل من هذه الاتفاقيات وتفسير الدستور كما تشاء الأطراف المتنازعة". ويطرح التساؤل التالي:" لماذا تم التوقيع على هذه الاتفاقيات إذا كانت مخالفة للدستور؟".

Anschlag in Bagdad Irak
صورة من: dapd

"البرلمان المغيب"

وكان رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني قد أكد استعداده للحضور أمام مجلس النواب العراقي والتحدث بجميع الحقائق. ونقل بيان لرئاسة الإقليم عن البارزاني قوله ردا على انشغال عدد من أعضاء مجلس النواب بتوجيه مطالبة لاستضافته قال ما نصه، أنه يكن احتراماً كبيراً لهذا المجلس الذي يمثل الشعب العراقي بكل مكوناته وانه يفتخر بأن الأكراد شاركوا قدر الإمكان في خلق ظروف كهذه ليصبح العراق صاحب مجلس مثل هذا المجلس، مؤكداً استعداده للحضور أمام البرلمان العراقي متى ما رغب المجلس في استضافته والتحدث بشأن جميع الحقائق. عن ذلك يقول الأستاذ آزاد بامرني"هذه خطوة جيدة، فاستضافة أي مسؤول عراقي هو خطوة جيدة، إذا أنني أرى أن هذا المنبر العراقي، رغم كل سلبياته، وان كنت عضوا فيه لمدة أربع سنوات، أراه المرجع الأكبر للتنفس والتحرك والتعبير". ويضيف" أن الشعب العراقي بكل أطيافه تعب من المشاكل والحروب ويريد أن يعيش بسلام، وهذه المشاكل السياسية المفتعلة بين القادة السياسيين هي ليست رأي الشارع العراقي ".

صلاح التكمجي يشدد على " أن يكون الحوار صريحا داخل قبة البرلمان. خاصة و أن حجر الزاوية للدولة العراقية هو النظام البرلماني. فلذا يجب إعادة الهيبة والاعتبار لهذا البرلمان". أما الأستاذ ازاد بامرني فقال" بعد ثمان سنوات لم نحقق شيئا للمواطن العراقي، والسبب هو وجود خلل في إدارة الدولة، خلل في إدارة المشاكل وخلل في الحوار بين الإطراف". يجب أن يكون الحوار صريحا وأن نبني دولة مركزية قوية في إدارة حماية الحدود والسياسة الخارجية وأقاليم قوية تقدم الخدمات لمواطنيها، حتى لا يشعر أهل الانبهار بالظلم وان يشعر أهل البصرة بذلك أيضا".

أبو هديل من بغداد قال قي اتصال هاتفي أنه "يرفض ما يفعله كل من جلس على الكرسي في العراق وهو عسكرة المجتمع والتفكير بالانقلابات. فرغم أنهم يحملون شهادات مدنية، إلا أنهم ينقلبون إلى عسكريين بعد الجلوس على الكرسي. ولا يجلسون على طاولة الحوار، ولا يمتلكون ثقافة المعارضة والديمقراطية. كما أن خيرات البلد الذي فتح أبوابه لهؤلاء السياسيين العراقيين تجعلهم لا يتحاورون إلا حوار اللصوص".

عباس الخشالي

مراجعة: منصف السليمي