العراق وأمريكا: وداعا للسلاح – DW – 2011/12/16
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العراق وأمريكا: وداعا للسلاح

١٦ ديسمبر ٢٠١١

عمليات تحرير العراق التي أطلقها تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية أسقطت نظام صدام حسين عام 2003، واستمر الحضور الأمريكي حتى نهاية عام 2011 حيث انسحبت القوات الأمريكية في احتفال رسمي متواضع غاب عنه ساسة العراق.

https://p.dw.com/p/13UBo
إنزال العلم الامريكي إيذانا بنهاية الوجود العسكري الأمريكي في العراقصورة من: dapd

في حفل بسيط بمطار بغداد الدولي أنزل العلم الأمريكي. قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال لويد اوستن وصف ذلك "أنه حدث تاريخي". وحذر وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا الذي حضر الاحتفال من أن "العراق سيواجه اختبارات في الأيام المقبلة من قبل الإرهابيين والأشخاص الذين يعملون على تقسيمه"، مستدركا "لكن الولايات المتحدة ستبقى إلى جانبه حين يواجه هذه التحديات".

هذا الأسبوع زار رئيس الحكومة نوري المالكي الولايات المتحدة والتقى بالرئيس الأمريكي باراك اوباما. الزعيمان بحثا تفاصيل العلاقة بين البلدين بعد إتمام الانسحاب الأمريكي. وفي هذا الظرف تمر العلاقة بين البلدين بوقت صعب، خصوصا أن العراق رفض منح حصانة للقوات الأمريكية التي يريد بقاءها في العراق لتدريب القوات المسلحة العراقية، كما أن صفقة الطائرات المقاتلة التي تعاقد العراق مع الولايات المتحدة عليها تتعرض لانتقادات من بعض الكتل السياسية في العراق وتواجه صعوبات فنية في التنفيذ.

غير أن كثيرا من الساسة الأمريكيين في الحزبين؛ الديمقراطي والجمهوري يرون أن المشروع الأمريكي في العراق قد فشل. ويدور الحديث اليوم عن أكبر سفارة أمريكية في العالم ستضم عددا كبيرا جدا من المنتسبين ويكون مقرها في المنطقة الخضراء ببغداد. كل هذا يطرح أسئلة ملحة حول نوع وشكل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، هل يمكن اعتبار البلدين حليفين استراتيجيين؟

USA Irak Soldat Ende US-Militäreinsatz Abzug
جندي أمريكي يعانق زوجته بعد عودته من الحرب في العراقصورة من: picture alliance/dpa

" من غير المجدي محاولة ترميم العلاقة بين البلدين"

الكاتبة السياسية د ناهدة التميمي في حديث مع برنامج العراق اليوم من دويتشه فيله أيدت وجهة النظر القائلة بأن المشروع الأمريكي في العراق قد فشل، عازية هذا الفشل إلى أن "نوايا الأمريكيين كانت تقسيم العراق، وهذا لم يتحقق حرفيا، لكن من الناحية العملية العراق مقسم الآن دون إعلان، هذا الفشل يفسر سحب الأمريكيين لقواتهم، ويظن كثيرون أن من غير المجدي محاولة ترميم العلاقة بين البلدين من خلال زيارة أو أكثر، والسيد المالكي يقول انه بصدد إقامة علاقة إستراتيجية مع الولايات المتحدة، وطالب الأخيرة بتدريب القوات العراقية، وتزويدها بمعدات، ومساعدتها في الحرب على الإرهاب. والسؤال هو : كيف يمكن أن يحدث ذلك دون أن يمنح العراق هؤلاء العسكريين حصانة؟

بين العراق والولايات المتحدة توجد معاهدة صوفا، لكن هذه المعاهدة تشترط بقاء القوات لتفعيلها، والقوات لن تبقى دون حصانة، كيف سيكون إذاً شكل العلاقة الإستراتيجية بين البلدين ؟".

قراءة المشروع الأمريكي برمته تمثل إشكالا كبيرا بغض النظر عن التفاصيل الجزئية المتعلقة بحجم الوجود العسكري المتبقي أو حجم السفارة الأمريكية في العراق بعد الانسحاب ومدى نشاطها ونوعه ، كما أن منح الحصانة لهذا العسكري أو ذاك هو آخر جزء من التفاصيل الجزئية التي يمكن اعتبارها نتائج وليس مسببات، كما قال الكاتب والمحلل السياسي كريم بدر في حديثه مع برنامج العراق اليوم من دويتشه فيله متسائلا " هل نقرأ المشروع الأمريكي باعتباره تقسيما للعراق؟ أم نقرأه باعتباره تغييرا بنيويا في المنطقة برمتها، أم نقرأه باعتباره إحدى رايات القرن الأمريكي القادم كما هو متداول الآن؟ ومن وجهة نظر عراقية أرى أن العراقيين قد دفعوا ثمنا باهظا جدا لوجود القوات الأمريكية. لقد دفعنا من كرامة العراقيين ومن دمائهم وثرواتهم ثمنا باهظا للتغيير الذي حصل في المنطقة. الذي حصل في العراق يتطلب من ساسته جهدا غير عادي لتلافي تبعاته".

Obama und Maliki legen in Arlington Kranz nieder
أوباما والمالكي يضعان إكليل زهور على ضريح الجندي الأمريكي المجهول في واشنطنصورة من: picture-alliance/dpa

وأكد كريم بدر "أن القوات الأمريكية ستغادر العراق وتترك آلافا يعملون في سفارتها ببغداد ما يثير كثيرا من الأسئلة، والقوات الأمريكية ستغادر وما زال العراق مدينا، والطائرات العراقية ما زالت محجوزة في العديد من المطارات. الأموال العراقية ما زالت تخضع لابتزاز كبير، وما زلنا تحت البند السابع الذي يعني أن العراق ما زال دولة غير راشدة. كل هذا يحدث، وكثير من القوى العراقية التي تدعي الوطنية تسعى بجد إلى تقسيم العراق، ويتحمل مسؤولية كل ذلك العراقيون جميعا بما فيهم الإعلاميون".

وذهب المحلل السياسي كريم بدر إلى القول" إن الأمريكان يعرفون مصالحهم ويتحركون وفق ما تمليه عليهم هذه المصالح، أما نحن ( العراقيين) فليست لدينا هوية واضحة، ولا نعرف تحديدا ما نريد، ماذا يريد المالكي من زيارته لأمريكا: هل الموضوع يتعلق بالحصانة لجنود أمريكيين يعملون في العراق؟ هذا طرح في منتهى البؤس !"

هل نفضت الولايات المتحدة يدها من العراق؟

الانسحاب العسكري الأمريكي قد لا يعني نهاية مصالح أمريكا في العراق، فالسياسة الأمريكية أرست ركائز قوية في العراق يمكن أن تسهم في صناعة سياستها في المنطقة، كما يرى د صادق اطيمش، عضو لجنة تنسيق التيار الديمقراطي، الذي تحدث إلى برنامج العراق اليوم من دويتشه فيله، مشيرا بالقول" العراق أصبح اليوم مرتبطا بالسياسة الأمريكية أكثر من أي وقت مضى، أمريكا أصبح وجودها اليوم أقوى وأكبر مما كان عليه عام 2003، فقد اعتمدت في السابق على قاعدتها في قطر باعتبارها أكبر القواعد في المنطقة، أما اليوم فالكويت صارت هي المحطة التي انسحبت إليها القوات الأمريكية من العراق، وعلينا أن لا ننسى دور الأردن، وهناك حديث عن مفاوضات أمريكية أردنية عراقية عن محاولة ضم مناطق من محافظة الأنبار إلى الأردن .

Irak Flagge Übergabe
قطعات عراقية تتسلم قاعدة ايكو في الديوانية جنوب العراق من القوات الامريكيةصورة من: picture-alliance/dpa

الانسحاب العسكري لا يعني انسحابا سياسيا، الولايات المتحدة تخلت عن العراق تكتيكيا، لكنها لا يمكن أن تتخلى عنه استراتيجيا ".

الأقاليم: انعطاف كامل في زاوية الرؤية

مراقبو الشأن العراقي لاحظوا منذ أشهر أن مطالب تشكيل أقاليم عراقية بدأت تتصاعد، متزامنة مع وقع خطى رحيل القوات الأمريكية عن العراق. الغريب أن هذه المطالب باتت تنطلق من قوى سياسية حاربت مبدأ الفدرالية في الدستور على مدى ثمانية أعوام، وطالما دعت إلى تعديل الدستور بإلغاء هذه المادة.

رئيس الحكومة وأصوات في كتلة دولة القانون التي يقودها اتهموا الداعين إلى تشكيل إقليم في غرب العراق ضمن محافظات ( الأنبار وصلاح الدين وديالى) بأنهم يسعون إلى تشكيل إقليم بعثي، فيما أصدر جناح حزب البعث الذي يقوده عزة الدوري في سوريا بيانا أدان فيه مشروع إقليم غرب العراق، واصفا إياه بأنه تقسيم للبلد، ومعلنا الحرب على المشروع وعلى كل من يدعون إليه.

ولعل هذا الواقع يضع أمام الجميع سؤالا كبيرا مفاده: هل يعني المشروع أن أمريكا كانت تدعم السنة في غرب العراق فباتوا يطالبون بإقليم بعد انسحابها ؟

في جواب هذا السؤال أشار الكاتب والمحلل السياسي كريم بدر إلى أنه شخصيا دعم مبدأ الفدرالية على مدى أعوام طويلة ثم تخلى عنه قبل عامين لأنه يثير حفيظة كثير من العراقيين في غرب العراق باعتبار مبدأ الفدرالية يمكن أن يقود إلى تقسيم العراق، ثم استدرك بالقول" إن الشيء المريب الآن هو صدور هذه الدعوات لتشكيل الأقاليم من نفس المعترضين عليه، كيف نبرر مقتل مئات بل آلاف العراقيين من البصرة والنجف والناصرية بالسيارات المفخخة الذين ذهبوا ضحية دعواتهم للفيدرالية، تحت غطاء إعلامي ظالم كان يبرر قتلهم لأنهم يدعون إلى التقسيم. الدعوة إلى تشكيل إقليم في غرب العراق لن يكون مجرد تقسيم للبلد، بل سيكون سببا لحرب أهلية لاسيما بوجود الحراك الذي يحدث في سوريا الآن الذي يفرز الأمور على أساس طائفي".

شراكة غير متكافئة

USA Irak Ende Militäreinsatz
جنود أمريكيون في قاعدة ايكو فرحون بنهاية مهمتهم الشاقة في العراقصورة من: dapd

في مداخلة من الموصل أشار الصحفي خليل خباز إلى أنه قد كتب قبل ستة أعوام مقالا بعنوان العراق مفتاح الحرب العالمية الثالثة، وقد تناول في المقال نفس محاور حوارنا اليوم مشيرا بالقول:" إن ما تريده أمريكا هو ربط جميع دول العالم دون استثناء بسياساتها الاقتصادية والإستراتيجية بصفة شراكة، وما أريد أن أقوله هنا هو أن هذه الشراكة ليست شراكة متكافئة بل هي شراكة منتصر ومهزوم ".

فيما أشار ماجد في مداخلة من البصرة إلى أنه "ليس متشائما، لكن الانسحاب الأمريكي العسكري من العراق لا يعني تغييرا في موقع العراق ضمن إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية".

أبو هديل في اتصال من بغداد أشار إلى أن" الدبلوماسية العراقية قبل الانسحاب الأمريكي وبعده غير مستقرة، والشعب حاليا يسير في اتجاه والحكومة تسير في اتجاه آخر. والسؤال هو من الذي أقر مبدأ الفدرالية في العراق ووضعها في الدستور، وأنا اعتقد من حق ديالى والبصرة والأنبار أن تحمي أبناءها من خلال الفدرالية خاصة أن لا عدالة في توزيع الموارد بين المحافظات".

فيما اعترض محمد في اتصال من البصرة على تسمية إقليم سني في العراق باعتبارها مؤذية للمشاعر داعيا إلى القول" العراقيون في انبار وديالى وصلاح الدين يريدون إقليما".

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح