"القمع الرقمي".. سلاح بيد طالبان ضد المؤثرات حتى في المنفى! – DW – 2021/8/26
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"القمع الرقمي".. سلاح بيد طالبان ضد المؤثرات حتى في المنفى!

٢٦ أغسطس ٢٠٢١

خلال العقد المنصرم، تمكن جيل الشباب والشابات في أفغانستان من غزو مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت. لكن بعد سيطرة طالبان، اضطر مؤثرون ومؤثرات للاختفاء خوفا من "القمع الرقمي" الذي قد يطال حتى من هم/هن خارج أفغانستان.

https://p.dw.com/p/3zWYo
سيدة أفغانية في مقهى إنترنت بكابول (2015 ـ أرشيف)
مخاوف حقيقة من "القمع الرقمي" من قبل طالبان ضد المؤثرات والمؤثرين بعد سيطرة الحركة المتشددة (أرشيف)صورة من: WAKIL KOHSAR/AFP/Getty Images

على مدار العقد المنصرم، تزايد أعداد المؤثرين في أفغانستان خاصة من الشابات والفتيات الاتي يقمن بنشر صورهن وهن يرتدين عباءات وأزياء في الأماكن الأثرية القديمة التي تذخر بها أفغانستان، كذلك ينشرن صورا لهن مع نجوم الغناء ويروجن لمنتجاتهن حتى باللغة الإنجليزية على مواقع التواصل الاجتماعي. ويظهر هذا كيف أن أفغانستان خلال الأعوام الماضية تحولت إلى ما يشبه ساحة مفعمة بالحيوية تضم شابات مؤثرات تقدن حركة الموضة والأزياء عبر الإنترنت في هذه الدولة المحافظة.

وتعد الشابات الأفغانيات على وجه الخصوص الأكثر نشاطا في العالم الافتراضي ومواقع التواصل الاجتماعي وكان بمقدورهن المشاركة في الحياة العامة والحصول على التعليم فقط بعد طرد حركة طالبان من السلطة عقب تدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو) في عام 2001. وحظت المطربات ومصممات الأزياء والمدونات في مجال التجميل في أفغانستان على شهرة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأعوام الماضية. إحدى هؤلاء المؤثرات شابة أفغانية تعمل في مجال تصميم الأزياء تجاوز عدد المتابعين لها على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من 750 ألفا.

وجاء تحولها إلى عالم الأزياء عقب عدم تمكنها من إيجاد الأزياء التي ترغب في ارتدائها في أفغانستان لتبدأ رحلتها في تصميم وبيع الملابس والإكسسوارات الخاصة بها. وبمرور الوقت، أصبحت هذه الشابة الأفغانية أيقونة للموضة على موقع إنستغرام إذ تنشر صورا لها وهي ترتدي أزياء من الحرير أو الجينز سواء وهي مرتديه الحجاب أو بدون.

وتقوم بالتقاط صورها داخل مطعم في العاصمة الأفغانية كابول أوفي دبي أو في هرات، التي تعد ثالث كبرى المدن الأفغانية، حيث شيد الإسكندر الأكبر قلعة هرات عندما وصل مع جيشه إلى ما يعرف الآن بأفغانستان وأعيد بناؤها عدة مرات على مر التاريخ.

وتلتقط الشابة الأفغانية صورا لها وفي الخلفية قلعة هرات التاريخية لنشرها على موقع إنستغرام فيما يمكن أن تخطئ العين لتعتقد أن هذه الصورة لمطعم في برلين أو لندن أو حتى في أثينا إذ أن شعار هذه الصور "يمكنكم جميعًا أن تفعلوا ذلك!"، في رسالة موجهة إلى جميع المؤثرين والمؤثرات على منصات التواصل الاجتماعي على مستوى العالم.

"جيش طالبان الرقمي"

بيد أنه ومنذ بدء سيطرة طالبان على زمام الأمور في أفغانستان مطلع أغسطس / آب الجاري، والسيطرة في نهاية الأمر على العاصمة كابول منتصف الشهر نفسه،  بات جميع المؤثرين خاصة من الشابات في أفغانستان يواجهون تهديدا خطيرا.

وأرجعت كاجا ثيم - أستاذة الدراسات الإعلامية في جامعة بون – ذلك إلى أن طالبان كانت منذ فترة طويلة ذات نفوذ كبير على مواقع التواصل الاجتماعي أو بالأحرى كانت طالبان "مسلحة رقميا".

وفي مقابلة مع DW، أضافت "جميعنا يدرك كيف أن طالبان بارعة في مجال العالم الافتراضي. وأيضا يمكنها إيجاد جيل من الشباب يتمتع بالذكاء التكنولوجي، تم تشكيله من قبل أشخاص درسوا في الخارج، أو ليسوا بالضرورة من أفغانستان، ربما من خارج البلاد، يستخدمون برامج الترجمة ويتحدثون لغات أوروبية."

وقالت "لا يجب أن يتفاجأ أحد حيال امتلاك طالبان تقنية الجيل الخامس للإنترنت وسط الصحراء"، في إشارة إلى الدور التي تقوم بها طالبان في مجال "الإنترنت المتنقل". وأشارت ثيم إلى أن طالبان قد تنخرط قريبا في شكل من أشكال "الاضطهاد الرقمي العابر للحدود" من أجل استهداف المؤثرين والمؤثرات خارج أفغانستان ممن يعيشون في المنفى.

من جانبه، قال ماركوس ميشيلسن - أستاذ العلوم السياسية في جامعة بروكسل الحرة -  إن العالم الافتراض ومنصات التواصل الاجتماعي "سمحت للأنظمة السياسية بمراقبة النشطاء الذين يعيشون في المنفى والذين لديهم نشاطا كبيرا، وأيضا استكشاف شبكاتهم".

ويوضح ميشيلسن ذلك بقوله إنه يمكن استهداف النشطاء من قبل المتصيدين والمتنمرين على الإنترنت، أو يمكن أن استهدافهم عن طريق برنامج التجسس. وأشار إلى أن إيران والسعودية ورواندا مثلا تعد من الأنظمة المنخرطة فيما يعرف بـ "الاضطهاد الرقمي العابر للحدود" منذ وقت طويل. بيد أن ميشيلسن شدد على أن هذا النوع من القمع الرقمي في الغالب يستهدف السيدات والصحفيات، على سبيل المثال اللاتي عملن في سوريا باعتبارهن "أهدافا رئيسية". وأضاف "فيما يتعلق بالنشطاء الذين يعيشون في المنفى، يمكن أن يوجه الاضطهاد في الغالب ضد العائلة التي لا تزال تعيش داخل البلاد، وهو أمر يتوقع أن يحدث في أفغانستان". بيد أن هذا الأمر لا يمنع من أن استهداف النشطاء شخصيا كما في مأساة الصحفي السعودي جمال خاشقجي الذي قتل داخل القنصلية السعودية في تركيا.

Afghanistan Kabul | Frau benutzt ihr Smartphone im Cafe
حتى في المنفى تخشى نساء أفغانيات مؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعاي من قمع وبطش طالبانصورة من: WAKIL KOHSAR/AFP/Getty Images

مجابهة القمع الرقمي

ووفقا ميشيلسن، فإن إحدى المشاكل الرئيسية فيما يتعلق بظاهرة "القمع الرقمي العابر للحدود" تكمن في عدم تعريفه أو إدانته بشكل واضح حتى في الدول الليبرالية الديمقراطية، بما في ذلك ألمانيا.

وشدد على أنه من الهام توفير الحماية الضرورية للنشطاء الذين نجحوا في الهروب من بلادهم، بما في ذلك ضمان عدم خوفهم حيال مصير حق اللجوء. وقال "يتعين على المجتمع المضيف توفير الدعم للنشطاء الذين يعيشون في المنفى".

ورغم الخطر، إلا أن المؤثرين والمؤثرات من أفغانستان لا يزالون منخرطين من المنفى، فعل سبيل المثال عندما حل الاحتفال بعيد الاستقلال في أفغانستان في التاسع عشر من أغسطس / آب الجاري، انتشرت مقاطع مصورة للعديد من الأفغان وهم يلوحون بالعلم الوطني الأفغاني احتجاجا على سيطرة طالبان على الحكم.

وفي ذلك، قالت كاجا ثيم -  أستاذة الدراسات الإعلامية في جامعة بون- إن موقع إنستغرام أصبح ساحة سياسية إذ انتشر هاشتاغ SaveAfghanistan#  أو "انقذوا أفغانستان" من قبل المؤثرات الأفغانيات بشكل خاص من أجل جذب الانتباه حيال دور المرأة في هذه المظاهرات ضد طالبان. بيد أنه يجب التأكيد على أن الخطر الذي يواجه أي شخص يناهض طالبان لا يزال كبيرا سواء داخل أفغانستان أو خارجها في المنفى.

فرار المؤثرات الأفغانيات

فيما لا تزال المؤثرات الأفغانيات تتحلى بالكثير من الشجاعة، ترغب ثيم في رؤية المزيد من ضبط النفس والحساسية بين أقرانهن في أوروبا والولايات المتحدة. واستشهدت الخبيرة الألمانية بواقعة قامت بها إحدى المؤثرات البريطانيات من خلال نشر صور لها وهي ترتدي البرقع، فيما كانت قد طلت أظافرها باللون الأخضر وذلك تعبيرا فيما يبدو على "التنوع".

وفي رد فعلها، قالت ثيم إن هذا الأمر لا يمكن تصديقه، مشيرة إلى أن واقعة صورة البرقع والأظافر الخضراء تنم عن "سذاجة وجهل" وهو أمر لا يمكن أن تتحمله المؤثرات الأفغانيات.

ورغم فرار كثير من المؤثرات الأفغانيات من بلادهن عقب سيطرة طالبان، ومن بينهن الشابة الأفغانية التي حظيت بشهرة كبيرة في العالم الافتراضي، إلا أنه لا يزال من الممكن أن تتعرض للاضطهاد من قبل طالبان حتى في المنفى.

كريستين لينين / م ع