هكذا يرسخ الحوثيون سلطتهم من خلال القمع حتى ضد عمال الإغاثة – DW – 2024/10/26
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هكذا يرسخ الحوثيون سلطتهم من خلال القمع حتى ضد عمال الإغاثة

٢٦ أكتوبر ٢٠٢٤

ظهور الحوثيين على الساحة بشكل أقوى من خلال دعمهم لحركة حماس في غزة وتعزيز سلطتهم داخل البلاد، لم يمنعهم من قمع السكان المحليين والموظفين الدوليين. لكن ما الذي يخيف هذه الجماعة المدعومة من إيران؟

https://p.dw.com/p/4mCEN
عناصر حوثية أثناء احتجاجات على الضربات الأمريكية والبريطانية ضدهم، 14 يناير/ كانون الثاني 2024
الحوثيون حققوا انتصارًا بالحرب في اليمن، لكنهم لم يتمكنوا بعد من تلبية احتياجات السكان وسط أزمة إنسانية خانقة.صورة من: AP Photo/dpa/picture alliance

في أحدث موجة من الملاحقات، اعتقلالحوثيون في اليمن  العشرات من الأشخاص بسبب احتفالهم بعطلة وطنية في تاريخ تعتبره الميليشيا غير مناسب. يقول توماس جونو، محلل شؤون الشرق الأوسط وأستاذ في جامعة أوتاوا في كندا: "منذ عام 1962، يحتفل اليمنيون بتاريخ 26 أيلول/ سبتمبر باعتباره مولد الجمهورية العربية اليمنية." وأضاف: "إلا أن   الحوثيين يعتبرون ذلك التاريخ تهديدًا واضحًا لشرعيتهم، حيث أن أي احتفال بـ 26 سبتمبر يمكن أن يُنظر إليه كدعوة للعودة إلى اليمن الجمهوري، وهو ما يتعارض مع ما يمثله الحوثيون".

بدلاً من ذلك، سعى الحوثيون إلى فرض 21 أيلول/ سبتمبر كعطلة وطنية للبلاد. ففي ذلك اليوم من عام 2014، سيطرت الميليشيا، التي أعيد تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة في يناير 2024 ، على العاصمة اليمنية صنعاء. وقد أسفر ذلك اندلاع حرب أهلية بينها وبين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا. وقد اتسع نطاق الحرب أكثر في عام 2015 عندما انضم تحالف دولي بقيادة السعودية لدعم الحكومة.

أسرة يمنية من الأسر التي فقدت مقومات عيشها في مدينة تعز، 1 أكتوبر/ تشرين الأول 2024
الأسر اليمنية تعاني الحرمان من أبسط المواد اللازمة للعيش في ظل الحرب التي حلت ببلادهمصورة من: Khaled Fouad Al-Banna/DW

منذ ذلك الحين، انقسمت البلاد فعليًا إلى قسمين. حيث تسيطر جماعة الحوثي على الشمال الغربي، بما في ذلك العاصمة صنعاء وما يقارب 70 بالمائة من السكان، في حين أن الحكومة، التي تمثلها حاليًا مجلس القيادة الرئاسي، تدير الأمور من مدينة عدن الساحلية في الجنوب. كما يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مجموعة انفصالية متحالفة مع مجلس القيادة الرئاسي ومدعومة من الإمارات العربية المتحدة، على مناطق في الشرق.

ومع ذلك، أصبحت السعودية أكثر انفتاحًا بشأن رغبتها في إنهاء الصراع، حيث التقت بالفعل مع ممثلين عن الحوثيين لإجراء مفاوضات سلام. وقال جونو في حديثه لـDW : "لقد انتصر الحوثيون في الحرب الأهلية بطريقة ما خلال السنوات القليلة الماضية، لكنهم يديرون حكومة شديدة التسلط والقمع في شمال اليمن". وأضاف: "لا يتسامحون مطلقًا مع أي معارضة، سواء كانت جمهورية أو غيرها".

تصاعد حملة القمع رغم الانتصار

تقول نيكو جافارنيا، الباحثة المتخصصة في الشأن اليمني لدى منظمة هيومن رايتس ووتش: "أظهر الحوثيون اهتمامًا أكبر في ضمان استمرار الحرب في اليمن بدلاً من الاهتمام الفعلي بحكمه". وأضافت: "غالبية السكان الذين يعيشون في المناطق التي يسيطرون عليها يفتقرون إلى الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والماء." ويتحمل المدنيون اليمنيون العبء الأكبر من الحرب الوحشية التي استمرت على مدار العقد الماضي.

وبحسب التقديرات فإن حوالي نصف سكان اليمن البالغ عددهم 38.5 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الإنسانية، والجوع في تزايد. كما تضاعفت مستويات الحرمان الشديد من الغذاء في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون منذ العام الماضي، حسبما قالت جويز مسويا، مسؤولة بارزة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.

وأشارت الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان مرارًا إلى أن اليمنيين يعانون واحدة من أسوأ الأزمات  الإنسانية  في العالم، والتي أودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص بالفعل. ومن المحتمل أن تتفاقم الأوضاع الإنسانية في المستقبل القريب.

ومنذ حزيران/ مايو الماضي، اعتقل الحوثيون عددا متزايدا من الموظفين الدوليين. وتم تأكيد اعتقال واختفاء قسري لحوالي 50 من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والمجتمع المدني، وفقًا لتقارير هيومن رايتس ووتش والأمم المتحدة، وقال مسويا: "الاعتقال التعسفي للعاملين في المجال الإنساني والاتهامات الباطلة ضدهم تستمر في إعاقة قدرتنا بشكل كبير على تقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن."

وفي أكتوبر جدد عدة رؤساء كيانات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية دولية مثل اليونسكو، واليونيسف، منظمة الصحة العالمية وأوكسفام دعوتهم للإفراج الفوري عن موظفيهم المحتجزين تعسفياً من قبل السلطات الحوثية في اليمن. وجاء ذلك ردًا على إعلان الحوثيين الأخير بأن المحتجزين سيواجهون "محاكمة جنائية" قريبًا.

ومع ذلك، قال المراقب توماس جونو إنه لا يوجد شيء مثل الإجراءات القانونية الواجبة أو المحاكمات العادلة أو الشفافية والمساءلة في النظام القضائي الذي أسسه الحوثيون. ويتفق هشام العميسي، محلل النزاعات في معهد السلام الأوروبي والمدير السابق لمركز موارد المعلومات في البعثة الأمريكية في   اليمنمع ذلك. وقال لـ DW : "هذا الإعلان عن المحاكمة علامة سيئة للغاية"، مضيفًا أن هذا "يعني أنهم يمضون قدمًا في إصدار الأحكام، وكثيرون يخشون من أحكام بالإعدام."

هل يشعر الحوثيون بالضعف؟

يمكن تفسير تصعيد الحوثيين ضد السكان المحليين وكذلك العاملين في الإغاثة الدولية بأنهم " يشعرون بالحاجة إلى تعزيز سلطتهم أكثر"، وفقًا لجونو. وأوضح أن الوضع المالي في المناطق التي يحكمونها غير مستقر، والوضع الإنساني مأساوي، وحقيقة أن الحوثيين لم يتمكنوا من السيطرة على البلاد بالكامل تجعلهم يشعرون بالضعف.

هذا وتتعرض الجماعة الحوثية لضغوط دولية متزايدة بعد الهجمات الإرهابية التي نفذتها حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 والحرب المستمرة  في غزة، وجاءت الضغوط بعدما بدأ الحوثيون في استهداف ممرات الشحن الدولية في البحر الأحمر، في محاولة لإظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة. وعلى الرغم من أن هذه الهجمات عززت من شعبية الجماعة داخل اليمن، إلا أنها أدت أيضًا إلى   ضربات أمريكية وإسرائيلية  استهدفت مواقع للحوثيين في اليمن.

وقال هشام العميسي إن "الضربات الأمريكية الأسبوع الماضي باستخدام قاذفات B-2 زادت الضغط على الحوثيين." من وجهة نظره، تستعد الميليشيا للأوقات العصيبة. وأضاف: "بعد أن استهدفت إسرائيل قادة حماس وحزب الله، يخشى الحوثيون الآن أنهم سيكونون الهدف التالي". وأضاف أن الحوثيين ردوا على ذلك باعتقال عدد أكبر من الأشخاص في صنعاء، بما في ذلك من صفوفهم الخاصة، لأنهم أصبحوا شديدي الشك بأن صفوفهم قد اخترقت. وأوضح: "هم في حالة ذعر تام، وفي الوقت نفسه، لا يريدون إظهار أنهم خائفون."

أعده للعربية: عباس الخشالي

Jennifer Holleis
جنيفر هولايس محررة ومحللة تركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا