انضمام دول عربية لمجموعة بريكس: مكاسب كبيرة أم خسائر فادحة؟ – DW – 2024/10/21
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

انضمام دول عربية لمجموعة بريكس: مكاسب كبيرة أم خسائر فادحة؟

٢١ أكتوبر ٢٠٢٤

هل يعود انضمام دول عربية إلى مجموعة بريكس الاقتصادية عليها بمكاسب أم بخسائر؟ وما الذي عليها أن تفعله كي لا تتحول إلى مجرد سوق لتدفق منتجات الدول الأخرى، ولا تثقل نفسها بمزيد من الديون إلى حد فقدان جزء من السيادة؟

https://p.dw.com/p/4m3Kg
قادة مجموعة بريكس وضيوف مدعون في قمة سابقة
قادة مجموعة بريكس وضيوف مدعون في قمة سابقةصورة من: Presidential Press Service/AP/picture alliance

تعقد مجموعة بريكس قمتها القادمة بمدينة قازان عاصمة تتارستان في روسيا بالفترة من 22 وحتى 24 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وذلك وسط آمال وطموحات مختلفة سواء بالنسبة للدولة المؤسسة للمجموعة أو الدول الحديثة الانضمام والتي يرتبط انضمامها للمجموعة بقواعد واعتبارات يختلف بعضها عن بعض بشكل واضح.

وقمة قازان تعتبر الأولى بعد المرحلة الثانية من توسعة المجموعة، إذا وضعنا في الاعتبار أن المرحلة الأولى للتوسعة كانت في أبريل / نيسان من عام 2011 عندما انضمت جنوب إفريقيا لها، ويمكن القول صراحة إن هذه المرحلة ربما كانت الأخيرة التي ارتبطت توسعة المجموعة فيها بالقواعد الأساسية المنظمة لعملية الانضمام وهي " تحقيق أكبر معدلات تنمية اقتصادية " في العالم.

 

من اعتبارات اقتصادية إلى أخرى سياسية وأمنية

وفي المرحلة الثانية يلاحَظ أن هناك دولا عديدة انضمت إلى المجموعة رغم أنها لم تحقق معدلات التنمية المطلوبة، وهو ما يعطي الدافع القوي للقول إن أساس التوسعة هذه المرة كان هو الاعتبارات السياسية أكثر منها الاعتبارات الاقتصادية، كما يلاحظ أن كل دولة من الدول الحديثة الانضمام لها أهدافها الخاصة بها والتي دفعتها للانضمام، فعلى سبيل المثال نجد أن دافع الأرجنتين للانضمام -في وقت تقدمها أساسا بطلب العضوية وقبل التغييرات الأخيرة في اتجاهاتها- كان هو الدافع السياسي والرغبة في الفكاك من سيطرة الدولار، أو بالأحرى محاولة يائسة للفكاك من الهيمنة الأمريكية.

وفيما يخص إيران فهناك أسباب أمنية وأخرى سياسية، وتشمل الأسباب الأمنية الإنتاج المشترك لبعض أنواع الأسلحة مثل المسيرات وبعض القذائف، أما الأسباب السياسية فهي أن إيران ربما تكون أحد نوافذ توسيع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط.

 

ولي العهد السعودي يغيب عن قمة البريكس في روسيا.. ما الدلالات؟

 

اعتبارات استثمارية

وفيما يتعلق بكل من مصر وأثيوبيا فربما تتماثل مصالحهما في الانضمام لبريكس وإن كانت لا تتلاقى، ذلك أن كل منهما  يمر بضائقات مالية واقتصادية، ويحتاج بشدة إلى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية لتمويل مختلف المشروعات الإنتاجية على أمل مضاعفة الإنتاج، إلا ان الموقع الجغرافي الفريد الذي تتمتع به مصر إلى جانب الاستقرار السياسي والأمني وغيرها من المميزات النوعية يعطيها ميزة نسبية تفوق إثيوبيا في مجال الجدوى الاستثمارية.

ومن الواضح أن مصر تدرك جيدا هذا الواقع، والأكثر أنها تدرك جيدا أن السوق الروسية والصينية وأسواق بعض الدول الأخرى لم تعد واعدة، ولا يمكن الاعتماد عليها فيما اعتادت تصديره من منتجات تقليدية مثل الخضروات والفاكهة وغيرهما.

 

اكتفاء ذاتي وتنويع للإنتاج وزيادة لمعدلاته

وإذا تابعنا حالة السوق الروسية في السنوات الأخيرة بإمعان نجد أن روسيا تسير بخطى سريعة للغاية في مجال تنويع ومعدلات الإنتاج بما في ذلك المنتجات الغذائية، فتقارير الجهاز الاتحادي للإحصاء في روسيا الأخيرة تشمل أرقاما لمستوى الاكتفاء الذاتي لروسيا في مجال الأمن الغذائي، وهي أرقام لا تعطي الأمل مطلقا لمن يواصل الاعتقاد بأن السوق الروسية هي سوق واعدة للمنتجات الزراعية التقليدية.

وينبغي تذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد دشن قبل سنوات برنامجا طموحا في مجال الأمن الغذائي، وهذا البرنامج يقوم على أساس تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من قطاعات المنتجات الزراعية والحيوانية والغذائية. وكافة التقارير الواردة من روسيا تؤكد أنها حققت نتائج كبيرة في هذا المجال، حيث أفاد التقرير الأخير لهيئة الإحصاء أن روسيا تمكنت للعام الثاني على التوالي من تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال البطاطس وصل 101%، وتجدر الإشارة هنا إلى أن دولة مثل مصر اعتادت لعقود طويلة على تصدير هذا المنتج إلى روسيا، وهو ما يعني أنه لا يمكن التعويل على ذلك كثيرا، والأمر لا يتوقف عند ذلك فقد تمكنت روسيا في ظل العقوبات الغربية من تحقيق الاكتفاء الذاتي أيضا في مجال اللحوم بنسبة 101,7% ومنتجات الألبان بنسبة 84,3% والأسماك 102,9% والبيض 98,6% والخضروات 89,1% والفاكهة 44,6%.

 

تركيا تطلب الانضمام لتكتل بريكس

 

خسائر كبيرة لمن لم يعزز قدراته التصديرية؟

والأكثر من ذلك هو أن روسيا حققت نتائج مبهرة في حاصلات زراعية لم تكن تهتم بها من قبل حيث تمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال تقاوي الأرز بنسبة 90 - 95% [والتقاوي بذور أو جزء من النبات]، وهذا يعني أنها تتجه بقوة لزراعة الأرز لتوفيره في السوق الداخلية والتصدير، وبدأت بالفعل في تجربة زراعة القطن حيث حققت التجربة هذا العام 2024 نجاحا مبهرا وفقا لتقديرات أكبر الخبراء في العالم في هذا المجال، وهو ما يعني أيضا أنها في غضون سنوات قليلة سوف تدخل مضمار سوق المنسوجات بقوة شديدة وتصبح من أكبر المنافسين فيه.

إذن ما الذي تعنيه هذه الأرقام؟ بكل بساطة إن من يعتقد بأن الانضمام لبريكس في حد ذاته سوف يحقق له المكاسب فهو مخطئ، وقد يعود ذلك عليه بخسائر كبيرة، فمن لم يلحق بركب الإنتاج وتعزيز قدراته التصديرية سيتحول إلى مجرد سوق لتدفق منتجات هذه الدول وإثقال نفسه بالمزيد من الديون إلى الحد الذي يفقد معه جانبا ليس بسيطا من سيادته للوفاء بهذه الديون. وغالبية الدول التي انضمت إلى بريكس هي من الدول التي لها تاريخ في الاستثمار، أي أنها دول تمويلية، وبما أن المال لا يعرف العواطف لذلك من لم يواكب المسيرة فسيبتلعه رأس مال بريكس بكل بساطة ودون هوادة.

 

ع.م / ف.ي (د ب أ)