بعضهن أعدمن.. قصص نساء ألمانيات واجهن قمع النازية – DW – 2024/7/21
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعضهن أعدمن.. قصص نساء ألمانيات واجهن قمع النازية

٢١ يوليو ٢٠٢٤

نساء شجاعات واجهن آلة القمع النازية رغم خطر الإعدام التي ذهب بحياة عدد منهن. معرض في برلين يتذكر تضحياتهن من أجل بناء دولة ألمانية جديدة قوامها الديمقراطية.

https://p.dw.com/p/4iNA5
Berlin Sonderausstellung "Frauen im Widerstand gegen den Nationalsozialismus"
صورة من: Gedenkstätte Deutscher Widerstand

جرت محاولات عديدة لاغتيال الزعيم النازي أدولف هتلر، خلال الحقبة النازية (الرايخ الثالث)، لكن المحاولة الأكثر شهرة هي التي جرت في 20 يوليو/تموز 1944، وقد كانت حينها جزءا من مؤامرة تُعرف باسم "عملية فالكيري".

شارك في هذه المؤامرة ما يزيد على 200 شخص، على رأسهم الضابط الألماني كلاوس شينك غراف فون شتاوفنبيرغ، وعدد من الضباط العسكريين، بالإضافة إلى نساء مدنيات، مثل إريكا فون تريسكوف، زوجة هينينغ فون تريسكوف، الذي لعب دورا كبيرا في المؤامرة.

دعمت إريكا خطط محاولة الاغتيال من خلال إيصال الرسائل لتنسيق مجموعات المقاومة العسكرية والمدنية، بالإضافة إلى مساعدتها في كتابة نسخ من تعليمات مسودة العملية، لكن عندما فشلت المحاولة، انتحر هينينغ فون تريسكوف، واعتقلت إريكا لاحقا من قبل الغستابو (الشرطة النازية)، إلا أنها تظاهرت ببراعة أنها لم تعرف بالمخططات، وأُطلق سراحها لاحقا.

مقاومة متعددة الأوجه

إريكا فون تريسكوف هي واحدة من 260 امرأة تُروى قصصهن حاليا في مركز برلين التذكاري للمقاومة الألمانية في المعرض الخاص "نساء في المقاومة ضد النازية". هذا المعرض هو نتيجة لسنوات من البحث الخاص، الممول من البوندستاغ الألماني، حول دور النساء في الأنشطة المناهضة للنازية خلال الرايخ الثالث.

معرض برلين الخاص “النساء في المقاومة ضد الاشتراكية القومية” (النازية)
معرض برلين الخاص “النساء في المقاومة ضد الاشتراكية القومية” (النازية)صورة من: Gedenkstätte Deutscher Widerstand

تُصور القصص أشكالا مختلفة من المقاومة، حسبما قال يوهانس توخيل، مدير المركز التذكاري، ومنهم النساء، والسياسيين المناهضين للنازية، وكذلك أعضاء شباب السوينغ، ويشير هنا إلى الشباب الذين كانوا معجبين بأسلوب موسيقى الجاز الذي يسمى "سوينغ"، والذي رفضته النازية جزئيا بسبب جذوره السوداء واليهودية الأمريكية.

رفض الانصياع

يؤكد توخيل أن شباب السوينغ يمثلون "نمط حياة بديل"، كانت النازية تراه "سلوكا منحرفا ومعارضا للأنشطة الاشتراكية الوطنية". وينقل عن الراحل عازف الجاز الألماني والناجي من الهولوكوست، كوكو شومان: "من استمع إلى السوينغ لا يمكنه التحرك بخطوات منضبطة".

النساء اللائي رفضن التحرك بخطوات "منضبطة" ومعناها حسب القواعد التي تضعها السلطة آنذاك، شملن أيضا الشيوعيات، الأناركيات، اليهوديات، عضوات جماعة شهود يهوه، والمثليات. شعرن جميعا بأنهن مُجبرات على مواجهة النازية، في كثير من الحالات لأن وجودهم ذاته كان يتعارض مع أيديولوجيتها.

طرق متعددة للمقاومة

قد تكون بعض الأسماء والقصص المعروفة متواجدة. "لا يمكن لمعرض حول النساء في المقاومة أن يغفل اسم صوفي شول"، يقول يوهانس توخيل، مشيرا إلى العضوة الوحيدة من الدائرة الداخلية لحركة المقاومة الطلابية "الوردة البيضاء"، التي أُعدمت في سن 21 عاما لتوزيع منشورات مناهضة للنازية.

كانت صوفي شول واحدة من مؤسسي مجموعة المقاومة "الوردة البيضاء".
كانت صوفي شول واحدة من مؤسسي مجموعة المقاومة "الوردة البيضاء".صورة من: dpa/picture-alliance

اسم آخر مشهور هو مارلين ديتريش، نجمة السينما التي غادرت ألمانيا إلى هوليوود قبل صعود النازيين إلى السلطة. بمجرد أن انضمت الولايات المتحدة إلى الحرب ضد ألمانيا النازية، استخدمت سلطتها الرمزية من خلال أداء العروض للقوات الأمريكية وأسرى الحرب الألمان في شمال إفريقيا، إيطاليا، فرنسا، بلجيكا وألمانيا - والمشاركة في الجهود الدعائية التي تهدف إلى خفض الحماسة لدعم النازية بين عدد من السكان المدنيين والعسكريين الألمان.

بعض الأسماء أقل شهرة، لكن قصصها ألهمت الكتاب والمخرجين. إريك ماريا ريمارك، مؤلف الرواية المناهضة للحرب والمحظورة من النازية  "كل شيء هادئ على الجبهة الغربية"  (والتي تحولت إلى فيلم سينمائي عام 2022 فاز بجائزة أوسكار أفضل تصوير سينمائي) أهدى روايته لعام 1952 "شرارة الحياة" إلى شقيقته الصغرى، ألفريدي شولتس، التي اعتقلت وأُعدمت بتهمة انتقادها العلني للحرب، حين وصفت الجنود الألمان بأنهم "وحوش للذبح" وتمنت موت هتلر.

لقطة من فيلم  "وحيد في برلين"
لقطة من فيلم "وحيد في برلين" المقتبس من الروايةصورة من: X-Verleih/dpa/picture alliance

إليز هامبل وزوجها، أوتو، حاولا إثارة المشاعر المناهضة للنازية بحوالي 300 بطاقة بريدية مكتوبة بخط اليد التي تركوها في صناديق البريد في برلين بعد مقتل شقيق إليز في المعارك. تم إعدامهما أيضا. ألهمت قصتهما الكاتب هانس فالادا في رواية "كلٌّ يموت من أجل نفسه" عام 1947، والتي اكتسبت شعبية في العقود الأخيرة وتم تكييفها للسينما خمس مرات (أشهر الأفلام التي جسدتها "وحيد في برلين").

ارتفاع جرعة الاضطهاد

قال توخيل إن عام  1943 الذي تم فيه إعدام كل هؤلاء تصاعد خلاله اضطهاد النساء اللواتي قاومن النظام، وأصبحت الإدانة التي كانت قد تصل إلى حكم بالسجن لستة أشهر في السابق قابلة لتطبيق عقوبة الإعدام. وأضاف أنه كان في ذلك الوقت ترتفع أنشطة المقاومة من قبل النساء.

"لديك مجتمع يكاد يكون خاليا من الرجال في ألمانيا خلال سنوات الحرب خصوصا مع مع حوالي ثمانية ملايين رجل يخدمون في الجيش بحلول عام 1944" يقول توخيل. ثم يضيف: "ما يعني أن النساء أيضا شغلن وظائف كان يحتلها، حتى ذلك الحين، الرجال فقط: العبء المزدوج من العمل في المصانع ورعاية الأطفال والأسرة، النموذج القديم في ذلك الوقت، ولكن في الوقت نفسه، كان هناك استعداد متزايد لفحص الأمور بشكل نقدي".

كان النظام يخشى المعارضة على الجبهة الداخلية، لذلك "كانت ردة الفعل تجاه النساء اللاتي أدلين بتصريحات نقدية قاسية جدا، إذ لم يعد يُعتبر ذلك مجرد نكتة، بل، من عام 1943 وصاعدا، كان يُعرف ذلك بـ(تحطيم الروح المعنوية للقوات)، وأحد العقوبات الممكنة كانت عقوبة الإعدام" وفق تأكيده.

يشير توخيل إلى أن جهود المقاومة تضمنت دروسا لأجيال اليوم: و"من الممكن فعل شيء ضد الدكتاتوريات. نعم، إنه أمر خطير، لكنه لا يعني أننا يجب أن نستسلم لهذه السلطوية من أي نوع كانت، ومهما كان التحدي كبيرا، فهناك إمكانية لفعل شيء".

أعده للعربية: ع.ا

تانيا أوت مراسلة للشؤون الثقافية ومحررة ومترجمة ومنتجة مقيمة في برلين.