تجربة اليساريين في أوروبا- تصالح الأيديولوجية مع السياسة – DW – 2008/2/1
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تجربة اليساريين في أوروبا- تصالح الأيديولوجية مع السياسة

سيلا ديدك/ إعداد هشام العدم١ فبراير ٢٠٠٨

في الوقت الذي لا تحبذ فيه الأحزاب الألمانية التعاطي مع اليساريين، تمكّن هؤلاء من المشاركة في حكم عدة دول أوروبية من خلال تحالفات مع أحزاب أخرى رئيسية. موقعنا يستعرض بعض التجارب على هذا الصعيد.

https://p.dw.com/p/D0Za
مرشح كتلة اليسار في ولاية هسن، ويل فان أوينصورة من: picture-alliance/ dpa

يستطيع اليساريون ترجيح كفة أندريا إبسيلانتي، مرشحة الحزب الاشتراكي الديمقراطي لتولي رئاسة الوزراء في ولاية هسن، بيد أنها ترفض بشكل قاطع الدخول في ائتلاف معهم. ورغم النتائج التي حققها اليساريون في انتخابات ولايتي هسن وساكسونيا السفلى، إلا أن الأحزاب الألمانية الكبيرة المحافظة منها أو الاشتراكية تحاول تجنب التعاطي معهم.

ويرى تيم شبير، أستاذ العلوم السياسية في معهد أبحاث الأحزاب وحقوقها في جامعة دوسلدورف الألمانية، أن نظرة الكثيرين من مواطني غرب ألمانيا لليساريين تتلخص في أنهم من بقايا ألمانيا الشرقية، أو ما كان يعرف بــ "جمهورية ألمانيا الديمقراطية". وأضاف شبير قائلا: "يجب علينا أن نقر بأن كثيرا من اليساريين انبثقوا من رحم الحزب الاشتراكي الديمقراطي وتقاليده، غير أن رواسب أفكار حزب الوحدة الاشتراكي الألماني/ الشيوعي سابقاً في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة مازالت تجد لها رواجا بين أفكار الاشتراكيين الديمقراطيين وهو ما يشكل مشكلة في حد ذاته، لاسيما بالنسبة لمواطني غرب ألمانيا".

اليساريون في غرب أوروبا

Wahlen Niederlande Danach Jan Marijnissen
حزب اليسار يحتفي بتقدمه في الانتخابات البرلمانية الأخيرةصورة من: AP

وبالنظر إلى تجارب عدد من دول غرب أوروبا كفرنسا وإيطاليا والسويد فإن من الملاحظ أنه لم تكن لديها مثل تلك المشكلة كما هو الحال عليه في ألمانيا، بل على العكس من ذلك تماما؛ فقد كانت الأحزاب اليسارية في هذه البلدان جزءا من تشكيلة حكومات تلك الدول. وفي سبعينيات القرن المنصرم كان للأحزاب الشيوعية حضور كبير في المشهد السياسي الأوروبي بشكل عام وكانت تتمتع بنجاح ملموس وقاعدة شعبية لا بأس بها مقارنة بغيرها من الأحزاب.

والأحزاب اليسارية في أوروبا متعددة الجذور والخلفيات والمنطلقات الأيدلوجية، ومع ذلك يمكن "وضعها في بوتقة واحدة"، كما يرى الباحث شبير. لقد كان جزء كبير من هذه الأحزاب في أصولها شيوعي، ومع انتهاء الحرب الباردة أخذت هذه الأحزاب تحدث تغييرات في بنيتها السياسية وطروحاتها وبرامج عملها لتتناسب ومتطلبات المرحلة. من ناحية أخرى نجد عددا آخر من الأحزاب اليسارية قد انفصل في وقت مبكر عن الأحزاب الشيوعية، حيث استطاعت أن تعيد تشكيل نفسها بطريقة معتدلة، تمكنها من مخاطبة قاعدة عريضة من الناس. فعلى سيبل المثال؛ اليساريون في هولندا يحظون بتأييد كبير بين الناخبين، شأنهم شأن اليساريين في السويد الذين أخذوا أيضا يطرحون قضايا أقرب إلى أفكار حزب الخضر مثل قضايا البيئة والتنمية.

قاعدة شعبية عريضة؟

كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة في هولندا أن هناك تغيّرا نوعيا في مزاج الشارع الهولندي الذي بات يميل نحو اليسار شيئاً فشيئاً، إذ حصل اليساريون على نسبة 16.6بالمائة من أصوات الناخبين. كما أن الدول الاسكندينافية تشهد تقدما لليساريين وذلك بحصولهم حوالي على 10 بالمائة من أصوات الناخبين وهو أمر لا يجوز التقليل من شأنه ، كما يرى البروفيسور شبير. فحزب الشعب الاشتراكي الدنماركي، وحزب اليسار السويدي والائتلاف اليساري الفلندي؛ فجميعها أحزاب يسارية، لكنها تطرح سياسات اجتماعية وبيئية، كما أوضح الباحث في شؤون الأحزاب، البروفيسور شبير .

وكذلك الحال بالنسبة لليساريين في إيطاليا وفرنسا ولكن على الرغم من أن "هذه الأحزاب تتسم بطابع الاعتدال سواء في خطابها أم في الاسم الذي تحمله تبقى تحمل في طياتها بذور الأفكار الشيوعية"، وفق رؤية الباحث الألماني.

صعود اليسار

Linke Einheitspartei in Deutschland gegründet
التصويت على برنامج عمل حزب اليسار في ألمانياصورة من: AP

لم يكن هناك ثقل كبير لليساريين في ألمانيا مقارنة بالأحزاب الأخرى، ولكن بعد الوحدة الألمانية بدت بشكل واضح ملامح كتلة اليسار تتشكل، حيث أخذ الشارع الألماني يشعر بها ويتلمس برنامجها. ويمكن القول إن الاشتراكيين كانوا سببا وراء تنامي القاعدة الحزبية والشعبية للأحزاب اليسارية في أوروبا. وفي المشهد الألماني لعل هذا الانتفاع يتجلى في التغيرات التي أدخلها المستشار الألماني السابق، غيرهارد شرودر، على بعض الخطوط العريضة للحزب الاشتراكي الديمقراطي من خلال شعار"الوسطية الجديدة" وهو ما ينظر إليه على أنه نوع من الانحراف عن المفاهيم التقليدية والسياسات العريضة التي دأب الحزب على تبنيها تجاه الطبقة العاملة وشكل العلاقة مع النقابات وهو ما سهل على اليساريين استقطاب الناخبين المؤيدين للجناح اليساري في الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ويرى البروفيسور شبير أن "الأحزاب الاشتراكية التي حافظت على هويتها الاشتراكية التقليدية استطاعت أن تهمش اليساريين كما هو الحال على سبيل المثال في فرنسا". بينما في ألمانيا والدنمارك وهولندا فإن الإصلاحات التي أدخلها الاشتراكيون على الخطوط العريضة لأحزابهم جعلت ناخبيهم في كثير من الأحيان يتحولون عنهم إلى اليساريين.

التحالفات مع اليساريين

وفي أطار مساعيها للمشاركة في الحكم دخل عدد من الأحزاب اليسارية في أوروبا في ائتلافات وتحالفات مع أحزاب أخرى ولكنها لم تكن بهذا النجاح. فمثلا في عام 1998 دخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي في تحالف مع حزب اليسار وحزب الخضر. ولكن النتيجة كانت خسارة اليساريين السريعة لأصوات ناخبيهم. وقال رئيس حزب اليسار السويدي، جودرون أوتاس، معلقا على هذا الائتلاف: "نحن لا نأسف على هذا الائتلاف، إذ تمكنا بعض الشيء من تنفيذ بعض أفكارنا ولكن بشكل عام لم تكن تجربتنا ناجحة على هذا الصعيد".

ومهما يكن من الأمر وفي ضوء تجارب اليساريين في أوروبا فإنه ربما يكون من المناسب للاشتراكيين الديمقراطيين في ولاية هسن أن يدخلوا في تحالف مع اليساريين من أجل ضمان أغلبية مطلقة حتى الانتخابات القادمة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد