تزايد الشكوك في جدوى حرب أمريكا على الإرهاب رغم اعتذار نيوزويك – DW – 2005/5/16
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تزايد الشكوك في جدوى حرب أمريكا على الإرهاب رغم اعتذار نيوزويك

سمعة الولايات المتحدة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي تسير من سيء إلى أسوأ. ويقف وراء ذلك سلسلة فضائحها التي لا تتوقف منذ انطلاقة حربها الدولية على الإرهاب والتي كان آخرها فضيحة تدنيس القرآن الكريم في جوانتانامو.

https://p.dw.com/p/6dtf
مبنى التحقيقات في معسكر جوانتانامو سيئ السمعة.صورة من: AP

اعتذرت مجلة نيوزويك الأمريكية عن تقريرها الذي زعمت فيه قيام جنود أمريكان بتدنيس القران الكريم في معسكر جوانتانامو. وكتب مارك فيتاكر، ناشر المجلة في عددها الجديد أن هيئة التحرير تعتقد أن التقرير خاطيء على ضوء قيامها بإعادة تقييم مصدر معلوماته. وعبر فياتكر عن أسفه لضحايا عمليات الاحتجاج التي أثارها التقرير وخاصة في أفغانستان. وعلى الرغم من الاعتذار فإن ما يثير التأمل في الحملة الدولية على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية هو التناقض الشديد بين أهدافها ونتائجها. فالحملة بدأت بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ايلول الإرهابية، وتركزت أهدافها على نشر الحرية ودعم قيم الديموقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان إضافة إلى تحقيق الأمن والأمان داخل الولايات المتحدة نفسها، غير أن كل النتائج التي تمخضت عنها تصب في الإتجاه المعاكس. فلقد شهدت حقوق الإنسان تراجعاً شديداً ليس فقط في ما يسمى بدول "العالم الثالث" ولكن أيضاً بشكل كبير في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية أو "العالم الأول"، حتى أن منظمة العفو الدولية حذرت من حقيقة أن السجناء الذي تحتجزهم الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وجوانتانامو يتعرضون للتعذيب المنظم وسوء المعاملة. كما أن قيم الحرية والعدالة والديموقراطية فقدت مصداقيتها عند المواطنين المسلمين المستهدفين بهذه الحملة وهم يتابعون كل يوم سيلاً من الصور والأنباء المهينة عن كيفية التعامل مع إخوانهم ومع حضارتهم. والنتيجة جيل جديد من الإرهابيين المحبطين.

وفي الأيام الأخيرة جاء في مقال لجريدة نيوزويك الاميركية أن محققين في قاعدة جوانتانامو الاميركية القوا نسخا من القرآن الكريم في المراحيض لإثارة غضب المعتقلين المسلمين. وهو الأمر الذي أثار موجة عارمة من السخط والغضب في العالمين العربي الإسلامي، معيداً إلى الأذهان أطروحة صراع الأديان الخطيرة، التي تفترض وجود صراع دائم بين الأديان إلى أن ينتصر أحدها على الآخرين. وتسببت أنباء الفضيحة في ترسيخ جو العداء وعدم الثقة السائدين في العالم الإسلامي حيال أمريكا. وبهذه الفضيحة -إن ثبتت- يرتفع رصيد الولايات المتحدة من الانتهاكات التي تحدث باسم الحرب على الإرهاب، ولا يملك المرء إلا أن يتابع مع تقرير منظمة العفو الدولية: " الكرامة الانسانية سقطت ضحية لحرب الولايات المتحدة على الإرهاب ونظام التحقيق لان الإدارة لم ترفض القانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب، وإنما تبنت أيضا استخفافا اختياريا بالقانون الإنساني الدولي".

غضب في أفغانستان ...

Unruhen in Jalalabad Afghanistan
مظاهرات جلال أباد كانت الأعنف في افعانستانصورة من: AP

بعد انتشار أخبار المقال الذي نشرته نيوزيوك خرج الآلاف في أفغانستان للتظاهر ضد ما جاء فيه، وأسفرت هذه التظاهرات عن سقوط 14 قتيلاً والعديد من الجرحى. كما اتسعت المظاهرات لتشمل عشر مناطق بينها كابول وتظاهر ما بين 700 الى 800 شخص وسط هتافات "الموت لاميركا" في ولاية لوغار (جنوب شرق)، وهي أكبر سلسلة تظاهرات مناهضة للاميركيين منذ سقوط نظام طالبان في نهاية العام 2001. وفي العاصمة كابول، تجمع حوالى 300 طالب في الجامعة للتعبير عن غضبهم من التصرفات المفترضة للجنود الاميركيين واحرق المتظاهرون أعلاما أمريكية وساروا حول الجامعة مرددين "الموت لأمريكا والموت لجورج بوش".

وحصلت اعنف تظاهرة في جلال اباد، عاصمة ننغرهار (شرق)، حيث هاجم ما بين خمسة إلى عشرة الاف شخص بحسب شهود عيان مكاتب الأمم المتحدة وعددا من المنظمات غير الحكومية والحاكم الاقليمي وقنصلية باكستان واشعلوا فيه النار ونهبوها. وأسفرت المواجهات مع الشرطة في جلال اباد عن مقتل أربعة أشخاص وجرح ما لا يقل عن سبعين آخرين بمن فيهم ستة من رجال الشرطة، بحسب وزارة الداخلية الأفغانية في حين تم إجلاء غالبية الرعايا الأجانب إلى كابول.

Guantanamo Camp Delta Eingang
مدخل معسكر اكس راي في جوانتاناموصورة من: AP

كما امتدت المظاهرات لتشمل اندونيسيا وباكستان. حيث أدت حالة من الغليان الشعبي المتزايد في باكستان بشأن التقرير الصحفي إلى تقديم باكستان طلب رسمي للإدارة الأمريكية لفتح تحقيق حول المزاعم ومعاقبة من تثبت إدانتهم. وأصدرت الجمعية الوطنية وهي المجلس الأدنى بالبرلمان قرارا يوم الاثنين يشجب تدنيس القران المشار إليه.

... وفي العالم العربي

بدأت ردود الفعل على فضيحة التدنيس المفترضة للقرآن الكريم في قاعدة جوانتانامو الامريكية تتوالى في العالم العربي. ففي الاراضي الفلسطينية تظاهر قرابة الفي فلسطيني من انصار حماس بعد ظهر الجمعة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة تعبيرا عن احتجاجهم. واحرق عدد من المتظاهرين علما اميركيا واخر اسرائيليا قبل ان يتفرقوا. وفي الخليل تظاهر حوالي 400 شخص اثر صلاة الجمعة. وفي العراق ندد ائمة المساجد السنية والشيعية على حد سواء اليوم بتدنيس القرآن في غوانتانامو. وندد الشيخ احمد عبد الغفور السامرائي امام وخطيب مسجد ام القرى بتدنيس القران الكريم وقال "في جوانتانامو يمزق القرآن ويرمى في النفايات ومياه المجاري والمسلمون يتفرجون لا يملكون الا ان يتوجهوا الى الله تعالى لكي ينصر دينهم".

Anhörung von Rice im US-Senat
وزيرة الخارجية الأمريكية رايسصورة من: dpa

وفي مصر اعرب الاخوان المسلمون اليوم الجمعة عن "شدة غضبهم وبالغ استنكارهم" مطالبين واشنطن باعتذار علني. وقال المرشد الاعلى للحركة محمد مهدي عاكف في بيان" ان الاخوان المسلمين وقد هزهم خبر تدنيس المحققين الاميركيين بسجن غوانتانامو للمصحف الشريف واهانة القرآن الكريم والاعتداء على حرمته وقدسيته يعربون عن شدة غضبهم وبالغ استنكارهم وادانتهم لهذا الفعل المشين والمهين". كما طالب البيان الادارة الاميركية "بالاعلان عن اعتذارها لما حدث ومعاقبة هؤلاء المحققين المجرمين باشد انواع العقاب ورفع الظلم والقهر عن المسجونين".

ولم تسجل سوى ردود فعل رسمية قليلة. فقد طلبت السعودية، حليفة الولايات المتحدة، إجراء تحقيق "سريع" و"في حال ثبوت وقوع تلك الحالات (..) ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة لمحاسبة المسئولين" عن عملية التدنيس. كما نددت ليبيا من جانبها بهذه الممارسات "اللامسؤولة واللااخلاقية" معتبرة انه سيكون من شانها تغذية الإرهاب. واعتبر عبد الرحمن النعيمي رئيس جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان التي تتخذ من جنيف مقرا أن المملكة السعودية "في حرج كبير" خاصة وأنها تؤوي الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. كما عبر اليمن عن "إدانته واستيائه الشديدين" اثر ورود الأنباء، معتبرا ان من شأن مثل هذه الممارسات "تغذية روح الكراهية بين الأديان"، على ما أفاد مصدر رسمي. وأضاف المصدر أن هذه الممارسات "تؤدي إلى المزيد من ردود الفعل التي تضر بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتعيق الجهود التي تبذل لبناء جسور التفاهم والحوار بين الديانات والحضارات والقبول بالآخر".

رد فعل أمريكي

سارعت الإدارة الأمريكية إلى احتواء الموقف ودعت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس المسلمين في أنحاء العالم إلى رفض دعوات للقيام بأعمال عنف وجهها مسلمون اغضبتهم مزاعم بأن محققين أمريكيين في خليج جوانتانامو في كوبا دنسوا مصاحف. وقالت رايس "سمعنا من أصدقائنا المسلمين في ارجاء العالم بواعث قلقهم تجاه هذا الامر. نحن نتفهم ونشاركهم القلق. وانه لمن المحزن أن بعض الأفراد فقدوا أرواحهم في مظاهرات عنيفة". في إشارة منها لمقتل سبعة أشخاص على الأقل في احتجاجات أفغانستان. وأضافت في تصريح مفاجيء في بداية شهادتها أمام مشرعين أمريكيين "أود التحدث مباشرة إلى المسلمين في أمريكا وفي مختلف أنحاء العالم. الولايات المتحدة لا تتسامح مع ازدراء القران الكريم سواء كان الآن أو في أي وقت مضي أو في المستقبل. ازدراء القران الكريم شيء بغيض لنا جميعا".

كما أكد المتحدث باسم البيت الأبيض اليوم الجمعة أن تحقيقا سيجرى حول ما يشاع عن إقدام جنود أمريكيين عن تدنيس القرآن. وقال المتحدث سكوت ماكليلان في ندوة صحافية "في ما يتعلق بالاتهامات التي سيقت، فإننا نأخذها على محمل الجد، ووزارة الدفاع تجري تحقيقا". وأضاف "كما قالت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس يوم الخميس، إن عدم احترام القرآن أمر لن تتساهل الولايات المتحدة في شأنه على الإطلاق". وأشار إلى "أننا نريد أن يعرف المسلمون في جميع أنحاء العالم أننا نتفهم هواجسهم". وأوضح "أريد أن اشدد أيضا على أن معتقلي جوانتانامو يتمتعون بحرية ممارسة شعائرهم الدينية ويتلقون نسخا من القرآن".