تونس: استقطاب انتخابي يثير الحذر من تكرار النموذج المصري – DW – 2014/12/11
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس: استقطاب انتخابي يثير الحذر من تكرار النموذج المصري

طارق القيزاني - تونس ١١ ديسمبر ٢٠١٤

مع انطلاق حملات الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في تونس يرصد المراقبون مظاهر شحن واستقطاب شديد بين المرشحين المنصف المرزوقي والباجي قايد السبسي. أجواء تثير مخاوف في أوساط التونسيين من الانزلاق نحو النموذج المصري.

https://p.dw.com/p/1E1eX
Kombi-Bild Beji Caid Essebsi und Moncef Marzouki

لم ينتظر المرشحان للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، المرشح المستقل، الرئيس المنتهية ولايته المنصف المرزوقي، ومرشح حركة نداء تونس الباجي قايد السبسي الإشارة الرسمية من الهيئة الوطنية المستقلة للإنتخابات ببدء الحملة الانتخابية، فقد اشتعلت حملة المرشحين مبكرا منذ إعلان نتائج الدورة الأولى والتي منحت السبسي تقدما نسبيا بـ 39 في المائة، مقابل 34 في المائة للمرزوقي.

ومع ارتفاع حدة التوتر في الحملات الانتخابية وتفاعلات الشارع معها، يزداد منسوب الحذر خوفا من أن يسود الشحن من جديد على غرار ما حصل في الدور الأول بين المرشحين الأكثر استقطابا.

اتهامات متبادلة

في حديثها مع DW عربية تعزو القيادية في حزب حركة نداء تونس بشرى بلحاج حميدة، حالة الاستقطاب بين السبسي والمرزوقي إلى أن "الناخبين في تونس فهموا أن المرشحين الاثنين الممثلين لأكبر حزبين في البلاد هما الأكثر حظوظا لتولي المنصب الرئاسي حتى وان بدى المرزوقي مرشحا مستقلا فهو مدعوم بقوة من حركة النهضة الاسلامية"، مشيرة إلى ان هذا الاستقطاب لا يجب ان يمثل مشكلة لأنه يعتبر حالة تقليدية في الدول الديمقراطية لكنها أكدت على ضرورة تجنب خطاب الكراهية والعنف.

وتضيف بلحاج حميدة "لاحظنا في فريق الحملة الانتخابية للمنصف المرزوقي أطرافا تدعوا إلى التقسيم وتهدد بالعنف بما في ذلك رابطات حماية الثورة التي أمر القضاء بحلها في حال فاز الباجي قايد السبسي بالرئاسة".

Tunesien Tunis Imed Daymi Generalsekretär Kongress für die Republik
عماد الدايمي أمين عام حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، مؤيد للمرشح المرزوقيصورة من: DW/Tarak Guizani

مع ذلك تأمل بلحاج حميدة ان تخف حالة التوتر خلال الحملة الانتخابية للدور الثاني وان يتم التركيز على تقديم برامج لا على الخطاب المتشنج وان يذهب التونسيون للانتخاب في هدوء.

لكن من جهته يلقي فريق الحملة الانتخابية للمرشح المنصف المرزوقي باللائمة على السبسي فيما يتعلق بتصاعد حالة التوتر في البلاد إلى حد أدى إلى ظهور نزعات جهوية بين أقاليم البلاد.

ويعتبر النائب في البرلمان عماد الدايمي وهو الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه المنصف المزروقي في حديثه لـDW عربية أن تصريحات الباجي قايد السبسي و"زلاته المتكررة كانت سببا في إشعال فتيل الأزمة في البلاد لما تضمنه من هجوم على الناخبين".

Flash-Galerie Tunesien vor den Wahlen
بشرى بلحاج، قيادية في حزب نداء تونسصورة من: DW

ويشير الدايمي بذلك إلى تصريحات أدلى بها السبسي لوسائل إعلام فرنسية صنف فيها الناخبين الذين صوتوا للمرزوقي بأنهم من الاسلاميين أنصار حركة النهضة والجهاديين وأنصار رابطات حماية الثورة، مشيرا إلى ان جميعها تدعم العنف.

ويوضح الدايمي قائلا "هناك مخاوف لدى شق من التونسيين من أن يمسك حزب نداء تونس بكافة السلطات ما يشكل عودة النظام السابق إلى الحكم وبالتالي العودة إلى مربع الديكتاتورية. ونحن نلمس نزعة إلى التسلط لدى قياديي هذا الحزب الذي ورث حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الذي حكم تونس لنحو ستين عاما".

حذر من عودة النظام السابق

ويعتبر ممثل حزب المؤتمر وهو من بين ستة أحزاب أعلنت عن دعمها الصريح للمرزوقي في السباق الرئاسي ان استمرار مرشحهم في المنصب يعتبر ضمانة من اجل اقرار التوازن بين السلطات السيادية في البلاد ومنع التغول، في إشارة إلى: رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ورئاسة البرلمان.

وضمن حزب نداء تونس الفائز بالأغلبية في الانتخابات التشريعية رئاسة البرلمان، ويتوقع ان يدفع بمرشح له لتشكيل الحكومة المقبلة لكن يتوقف ذلك فيما يبدو على نتائج الانتخابات الرئاسية التي ستظهر منطقيا في اليوم التالي من الانتخابات يوم 21 من الشهر الجاري.

ويردد قادة الحزب بانه ليس في خططهم احتكار كافة السلطات، وانما "سيكون هناك انفتاح على جميع الأطراف السياسية في البلاد". لكن مع ذلك تطرح تساؤلات ومخاوف من ان يتم الانزلاق في نهاية المطاف إلى النموذج المصري ما يشكل انتكاسة للانتقال الديمقراطي برمته في البلاد.

ويوضح النائب في البرلمان عن حركة النهضة الاسلامية محمد بن سالم لـDW عربية أن "تونس تقدمت خطوات جدية في ترسيخ الديمقراطية لكن المخاطر تظل موجودة حتى في الدول الديمقراطية نفسها، فما تشهده أوروبا الغربية مثلا من صعود لليمين المتطرف هو أيضا شكل من اشكال الارتداد عن القيم الديمقراطية التي ترسخت منذ قرون في هذه الدول".

ويضيف بن سالم "يتمتع التونسيون بوعي تام بأن ما حصل في بعض دول الربيع العربي لا يجب ان يحصل في تونس، لكن هذا لا يجب ان يمنعنا من ان نكون حذرين ويقظين وأن نقطع الطريق عن أي محاولات للعودة إلى الوراء".

Tunesien Tunis Wahllokal Präsidentschaftswahlen 23 November 2014
أجواء حذرة في الشارع التونسي قبل موعد الاقتراعصورة من: DW/Tarak Guizani

وبخلاف تلك التحفظات والمخاوف توضح القيادية في حزب نداء تونس بشرى بلحاج حميدة انه على خلاف المثال المصري فإن الجيش في تونس لم يتدخل مطلقا في الحياة السياسية وظل خلال الثورة على الحياد. وهي تشدد في نفس الوقت بأن المخاوف من الانزلاق الى مربع التضييق على الحريات والاستبداد تظل قائمة ومشروعة غير أنها لا ترتبط بحزب واحد بعينه ولا بشخص وإنما المخاوف متأتية من عدة جهات.

وتقول بلحاج حميدة "خلال حكم الائتلاف السابق بقيادة حركة النهضة الاسلامية انتشرت عدة انتهاكات للحريات، "حيث مارست رابطات حماية الثورة المقربة من السلطة العنف ضد المثقفين والنقابيين والاعلاميين. وهاجم السلفيون المتشددون معارض الرسم ودور السينما والمسارح وتم الزج برجال اعلام في السجون وقمع الأمن مظاهرات في سليانة بذخيرة الرش".

وتضيف القيادية في حزب نداء تونس"طيلة ثلاث سنوات من حكمه لم يقف المرزوقي مع أي من المضطهدين ولم يتصدى للانتهاكات وبالتالي فإن تخويف التونسيين من عودة الاستبداد من فريق حملته تظل مجرد دعاية انتخابية".

حسابات وتحالفات

وفضلا عن حالة الاستقطاب التي ميزت الانتخابات الرئاسية منذ بدايتها في الدور الأول فإنه خلال الدور الثاني بدا أن الحسابات والتحالفات السياسية هي العنصر الأكثر وضوحا في السباق الانتخابي. ويفسر المحلل السياسي نور الدين المباركي حظوظ المرشحين في السباق الرئاسي من خلال التوزيع الجغرافي للأصوات الذي أفرزه الدور الأول، مشيرا إلى ان الثقل الانتخابي لحزب حركة نداء تونس يتركز في الشمال بينما الثقل الانتخابي لمؤيدي المرزوقي في الجنوب التونسي وهو التوزيع الذي برز خلال الانتخابات البرلمانية .

ويضيف المباركي "المرزوقي استفاد كليا من أصوات قواعد حركة النهضة في الجنوب التونسي وهذا انطلاقا من عدد الأصوات التي تحصل عليها وهي تقريبا نسبة الأصوات ذاتها التي حصلت عليها النهضة في التشريعية .في الدور الثاني المسألة ستكون مرتبطة بموقف حركة النهضة من دعم السيد المرزوقي فان قررت دعمه علنا ورسميا سيبقى التقسيم ذاته، وان لم تدعمه وهذا مرتبط بتقدم مفاوضتها مع حركة نداء تونس حول الحكومة وخطة رئيس مجلس الشعب(البرلمان) فإن المشهد سيتغير بالضرورة خاصة ان الكتلة لانتخابية للحركة النهضة معروفة بانضباطها ".

ويخوض المرشحان الباجي قايد السبسي والمرزوقي حملات محمومة لكسب أصوات ناخبي حزب النهضة الإسلامي والجبهة الشعبية(يسار) الذين يعدان أكثر القوى السياسية تنظيما في المشهد السياسي التونسي. وفيما أبدت الجبهة الشعبية ميلها للتصويت لصالح الباجي قايد السبسي، أعلنت حركة النهضة انها ستواصل نهج الحياد إزاء المرشحين، وسط توقعات بأن يصوت أنصارها لصالح المرزوقي على غرار ما حدث في الدور الأول.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد