جيشا مصر وتونس: تشابه في الأدوار وتباين في الرؤية – DW – 2011/12/21
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جيشا مصر وتونس: تشابه في الأدوار وتباين في الرؤية

٢١ ديسمبر ٢٠١١

رغم تشابه الدور الذي لعبه الجيش في الثورتين التونسية والمصرية، إلا أن نظرة الشعب إلى هاتين المؤسستين تختلف بشكل كبير. فما هي أسباب شعبية الجيش في تونس؟ ولماذا أصبح الجيش المصري "بعبعاً" جديداً لثوار ميدان التحرير؟

https://p.dw.com/p/13XN0
المؤسسة العسكرية المصرية: دولة داخل دولة؟صورة من: AP

تنتشر بين الحين والآخر على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك، وبعض المدونات الإلكترونية صور مركّبة لمشهدين يضمان جنوداً مصريين وتونسيين. إحدى هذه الصور تظهر الجندي المصري وهو ينهال بالضرب على متظاهرة بالقرب من مستشفى القصر العيني بالقاهرة، وجندياً تونسياً ممسكاً بقارورة ماء ويساعد شاباً ملقى على أحد أرصفة شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس. صورة أخرى تظهر جندياً مصرياً يشهر عصا في وجه متظاهرين، مقابل صورة جندي تونسي يشهر سلاحه في وجه شرطي. كلها صور قام بتركيبها مستخدمون على الإنترنت للمقارنة بين جيشي كلا البلدين، اللذين لعبا دوراً مهماً في ثورتي بلديهما.

وفيما تتوالى الاحتجاجات المناهضة للمجلس العسكري في مصر وتتعالى المطالب بضرورة أن يسلم مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية، تزداد شعبية الجيش في تونس، الذي بقي حتى الآن وعلى ما يبدو في موقع الحياد دون أن يسعى إلى السيطرة على الحكم، بعكس ما تنبأ البعض. بل وقام أيضاً بتسهيل سير انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في الثالث والعشرين من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. فهل تملك المؤسسة العسكرية التونسية "الوصفة السحرية" لأسر قلوب المواطنين التونسيين؟ ولماذا يتزايد الغضب الشعبي ضد الجيش المصري، خاصة بعد أحداث الثامن عشر من نوفمبر/ تشرين الثاني؟

تشوه صورة الجيش المصري

ويرى الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس والباحث في المعهد الدولي للجغرافيا السياسية، في حوار مع دويتشه فيله، أن انتشار هذه الصور يعكس "الخدش الذي أصاب صورة المؤسسة العسكرية (المصرية)، التي كانت قد انحازت إلى جانب الشعب وساهمت في تنحي حسني مبارك".

ويعزو أبو دياب استخدام الجنود المصريين للعنف ضد المتظاهرين إلى كونهم غير مدربين على التعامل مع المتظاهرين والشغب، لأن هذه عادة ما تكون من مهام رجال الشرطة، مؤكداً على أن "المؤسسة العسكرية لم تكن تسعى إلى قمع المتظاهرين بقدر ما كانت تحاول الحفاظ على الأمن". ويرى أن "الجنود سيعودون في النهاية إلى ثكناتهم". لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: متى سيعود الجيش المصري إلى الثكنات وينسحب من الحياة السياسية؟

Ägypten Proteste Demonstranten und Militär vor Präsidentenpalast Flash-Galerie
تصاعدت في مصر الاحتجاجات المناهضة للمجلس العسكري والمطالبة بسلطة مدنيةصورة من: dapd

فمنذ عام 1952، أي منذ ثورة الضباط الأحرار وتولي جمال عبد الناصر الرئاسة، والسلطة الفعلية في مصر في يد المؤسسة العسكرية. فكل الرؤساء المصريين الذين أتوا بعده ينتمون إلى المؤسسة العسكرية. ويضيف خطار أبو دياب أن "مع تنحي حسني مبارك عن الرئاسة في فبراير الماضي، لم يسقط النظام بل تغيرت واجهته لا غير". ليس هذا فحسب، بل وإلى جانب المساعدات العسكرية الأمريكية بموجب اتفاقية كامب ديفيد، التي تقدر بمليار و300 مليون دولار سنوياً، فإن المؤسسة العسكرية تسيطر على "نحو 30 إلى 40 بالمائة من الاقتصاد المصري"، وفق تقديرات خبير شؤون الشرق الأوسط.

بدورها تصف صحيفة "فرانكفورته ألغماينه تسايتونغ" الألمانية المؤسسة العسكرية المصرية بأنها "دولة داخل الدولة"، وعليه فإنها "لن تتخلى عن السلطة قبل الحصول على ضمانات تحفظ لها امتيازاتها". إلا أن الدكتور خطار أبو دياب أعرب عن شكوكه في أن يتم ذلك على المدى القصير أو المتوسط، لأن "بعض الأوساط المصرية تقول إن هناك في المجلس العسكري من لا يريد تسليم زمام الأمور إلى سلطة مدنية إلا بعد الحصول على ضمانات كبيرة، وهذا يعني الانتظار طويلاً".

"الجيش التونسي استفاد من تهميش بن علي له"

وفي تونس لا يزال الجيش التونسي حاضراً في كل أرجاء البلاد، فحالة الطوارئ المفروضة منذ فرار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، في الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني، لم ترفع بعد. وبعكس نظيره المصري، لا يزال الجيش التونسي يحظى بتقدير شعبي في تونس، نظراً لرفضه الامتثال لأوامر بن علي في قمع الاحتجاجات الشعبية، وتأمين الحدود في جنوب البلاد ضد تداعيات الحرب في ليبيا، والدور الذي لعبه في ضمان إجراء الامتحانات السنوية في المدارس والجامعات، إضافة إلى المساهمة في إنجاح عملية الاقتراع في أول انتخابات حرة في تونس.

ويؤكد الدكتور خطار أبو دياب أن الجيش التونسي لعب دوراً مهماً في تحقيق العملية الانتقالية "لنتائج مرضية جداً حتى الآن". بيد أنه يرى أنه لا يمكن مقارنة دور المؤسستين مع بعضهما البعض، لاختلاف تاريخهما وحضورهما على الصعيدين السياسي والاقتصادي في بلديهما.

NO FLASH Tunesien Unruhen Militär Soldat Kind Blumen Tunis
شعبية الجيش التونسي نابعة من دوره في إسقاط بن علي والابتعاد عن التدخل في سياسة البلادصورة من: picture alliance/dpa

يشار إلى أن كليمينت هينري، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وبروفسور متقاعد من جامعة تكساس الأمريكية، وروبيرت سبيرنغبورغ، أستاذ شؤون الأمن القومي في المركز الأمريكي للعلاقات العسكرية المدنية، كانا قد أجريا مقارنة بين المؤسستين العسكريتين في تونس ومصر. وخلص كلاهما، في مقال بعنوان "الحل التونسي للجيش المصري"، نشر قبل عدة أشهر على موقع تابع لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، إلى أن تصرفات كلا المؤسستين "لم تكن مفاجئة"، واعتبرا أن سياسة إبعاد الجيش التي اتبعها الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة عقب محاولة انقلاب عسكرية ضده عام 1962، وسياسة الرئيس المخلوع بن علي المتمثلة بـ"دعم وتقوية الأجهزة الأمنية على حساب المؤسسة العسكرية وتهميشها"، جعلت المؤسسة العسكرية "غير سياسية وغير مؤدلجة".

كما يشير مراقبون إلى أن الجيش التونسي تعرض "للقمع" من قبل زين العابدين بن علي عدة مرات. ففي تسعينات القرن الماضي اتهم بن علي عدداً من العسكريين بتنظيم انقلاب ضده، فيما عرف آنذاك بقضية "براكة الساحل". ووجهت أيضاً أصابع الاتهام إلى بن علي في تدبير حادث سقوط طائرة عسكرية وعلى متنها كبار قادة الجيش التونسي عام 2002، وقيل إنه كان يريد تكريس سلطته الدكتاتورية الانفرادية على البلاد.

كل هذه العوامل، بحسب رؤية الخبيرين الأمريكيين، ساهمت في تخلي المؤسسة العسكرية عن بن علي ومساهمتها الكبيرة في إسقاطه، الأمر الذي أكسبها ثقة شعبية كبيرة في تونس. إذن هل هذا هو سر شعبية الجيش التونسي في بلاده؟ وهل تقف مصالح المؤسسة العسكرية المصرية حجر عثرة أمام التحول الديمقراطي في البلاد؟

شمس العياري

مراجعة: ياسر أبو معيلق

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد