حصريا لـ DW: أطفال أوكرانيون رُحلوا إلى روسيا ـ ما مصيرهم؟ – DW – 2024/2/4
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حصريا لـ DW: أطفال أوكرانيون رُحلوا إلى روسيا ـ ما مصيرهم؟

٤ فبراير ٢٠٢٤

تقول السلطات الأوكرانية أنه جرى نقل نحو 20 ألف طفل أوكراني بشكل غير قانوني إلى روسيا والمناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا، وتفيد البيانات المتاحة أن نحو 400 منهم قد تم تبنيهم من قبل أسر روسية، وبعضهم تم تغيير هويتهم.

https://p.dw.com/p/4bqwn
سيدة أوكرانية تمكنت من إعادة طفليها من روسيا  (أرشيف: 8 أبريل/ نيسان 2023 )
عودة أطفال أوكرانيين لبلدهم بعدما تم ترحيلهم في السابق إلى الأراضي الروسية. الصورة لسيدة أوكرانية تمكنت من إعادة طفليها من روسيا (أرشيف: 8 أبريل/ نيسان 2023 )صورة من: Valentyn Ogirenko/REUTERS

كان الصبي كوستيا صاحب الـ 14 عاماً يعيش مع شقيقتيه الأكبر منه سناً ووالده الذي يحتاج إلى الرعاية، في قرية كوساتك الأوكرانية في منطقة خيرسون. وتم احتلال القرية مباشرة في بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/ شباط 2022. وبينما كان كوستيا ذاهبا للحصول على مساعدات، تم إجلاء عائلته إلى نوفا كاخوفكا التي تحتلها روسيا، حيث لم يكن هناك قتال في ذلك الوقت.

ويقول كوستيا، الذي عاش بمفرده لبضعة أشهر: "عندما عدت، كانت عائلتي قد رحلت. وغالبا لم يكن هناك مكان في الحافلة". ويعترف قائلاً: "لا أعرف لماذا لم يتمكنوا من أخذي (معهم)، لقد شعرت بخيبة أمل قليلاً بسبب ذلك". وفي النهاية عرض عليه ممثلو إدارة الاحتلال الروسي الذهاب إلى معسكر روسي في أنابا، على ساحل البحر الأسود بروسيا. ومن هناك تم توزيع الأطفال على أماكن أخرى.

كوستيا هو واحد من بين 19500 طفل تقول السلطات الأوكرانية إنه قد جرى ترحيلهم بشكل غير قانوني إلى روسيا والمناطق الأوكرانية التي تحتلها روسيا. وكما قالت المفوضة الأوكرانية لحقوق الأطفال داريا هيراسيمتشوك في مقابلة مع DW، فإن هذا العدد يشمل أيضًا الأطفال الذين سافروا إلى روسيا مع والديهم لأن العائلات اضطرت إلى اتخاذ هذه الخطوة بسبب الهجوم الروسي. وفي مارس/آذار 2023، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومفوضته للطفولة ماريا لفوفا-بيلوفا، بتهمة ارتكاب جرائم حرب مشتبه بها في أوكرانيا. والاثنان متهمان باختطاف أطفال أوكرانيين ونقلهم إلى روسيا.

عائلة جديدة في روسيا

وفي أنابا، قيل لكوستيا إنه سيذهب إلى نزل إذا لم تأت عائلته لأخذه. كوستيا، الذي لم يكن لديه أي اتصال مع عائلته، تمكن من الاتصال بأخته. ويتذكر قائلاً: "قلت لها: افعلي شيئاً، أخرجيني من هنا". لكن أخته، التي كانت لا تزال قاصراً، لم تستطع أن تفعل له شيئاً.

بعيد ذلك، أبلغت هيئة الوصاية الروسية كوستيا بأنها وجدت له أبوين بالتبني بالقرب من أنابا. كوستيا، الذي لم يكن يبحث عن عائلة جديدة، وافق في النهاية. ويقول: "لم أر قط مثل هذين الوالدين البشوشين". الوالدان بالتبني أوكرانيان من دونيتسك. وبعد الاحتلال الروسي لدونباس عام 2014، انتقلا إلى روسيا ويعتقد أنهما حصلا على الجنسية الروسية هناك. ويحكي كوستيا، الذي أصبح طفلهما الثالث بالتبني،: "لقد قالا عن نفسيهما إنهما أوكرانيان. وكان لديهما العلم الأوكراني وشعار أوكرانيا معلقين هناك، ولكن أيضًا شعار روسيا، لأنهما في روسيا على أية حال".

أمين المظالم (مسؤول الشكاوى) دميترو لوبينز: يجب إعادة جميع الأطفال من العائلات الروسية
أمين المظالم (مسؤول الشكاوى) دميترو لوبينز: يجب إعادة جميع الأطفال من العائلات الروسيةصورة من: Hanna Sokolova-Stekh/DW

ووفقاً لمفوض حقوق الإنسان في البرلمان الأوكراني، دميترو لوبينيتس، فقد تم بالفعل تبني حوالي 400 طفل من قبل عائلات روسية. وأشهر حالة هي حالة الفتاة التي تم نقلها من دار للأيتام في خيرسون. واكتشف الصحفيون أن نائب مجلس الدوما الروسي سيرجي ميرونوف وزوجته قاما بتبنيها.

حدد المركز الإقليمي لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية أوكرانية، مكان وجود 378 طفلاً أوكرانيًا تم ترحيلهم. وعلى النقيض من الطفل الخاضع للوصاية، يعتبر الطفل المتبنى كأنه طفل بيولوجي، كما توضح كاترينا راشفسكا، الخبيرة في المنظمة غير الحكومية، مضيفة: "يمكن للوالدين تغيير الاسم الأول والأخير ومكان الميلاد وتاريخ الميلاد في غضون ستة أشهر. ثم لا يمكنك العثور على الطفل بعد ذلك".

من هم الأوصياء؟ 

اكتشف نشطاء المنظمة غير الحكومية حتى الآن أسماء 69 من الآباء بالتبني. وتقوم جميع الأسر تقريبا بتربية العديد من الأطفال المتبنين. معظمهم، وفقًا لراشفسكا، هم من المعلمين والعسكريين - بما في ذلك أولئك الذين قاتلوا في حربي الشيشان، ولكن أيضًا العاملين في مجال الثقافة وممثلي الكنيسة بالإضافة إلى الناشطين والموظفين في المؤسسات الخيرية.

تمكنت DW من التحدث مع ولي أمر روسي، فلاديمير (اسم مستعار)، من منطقة موسكو. وإضافة إلى الأطفال الآخرين في رعاية عائلته، يقوم فلاديمير الآن أيضًا بتربية ماكسيم (تم تغيير الاسم)، الذي لم يعد لديه والدان. تم إحضار ماكسيم، مع أيتام آخرين، مما يسمى بـ "جمهورية دونيتسك الشعبية" إلى كورسك قبل يومين من الغزو الروسي في فبراير/ شباط 2022. وهناك حصل على الجنسية الروسية حتى يتمكن، كما يقول فلاديمير، من الحصول على رعاية طبية مجانية.

الترويج للجنسية الروسية في لوهانسك المحتلة
الترويج للجنسية الروسية في لوهانسك المحتلةصورة من: dpa/AP/picture alliance

وقبل أن تستقبله عائلة فلاديمير، كان ماكسيم يعيش في مدرسة داخلية في دونيتسك التي تحتلها روسيا، ولا يعرف والديه الحقيقيين. وقال فلاديمير إن ماكسيم تحدث في البداية بشكل سلبي عن أوكرانيا والأوكرانيين، وأنه عندما يكبر سيعود إلى دونيتسك. ويؤكد الرجل أن عائلته ضد العدوان الروسي. ويضيف أنه كان عليه أن يشرح لماكسيم أن روسيا هاجمت أوكرانيا، وليس العكس. ويؤكد ولي أمر ماكسيم: "نحن نؤكد دائمًا على كرامة الأمة الأوكرانية وحقها في الاستقلال. جميع أطفالنا يعرفون موقفنا، وكذلك هو يعرف ذلك".

من المسؤول عن كل شيء؟

يبدو أن مثل هذا الموقف من الأوصياء الروس هو الاستثناء إلى حد ما. ويقول أمين المظالم (مسؤول الشكاوى) دميترو لوبينز إن الأطفال المرحلين مهددون بالتربية من جديد في عائلات روسية: "يقال لكل واحد منهم: أنت روسي وتتحدث الروسية وعليك نسيان كل ما حدث من قبل وأن تبدأ حياة جديدة، وتذهب إلى المدرسة وتحصل على أوراق روسية. ستتربى كروسي حقيقي ويجب أن تكون ممتنًا لأننا أنقذناك". ويرى لوبينز أن حقوق الأطفال الأوكرانيين في الأسر الروسي تُنتهك، وخاصة الحق في حرية التنقل واستخدام اللغة الأم الخاصة بهم.

مصير أطفال أوكران أخذتهم روسيا

ويقول ولي الأمر الروسي فلاديمير إنه لا يخشى المسؤولية. وقال الرجل: "إذا أعلنت محكمة دولية أنني مذنب، فسوف أقف إلى جانبها. لكن ضميري مرتاح لأنني لا أتبع دوافع حربية وعدوانية. نحن ببساطة نريد مساعدة الطفل في وضعه".

وعلى العكس من ذلك، تعتقد كاترينا راشفسكا، من المركز الإقليمي لحقوق الإنسان، أن وضع الأطفال في عائلات روسية يعد جريمة. وستحظر الأمم المتحدة تبني الأطفال من قبل أي طرف من طرفي الصراع، كما يجب أن يتولى عملية التنشئة ممثل لنفس المجموعة الثقافية والعرقية التي ينتمي إليها الطفل، بحسب الخبيرة التي أضافت: "من المرجح أن يتم تصنيف عملية التبني نفسها على أنها إبادة جماعية".

لكنها لا تصر على أن اللوم يقع على الأوصياء. فالسلطات الروسية وحكام المناطق الروسية هم المسؤولون، من وجهة نظرها. ووفقًا لراشفسكا، فقد أنشأوا على وجه الخصوص نظامًا للمكافآت للعائلات التي تستقبل الأطفال الأوكرانيين. كما أن المسؤولية تقع أيضا على مفوضي الأطفال في الأراضي التي تحتلها روسيا وكذلك رئيس الدولة فلاديمير بوتين ومفوضة الأطفال لفوفا-بيلوفا.

رؤية العائلة من جديد

كوستيا القادم من منطقة خيرسون قضى أقل من شهر مع عائلته بالقرب من أنابا. اتصلت به أخته، التي بلغت سن الرشد، وعرضت عليه فرصة العودة إلى أوكرانيا. رفض كوستيا في البداية وكتب أنه استقر بالفعل في المكان الجديد. لكنه غير رأيه عدة مرات. وقال كوستيا: "لقد ترددت لأننا تعرضنا للترهيب. اعتقدت أنني لن أحصل على أي شيء لآكله في أوكرانيا، وفي روسيا وُعدت بكل شيء". وفي النهاية تحدث مع والديه بالتبني. يتذكر كوستيا قائلاً: "قالا إن القرار بيدك أنت لكنهما نصحاني بالبقاء. حتى إنهما اقترحا أن تنتقل عائلتي بأكملها إلى روسيا". وفي النهاية، قرر العودة إلى أوكرانيا لأنه أراد رؤية عائلته، التي انتقلت منذ ذلك الحين من خيرسون إلى تشيرنيهيف.

طفل داخل قطار الإخلاء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في منطقة دونيتسك
طفل داخل قطار الإخلاء في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 في منطقة دونيتسكصورة من: Anatolii Stepanov/AFP

يقول كوستيا: "عندما رأيت العلم الأوكراني وشعار أوكرانيا على الحدود، شعرت على الفور بأنني عدت إلى بلدي". وفي كييف، تم وضعه في البداية في مسكن تديره منظمة "أنقذوا أوكرانيا" غير الحكومية، والتي تعتني بالأطفال المرحلين الذين أعيدوا إلى وطنهم. ومن ثم أمضى كوستيا عدة أشهر مع عائلته. لكن لم يتمكن والده المريض ولا أخواته من الاعتناء به، وهو ما يتفهمه. لذلك، عاد كوستيا إلى سكن "أنقذوا أوكرانيا". وقد تم مؤخراً العثور على عائلة حاضنة جديدة له في بولتافا بأوكرانيا، وقد استقر لديها بالفعل. وعلى الرغم من طريقه الصعب وحقيقة أنه لا يستطيع العيش مع عائلته، فإن كوستيا لا يندم على العودة إلى أوكرانيا.

عودة صعبة

وفقا للمعلومات الأوكرانية، تمت حتى الآن إعادة ما يقرب من 390 طفلا تم ترحيلهم. وتشارك عدة أطراف في هذه العملية التي تظل سرية. لم يتم وضع جميع الأطفال في عائلات روسية. كل ما هو معروف علنًا هو أن ثلاثة على الأقل تم أخذهم من عائلاتهم. ويقول المسؤولون والناشطون المشاركون في هذه العملية إن هذا أمر صعب للغاية، لكن الأصعب هو إعادة الأيتام لأنه ليس لديهم أقارب يمكنهم اصطحابهم.

ويدين الوصي الروسي فلاديمير، الذي استقبل ماكسيم من دونيتسك، ترحيل الأطفال الأوكرانيين الذين لديهم عائلات في وطنهم إلى روسيا. ويصف عودة ماكسيم إلى الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها كييف بأنها "مسألة صعبة للغاية". ويقول إنه قلق بشأن نفسية ماكسيم. وقال فلاديمير: "لقد تم غسل أدمغتهم هناك (في المدرسة الداخلية في دونيتسك المحتلة -إضافة المحرر) بأن أوكرانيا هي العدو".

ويقول ميكولا كوليبا، رئيس منظمة "إنقاذ أوكرانيا"، إنه يجب إعادة جميع الأطفال من العائلات الروسية وإخبارهم بالحقيقة، وأنه تم إحضارهم إلى هناك عن طريق الاحتيال. لكن كوليبا يعترف بأن هذه مسألة إشكالية.

ويؤكد أمين المظالم دميترو لوبينيز في هذا السياق: "بالنسبة لنا كدولة، تبقى الحقيقة أن هؤلاء أطفال أوكرانيون". وبحسب لوبينيز فإن القرار بشأن المكان الذي يجب أن يعيش فيه الأطفال يجب أن تتخذه الأسرة، أو السلطات الأوكرانية في حالة عدم وجود أسرة. وقال: "إذا كان عمر الشخص 18 عامًا، فيكفي أن نسمع أنه سعيد، معتبرا نفسه مواطنًا روسيًا ويريد البقاء هناك. لكنني أعلم أن العديد من البالغين سيقولون إنهم يريدون العودة إلى أوكرانيا".

أنا سوكولوفا-ستخ، ميخائيل بوشويف

أعده للعربية: صلاح شرارة