حملة بألمانيا لجمع نسخ من كتاب زاراتسين وإعادة تدويرها – DW – 2012/1/22
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حملة بألمانيا لجمع نسخ من كتاب زاراتسين وإعادة تدويرها

٢٢ يناير ٢٠١٢

قرر فنان ألماني من أصل شيشاني أن يجمع 60 ألف نسخة من كتاب تيلو زاراتسين- الذي يعتبره البعض معاديا للأجانب- لإعادة تدويرها واستعمالها في مشاريع أخرى. وهو فعل اعتبره البعض مشابها لبعض الأفعال النازية. فهل هذا صحيح؟

https://p.dw.com/p/13mpF
صورة من: DW

أثار كتاب السياسي والاقتصادي الألماني تيلو زاراتسين " ألمانيا تلغي نفسها" عند صدوره قبل عامين الكثير من الجدل داخل ألمانيا ما بين مؤيد ومعارض لآرائه، والتي اعتبرها الكثيرون مسيئة للأجانب وللألمان ذوي الأصول الأجنبية. الكتاب شهد إقبلا خرافيا، حيث وصل عدد مبيعات الكتاب إلى 1.3 مليون نسخة داخل ألمانيا فقط. ويستعد زاراتسين في الوقت الحالي لإصدار كتاب جديد لا يتوقع أن يتجاوز عدد مبيعاته عدد مبيعات الكتاب الأول.

غير أن النحات والفنان مارتن تسيت، الذي قرأ الكتاب بشكل متأخر سنة 2011 بعد ترجمته إلى اللغة الشيشانية، لم يختلف رأيه كثيرا عن رأي الأجانب في ألمانيا، الذين رأوا في الكتاب ما يسيئ إليهم. لذلك أطلق تسيت حملة لجمع الكتاب في ألمانيا ابتداء من منتصف الشهر الحالي. وقد كُتب على موقع تظاهرة (برلين بيناله) "لنجعل من الكتاب أداة فعالة، تمكن الناس من الإفصاح عن مواقفهم".

"حملة ثقافية تذكر بحرق الكتب في عهد النازيين"

وقد نادى الفنان مارتن تسيت إلى جمع كتاب زاراتسين، وخصص من أجل ذلك أكثر من 20 موقع في أنحاء مختلفة من ألمانيا، وذلك بغرض تجميع 60 ألف نسخة على الأقل من الكتاب. وسيقوم تسيت من خلال هذه الكتب بإنشاء عمل فني، يعرضه في تظاهرة "برلين بيناله" في نهاية ابريل/نيسان. بعد هذه التظاهرة الفنية سيتم إعادة تدوير الكتب أو ما يعرف بعملية الـ"Recyling"،وذلك صالح أعمال خيرية. لكن جمع الكتب وإعادة تدويرها خلق نقاشا في الإعلام والساحة الثقافية الألمانيين. حيث ذكرت هذه الحملة "الثقافية" بعض الناس بأساليب مصادرة وحرق الكتب في عهد النازيين.

فمباشرة بعد الإعلان عن الدعوة لجمع كتاب زراتسين، قام زوار موقع التظاهرة البرلينية بالتعليق على الحملة، ووصل عدد التعليقات في وقت قصير إلى 400 تعليق ما بين مؤيد ومعارض لهذه الحملة. ومن بين إحدى هذه التعليقات: "إنه عمل مشابه لمصادرة الكتب من طرف النازيين بغرض إعادة تدويرها". رغم ان النحات الشيشاني الأصل لم يقل أبدا أنه يريد إتلاف الكتب أو حرقها كما فعل النازيون عام 1933. وفي حوار له مع صحيفة " دي فيلت" الألمانية، لم ينكر تسيت أنه على علم بهذه الوقائع التاريخية وأنه فكر فيها فعلا،لكنه يقول:" كنت أعتقد أن ألمانيا تجاوزت ذلك، لم أكن أعرف أن الأمر مازال يشكل حساسية. كنت اتوقع فعلا أن أتعرض للانتقاد، لكن كنت أعتقد أن هذا الانتقاد سيكون مرتبطا بالحاضر والمستقبل وليس بالماضي".

Buch von Thilo Sarrazin Deutschland schafft sich ab
صورة تركيبية لصورة تيلو زراتسين وغلاف كتابه المثير للجدلصورة من: AP/DW-Fotomontage

لمحة تاريخية

في العاشر من مايو/آيار 1933 قام أعضاء من الجمعية الطلابية للإعلام والدعاية النازية بتنظيم عمليات حرق عمومية لبعض الكتب، وفي العديد من المدن الألمانية. شهر قبل ذلك تم تعميم لائحة بالأعمال الأدبية التي اعتبرها النازيون لا تمثل "الروح" الألمانية.

من بين الكتب التي تعرضت للحرق كتب بريشت والبرت اينشتاين، وكورت توخولسكي، وهاينريش هاينه. لكن قبل تعرض هذه الكتب إلى الحرق، تمت أيضا الدعوة إلى تجميع هذه الكتب، وسميت هذه الحملة بحملة تجميع الكتب. ويقول عالم التاريخ الألماني فيرنر تريس بهذا الصدد بعد أن بلغ إلى علمه الدعوة إلى جمع كتاب زارتسين:" إن هذه العملية في تطبيقها تشبه كثيرا ما قام به النازيون سنة 1933".

"للكتب حرمتها مهما كان محتواها"

Flyer Kunstaktion Martin Zet Deutschland schafft es ab 2
ملصق لحملة جمع كتاب زراتسينصورة من: KW Institute for Contemporary Art

هناك رأي يعتبر أن للكتب قيمة ثقافية ولا يجب أن يتم حرقها أو إعدامها بهذا الشكل، حتى لو كانت هذه العملية ستتم باسم حرية الفنون، أو باسم الأعمال الخيرية. و يقول عالم التاريخ فيرنر تريس في هذا الصدد: "اعتقد أن الفن الذي يريد أن يعالج النواحي السلبية في المجتمع، لا ينبغي له أيضا أن ينهج هذه الطرق". وبغض النظر عن النقاش القديم عما يحق للفن وما لا يحق له، قام زوار موقع الحملة بمناقشة المسألة.

فكان السؤال المطروح هل يتعلق الأمر فعلا بمقارنة في محلها، أما أنه رد فعل طبيعي نتيجة للحساسية من موضوع النازية في ألمانيا؟ فكتبت "كاتيا" إحدى زائرات الموقع:" التدمير هو بباسطة فعل عنيف خصوصا اذا ربطناه بالتاريخ، وهو فعل تغييري وليس صدامي. من الجيد أنه مازال هناك أناس يرفضون هذه الحملة وواعون بأنها حملة خاطئة، من بينهم أنا." في نفس الاتجاه يعلق" طوم":" هذه الحملة للأسف مرتبطة بالتدمير، وتدمير الأفكار، أفكار مفكرين آخرين".

اهتمام مرغوب وغير مرغوب فيه

Wand in Charkiw Ukraine
علامة لنبذ النازيةصورة من: flickr / mermaid99

لكن هناك زوار آخرين يؤيدون الفكرة، مثل " ميلاني" التي كتبت:" أعتقد أنه في هذه الحالة ينبغي أن نميز ما بين إن كانت هذه الحملة منظمة من طرف جهة رسمية أو منظمة من طرف فنانين لهم مشروعهم الثقافي والفني ويريدون من خلال هذه الحملة التعبير عن موقف سياسي". مارتن تسيت صاحب هذه الحملة نفسه، يتقبل ويتفهم الانتقادات الموجهة له، لكنه يؤكد بشدة أن الغرض من حملته لم يكن هو أبدا تدمير الكتب.

لكن ما يحز في نفسه أكثر أن الهدف الذي قصده من هذه الحملة لم يصل إليه بعد، لأن الاهتمام كان منصبا أكثر على النقاش حول جمع الكتب وإعادة تدويرها وعلاقتها بتاريخ ألمانيا أو بحرية الفن، وليس على الأجانب، الذين أراد النحات تسيت لفت الانتباه إليهم و إلى دورهم في ازدهار البلد.

ولا يزال النحات مستمرا في حملته ومتشبثا بفكرته، في انجاز عمل فني من هذه الكتب. السؤال الآن:" كم هو عدد الكتب التي توصل إلى جمعها إلى حد الان؟". يقول تسيت: " كنت أود فعلا أن أقول انه وصلني حتى الآن 15 ألف نسخة" ثم يضيف ضاحكا:" لكني أود قول الحقيقة: لحد الآن لم أتوصل إلا بثلاثة نسخ".

مارليس شاوم/ ريم نجمي

مراجعة:هبة الله إسماعيل

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد