رش خضار وفاكهة غزة بالمبيدات الحشرية يسبب أمراضاً خطيرة – DW – 2010/12/11
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رش خضار وفاكهة غزة بالمبيدات الحشرية يسبب أمراضاً خطيرة

١١ ديسمبر ٢٠١٠

يُفرط مزارعو قطاع غزة في استخدام المبيدات الحشرية والهرمونات لإنضاج الفاكهة والخضار قبل أوانها، وللقضاء على الحشرات الضارة، وسط تزايد المخاوف من احتمال وجود علاقة بين هذه المبيدات وارتفاع نسبة الإصابة بأمراض خطيرة.

https://p.dw.com/p/QVzX
خضار جميلة الشكل واللون ولكنها عديمة الطعم والرائحة بعد معالجتها بالهرموناتصورة من: DW/Shawky El-Ferra

يُعجِبُكَ اللون الأحمر الجميل للطماطم في أسواق غزة، لكن اللافت أن اللونَ الخارجي يخدعُ المُشترى أحياناً، فاللون الأحمر كثيراً ما يكون صباغاً خارجياً فقط، لا يدل على نضوج الثمرة. وينطبقُ هذا الأمر على كثيرٍ من الفاكهة والخضار في أسواق ومزارع قطاع غزة. دويتشه فيله قابلت في أسواق القطاع مواطنين ومزارعين وبائعي خضار وفاكهة، ومختصين بالزراعة والصحة لمناقشة هذه الظاهرة.
الكثير من المواطنين يشتكون من خِداع الشكل الخارجي لبعض الخضروات والفاكهة. فأبوسليم رجل في منتصف العقد السادس من العمر، وأثناء شرائه بعض الخضروات من سوق فْرَاس وسط غزة، سألناه عن رأيه في ما يشترى؟ فقال: " ياسَلام يا ابنى الشَكِل كتير جذاب، لكن اللي جِوَا الحاجة لا طَعِم ولا ريحَه مميزه. زمان قبل الهرمونات والتهجين، الحاجات هده كان إلْهَا مذاق".
وفي سوق خان يونس قابلت امرأتين ورجلاً، كانوا يتحدثون أمام بَسطهٍ للبطيخ، فشاركتهم الحديث، وقلت لهم: شَكل البطيخ حلو، فأجابوا: "سبحان الله إحنا في عِز الشتا، والبطيخ مفروض يكون في الصيف!". سالتهم متعجباً، تعتقدوا ليش؟ قالوا: "الهرمونات والمبيدات الزراعية وحَمامَات الزراعة تطورت". لكنهم أكدوا أن البطيخ سبب الصيف الماضي حالات تسمم لأبنائهم جراء استخدام المزارعين سُم الفئران في التربة الزراعية.
وتوقفنا عند محل خالد أبو عابد لبيع الفاكهة والخضروات، وفى حوار مع دويتشه فيله رأى أن الفاكهة والخضروات ليست كما كانت في السابق، ضاربا لنا مثلاً: "منذ شهرين هُجنَت ثمرة التين الشوكى (الصبار الافرنجى) مع ثمره أخرى، وأنتجوا فاكهة سَمُوها فيكتوريا".

Gaza Landwirtschaft
خالد عبد بائع خضار في غزةصورة من: DW/Shawky El-Ferra

الطمع في سرعةِ جَنْيِ المحصول

من خلال حواراتنا المختلفة مع المزارعين، تبين أن إفراطهم في استخدام الهرمونات والمبيدات الحشرية يرجعُ إلى رغبتهم في سُرعة إنضاج الثمار في أقصر فترة ممكنة. فالمزارع أبو صالح من شمال بيت لاهيا شمال القطاع، يزرع التوت الأرضي، يعزو الرش إلى أن مزارعهم على حدود إسرائيل الجنوبية، وقد تعرضت للتجريف أثناء الحرب، وأضاف: "تعرضنا لخسائر كبيرة في السنين اللي فاتت، وبِنرُش المبيدات والهرمونات علشان تلحق الفراولة تنضج، خايفين يصير اجتياح وتجريف".
وفى غرب خان يونس التي تشتهر بزراعة الطماطم والخيار وبعض الفواكه، دخلنا أحد البيوت البلاستيكية، فشممنا رائحة مواد كيماوية، ضحك صاحبه وقال: "مبقدرش أستغني عن رش المبيدات الكيماوية، علشان الحشرات والأمراض والآفات الضارة اللي بتنتشر كتير، وبتصيب المحاصيل الزراعية بكثرة".
ودخلنا مزرعة مجاورة للخيار، وعند محاولتي أكل بعض ثمار الخيار منها بعد مسحها، حذرني بشدة صاحب المزرعة، مؤكداً على ضرورة غسلها جيداً قبل أكلها، بسبب رشها منذ يومين بمبيد وهرمون زراعي.

دَور الرقابة الزراعية

Gaza Landwirtschaft
وجود المخابر والرقابة لا يمنع الافراط والعشوائية في استخدام الهرمونات والمبيداتصورة من: DW/Shawky El-Ferra

والمشكلة لا تكمن فقط في إفراط المزارعين في استخدام الهرمونات والمبيدات الكيماوية، وإنما في عشوائية الاستخدام أيضاً حسب رأي الدكتور سمير عفيفي أستاذعلوم البيئة والأرض في الجامعة الإسلامية، الذي أشار إلى استخدام المزارعين للمبيدات بكثرة وبطريقة عشوائية، في ظل غياب الرقابة والمعرفة السليمة بعملية الرش، و في ظل غياب الدراسات والاختبارات العلمية من قبل المؤسسات الحكومية العاملة في القطاع الزراعي للتعرف على كمية ونوعية المبيدات المستخدمة.
وتوجهنا إلى مديرية الزراعة في غزة للرد على ذلك، فقال المهندس فضل الجدبه، إن عمليات إرشاد وتوعية المزارعين من قبَل الوزارة لم تنقطع، مشيراً إلى وجود مختبرات لفحص التربة والأمراض الفطرية، "كفحص الفيروسات، والبكتيريا والنيماتودا".
وتوجهنا إلى صيدلية زراعية تبيع الهرمونات والمبيدات الحشرية الزراعية، وأكد لنا صاحبها أنهم يحصلون على "المنتجات عن طريق معابر إسرائيل والأنفاق، والمزارعون يستخدمون كميات كبيرة". وقد أكد ذلك المهندس فضل أيضا، لكنه أشار إلى وجود رقابة على المزارعين والتجار، مؤكداً على أنهم يراقبون "الأنواع والكميات بشكل مستمر ودوري، وتخضع إلى فحص الجودة والصلاحية". إلا أنه لم ينف إفراط ومخالفه بعض المزارعين باستخدام مبيد النيماكوز، الذى وصفه بالخطير جداً، لمكافحة آفة التربة النيماتودا. وبسؤالنا عن مدى خطورته؟ أجاب: "نسمح به ونصرفه مجاناً في بعض المحاصيل، ويُمنع بتاتا استخدامه في الخيار والخس والطماطم والكوسا". مشيراً إلى حتميه قطف المحصول بعد 90 يوماً. مؤكداً وجود أمراض كأمراض تليف الطحال، والفشل الكلوي بسبب الافراط في استخدام مبيدات مُهربه ومنتهية الصلاحية.

رأي الطب ...

Gaza Landwirtschaft
المبيدات الكيماوية تكافح الحشرات ولكنها تسبب امراضاً خطيرة لمستهلكي الخضار والفاكهةصورة من: DW/Shawky El-Ferra

وفقا لمجلة آفاق البيئة والتنمية، تبين بأن بعض المزارعين يرشون الخس بمبيد ثيونكس السام (الإسم العلمي: إندوسلفان /Endosulfan)، مما يعني أن هذا المنتج يحتوي بالتأكيد نسبة كبيرة من هذه المادة الخطرة، ذلك أن الخس يتكون من نسيج دقيق ومساحة سطحية كبيرة؛ مما يجعله يمتص كمية كبيرة من المبيدات.
وبالإضافة إلى الخس، كشف المسح الذى أجرته المجلة بأن الطماطم والخيار والبقدونس والكرز والعنب هي من أكثر أصناف الخضار والفاكهة الشعبية التي ترش بمبيدات خطرة. وتبين أيضاً بأن العنب يعد أكثر أصناف الفاكهة التي ترش بالمبيدات الكيماوية، ومن ثم يليه التوت الأرضي.
وفي هذا الاطار، أوضح الدكتور محمد أبو شعبان، رئيس قسم الدم والأورام بمستشفى عبد العزيز الرنتيسي التخصصي للأطفال في غزة، بأن: "الإفراط في استخدام المبيدات الحشرية وبعض الفيروسات لها علاقة مباشرة بإصابة الاطفال وبعض كبار السن بسرطان الدم اللوكيميا، وسرطان الغدد اللمفاوية". مشيرا إلى أن حالات الاصابه تُسَجَل نسبة كبيرة في المناطق الزراعية شمال وجنوب قطاع غزة التي يكثر فيها استعمال المزارعين للمبيدات. وأضافَ أبو شعبان: "الكثير من حالات التسمم بالمبيدات الحشرية جراء تناول غذاء ملوث أو استنشاق مواد سامة تدخل المصاب إلى غرفة العناية المركزة، فمنهم من يتوفى ومنهم من يصاب بإعاقة دائمة " .

شوقي الفرا - غزة

مراجعة: عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد