Ramadan in Lybien – DW – 2010/8/10
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

Ramadan in Lybien

١٠ أغسطس ٢٠١٠

يستعد المسلمون في مختلف بقاع العالم لاستقبال شهر رمضان بما له من قيمة دينية واجتماعية. ولشهر رمضان أيضا طقوس وعادات تختلف من قطر لآخر وهي تكاد تتباين حتى داخل القطر الواحد؛ وليبيا أحد تلك البلدان التي تحتفي بشهر الصوم.

https://p.dw.com/p/Og0D

يتوقع أن يكون رمضان هذا العام أكثر صعوبة كونه يأتي في أكثر فصول السنة حرارة. إذ تصل درجة الحرارة في طرابلس الغرب مثلا إلى 39 درجة مئوية وترتفع الرطوبة النسبية إلى معدل يفوق 90 في المائة مما يجعل الصائم في حالة نفسية وجسدية لا يحسد عليها. ويتميز رمضان عند الأسرة الليبية بأنه مناسبة اجتماعية خاصة حيث يجتمع أفراد الأسرة كبيرهم وصغيرهم، الصائم منهم وغير الصائم (يسمح الإسلام للمريض وغير البالغ والمسافر بالإفطار). كما يتميز بأنه شهر خاص من حيث الترابط الاجتماعي، إذ تكثر فيه الزيارات الاجتماعية وعيادة كبار السن والمرضى إلا أن أهم ملامح الشهر الكريم في ليبيا في العقود الأخيرة هو: إدمان التلفزيون كوسيلة تسلية، وتدنى الإنتاجية وارتفاع نسبة الاستهلاك خاصة للمواد الغذائية.

وقد اعتاد التلفزيون الليبي (بما فيه القنوات الجديدة ) على تقديم ما صار يعرف بمائدة الإفطار؛ وهي عبارة عن سلسلة من الفقرات المرئية الكوميدية الساخرة ـ وأحيانا الكوميديا السوداء ـ التي ينصب أغلبها على انتقاد الحكومة والفساد الإداري والمالي في البلد كما تتطرق بعض الفقرات أيضا إلى التقاليد والعادات الاجتماعية السيئة. ويظل برنامج مسموع (إذاعي) يعرف باسم (البسباسي)، وهي شخصية ليبية تراثية، أهم تلك الفقرات. وقد حافظ البرنامج على استمراره على مدى أكثر من أربعة عقود متواصلة. ولا يزال البرنامج يحتفظ بجاذبيته وبريقه ويحرص التلفزيون المحلي على إنتاجه كل سنة في شهر رمضان ويتم بثه بعد موعد الإفطار مباشرة.

الفضائيات العربية تثري المائدة الرمضانية

إلا أن خيارات المواطن تعددت بفضل مئات القنوات الفضائية المتوفرة مجانا، والتي تخصص موازنات ضخمة من اجل بث أفضل المسلسلات الدرامية والتاريخية ذات الطابع الديني. كما صارت شركات إنتاج البرامج التلفزيونية العربية تتنافس على إنتاج هذه المسلسلات مما جعل أجور الممثلين المشهورين ترتفع بشكل صاروخي في العقدين الخيرين. وتشتد المنافسة في شهر رمضان الذي يمثل الموسم الأكبر على هذا الصعيد. وقد سجل مسلسل سوري اسمه باب الحارة، (وهو من مسلسلات البيئة الشامية) ثمنا قياسيا في الموسم الماضي تجاوز المليون دولار. ويتوقع أن يحقق جزؤه الخامس، الذي تم إنتاجه لهذا الموسم الرمضاني رقما قياسيا جديدا.

Mustafa Fetouri , Schriftsteller
الدكتور مصطفى الفيتوري، حائز على جائزة سمير قصير لحرية الصحافة لعام 2010صورة من: Mustafa Fetouri

وبسبب أن أغلب البرامج التلفزيونية تذاع في أواخر الليل يجد الناس صعوبة في الاستيقاظ نهارا مما يدفع بالدولة إلى تقليص ساعات العمل؛ ولهذا السبب يتدنى إنتاج الفرد المتدني أصلا، كما تشهد الإدارات الحكومية غيابا كبيرا للموظفين وكثرة الإجازات. وأصبحت الحالة تنتقل إلى القطاع الخاص أيضا حيث كل شأن يكاد يكون مؤجلا إلى ما بعد شهر الصيام، أو لعد ساعة الإفطار حيث تدب الحياة في المدن ومكاتب العمل الخاصة حتى ساعات الفجر الأولى. أما على صعيد الاستهلاك فيشهد الشهر الكريم ارتفاعا حادا في نسبة الاستهلاك للمواد الغذائية. وتتميز مائدة الإفطار الليبية التقليدية بأشهى المأكولات التي تجمع بين التقليدي المحلي والجديد. وهو ما يوفر فرصة نادرة للتجار فتتضاعف الأسعار في غياب شبه كامل لأية رقابة عليها مما يزيد من شكوى محدودي الدخل، خاصة أن العيد الذي يلي نهاية شهر الصوم مباشرة له احتياجات خاصة تتطلب الكثير من المال.

"المجتمع الليبي يزدري المفطر"

ويمنع القانون في ليبيا الأكل والشرب والتدخين في الأمكنة العامة باستثناء الفنادق حيث يوجد بعض الأجانب من غير المسلمين. وتقفل أغلب المطاعم والمقاهي أبوابها أثناء النهار ويجد غير الصائم مشكلة حقيقية في العثور على مطعم محترم يتناول فيه وجبة جيدة، اللهم إلا في بعض المطاعم القليلة جدا. وتعود الحياة إلى طبيعتها فور حلول موعد الإفطار في نهاية اليوم الذي سيكون طويل جدا هذا العام. فرمضان يأتي في شهر أغسطس وأيامه الطويلة؛ إذ لا ينتهي يوم الصيام إلا الساعة الثامنة مساء مما يجعل فترة الصيام تقترب من ست عشر ساعة متواصلة. إلا أن المصادفة الطيبة هذا العام هو أن شهر الصوم سيكون أثناء الإجازة الصيفية إذ تقفل المدارس أبوابها مما يقلل الحركة والزحام وتنقل الصائمين.

ومع أن الأيام الأخيرة من شهر رمضان ستكون مع بداية الدراسة إلا انه من المتوقع أن يتم تأجيل الدراسة حتى نهايته في إطار وعادة معروفة بتعطل العمل بشكل كبير أثناء شهر الصوم. وبالرغم من عدم توفر أية أرقام أو إحصائيات حول نسبة تدني الإنتاج وتعطل العمل إلا أنه من الملاحظ أن دوائر حكومية كثيرة وعددا كبيرا من المؤسسات الخاصة لا تعمل وإن كانت لا تعلن دلك رسميا. وعلى العكس من العديد من المجتمعات المسلمة الأخرى يجد المواطن الليبي صعوبة بالغة في عدم الصوم حتى إذا كان له مبرر شرعي كالمرض مثلا. ويعود الأمر في جزء منه إلى العرف الاجتماعي، إلى جانب السبب الديني طبعا. فالمجتمع الليبي يزدري المفطر وينظر إليه على أنه شاذ وربما خارج عن الدين كلية.

مصطفى الفيتوري، رئيس قسم إدارة الأعمال بأكاديمية الليبية للدراسات العليا، طرابلس

مراجعة: أحمد حسو