علمنة الإسلام، أم أسلمة السياسة – DW – 2012/2/2
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

علمنة الإسلام، أم أسلمة السياسة

٢ فبراير ٢٠١٢

يرى جاسم محمد أن الإسلاميين في حالة صعود ، وها هم يحصدون المقاعد في الانتخابات البرلمانية أمام تراجع القوميين واليساريين ليشهد التاريخ اكبر عملية علمنة للإسلام في أعقاب ربيع الثورات العربية .

https://p.dw.com/p/S966
صورة من: AP

وفقا لمقولة الكاتب محمد أركون „ فان صعود الإسلاميين هو جزء من عملية علمنة سياسية للإسلام " . ان ما يحصل الآن هو معكوس اسلمة السياسة تماما وسط ارتفاع الرايات الإسلامية في ميادين التحرير، انه زمن العمائم الإسلامية . فمنذ مطلع الخمسينيات ومرحلة التحرر العربي من الاستعمار القديم كان هنالك حضورا للإسلاميين غير أن الأنظمة العربية دأبت على وصف الإسلاميين بالرجعية وقمعها ضمن تحالفاتها مع الغرب مقابل استمرارها في السلطة ولعقود طويلة . وهنا استذكر أبيات جرير المحسوب على الليبراليين افتراضا، قائلا: " يا أيها الرجل المرخي عمامته.. هذا زمانك إني قد مضى زمني".

صعود الأحزاب الإسلامية

يبدو ظهور الإسلاميين وخاصة الإخوان المسلمين على المشهد السياسي العربي سوف لا يقتصر على تلك الدول التي شهدت ثورات الربيع العربي بل ستمتد الى دول أخرى وكأن المنطقة باجمعها مرشحة لصعود الإسلاميين بعد تداعيات سقوط الدومينو ومنها المغرب والأردن وسوريا وثبوت الإسلام السياسي في العراق ولبنان . الإسلاميون حصدوا أكثر من 40 % وبالتحديد الإخوان المسلمين من نتائج الانتخابات في اغلب الدول العربية التي كانت نتيجة لثورات الربيع العربي رغم ان آراء المراقبين تشير إلى أن الإسلاميين ركبوا موجة ثورة الشباب الشعبية ليحصدوا نتائجها . اما اليمن فتمثل نموذجا مختلفا للإسلام السياسي عن بقية دول المنطقة لان الإصلاحيين والسلفية كانت وما تزال جزء من السلطة ضمن اتفاقات وتحالفات منذ عام 1994 ولحد الآن .

ويبدو ان استثمار الإسلاميين جهودهم في الأعمال الخيرية في المجتمع والتقرب من الطبقة الفقيرة والابتعاد عن السلطة خلال تلك الفترات أتت بنتائجها الآن رغم اختلاف أيدلوجيتها نسبيا أو اختلاف طريقة تنفيذ برامجهم ومنها التبليغ والتبشير أو" الجهاد " عند مختلف المذاهب .

وكانت تصريحات بعض الزعماء والقادة العرب تتضمن إعلانهم الحرب علنا على الإسلاميين والأخوان ومنذ سنوات وهذا ما يفسر قول الرئيس بشار الأسد في (30/10/2011) "نحن نقاتل الأخوان المسلمين منذ خمسينيات القرن الماضي وما زلنا نقاتلهم والذي تداولته معظم وسائل الإعلام ومنها صحيفة أخبار اليوم المصرية في 30.10.201 .

الإسلام المعتدل

بع هجمات 11 سبتمبر 2001 وتداعياتها التي مازالت تترك آثارها في السياسة الخارجية للولايات المتحدة والغرب وفي لغة الخطاب السياسي والاجتماعي، ظهر تعبير جديد وهو الإسلام المعتدل كتعبير للدفاع عن الذات بعد محاولات الغرب في كبح المد الإسلامي في عقر داره . وأصبح داخل السلفية الاصلاحيون الذين بدأوا يتأقلمون ويتعايشون مع النظم السياسية والديمقراطية الحديثة والقبول بولاية أمر الحاكم على نقيض السلفية والسلفية المتشددة التي ترفضها رفضا قاطعا بل تدعو للجهاد لفرض الخلافة الإسلامية والتي جاءت في تنظيمات التوحيد والجهاد ضمن مظلة القاعدة .

حركة الاخوان المسلمين في مصر مثلا بدأت في خطوة استباقية عام 2005 بفصل المسجد وليس الدين عن السياسة لتكون أكثر قبولا عند الغرب أمام فوبيا الإسلام بعد ان شهدت بعض الأحزاب والحركات الراديكالية الإسلامية تراجعا في المنطقة وخاصة حزام المقاومة العربي في مواجهة إسرائيل .

خارطة الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط تتباين وتختلف بالمضمون والمفاهيم من مكان الى اخر فما موجود من مجموعات إسلامية في أفغانستان وباكستان واليمن وفلسطين وبعضها في لبنان والعراق لا تلتقي بل تتعارض مع نموذج الثورة الإيرانية رغم اجماعها بأنها جاءت لتحرير الإيرانيين من ظلم نظام الشاه لتعلن ولاية الفقية . وهنالك أحزاب ومجموعات إسلامية تتعامل مع الحكومة الإيرانية سياسيا كونها تتفق معها في بعض القضايا وتحصل على دعمها لكن ترفض التعامل مع أئمة الثورة الإيرانية وتعتبره خط احمر في مرجعياتها الدينية والسياسية .

موقف الإدارة الأميركية

" واشنطن بوست " نشرت في عددها الصادر في السادس من كانون الثاني 2012 أن الفوز الكبير الذي حصل عليه الإسلاميون في الانتخابات البرلمانية المصرية يعتبر بمثابة " أول اختبار حقيقي " لإدارة الرئيس باراك أوباما بشأن تعهداتها بدعم الحكومات المنتخبة في العالم العربي ، حتى لو لم يكن الفائزون هم المفضلين بالنسبة لواشنطن ."

الولايات المتحدة لم يعد لديها خيار آخر فالثورات الشعبية قد أطاحت ببعض حليفاتها في المنطقة.

ولا يوجد لديها خيار إلا أن تبارك التغيير من خلال الدخول في حوار مع الإسلاميين لتخفيف حدة المواجهة بينها وبين الولايات المتحدة وان كان ذلك مرحليا لتتجاوز عقدة العراق وأفغانستان والملف النووي الإيراني ومواجهتها السياسية والاقتصادية مع الصين.

لذا جاءت تصريحات إدارة أوباما براغماتية بعد ثورة مصر وتونس وليبيا على لسان هيلاري كلينتون ووزير الخارجية الفرنسي باستعداد البلدين للتعامل مع الإسلاميين في حالة وصولهم إلى السلطة السياسية عبر صناديق الاقتراع وما زاد في تأكيد هذه الحقيقة الموقف الفرنسي أمام النجاح الذي حققه حزب حركة النهضة بتونس وترحيبه بصعودها إلى السلطة وإبداء استعداده للتعامل معها لكن رغم ذلك مازالت مراكز الدراسات الغربية تنظر الى الجماعات الإسلامية بأنها انعكاس لسياسات ألإسلام الراديكالي التي ترفض التعايش مع الغرب وتصفه " بالإرهاب " .

يمكن أن يتلاقى الإسلاميون والمصالح الأمريكية في هذه المرحلة فأميركا ممكن أن تخلق من هذه المجموعات الإسلامية ومنها الأخوان المسلمون شبكة عازلة للتنظيمات الإسلامية الراديكالية ومنها تنظيم القاعدة وممكن ان يكونوا خيار أفضل من اليساريين والقوميين بفرض العدالة الاجتماعية والديمقراطية .

أما التنسيق الأميركي والحوار مع الإسلاميين والأخوان في مصر والمغرب فلم يكن جديدا وهذا ما أكده الدكتور فاروق الباز، مدير مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن قائلا :" بان الحوار والتنسيق مع الإسلاميين وقيادات الأخوان في مصر كانت موجودة قبل تنحي مبارك وهو ليس بجديد لحماية مصالحها " .

أن نجاح الأحزاب الإسلامية في هذه المرحلة يعتمد على قدرتها بالتكيف مع واقع الشعوب التي خرجت من ديكتاتورية السلطة وتوريثها تحتاج إلى المرونة الكافية لتتعامل مع مشكلات المجتمعات العربية بعيدا عن التطرف وتستفيد من تجاربها السابقة.

جاسم محمد

مراجعة ملهم الملائكة