"فلسطين ليست كوسوفو، وإسرائيل ليست صربيا" – DW – 2009/11/17
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"فلسطين ليست كوسوفو، وإسرائيل ليست صربيا"

١٧ نوفمبر ٢٠٠٩

أطلقت السلطة الفلسطينية حملةً دولية للاعتراف بدولة مستقلة ضمن حدود 1967، الأمر الذي أعتبره الاتحاد الأوروبي "سابقاً لأوانه"، أما الفلسطينيون فيعتبرونه "في أوانه"، مذكرين بحالة كوسوفو. تُرى ما هي فرص نجاح تلك الخطوة؟

https://p.dw.com/p/KZJz
الخطوة الفلسطينية تفتقر لدعم واشنطن والاتحاد الأوروبيصورة من: AP Graphics/DW


للوهلة الأولى يبدو الطريق الذي سلكه الفلسطينيون في التوجه إلى مجلس الأمن لإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة طريقاً وردياً يوصلهم إلى الهدف مباشرة، لاسيما في ظل حالة الجمود التي تمر بها العملية السلمية. أما شروط إعلان الدولة من طرف واحد فتبدو أيضاً للوهلة الأولى متوفرة، مثلما توافرت قبل سنوات في حالة كوسوفو.

غير أن الواقع الفعلي يشير إلى أن الفروق كبيرة بين الحالتين، مثلما يوضح الدكتور يوخن هيبلر، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط في حديث خص به دويتشه فيله: "عندما أُعلنت دولة كوسوفو كانت تتمتع فعليا بدعم أكبر قوة سياسية في العالم، أي الناتو، كما أن الخطر الخارجي الذي كان يتهددها كان يأتي من دولة ضعيفة، هي صربيا. أما فيما يتعلق بالحالة الفلسطينية فلا يوجد مثل هذا الدعم من دول قوية وغنية ومؤثرة." ويعتبر هيبلر الخطوة التي أقدمت عليها السلطة الفلسطينية "غير واقعية"، نظراً إلى القوة الفائقة التي يتمتع بها الخصم في هذه الحالة، أي إسرائيل.

من ناحيتها هددت إسرائيل بـ"خزان من ردود الفعل"، حسبما يذكر زربر بارئيل، المحلل السياسي في صحيفة "هاآرتس": "يمكن أن تقوم إسرائيل بضم أراضٍ فلسطينية مثلما ضمت القدس أو هضبة الجولان، ومن الممكن أن تضم من طرف واحد أراضٍ بها مستوطنات إسرائيلية؛ كما يمكنها أن تغلق الطرق أو تضع الحواجز أو أن تمنع السفر إلى أي مكان مثلما فعلت قبل عام أو عامين." غير أن المحلل الإسرائيلي يشير في حديثه لدويتشه فيله إلى عواقب إجراءات منذ هذا النوع على علاقات إسرائيل مع الدول الراعية للسلام، ولذلك يؤكد أن "إسرائيل لن ترد بقسوة، بل ستأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل الأوروبية والروسية والأمريكية على وجه الخصوص".

"الخطوة الفلسطينية اعتراف بعقم المفاوضات"

Bildgalerie Arafat Handschlag zum Oslo-Abkommen
بتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993 تولد الأمل في إقامة دولة فلسطينية مستقلةصورة من: AP

ويرى عديد من المراقبين أن الخطوة الفلسطينية ليست سوى تهديد، بل إن المحلل السياسي الفلسطيني عزيز حيدر يرى بأنها "تدل على تخبط كبير جداً لدى السلطة الفلسطينية"، ويرجع ذلك إلى "فشل كل المحاولات لبدء مفاوضات جدية والتوصل إلى حلول". ويرى حيدر أن هذه الخطوة بمثابة "اعتراف بعقم المفاوضات" التي تجريها مع إسرائيل منذ 16 عاماً من أجل إقامة دولة فلسطينية، وأنه كان على السلطة أن تعترف بذلك قبل عشر سنوات". كما يرى بأن السلطة عقدت الآمال على الإدارة الأمريكية الجديدة، ولكن كما يبدو فإن واشنطن مشغولة بقضايا قد تكون أهم من القضية الفلسطينية بالنسبة لها، كما أنها غير قادرة على الضغط على حكومة إسرائيل وحكومة نتنياهو بالذات". مقابل ذلك فإن السلطة الفلسطينية والكلام لحيدر تبحث عن آفاق جديدة وتهدد بإعلان دولة، ولكن عملياً ليس لدى السلطة أي ورقة ضغط على إسرائيل أو على أي طرف آخر.

خطوة سابقة لأوانها؟

Israelische Siedlung in Ost-Jerusalem
قضية المستوطنات الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية تقف عائقاً رئيسياً أمام التوصل إلى سلامصورة من: AP

الخطوة الفلسطينية لإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد لقيت دعماً عربياً، بينما قابلتها الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الأوروبي برفض أو تحفظ باعتبارها "سابقة لأوانها". هذا المصطلح يراه الخبير الألماني د. هيبلر إشكالياً لاسيما وأن التفاوض في عملية السلام استمر لمدة تزيد عن عقد من الزمان دون أن يسفر ذلك عن نتائج عملية. ولهذا فإن تعبير "سابق لأوانه" ويثير الحيرة برأي هيبلر: "أي مدة يتحتم على المرء إذن أن ينتظر؟ المشكلة تبدو لي أن الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة يتوقعان عدم قبول إسرائيل بهذا الاستقلال، ولذلك هناك تخوف من أن تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من عدم الاستقرار ولصراعات".

"حل الدولتين يتباعد يوماً بعد يوم"

ويرى هيبلر أن الحل الممكن الوحيد الذي يحظى بإجماع دولي هو حل الدولتين. غير أن "المشكلة تكمن في عدم قيام الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأي جهد لدعم مثل هذا الحل، كما أن الاستمرار في بناء المستوطنات، وهو أمر مخالف للشرعية، يزيد من صعوبة تأسيس دولة للفلسطينيين". ويلفت الخبير الألماني النظر إلى ضعف وضع الفلسطينيين في ظل "الحرب الأهلية غير المعلنة" بين السلطة وحماس، ويرى أن التغلب على تلك الخلافات يجب أن يكون على رأس الأولويات.

أما المحلل الفلسطيني عزيز حيدر فينظر إلى حل الدولتين نظرة أكثر تشاؤمية على ضوء تعقيد مشكلة الاستيطان، في هذا السياق يقول حيدر: " عندما وُقعت اتفاقية أوسلو قبل 15 عاما كنا نتحدث عن 100 ألف مستوطن إسرائيلي في الضفة، الآن نتحدث عن 300 ألف مستوطن". وعليه فإن الحل برأيه يبتعد شيئاً فشيئاً خصوصاً "إزاء عدم استعداد إسرائيل حتى للتفكير في قضية إخلاء المستوطنات. وإذا لم يحدث الإخلاء فإن حل الدولتين صعب جداً".

الكاتب: سمير جريس

مراجعة: ابراهيم محمد