لغز طائرات السي آي ايه يخيم على زيارة شتاين ماير لواشنطن

يلتقي اليوم، 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2005، فرانك فالتر شتاين ماير، وزير الخارجية الألماني الجديد، بنظيرته الأمريكية كوندليزا رايس في واشنطن، لتبدأ بذلك مرحلة جديدة في العلاقات بين برلين وواشنطن، وذلك بعد أن اعترى هذه العلاقات البرود إبان حكم المستشار السابق غيرهادر شرودر لألمانيا على خلفية رفض حكومته المشاركة في الحرب على العراق. إلا أن لا أحد يستطيع حالياً التكهن بمدى الدفء الذي ستتسم به هذه العلاقات، لاسيما وأن زيارة شتاين ماير لواشنطن تأتي في ظل تسرب أخبار غير مؤكدة عن فضحية توقف طائرات تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي ايه) في عدة دول أوربية منها ألمانيا، وهى تنقل على متنها سجناء إسلاميين أو متهمين بالانخراط في منظمات إرهابية إلى معتقلات بدول العالم الثالث.

ألمانيا تطلب توضيحاً أمريكياً

سبق زيارة شتاين ماير لأمريكا إدانة ألمانية شديدة لمثل هذه الأعمال في حالة التحقق من حدوثها بالفعل. فلقد أعلنت الحكومة الألمانية يوم الجمعة الماضي على لسان وزيرة العدل بريجيت زيبريس أنها تنتظر توضيحات من الولايات المتحدة حول توقف طائرات السي آي ايه في ألمانيا. أما كريستيان شتروبيلي نائب البرلمان الاتحادي (بندستاغ) فصرح لقناة التلفاز الألماني ZDF بأنه "في حال استخدام وكالة المخابرات الأمريكية بالفعل لمطار فرانكفورت الدولي أو مطار رامشتاين (جنوب غرب ألمانيا) لنقل المعتقلين، فإن ذلك يشكل انتهاكاً صارخاً للدستور الألماني ولمواثيق حماية حقوق الإنسان". وبالرغم من أن وزير الخارجية شتاين ماير قد أبدى قلقه حول ما نشرته الصحافة العالمية بخصوص هذه القضية، إلا أنه لم يعلن قبل زيارته للولايات المتحدة بشكل واضح عن نيته مناقشة تفاصيلها مع المسئولين الأمريكيين، وعلل ذلك بالقول: "إن ما قرأته في الصحف يدعو إلى القلق، لكني لا أستطيع أن أتحدث مع الأمريكيين حول هذا الموضوع الحساس على خلفية تقارير صحفية، بل استناداً إلى حقائق مثبتة." إلا أن مسئول رفيع المستوى بوزارة الخارجية الألمانية قد صرح مساء أمس أنه من المتوقع أن يتطرق شتاين ماير إلى هذه القضية خلال لقاءه برايس.

أمل بعودة الدفء...

ويأتي تسرب أنباء هذه الفضيحة بعد أن أعربت واشنطن عن أملها بأن تلتقي المستشارة الاتحادية الجديدة أنجيلا ميركل قريباً بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وأن يتعاونا سوياً خلال السنوات القادمة من أجل تقوية علاقات الشراكة الأمريكية ـ الألمانية في مجال "دعم الديمقراطية والرفاهية في العالم"، على حد قول المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي كاتا ستير. وكانت ميركل قد تعهدت بإصلاح العلاقات مع واشنطن أثناء حملتها الانتخابية. ويعتقد المراقبون أن العلاقات بين البلدين ستتحسن بمرور الوقت، لكنهم لا يتوقعون أن تعود العلاقات الحميمة بين البلدين إلى ما كانت عليه في السابق.

... في غياب المقومات اللازمة

الحكومة الألمانية الجديدة لا تملك الإرادة السياسية الكافية ولا الإمكانيات اللازمة للدخول مع واشنطن في مغامرات نشر "الديمقراطية الأمريكية" بالقوة في العالم، وهي حقيقة تدركها واشنطن قبل غيرها، إذ عبر عنها مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأوروبية دانييل فريد، حينما ذكر أن واشنطن لا تتوقع من ألمانيا مثلاً أن ترسل جنوداً إلى العراق. وهو ما لا تنوي الحكومة الجديدة القيام به في الوقت الحالي كما أنها لا تنوي تعديل موقف برلين بشأن العراق، حسب ما صرحت به المستشارة الجديدة الاسبوع الماضي أثناء زيارتها لحلف شمال الأطلسي في بروكسل.

إعداد: علاء الدين سرحان