نافذة على الحرب من خلال أسطورة الصورة الصحفية روبرت كابا – DW – 2005/1/31
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نافذة على الحرب من خلال أسطورة الصورة الصحفية روبرت كابا

٣١ يناير ٢٠٠٥

من بودابست إلى برلين ومنها إلى باريس ونيويورك. روبرت كابا صور خمس حروب. شهيد الصورة الصحفية داس على لغم أرضي قبل أن يسقط في عز شبابه. بيت الثقافة "مارتين غروبيوس" يذكر به وبأعماله.

https://p.dw.com/p/6Ain
صورة الجندي المجهول الشهيرة لروبرت كاباصورة من: dpa

بالتعاون معه المكتبة الوطنية الفرنسية افتتح بيت الثقافة "مارتين غروبيوس" في برلين معرض تصوير فوتوغرافي لأسطورة الصورة الصحفية روبرت كابا. يلقي المعرض الذي ينظم من يناير الجاري حتى أبريل القادم الضوء على مشوار المصور الصحفي من مسقط رأسه بودابست وحتى سقوطه في الحرب الهندية- الصينية عام 1954 عن عمر يناهز 40 عاما. كما يعرض 300 صورة التقطها كابا في خمس حروب دارت رحاها في ثلاث قارات وهي الحرب الأهلية الإسبانية وحرب المقاومة الصينية ضد الاحتلال الياباني والحرب العالمية الثانية والحرب العربية- الإسرائيلية الأولى والحرب الهندية- الصينية.

خمس حروب في ثلاث قارات

Robert Capa Fotoausstellung in Berlin
صورة التقاطها كابا لشارع كورفوستندام البرليني الشهير عام 1945 ويظهر من خلالها حجم الدمار الذي أصابه خلال الحرب العالمية الثانية.صورة من: AP Photo/Robert Capa, Magnum Photos

عندما رجع روبرت كابا في نهاية الحرب العالمية الثانية إلى برلين المنهكة، كان قد حقق جميع أهدافه وتربع على عرش فن التصوير الصحفي دون منازع. علاوة على ذلك ترسخ في عقول جيل كامل من المصورين بفضل التزامه تطبيق شعاره القائل " إذا لم تكن صورتك جيدة بما فيه الكفاية، فإنك لم تكن قريبا من الهدف بما فيه الكفاية". ولم يكن مشوار أسطورة الصورة الصحفية مكللا بالنجاح على الصعيد المهني فقط، بل أيضا على الصعيد الشخصي، فالنقاد السينمائيين يجمعون على أن عَلم الإخراج السينمائي ألفريد هيتشكوك استلهم قصة غرام كابا مع نجمة هوليوود الألمانية إنغريت بيرغمان لإخراج فيلمه الشهير "نافذة على الفناء".

من هو روبرت كابا ولماذا شده رعب خمس حروب وثقها في مئات الصور؟ هل صورة "الجندي المجهول" التي التقطها في الحرب الأهلية الإسبانية ما زالت مرسومة في مخيلاتنا، وهل كانت هذه الصورة التي تحولت مع الوقت إلى شعار لحركات السلام في جميع أنحاء العالم مفتعلة كما يقول البعض؟

من بودابست إلى برلين

في عام 1931 دفع الحماس للمغامرة شابا في السابعة عشرة من عمره يدعى إندري إرنو فريدمان للخروج إلى شوارع بودابست من أجل المشاركة في المظاهرات الطلابية التي شهدتها العاصمة الهنغارية ضد نظام ميكلوش هورثي الديكتاتوري. بالطبع اعتقلت السلطات الهنغارية الشاب وبعد الإفراج عنه قرر الرحيل إلى برلين. وفي عاصمة الرايخ الثالث المستقبلية عمل الشاب كمساعد في أحد مختبرات التصوير. عام 1932 كان بداية التحول التي شهدته حياته المهنية بعد أن تمكن من التقاط صورة للثوري الروسي المهاجر تروتسكي في كوبنهاغن. بالطبع رحبت الصحافة الألمانية بهذه الصورة وقامت الصحيفة البرلينية "برلينر تاغيس بلات" بنشرها لتكون بداية مشوار الشاب كمصور صحفي. وصل النازيون في ألمانيا إلى الحكم عام 1933، الأمر الذي قاد المصور اليهودي الأصل للهجرة إلى باريس. وفي العاصمة الفرنسية عمل لوكالة "لليانس فوتو" ولمجلة "لايف". وفي عام عام 1936 انتحل الاسم المستعار روبرت كابا.

كيف تنتصر إرادة الفرد على جبروت الحرب

صحيح أن كابا صوّر خمس حروب في ثلاث قارات وكان دائما أقرب القريبين إلى ويلات الحرب ورعبها، ولكنه كما يقول كاتب سيرته ريشارد فيلان كان دائما يقف إلى جانب ضحايا هذه الحروب ويحاول في صوره تشخيص آلام المدنيين وترجمتها إلى الأسود والأبيض. ويكتب فيلان في سيرة كابا الذاتية "..... إن أهمية جزء كبير من صور كابا تعود إلى إظهارها لكيفية انتصار إرادة الفرد على جبروت الحرب ورعبها".

هل صورة "الجندي المجهول" مفتعلة ؟

Robert Capa Fotoausstellung in Berlin
لوحة للمصور الأسطورة كاباصورة من: AP

لكن هذه الاستقامة والتعاطف مع الضعيف تحوم حولها الشكوك. وقبل كل شيء بخصوص صورة "الجندي المجهول" التي التقطها كابا في الخامس من سبتمبر عام 1936 أثناء الحرب الأهلية الأسبانية بالقرب من قرطبة. هل كانت هذه الصورة مفتعلة أم أنه استطاع بالفعل تثبيت جندي مخلص في لحظة سقوطه. هذه الصورة لا تقل أهميتها في فن التصوير الفوتوغرافي عن أهمية لوحة بيكاسو "غويرنيكا" في فن الرسم. إنها رمز الحرب الأهلية الإسبانية وشعار حركات السلام في جميع أنحاء العالم، ولكن هل هذه الصورة حقيقية؟

اختفت الصورة ذات الحجم الصغير فور طباعتها والنيجاتيف الأصلي كذلك. يقول كثير من المصورين الصحفيين أن كابا كان في هذا اليوم بمكان آخر في أسبانيا. بقيت الشكوك تحوم حول مصداقية الصورة إلى أن ظهر في عام 1996 جندي أسباني متقاعد شارك في الحرب الأهلية الإسبانية وأكد أن هذا الجندي اسمه فيديريكو بوريل غارسيا وأنه سقط فعلا في الخامس من سبتمبر عام 1936 في الحرب المذكورة. أما مؤرخ كابا فيلان فلديه قرائن أخرى تدل على أن هذه الصورة حقيقية. يقول الكاتب إن الأوضاع كانت هادئة على جبهة الحرب تلك الأيام، ولهذا بدأ الجنود يلهون ويحاولون تمثيل وقفات أمام عدسة كابا كي يستطيع التقاط صوره، وفجأة شن الخصم هجوما مباغتا ليتحول المزاح والهزل إلى حرب حقيقية. وفي هذه اللحظة صوب كابا عدسته على الجندي واستطاع تصويره أثناء سقوطه. وحسب فيلان فإن كابا شعر بتحمل المسؤولية عن مقتل الجندي.

ناصر جبارة