هل ما يزال العراق على سلم أولويات واشنطن؟ – DW – 2012/2/10
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل ما يزال العراق على سلم أولويات واشنطن؟

Mulham Shaalan١٠ فبراير ٢٠١٢

أثار تصريحات واشنطن المتضاربة بشأن نيتها إعادة النظر في طاقم سفارتها الضخم في بغداد، تساؤلات كثيرة. فهل تسعى إدارة اوباما إلى إعادة صياغة علاقتها مع بغداد وسط معارضة داخلية لطبيعة هذه العلاقة وحدوث مستجدات إقليمية كثيرة؟

https://p.dw.com/p/141U1
صورة من داخل جدارية لوجه صدام حسين في 2003صورة من: AP

نشرت وسائل الإعلام مؤخرا تصريحات نسبت لمصادر رسمية أمريكية أن واشنطن تنظر في تقليص عدد الموظفين في سفارتها ببغداد إلى النصف، حيث يوجد ـ حسب تقارير صحفية عدة ـ نحو 14 ألف موظف في السفارة، ونحو 2000 دبلوماسي، تبلغ نفقاتهم السنوية نحو 6 مليار دولار. وهذا رقم كبير جدا، حتى أن مجلة فانيتي فير أطلقت على السفارة لقب "حصن بغداد الهائل".

ربما كانت خطط الولايات المتحدة بشأن العراق تسير في هذا الاتجاه حين بدأ مشروع "تحرير العراق" وجعله قاعدة للديمقراطية في المنطقة ينطلق منها ما عرف بمشروع "الشرق الأوسط الجديد"، لكن إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما - كما تشير المعطيات ـ انصرفت عن المشروع بصيغته القديمة، بعد أن بدأت ملامح الشرق الأوسط الجديد تتشكل في المنطقة بفعل تتابع ثورات "الربيع العربي".

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية فيكتوريا نولاند قالت هذا الأسبوع" إن الوزارة لا تنظر في تخفيض عدد الدبلوماسيين بمقدار النصف، غير أنها أكدت أن المسئولين "ينظرون في كيفية تقليص عدد موظفي سفارتنا في العراق". ولم تستبعد تقليص عدد الدبلوماسيين أيضا. من جانبه قال توماس نايدز، نائب وزيرة الخارجية لشئون الإدارة والموارد في تقرير خاص: "على عكس بعض التقارير الإخبارية، نحن لا نقوم بتقليص عملياتنا بنسبة 50". لكنه أعرب عن أمله بأن "نكون خلال الأشهر القليلة المقبلة قادرين على تقليص حجمنا، من خلال تقليص اعتمادنا على المتعاقدين…إننا ندين بذلك إلى دافعي الضرائب لدينا".

هذا التطور يرتبط بالطبع بتطورات مهمة تجري في المنطقة عربيا وإقليميا، ويثير أسئلة كبيرة عن شكل علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بالعراق في المرحلة القادمة.

رسالة إلى الحكومة العراقية وورقة ضغط عليها

الكاتب والناشط في مجال حقوق الإنسان، عباس النوري، في حديث مع برنامج "العراق اليوم" من "دي دبليو عربية" ذهب إلى القول إن الإدارة الأمريكية حين تخطط لأمر ما لا تكشف عن تفاصيل كل المخطط، وعلينا أن لا ننسى أن الولايات المتحدة سبق أن طلبت منح الحصانة القانونية ل 3000 عسكري أمريكي يتولون تدريب القوات المسلحة العراقية، والعراق رفض منحهم هذه الحصانة، وقد يكون هذا سببا لمراجعة الولايات المتحدة لحجم سفارتها في العراق".

واستعرض النوري معطيات وأرقام عن حجم السفارة الأمريكية في العراق، مشيرا إلى أن " السفارة بنيت بتكاليف وصلت إلى 750 مليون دولار، وأقيمت على مساحة قدرها 104 هكتار، وعدد الدبلوماسيين فيها 2000 شخص، والمتعاقدين الأجانب من غير الدبلوماسيين 14 ألف، فإذا كان الحديث عن مجرد خفض للتكاليف من جانب الولايات المتحدة ، فهذا بحث آخر، لكن في تصوري أن هذا الإجراء هو رسالة إلى الحكومة العراقية بان أمريكا قد تتخلى عن القضية العراقية ما لم تتبنى الحكومة مواقف صديقة ومتقاربة معها، فوجود 14 ألف عنصر أمني أمريكي لهم دور كبير في حماية المنطقة الخضراء".

رئيس المجموعة العراقية للدراسات الإستراتيجية د. واثق الهاشمي انضم من بغداد إلى حوار مجلة "العراق اليوم" من "دي دبليو عربية"، وذهب إلى القول" منذ تولى الرئيس الأمريكي اوباما مسؤولياته وبعد نتائج الربيع العربي، ما عاد العراق على سلم أولويات الولايات المتحدة الأمريكية، فالأخيرة تنسق أوراقها فيما يسمى بالربيع العربي الآن، وأعتقد أن هذا الإجراء يأتي كورقة ضغط على الحكومة العراقية والكتل السياسية المتناحرة بعد الانسحاب الأمريكي. والمسألة الثانية تتعلق بضغط القوى السياسية العراقية على الولايات المتحدة لاستخدامها طائرات مسيرة (بدون طيار) في مراقبة أجواء العراق، وتوظيفها أكثر من 300 عربة مصفحة لتنقلات منتسبي سفارتها وطاقمهم الأمني في العراق ، وهو أمر تعتبره الكتل السياسية تدخلا سافرا ينتهك السيادة الوطنية".

JAHRESRÜCKBLICK 2003 APRIL IRAK USA
لحظة سقوط نظام صدام حسين: التباس العلاقة بين الولايات المتحدة والعراقصورة من: AP

ظروف المنطقة تؤثر في العلاقة بين العراق وبين أمريكا

ولا يمكن لمراقب المشهد أن يتجاهل ما يجري في المنقطة العربية وفي الجوار الإقليمي للعراق، فالخطاب الأمريكي لإيران يتسم اليوم بتصعيد خطير، تستجيب له إيران بتهديد بإغلاق ممرات الملاحة الدولية في الخليج، كما أن ما يجري في سوريا يؤثر إلى حد كبير في العلاقة بين سوريا وإيران والعراق، الذي تريده الولايات المتحدة ظهيرا لها في المنطقة، وهي رغبة لا تستجيب لها الحكومة العراقية حتى الساعة بما يكفي من الايجابية، بل ان عباس النوري ذهب إلى القول" إن تقليص الولايات المتحدة لحجم سفارتها في العراق هو استباق لضربة محتملة قد توجهها لإيران، وذلك لكي لا تكون السفارة في متناول أي هجوم إيراني على غرار ما حصل في إيران عشية قيام الثورة الإسلامية" حين قام الثوار باحتلال السفارة واحتجاز منتسبيها كرهائن لمدة 444 يوما انتهت بنهاية رئاسة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر وكانت سببا في عدم إعادة انتخابه. ويرى د. الهاشمي " أن احتمالات ضربة أمريكية لإيران والتغيرات في سوريا تشكل ضغطا على موقف العراق الذي يحاول أن يبتعد عما يحدث".

ضمن هذا السيناريو المتشابك، يثار سؤال مهم مفاده: لو قررت الإدارة الأمريكية طي الملف العراقي وانسحبت تماما من المشهد، فما شكل الدور التركي الإيراني في العراق؟

الكاتب عباس النوري أجاب عن هذا السؤال بالقول" لا يمكن أن تغيب الولايات المتحدة تماما عن المشهد العراقي، فهناك معاهدة إستراتيجية بين البلدين، من أهم بنودها أن الولايات المتحدة تتعهد بالدفاع عن العراق عسكريا في حال تعرضه لأي ضربة أو عدوان، وإذا عدنا إلى كل ما بذلته الولايات المتحدة في العراق، نجد أنها لم تفعل ذلك حتما حبا بسواد عيون العراقيين، وليس لمرحلة قصيرة تنتهي بانتهاء الظرف، لكن الموقف الشعبي العراقي الرافض للوجود الأمريكي وضع الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية في حرج دفعهما إلى توقيع اتفاقية خروج القوات الأمريكية من العراق".

"أمريكا حين جاءت إلى العراق لم تأت كمنظمة إنسانية"

المستمع أبو علي من بغداد لايرى إمكانية تقليص أو إنهاء الولايات المتحدة لعلاقتها بالعراق، مشيرا إلى أن "كل ما يقال بهذا الشأن هو تكتيك مرحلي، فالولايات المتحدة حين جاءت للعراق جاءت تبحث عن مصالحها السياسية والاقتصادية، وبسبب الموقع العراق الاستراتيجي في الشرق الأوسط، وهي لذلك لا يمكن أن تترك العراق".

صديق البرنامجـ المستمع ماجد في اتصال من البصرة أشار إلى أن" الجميع يعرفون أن الولايات المتحدة هي القطب الأوحد في العالم ، وهي إن قلصت من وجودها في العراق أو لم تفعل ذلك، فإن المنطقة برمتها تحت خيمتها، وهي حين جاءت إلى العراق لم تأته كمنظمة إنسانية تنقذه من كارثة طبيعية على سبيل المثال، بل هي جاءت لأجل البترول".

أما المستمع أبو احمد من بغداد، فذهب إلى القول " إن التصريحات التي نسمعها من الإدارة الأمريكية والحكومة العراقية عبارة عن مسرحية مملة، لأن الحقيقة الشاخصة هي أن من يرضى بالاحتلال يرضى بقراراته، والجماعة ( الساسة العراقيون) هم رجال الاحتلال".

ملهم الملائكة

مراجعة: عبده جميل المخلافي