ألمانيا تحتضن أكبر مجمّع في العالم لتفكيك المفاعلات النووية – DW – 2009/12/29
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا تحتضن أكبر مجمّع في العالم لتفكيك المفاعلات النووية

٢٩ ديسمبر ٢٠٠٩

يوجد في العالم عشرات المفاعلات النووية, وتكلف عملية تفكيك كل مفاعل حوالي 500 مليون يورو. لذا يطالب بعض المنتقدين بإغلاق المفاعلات النووية في ألمانيا لعشرات السنين حتى تخلو من الإشعاع النووي ومن ثم تفكيكها.

https://p.dw.com/p/LFkL
المفاعل النووي لوبمين، أكبر مفاعل في ألمانيا الشرقية سابقا، الذي تم هدمه في عام 1990صورة من: picture-alliance/ dpa

قررت الحكومة الألمانية قبل سنوات الاستغناء عن المفاعلات النووية لتوليد الطاقة الكهربائية. لكن حتى ولو نُزعت قضبان الوقود النووي من من هذه المفاعلات، فإنها تبقى ملوثة بالإشعاعات التي تشكل خطرا على الصحة العامة. لذلك لا بد من تفكيك كل أجزاء المفاعل النووي وتخزينها بشكل آمن. هذا ما يحدث حاليا مع المفاعل النووي الوحيد الذي بنيَ في ألمانيا الشرقية سابقا بالقرب من مدينة غرايفسفالد Greifswald وتقرر تفكيكه.

فعلى بعد كيلومتر واحد من مدينة Lubmin الساحلية يوجد ساحة مليئة بالكتل الخرسانية الضخمة وعليها أكوام من الحديد الصدئ، هي كل ما تبقى من المفاعل النووي. وبالقرب من أطلال المفاعل شيدت قاعات ضخمة وأحيطت بسور مرتفع من الأسلاك الشائكة. هذا البناء هو المخزن النووي المؤقت لمنطقة الشمال. في القاعات العملاقة وضعت قضبان الوقود النووي ذات الإشعاع القوي، إضافة إلى الأجزاء الأقل إشعاعا في انتظار تفكيكها وتخزينها بشكل مؤقت.

70 سنة حتى يقل إشعاع المفاعل

Bildgalerie Atomkraft in Deutschland Brand in Atomkraftwerk Krümmel
المفاعل النووي "كرومل" الذي توقف العمل فيه بسبب اندلاع حريق.صورة من: AP

يحمل يواخيم جريب ، العامل المسؤول في المخزن المؤقت، جهازا لقياس الإشعاع النووي، إضافة إلى ارتدائه ملابس خاصة تغطيه من رأسه إلى أخمص قدميه فوق ملابسه وحذائه كي لا يعرض نفسه لخطر الإشعاع النووي. في البداية كان جريب عاملا في المفاعل النووي منذ عام 1977 وبعد قرار إغلاقه في عام 1990 صار يعمل مع المؤسسة الحكومية المسؤولة عن تفكيكه. وعن مهامه الجديدة يقول "إن الأمر تطلّب بعض الوقت كي نستوعب نحن الذين كنا نشغل المفاعل النووي أن نقوم بتفكيكه بأنفسنا. لكننا تعايشنا مع الواقع الجديد وقلنا إننا أفضل من يعرف هذا المفاعل. فهنا قضينا القسم الأكبر من عمرنا، والآن نتولى تفكيكه على الوجه الصحيح".

كانت تعمل هنا خمسة مفاعلات ضغط مياه لتوليد الطاقة الكهربائية تم صنعها في الاتحاد السوفيتي سابقا. واليوم وبعد خمسة عشر عاما على توقفها عن توليد الكهرباء فإن العمل فيها مازال غير ممكن بدون تعريض صحة العاملين للخطر. لذا تبدو المفاعلات النووية الآن كالجثث الهامدة. ويبلغ وزن كل منها 230 طنا لأن جدرانها مصنوعة من الحديد الصلب. وسيحتاج الأمر إلى بقائها على هذه الحال لسنوات أخرى كما يقول جريب "يبقى المفاعل على هذه الحال لمدة 50 إلى 70 عاما. بعد ذلك يقل الإشعاع النووي ويمكن تفكيكه".

500 مليون يورو تكلفة تفكيك مفاعل

Radioaktive Brennstäbe im Kernkraftwerk Philippsburg
قضبان الوقود النووي تحتاج الى 70 عاما كي يقل إشعاعها النووي قبل البدء بتفكيكها.صورة من: picture alliance/dpa

في مكان آخر من القاعة توجد الصهاريج الحديدية العملاقة التي كانت تستخدم لإنتاج البخار. إلا أنها غير مشعة كالمفاعلات النووية، لذا يمكن تفكيكها كما يقول جريب "هذه الصهاريج تنتظر أن تتم معالجتها بالمنشار الحديدي العملاق لتقطيعها إلى قطع يسهل نقلها بحيث لا يتجاوز حجمها مترا في متر ولا يزيد وزنها عن 500 كيلوغرام". هذا المنشار موجود في قاعة مغلقة ويتم التحكم فيه عن بعد. وعن المدة التي يحتاجها العمال لنشر صهريج بخار إلى قطع صغيرة يقول جريب "نحتاج إلى حوالي ستة شهور، لأن سُمك جدار الصهريج يبلغ 20 سنتيمترا". وبعد ذلك توضع القطع الصغيرة في براميل تصل سعتها إلى 500 ليتر. وهي مصنوعة من الحديد المخلوط بالرصاص الذي يتم تغطيته بطبقة من الخرسانة ثم بطبقة أخرى من الحديد لمنع تسرب أشعة غاما.

ابتداء من عام 2015 سَيُبدأ بنقل هذه البراميل بمحتوياتها المشعة إشعاعا ضعيفا ومتوسطا إلى أنفاق على عمق مئات الأمتار تحت الأرض في منطقة Salzgitter القريبة من مدينة Braunschweig. هناك يوجد المخزن النهائي الوحيد في ألمانيا للنفايات النووية. أما قضبان الوقود النووي فستبقى لعشرات السنين الأخرى في المخزن النووي المؤقت، قبل أن يجرؤ العمال على الاقتراب منها لتفكيكها.

إذن هذه العملية مضنية ومكلفة، وتصل إلى 500 مليون يورو لتفكيك كل مفاعل نووي. وألمانيا فيها سبعة عشر مفاعلا نوويا مازالت تعمل، لذا يطالب البعض بالتوقف عن تفكيك المفاعلات النووية في المستقبل، والاكتفاء بإغلاقها لعشرات السنين حتى لا تعود مشعة ومن ثم تفكيكها. إلا أن ديتر ريتشر، مدير شركة كهرباء الشمال، يرى أن التكنولوجيا الألمانية وجدت الحل الأمثل للتخلص من المفاعلات النووية المشعة بحيث يسود الآن في العالم الاعتقاد "بإمكانية تفكيك المفاعلات النووية بدون مشاكل. وهذا طبعا بفضل مساهمتنا في هذا المجال".

الكاتب: فران غروتليشن/ عبد الرحمن عثمان

مراجعة: طارق أنكاي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات