أيّ تأثير لتشريعات الحظر الإسرائيلية على عمل الأونروا؟ – DW – 2024/10/29
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أيّ تأثير لتشريعات الحظر الإسرائيلية على عمل الأونروا؟

٢٩ أكتوبر ٢٠٢٤

تجد الأونروا نفسها في أصعب فترة على مدار تاريخها، فبعد مقتل عدد من موظفيها، ووقف تمويلها، أقر الكنسيت قانونا يحظر عملها داخل إسرائيل. فما الآثار المتوقعة لهذا القرار وخاصة على عمل الوكالة في المناطق الفلسطينية؟

https://p.dw.com/p/4mLUU
الجيش الإسرائيلي في  مقر الأونروا في غزة، أرشيف (08.02.2024).
الجيش الإسرائيلي في مقر الأونروا في غزةصورة من: JACK GUEZ/AFP/Getty Images

واجهت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تهديدات لوجودها منذ عقود، تراوحت ما بين نقص التمويل المزمن، إلى اتهامات المسؤولين الإسرائيليين بأنها تساهم في تهجير الفلسطينيين.

لكن التهديد أخذ بعدا جديدا، إذ مرر نواب الكنيست بداية هذا الأسبوع قانونين لمنع الأونروا من العمل داخل الأراضي الإسرائيلية، بعد مزاعم "بأن موظفي الوكالة كانوا متورطين في هجمات إرهابية بتاريخ 7 أكتوبر 2023". المنع من شأنه أيضًا أن يحدّ بشكل كبير من قدرة الأونروا على العمل في غزة والضفة الغربية المحتلة من قبل إسرائيل.

قام أعضاء الكنيست من حزب "يسرائيل بيتنا" اليميني وحزب الليكود الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتقديم مشروع هذه القوانين.

ما تأثير هذه القوانين؟

تنص القوانين التي أقرها الكنيست، على منع السلطات الحكومية من التواصل مع الأونروا، وتحظر فعليًا عمل الوكالة الأممية داخل الأراضي الإسرائيلية وتلك التي تسيطر عليها، بما فيها القدس الشرقية المحتلة، عبر إلغاء الاتفاقية المبرمة في عام 1967 بين إسرائيل والأونروا، وهي الاتفاقية التي سهلت عمليات الوكالة في إسرائيل والمناطق الفلسطينية.

من المتوقع أن تؤدي التشريعات إلى إغلاق مقر الأونروا في القدس الشرقية المحتلة، الذي يعد المركز الإداري لجميع أنشطتها في المناطق الفلسطينية. ووفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، سيتم تحويل المباني إلى مساكن.

تعني سياسة عدم الاتصال أن إسرائيل لن تصدر بعد الآن تصاريح عمل ودخول للموظفين الدوليين، وكذلك المحليين، وغالبيتهم من الفلسطينيين، للأونروا، ولن تسمح بأي تنسيق لهذه الوكالة مع الجيش الإسرائيلي. هذا التنسيق ضرروي للغاية لأجل إدخال المساعدات إلى قطاع غزة المحاصر، عبر المعابر، سواء منها المعابر من إسرائيل إلى القطاع، أو حتى معبر رفح الحدودي مع مصر، الذي تسيطر عليه إسرائيل حاليًا.

ذكرت منظمة الحقوق الإنسانية الإسرائيلية-الفلسطينية "عدالة" في رسالة إلى المدعي العام الإسرائيلي والمستشار القانوني للكنيست: "أنّ أنشطة الأونروا تعتمد في الأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل كبير على التنسيق المستمر مع السلطات الإسرائيلية في جميع جوانب عملياتها."

ويشمل هذا التنسيق إنشاء مقرات العمليات، والحصول على التأشيرات والإقامة وتصاريح العمل للموظفين والتنسيق مع السلطات العسكرية في كل ما يتعلق بالعمليات التشغيلية للوكالة.

ما هو تفويض الأونروا؟

تم إنشاء الأونروا في عام 1949 بتفويض مؤقت لرعاية اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم خلال وبعد حرب 1948 العربية الإسرائيلية، عندما هاجمت عدد الدول العربية إسرائيل بعد إعلان نشأتها. فر أو أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على مغادرة منازلهم، فيما عُرف بالنكبة، الكثير من هؤلاء يعتبرون عديمو الجنسية إلى الآن.

وتحصي الوكالة وجود أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين في قوائمها، حوالي 2.5 مليون منهم موجودون في قطاع غزة والضفة الغربية، والنسبة الأكبر المتبقية توجد أولاً في الأردن، ثم في سوريا ولبنان.

بدأت الوكالة الأممية بالعمل في عام 1950 وأصبحت دائمة لعدم وجود اتفاق سياسي لعودة الفلسطينيين المهجرين. تقدم الوكالة خدمات أساسية لملايين اللاجئين الفلسطينيين المسجلين وأبنائهم في غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، والأردن، ولبنان، وسوريا. تدير الوكالة مخيمات للاجئين ومدارس ومراكز صحية، كما تقدم وظائف للآلاف الفلسطينيين.

كيف أثرت الحرب على عمل الأونروا؟

قام المسؤولون الإسرائيليون وجماعات الضغط بحملات ضد الأونروا منذ فترة طويلة قبل الادعاءات الأخيرة. كما قامت عدة دول بتعليق تبرعاتها للوكالة الأممية في أوائل عام 2024 بعد أن زعمت إسرائيل أن بعض موظفيها كانوا متورطين في هجوم السابع من أكتوبر.

أطلقت الأمم المتحدة تحقيقًا في الاتهامات الإسرائيلية وأقالت تسعة موظفين. بيد أن دولا مانحة عديدة استأنفت التمويل منذ ذلك الحين، لكن النواب الإسرائيليين يصرون على إنهاء تفويض الأونروا بالكامل.

من بين موظفي الوكالة البالغ عددهم 30 ألفا، يعمل 13 ألف شخص في قطاع غزة، موزّعين على أكثر من 300 منشأة موجودة على مساحة 365 كيلومترا مربّعا، وفقا لموقع الوكالة على الإنترنت.

وتكبدت الأونروا خسائر فادحة مع مقتل 223 من موظفيها على الأقل وتضرر أو دُمّر ثلثا مرافقها في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب. كما لم تستأنف الولايات المتحدة تمويل الأونروا، بعد تعليق التمويل في بداية الحرب، عكس بقية الممولين الدوليين.

وخلال الحرب، استهدف الجيش الإسرائيلي بشكل متكرر مدارس الأونروا حيث لجأ الفلسطينيون المهجرون، مدعيا أنها تستخدم كمراكز قيادة لحركة حماس، كما اتهم مقاتلي الحركة بالاختباء بين المدنيين. وفي فبراير/شباط، ادعت إسرائيل أنها اكتشفت مركز مجهزا بالحواسيب تحت الأرض تابع لحماس، أسفل مقر الأونروا في غزة، لكن الوكالة الأممية نفت هذه الادعاءات.

يوم الجمعة الماضي، ذكر الجيش الإسرائيلي أن قياديا كبيرًا في حماس، كان مسؤولًا عن اختطاف وقتل إسرائيليين، عمل موظفًا في الأونروا منذ عام 2022. أكدت الوكالة من جانبها أنه كان بالفعل أحد موظفيها.

ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

هل هناك ضغوط إسرائيلية سابقة؟

اتهمت إسرائيل بشكل متكرر الأونروا بـ"التحريض على الكراهية ضد إسرائيل في مؤسساتها التعليمية وفي الكتب الدراسية التي تدرس في مدارس الوكالة". واجهت الأونروا اتهامات إسرائيلية بأن سياساتها التي تمنح صفة لاجئ لأبناء الجيل الأول من اللاجئين، وليس فقط للجيل الأول، من شأنه الإسهام في استمرار النزاع و"تغذية فكرة حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم".

عمال داخل مقر الأونروا في رفح.
عمال داخل مقر الأونروا في رفح.صورة من: Abed Rahim Khatib/dpa/picture alliance

لكن مراقبين يؤكدون من جانبهم، أنه ليست الأونروا هي التي تديم النزاع، بل غياب عملية السلام والتسوية السياسية التي توفر حلاً عادلاً للاجئين الفلسطينيين وأبنائهم.

ما هي ردود الفعل المحلية والدولية؟

انتقدت معظم الدول المانحة للأونروا هذا التشريع، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي والعديد من المنظمات الإنسانية. يوم الأحد، أصدر وزراء خارجية كندا وأستراليا وفرنسا وألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية والمملكة المتحدة بيانًا مشتركًا يعرب عن "قلقهم البالغ" بشأن مسودة التشريع في الكنيست، كما حذر مجلس الأمن من إقرار هذه التشريعات.

وقال ممثل الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الاتحاد الأوروبي "يشارك القلق بأن هذا المشروع، إذا تم تبنيه، سيؤدي إلى عواقب كارثية".

كما صرح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن تمرير القانون سيكون "كارثة". وصرح سابقا: "وسط كل هذه الاضطرابات، أصبحت الأونروا (وكالة) لا بديل لها ولا غنى عنها".

وبعد تمريره، انتقدت الحكومة الألمانية التشريع الإسرائيلي، وقالت مفوضة سياسة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية لويز أمتسبرغ إن هذه الخطوة "ستجعل عمل الأونروا في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية مستحيلا... بما يعرّض للخطر المساعدات الإنسانية الحيوية لملايين الأشخاص".

وأدانت السلطة الفلسطينية التشريع الإسرائيلي، وقال المتحدث باسم السلطة الفلسطينية نبيل أو ردينة، إن الخطوة "تنتهك القانون الدولي وتشكل تحديا لقرارات الأمم المتحدة التي تمثل الشرعية الدولية"، فيما طالبت حركة حماس "المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتخاذ مواقف حازمة ضد إسرائيل".

وأوضحت منظمة الحقوق الإنسانية المستقلة "عدالة"، ومقرها حيفا، أن هذه القوانين من شأنها أيضاً أن تنتهك القانون الدولي، وأن تقييد أنشطة الأونروا في غزة سينتهك الإجراءات المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية في يناير/ كانون الثاني 2024 ومرة أخرى في مارس/ آذار 2024 لتسهيل توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية.

تانيا كريمر (أ ف ب)

أعده للعربية: ع.ع 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد