إشكالية تثير حساسيات.. أوروبا بحاجة إلى "اقتصاد الحرب"؟ – DW – 2023/6/4
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

إشكالية تثير حساسيات.. أوروبا بحاجة إلى "اقتصاد الحرب"؟

٤ يونيو ٢٠٢٣

مع استمرار تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا والحديث عن عمليات استحواذ وضوابط على الأسعار والحاجة للتسلح، طالب مسؤول أوروبي بالانتقال إلى "اقتصاد الحرب"، فماذا يعني ذلك؟ وما إشكالية استخدام هذا المصطلح وحساسيته؟

https://p.dw.com/p/4S1QA
مع استمرار الحرب، باتت أوكرانيا في حاجة إلى تسليح أكبر مما توفره الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحالي
مع استمرار الحرب، باتت أوكرانيا في حاجة إلى تسليح أكبر مما توفره الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الحاليصورة من: Diego Herrera Carcedo/AA/picture alliance

  على وقع استمرار الحرب الروسية في أوكرانيا  وتداعياتها الاقتصادية، برز على السطح في الآونة الأخيرة مصطلح "اقتصاد الحرب" أو "اقتصاد زمن الحرب" ليعيد إلى الأذهان حقبة زمنية مظلمة من الماضي البعيد حيث كانت أولوية الاقتصاد والإنتاج الصناعي بشكل كامل لصالح الغرض الحربي.

بدأ مفوض  الاتحاد الأوروبي  تيري بريتون في استدعاء هذا المصطلح بين الفنية والأخرى منذ مطلع مارس / آذار الماضي حيث يسعى إلى زيادة وتيرة تنفيذ قرارات الاتحاد الأوروبي  لزيادة تصنيع الذخيرة والأسلحة سواء لتسليح أوكرانيا أو إعادة ملء ترسانة الأسلحة في الدول الأوروبية.

وقام المسؤول الأوروبي بجولة داخل عدد من مصانع ومنشآت تصنيع الأسلحة في جميع أنحاء التكتل الأوروبي حيث سمع تذمر حيال عدم إبرام عقود طويلة الأجل رغم قرارات الاتحاد الأوروبي الرامية إلى زيادة التمويل وتقليل قيود المشتريات المشتركة، إلا أنه يعتقد أن العملية تسير ببطء شديد.

وتحدث بريتون عن ذلك على نحو صريح في مؤتمر صحافي مطلع الشهر الجاري، قائلا: "عملية التأخير لا تتماشى مع احتياجاتنا العاجلة، لذلك أقول بشكل واضح إنه يتعين دفع القاعدة الصناعية ونقلها إلى اقتصاد زمن الحرب إذا سمحت لي بوصفها بهذه العبارة".

الموافقة ليست بعد

ويقول خبراء إن بريتون يبدو أنه لم يتشاور مع جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي للسماح له بالتحدث بهذا الشكل عن "ضرورة الانتقال إلى اقتصاد زمن الحرب".

ومن المتوقع أن تكون دول أوروبية تشعر بالحساسية تجاه هذا المصطلح خاصة ألمانيا حيث يرى سفيرها في بولندا توماس باغر أن نهج بريتون غير مثمر.

وقال الدبلوماسي الألماني في مؤتمر في استونيا في وقت سابق من هذا الشهر "لن يكون هناك ردا إيجابيا على مصطلح اقتصاد الحرب في ألمانيا. انها ليست الطريقة الصحيحة لحشد الجهود."

بدوره، اعتبر إدوارد لوكاس، الزميل في مركز تحليل السياسة الأوروبية، رد فعل باغر متوقعا، قائلا إن "كل دولة تمتلك تفسيرات خاصة لهذا المصطلح".

وأضاف "اقتصاد الحرب بشكل الحقيقي يعني تفقد رجال مسلحون المصانع والسيطرة عليها وتحويل إنتاجها إلى انتاج المزيد من الأسلحة. لا أعتقد أن أي شخص في أوروبا يقترح ذلك، رغم أن روسيا قد اتخذت بالفعل بعض الخطوات في هذا المسار".

وفي مقابلة مع DW، أشار لوكاس إلى أن هذا المصطلح يرتبط في ألمانيا "بسيطرة النازية على الاقتصاد مع ما نجم عن ذلك من معاناة كبيرة وإساءة معاملة العمال واستبعادهم. أن الأمر يشبه القول بأن هناك حاجة إلى رفع وتيرة المزارع في الولايات المتحدة، فلن يكون ذلك دليلا فورا على الإنتاجية بل سيكون علامة على أحلك فترة في التاريخ الأمريكي وهي فترة بناء المستوطنات خلال الاستعمار الأوروبي للأمريكتين. لا أعتقد حل المشكلة الراهنة يكمن في إطلاق مثل هذه الشعارات إذ يمكن حل الأزمة من خلال إجراء مفاوضات جادة واتخاذ قرارات تنظيمية مالية صعبة تؤدي إلى النتيجة المرجوة."

التصعيد الخطابي

من جانبه، قال بن تاليس، الخبير في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحدث في السابق عن "اقتصاد الحرب"، لكن دون اتخاذ إجراءات دراماتيكية بموجب هذا المصطلح، مضيفا "سيخلق هذا الكثير من التداعيات وسينجم عنه سيطرة كبيرة من الدولة على الاقتصاد وقد يعني ذلك تقنين أنواع مختلفة الأمر الذي من شأنه أن يرسل إشارة خطيرة للشعوب الأوروبية، لكن لا أعتقد أن الجيل الحالي من السياسيين في أوروبا الغربية على استعداد للقيام بهذا الأمر".

لكن خبراء يقولون إنه من الضروري بعث رسالة عاجلة إذا أراد الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو" البدء في إطلاق آلية تصنيع الأسلحة.

وفي هذا السياق، قالت ناتالي توتشي، مديرة معهد الشؤون الدولية في إيطاليا، إنها تتفهم السبب وراء قيام بعض مسؤولي الاتحاد الأوروبي  بالحديث عن مصطلح "اقتصاد الحرب"، مضيفة "أنهم في حاجة إلى سد فجوة كبيرة حيال تصور التهديد التي تواجه أوروبا بهدف إقناع الدول الأعضاء التي تقع على مسافة بعيدة عن خط المواجهة، بـأنه يتعين عليها إنفاق المزيد على الصناعات الدفاعية لتسليح  أوكرانيا  بدلا من إنفاق الأموال [على القضايا المحلية]".

من جانبه، قال وزير دفاع أستونيا هانو بيفكور إنه بلاده ليست في حاجة إلى إعلان "اقتصاد الحرب" حيث أنها كرست أكثر من 1٪ من ناتجها المحلي الإجمالي لمساعدة أوكرانيا.

يعارض السفير الألماني في بولندا فكرة إعلان "اقتصاد زمن الحرب"
يعارض السفير الألماني في بولندا فكرة إعلان "اقتصاد زمن الحرب"صورة من: Arno Mikkor / ICDS

وقال في مقابلة مع DW "لسنا في حاجة إلى التحدث عن ذلك على وجه الخصوص إذ نرى التهديد ونقول إن كل فرد في أوروبا يجب أن يدرك حقيقة مفادها أن روسيا تمثل تهديدا وجوديا".

ويتفق في هذا الرأي المؤرخ العسكري سلومير دبسكي الذي يدير  المعهد البولندي للشؤون الدولية، مؤكدا أنه لا يرى أن إعلان "اقتصاد الحرب ضروري على الاقل في الوقت الراهن".

وسخر في مقابلة مع DW من أن بعض السياسيين الحاليين لا يدركون معنى "اقتصاد الحرب"، مضيفا "في عام 1942، كانت الولايات المتحدة قادرة على إنتاج سفن كبيرة في فترة لا تتجاوز 14 يوما بدلا من عامين. هذا معنى اقتصاد الحرب، لكننا لم نصل حتى الآن إلى هذا المرحلة وليس هناك حاجة لدفع اقتصادنا إلى ذلك النموذج."

وقال إنه بدلا من التخلي عن هذا المصطلح، يتعين على الساسة الشروع في شرح ماذا يعني "اقتصاد الحرب"؟

وأضاف "أوكرانيا تقاتل من أجل حريتنا جميعا ولا أعتقد أن أصداء هذه الرسالة قد وصلت إلى كافة دول أوروبا الغربية. الأوكرانيون يحولون دون تعرضنا للاعتداء. إذا رأينا الأمر على هذا النحو، فعندئذ يجب أن يكون هذا هو صراعنا الذي يجب أن ننتصر فيه. أعتقد أنه من الصواب البدء في تهيئة أذهان الناس  لقبول ذلك".

لكن السفير الألماني في بولندا توماس باغر لا يؤيد هذا المقترح، قائلا: "المهم هو أننا لا نأخذ التفسيرات المختلفة لما يمثله "التهديد الوجودي" كمنطلق للقول بأن هناك آخرين ما زالوا لا يدركون هذا الخطر".

وأضاف "وجهة نظرى تتمثل في أننا ندرك التهديد، لكن علينا أن نفهم أن تعلمنا دروسا قاسية ومختلفة من التاريخ والجغرافيا".

تيري شولتس / م. ع