الأطفال.. أكبر الخاسرين من الحروب والأزمات في العالم العربي! – DW – 2018/5/30
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الأطفال.. أكبر الخاسرين من الحروب والأزمات في العالم العربي!

إسماعيل عزام
٣٠ مايو ٢٠١٨

تتسبب النزاعات المسلحة في المنطقة العربية بوضع مأساوي لآلاف الأطفال، لكن السياسات الحكومية المتبعة في أكثر من بلد، حتى منها الغنية، تخلق بدورها نوعاً من الإقصاء للأطفال، خاصة منهم الفتيات.

https://p.dw.com/p/2ye4l
Jemen Kindersoldaten
صورة من: Getty Images/AFP/M. Huwais

طفلان من العراق واليمن يرويان معاناتهما

أرقام مفزعة تلك التي كشف عنها تقرير جديد لمنظمة "أنقذوا الأطفال"، حصلت DW عربية على نسخة منه. الأرقام تتحدث عن أن أكثر من 1.2 مليار طفل، أيْ ما يفوق نصف أطفال العالم، يتعرّضون للخطر، خاصة منهم الفتيات. أشكال الخطر متعددة، ابتداء من غياب الخدمات الصحية وسوء التغذية، مروراً بعدم الالتحاق بالدراسة أو الخروج منها مبكرا، وانتهاءً بالعنف الشديد وعمالة الأطفال وتزويجهم وما يترتب عن ذلك من حمل مبكر، أيْ أن طفلة تتحوّل بدورها إلى أم.

ولا يبدو الوضع وردياً في المنطقة العربية حسب التقرير، ففي قائمة 175 دولة في مؤشر "نهاية الطفولة" الذي يرّتب البلدان حسب حماية الأطفال، توجد جلّ الدول العربية في مراكز متراجعة، إذ لم تحل ضمن الصنف الأول، الذي يضم 39 دولة كلها تحمل مؤشرات ضعيفة على خطر الأطفال، سوى دولة عربية وحيدة هي الكويت التي جاءت في المركز 38.

Internationalen Kindertag | Gesichter der Ausgrenzung - Irak
الموصل- العراقصورة من: Save the Children/Sam Tarling

في المقابل، وضمن المنطقة شديدة الخطر على المؤشر ذاته، أي الصنف الرابع، توجد دولة عربية هي موريتانيا، التي حلت بالمركز 162. أربع دول عربية أخرى جاءت في الصنف الثالث من الخطورة، هي العراق السودان وسوريا واليمن. أما كل الدول العربية المتبقية فقد حلّت في الصنف الثاني، تتقدمها قطر (40)، ثم الإمارات (42)، ثم عُمان (43). وجاءت بقية المراكز العربية على الشكل التالي: السعودية (47) وتونس (48) ولبنان (50) والأردن (51) والجزائر (65) وفلسطين (84) والمغرب (88) ومصر (91).

أرقام تكشف الخطر عبر العالم

يشير التقرير الصادر اليوم الأربعاء (30 ماي/أيار 2018)، تحت عنوان "الأوجه العديدة للإقصاء"، إلى ثلاثة أخطار أساسية تهدّد الأطفال عبر العالم. أولها أن أكثر من مليار طفل يعيشون في بلدان جد فقيرة، ممّا يرفع احتمال وفاتهم قبل سن الخامسة، ويجعل ظروفهم غاية في السواد. الخطر الثاني أن 240 مليون طفل يعيشون في بلدان تشهد نزاعات وهشاشة كبيرة. أما الثالث فيتلخص في وجود 575 مليون طفلة ضمن قائمة دول تعرف انتهاكات كبيرة في حقوق المرأة.

والخطر الأكبر حسب التقرير، أن 153 مليون طفل عبر العالم يعيشون في دول تعرف الأخطار الثلاث المذكورة، ممّا يرفع درجة وفاة الأطفال بعشرين مرة عن المستوى العادي. ويبرز التقرير أن 15 ألف طفل يموتون يومياً قبل الوصول إلى عيد ميلادهم الخامس، نسبة 46 بالمئة منهم لم تزد أعمارهم عن الشهر الأول. كما يشير التقرير إلى أن 100 مليون طفلة عبر العالم لا تحميهن قوانين بلدانهن من الزواج وبينهن 7.5 مليون يتم تزويجهن بشكل غير قانوني كل سنة.

Südsudan Hunger
من جنوب السودانصورة من: picture-alliance/AP Photo

غير أن الوضع حمل بصيصاً من الأمل، إذ مكنت الحملات الطبية ضد بعض الأمراض كالملاريا والإسهال من إنقاذ حياة 50 مليون طفل منذ عام 2000، رغم أن التقدم في تحسين ظروف عيش الأطفال يبقى جد بطيء عبر العالم، وفق ما يؤكده التقرير.

وحسب الترتيب في المؤشر، فقد حلت كل من سنغافورة وسلوفينيا في المركز الأول، متبوعتين بالنرويج والسويد وفنلندا. بينما استحوذت دول في غربا ووسط إفريقيا على المراكز العشر الأخيرة، إذ حلت النيجر في ذيل القائمة، تسبقها مالي وإفريقيا الوسطى. والملاحظ في الترتيب أن دولاً محسوبة على العالم المتقدم حلت في مراكز متراجعة نسبيا، خاصة الولايات المتحدة (36) وروسيا (37) وتركيا (64).

صورة متباينة في العالم العربي

النزاعات المسلحة في أكثر من بلد عربي حكمت على الأطفال بالانقطاع عن الدراسة، خاصة بعد تعرّض مدارسهم للقصف ووقوع قتلى وجرحى بينهم في أكثر من مرة، بل واحتلال هذه المدارس من لدن مسلّحين وفق ما يبرزه التقرير الذي أشار إلى أن الكثير من الأسر قررت عدم السماح لأبنائها بالدراسة في ظل هذه الظروف خوفاً من اعتداءات منها ما جنسي.

Syrien Ain Issa Lager Kinder
أطفال لاجؤون من سورياصورة من: DW/F. Warwick

ومن أكبر الأمثلة ما يجري في سوريا، فزيادة على تدمير المدارس والتراجع الحاد في عدد المدرسين، أكد استطلاع رأي تضمنه التقرير أن 80  بالمئة من المستجوبين مقتنعون أن عمالة الأطفال تزيد من نسب الانقطاع عن الدراسة. وتبين المعطيات الواردة أن نصف الدول العربية استطاعت تحسين وضعها في حماية الأطفال، أما البقية، خاصة سوريا واليمن، فالوضع أضحى قاتما بشكل كبير.

وليس العمل وحده من يهدّد أطفال سوريا، بل كذلك تزويجهم، فنسب تزويج الطفلات مرتفعة بين صفوف اللاجئين السوريين عمّا كان عليه الحال قبل الحرب، بل ترتفع النسبة كل عام، ووصلت في مخيمات لبنان إلى 40 بالمئة. ظاهرة تزويج الأطفال تنتشر كذلك في اليمن حيث النزاع المسلح على أشده وحيث القانون لا يضع أيّ سن أدنى للزواج، إذ جرى تزويج أكثر من ثلثي الطفلات في هذا البلد، وهو رقم مرتفع على ما كان عليه قبل الحرب.

أربعة أسئلة لميستي بسويل، مديرة الترافع بـ"أنقذوا الأطفال" في الشرق الأوسط

كيف تقيّمون الوضع في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

الوضع في المنطقة يحمل صورة مختلطة، إذ لا يمكن الحديث عن تشابه الظروف بين الدول. المؤشرات الخاصة بمحاربة فقر الأطفال والحدّ من تزويجهم تحسنت في بعض الدول العربية، لكنها تدهورت في دول أخرى. الملاحظ أنه حتى في الدول العربية الغنية، هناك مشاكل من نوع آخر تكمن في السياسات العمومية المتبعة، إذ رغم أن هذه الدول تستثمر في التعليم مثلاً، إلّا أن عدداً منها يطبّق سياسات إقصائية في مجال الطفولة، خاصة ضد الفتيات، ممّا يخلق تحديات كبيرة داخل المجتمع.

ما هي المشاكل الأكثر خطورة التي ترون أن لها أثرا بالغاً على الأطفال في المنطقة؟

اللا استقرار هو المشكل الأبرز، فالنزاعات المسلّحة في أكثر من بلد تعدّ منبع الخطر للطفل، إذ تسبّب نزوح السكان، وتسرق من الأطفال براءتهم ودراستهم وأسرهم وتماسكهم الاجتماعي.

تحدثتم في التقرير عن أرقام تخصّ زواج الأطفال بالمنطقة العربية، ما هي أسباب هذه الظاهرة؟

صحيح أن منظومة العادات والتقاليد تكون سببا، لكن النزاعات المسلّحة فاقمت من ظاهرة تزويج الأطفال، لأننا شاهدنا تحسناً في بعض الدول في مجال محاربة الظاهرة، لكن الوضع تفاقم بعد الحروب. حسب تجاربنا، فكل حرب تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، لأن الأسر تفقد القدرة على تمويل حاجيات أفرادها، وبالتالي ترى في تزويج فتياتها نوعاً من نقل المسؤولية إلى طرف ثانٍ يتكلف بتوفير سبل العيش للزوجة. كما أن الأسر ترى في تزويج الفتيات نوعاً من الحماية الأمنية لهن في ظل ترّدي الأوضاع.

قدمتم العديد من التوصيات في التقرير. ما هي أبرزها؟

نناشد المنتظم الدولي دعم الدول الموجودة في نهاية القائمة، وهذا الدعم لن يكون فعالا سوى إذا مرّ عبر طريقين أساسيين: الأول الحدّ من الفقر عبر برامج تنموية حقيقية. الثاني الحدّ من النزاعات المسلحة وتشجيع الحلول السلمية. نحتاج اليوم أكثر من وقت مضى إلى سياسات دولية تستثمر في الأطفال حتى لا تفقد البشرية جيلا كاملا.

الكاتب: إسماعيل عزام

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد