السودان وإسرائيل .. "مكاسب" التطبيع في مواجهة "عقبات شعبية"! – DW – 2023/2/4
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السودان وإسرائيل .. "مكاسب" التطبيع في مواجهة "عقبات شعبية"!

إسماعيل عزام
٤ فبراير ٢٠٢٣

لأول مرة، تعترف السودان بزيارة مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى. حضور وزير الخارجية الإسرائيلي إلى السودان يؤكد نية البلدين في تنفيذ اتفاق التطبيع، لكن العقبات متعددة أمامهما، وجلها يخصّ الوضع الداخلي للسودان.

https://p.dw.com/p/4N4Kp
عبد الفتاح البرهان عند استقباله إيلي كوهين في الخرطوم (الخميس الثاني من فبراير/ شباط 2023)
عبد الفتاح البرهان عند استقباله إيلي كوهين في الخرطوم (الخميس الثاني من فبراير/ شباط 2023)صورة من: SOUVEREIGN COUNCIL OF SUDAN/HO/AFP

لم ينخرط السودان بقوة في موجة التطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية عام 2020، رغم الإعلان الأمريكي حينها بوجود اتفاق ثلاثي رعاه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، يقضي برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ولم تتطور العلاقة السودانية- الإسرائيلية منذ ذلك التاريخ، في ظل الضغوط الداخلية على القيادة السودانية، التي لم تحقق استقراراً سياسياً يتيح لها بسط رؤيتها للعلاقات الخارجية كما فعلت الدول العربية الأخرى المطبعة في السنوات الأخيرة، خصوصاً وأن السودان لا يزال يشهد مظاهرات ضد المجلس العسكري، تزامناً مع استمرار رفض عدد من القوى السياسية للتطبيع.

أكبر ما اتخذته الخرطوم مؤخرا لتأكيد نية التطبيع هو إلغاء مجلس الوزراء لقانون قديم يعود لعام 1958 ينص على عدم الاعتراف بإسرائيل، وحفاظها على اتصالات مع إسرائيل منها المراسلات الرسمية، ومنها تهنئة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لبنيامين نتنياهو غداة تشكيل الحكومة الإسرائيلية  التي تحضر فيها بقوة الأحزاب اليمينية المتشددة. 

لكن يبدو أن القيادة السودانية تبحث عن تسريع التطبيع هذا العام. فرئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان 

اجتمع في الخرطوم (الخميس الثاني من فبراير/ شباط) مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين لبحث "سبل إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون المشترك بين الخرطوم وتل أبيب".

وأعلنت وزارة الخارجية السودانية أن المباحثات السودانية الإسرائيلية توصلت إلى "اتفاق على المضي في سبيل تطبيع علاقات البلدين".  فيما أعلن كوهين عقب اللقاء أن السودان وإسرائيل سيوقعان على اتفاق تطبيع العلاقات بينهما خلال العام الجاري يستند إلى مبدأ "السلام مقابل السلام"، بحسب وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ". 

وهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها الخرطوم بوجود زيارة لمسؤول إسرائيلي رفيع رغم تكرار زيارات متبادلة بين مسؤولين من البلدين في السنوات الماضية.

عقبات أمام التطبيع الكامل

احتاجت إسرائيل والسودان لأكثر من ثلاث سنوات حتى "توضع اللمسات الأخيرة" على نص اتفاق التطبيع، وفق تعبير الخارجية الإسرائيلية. لكن مع ذلك لا يظهر أن التطبيع تحقق بالكامل، إذ تشير إسرائيل إلى ضرورة انتظار نقل السلطة في السودان إلى حكومة مدنية، كما تؤكد أنه لم يتم اتخاذ أيّ قرار حول تبادل السفراء.

المعارضة السودانية ومعها جزء كبير من الشارع عارضوا بقوة توجه عبد الفتاح البرهان نحو التطبيع منذ أول إعلان بهذا الخصوص، ويؤكد أعضاء بالمعارضة أن البرلمان الانتقالي، الذي لم يتشكل بعد، هو المخول له بالمصادقة على مثل هذا الاتفاق.

ويرى محي الدين محمد محي الدين، نائب مدير إدارة الدراسات السياسية والاستراتيجية بمركز استشراف المستقبل، أن هناك انقساماً في الشارع السوداني بخصوص هذه الزيارة، وأن التيارات الإسلامية والعروبية ترفض التطبيع، بينما ترى قوى سياسية أخرى أن مجلس السيادة ليس له حق توقيع اتفاقيات مماثلة.

لكن هذا الانقسام وفق الخبير ذاته، في حديثه لـDW عربية لا يخص فقط موضوع التطبيع، بل يطال جل القضايا في ظل انتشار حالة من عدم الرضا تجاه السلطة، ما يجعل تشكيل البرلمان والحكومة يواجه تحديدات كبيرة.

ومن جانبهم يرفض الفلسطينيون هذا التطبيع، ويرونه خروجا عن مبادرة السلام العربية التي نصت على أن شرط الاعتراف بإسرائيل هو إنشاء دول فلسطينية.

وهناك من يرى أن السودان قد يخسر عمقاَ عربياً في هذه المرحلة، لكن في المقابل، تعددت الدول العربية التي اتخذت قرار التطبيع دون العودة لهذه الاتفاقية، باحثةً أولاً عن مصالحها الخاصة، دون أن يؤدي ذلك إلى ارتدادات سياسية كبيرة في علاقة المطبعين بـ"العمق العربي".

إسرائيل الرابح الأكبر؟

تنقل وكالة رويترز عن كوهين قوله إن "الإسرائيليين يتذكرون الخرطوم  باحتضانها للقمة العربية التي تلت حرب 1967"، ويحيل هنا على اتخاذ الجامعة العربية حينها شعار "اللاءات الثلاث" في العلاقة مع إسرائيل، أي: لا اعتراف ولا سلام ولا مفاوضات.

وبالنسبة لكوهين، فإسرائيل تريد بناء واقع جديد مع السودانيين تتحول فيه "اللاءات الثلاث" إلى "نعم ثلاث مرات"، أي نعم للتفاوض وللاعتراف وللسلام بين الجانبين.

وإذا ما نجحت خطوات التطبيع، ستحقق إسرائيل مكسباً دبلوماسياً كبيراً، باعتبار أن التطبيع مع السودان لم يأت نتيجة لمسار السلام بعد حرب مباشرة بين الطرفين، كما عليه الحال مع مصر والأردن، ولم يأت نتيجة لعلاقات تطورت على مدار عقود كما عليه الحال مع الإمارات والمغرب.

وبعيدا عن المكاسب الدبلوماسية، تبحث إسرائيل عن مكاسب أمنية. ويقول محي الدين محمد محي الدين إن السودان كان معبراً للسلاح في اتجاه حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المسلحة، خصوصا عندما توطدت علاقة إيران مع السودان، ما يجعل التطبيع عاملاً مطمئناً لإسرائيل، سواء في وقف مرور السلاح عبر السودان أو منع تحول هذا الأخير لملاذٍ لمجموعات من هذه الفصائل.

ورغم غياب تأكيد رسمي إسرائيلي عن قيام إسرائيل بقصف أهداف في السودان أكثر من مرة، تحدثت تقارير عربية وعبرية عن وقوفها وراء غارات في السودان، أشهرها استهداف مجمع اليرموك للتصنيع الحربي.

كما تبحث إسرائيل عن المشاركة في "نظام إقليمي أمني جديد في منطقة البحر الأحمر"، وفق محي الدين، وذلك للأهمية الاستراتيجية للسودان بسواحله الشاسعة على هذا البحر، ما يجعل للتطبيع مع السودان أهمية كبيرة في أن تكون تل أبيب جزءاً من هذا النظام.

السودان والبحث عن الدعم الدولي

من جهته يتحدث البرهان عن "إرساء علاقات مثمرة مع إسرائيل وتعزيز آفاق التعاون". والمجالات متعددة، حسب البرهان. منها ما هو "أمني وعسكري و الزراعة والطاقة والصحة والمياه والتعليم". لكن هناك من يرى أن البرهان يبحث عن مكاسب شخصية. 

ويقول الكاتب الصحفي محمد الأسباط، في حديث مع DW عربية إن الزيارة تخدم البرهان بشكل أساسي: "يريد تبليغ رسالة لكل القوى في البلاد أنه هو المسؤول الأول، الذي تسعى دولة مثل إسرائيل لخطب وده، وأنه فتح نوافذ علاقات دولية تتيح له تسويق نفسه في الخارج،  فضلاً عن تأكيد أن كل حديث عن خروج العسكر من السياسة أمر غير صحيح".

القوى التي يوجه لها البرهان الرسائل، حسب حديث الأسباط، هي قوى الثورة والجهات التي ترعى مسار المفاوضات في المرحلة الانتقالية، وكذلك نائبه  محمد حمدان دقلو، (المعروف باسم حميدتي)، حيث تسود خلافات كبيرة بين الطرفين في الأونة الأخيرة، ومن ذلك غيابه عن اللقاء مع وزير الخارجية الإسرائيلي.

وفي الجانب المقابل، يوجد الاقتصاد السوداني في وضع حرج للغاية، خصوصاً وأن السودان من أكثر دول العالم مديونية. ورغم أن صندوق النقد الدولي قد أعلن عن شطب 14 مليار دولار من ديون الخرطوم فهي لا تزال مدينة بحوالي 45 مليار دولار لجهات خارجية، ما يشكل حوالي 175 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعل البلد في حاجة للبحث عن شركاء وداعمين خارجيين.

ويقول محي الدين محمد محي الدين إن "القيادة السودانية رأت في التطبيع عودة للسودان إلى المجتمع الدولي بما أنه كان مرتبطا برفع اسم البلد من قائمة الإرهاب، وبالتالي الحصول على مساعدات ودعم من القوى الغربية والإقليمية"، خصوصا للتقارب الحاصل بين إسرائيل ودول في المنطقة أهمها الإمارات.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات