السياح الألمان والعرب ... بين الذكريات و"المقالب" – DW – 2010/6/2
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

السياح الألمان والعرب ... بين الذكريات و"المقالب"

٢ يونيو ٢٠١٠

للسياحة دور كبير في التعرف على ثقافات أخرى وإلغاء الأحكام المسبقة عن بعض الشعوب. تعالوا معنا لنتعرف على أهم المعالم السياحية في ألمانيا وبعض البلدان العربية، ولنقرأ ذكريات بعض السياح العرب والألمان.

https://p.dw.com/p/NXUW
صورة من: DW/AP

"ليالي الأنس في فيينا، نسيمها من هوا الجنة" هكذا تغنت الفنانة الراحلة أسمهان بجمال العاصمة النمساوية فيينا. وليس بعيداً عن النمسا جارتها ألمانيا، إذ يتميز هذا البلد بطبيعته الخلابة ومدنه الساحرة، كما أنه يقع في قلب أوروبا، ما يجعله واحداً من أنشط البلاد السياحية في العالم.

ليست المناظر الطبيعية وحدها هي التي تجذب السياح إلى ألمانيا، فهذا البلد - الذي تبلغ مساحته حوالي 357.021 كلم متر مربع، ويفوق عدد سكانه الـ 80 مليون نسمة - يسعى لأن يكون سباقاً في كرم ضيافته لزائريه، وذلك من خلال الخدمات السياحية المتنوعة الذي يوفره، الأمر الذي يجعله قبلة للسياح من مختلف أنحاء العالم. وتبدأ هذه الخدمات بشبكة المواصلات العامة المتطورة كالقطارات السريعة وقطارات الأنفاق(المترو) وسيارات الأجرة. وفي حديثها مع دويتشه فيله تؤكد السيدة أنتيا رودينغ، المسئولة عن السياح العرب في مركز السياحة الألماني، أن "ما يميز ألمانيا إلى جانب النظافة والتنظيم، وخاصة في البنى التحتية، هو تقديم خدمات وعروض مميزة للسياح، سواء فيما يتعلق بالمطاعم و الفنادق أو الأماكن الترفيهية كالمسارح والحدائق العامة."

"إرضاء جميع الأذواق"

Legoland in Günzburg Brandenburger Tor
بإمكان عشاق الليغو قضاء أوقات ممتعة في "ليغولاند"صورة من: AP

ترضي ألمانيا جميع الأذواق، كما أنها تلبي متطلبات جميع الأعمار حسبما تؤكد أنتيا، فمن يعشق الطبيعة، لابد له من التوجه إلى زيارة جبال الألب التي تعد مكاناً مثالياً لمحبي التجول في الصيف وعشاق التزلج في الشتاء. أما بالنسبة للعائلات التي تأتي لألمانيا للسياحة مع أطفالها فتنصحهم أنتيا بزيارة الملاهي المشهورة "كأوروبا بارك الذي يقع في جنوب ألمانيا، وفانتازيا لاند الرائعة في مدينة برول". وتؤكد أنتيا على أن هناك الكثير من السياح الذين يقصدون ألمانيا بهدف السياحة العلاجية، فالعلاج الطبي في ألمانيا "يتمتع بسمعة حسنة في العالم العربي وخاصة لدى سكان منطقة الخليج العربي"

ذكريات و"مقالب"...

وتتذكر سارة، وهي شابة سورية تدرس الهندسة المعمارية، زيارتها الأولى لألمانيا العام الماضي خلال العطلة الصيفية، وتقول: "كانت زيارة لا تنسى، كثيراً ما سمعت عن جمال الطبيعة هناك، وخاصة الغابة السوداء. وبعد زيارتي لها سُحرت بهذا البلد الجميل الذي لا يُوصف". أما نوف، الشابة السعودية ذات الـ21 ربيعاً والتي تأتي لزيارة ألمانيا سنوياً تقريباً، فترى أن ما يمتعها في ألمانيا هو التسوق: "سوق الملابس يناسب جميع الأذواق. هناك ملابس ذات طابع كلاسيكي، كما أن هناك متاجر متخصصة في بيع آخر صيحات الموضة، بالإضافة إلى إمكانية شراء الملابس ذات الماركات العالمية".

أما سعيد، وهو شاب أردني يبلغ من العمر 15 عاماً، فقدم إلى زيارة ألمانيا منذ سنتين، إلا أن زيارته لهذا البلد الذي يتميز بالانضباط والنظام لم تجعله سعيداً بسبب الفخ الذي وقع فيه، ويروي سعيد تجربته قائلاً: "أحببت أن أجرب المواصلات العامة، فصعدت إلى أحد القطارات، وجلست في أحد الأماكن التي لم أكن أعلم أنها مخصصة لركاب الدرجة الأولى، ففوجئت بمفتش يسألني عن بطاقتي التي كانت لا تخولني الركوب في هذه الدرجة، الأمر الذي اضطرني لدفع غرامة مالية كبيرة". أما محمد الإماراتي فيقول إن سبب عشقه لألمانيا هو تفوقها في صناعة السيارات: "زيارة معارض السيارات هو أكثر ما يمتعني في زيارتي لألمانيا".

تاريخ عريق، لكنه مجهول ...

Flash-Galerie Urlaub in Deutschland Schloss Neuschwanstein
قصر"نويشفان شتاين" من أهم المعالم الأثرية في ولاية بافارياصورة من: picture alliance / dpa

وتملك ألمانيا حسبما تقول أنتيا مواقع أثرية تتميز بأهمية تاريخية خاصة قد لا تكون بنفس مستوى الشهرة التي تتميز بها بعض المناطق الأثرية الموجودة في عدد من البلدان الأوروبية المجاورة. وتتيح ألمانيا لزائريها التعرف على تاريخ هذا البلد من خلال المتاحف والقصور والقلاع التي تتميز بها كل ولاية. وتشير أنتيا إلى أن قصر "نويشفان شتاين"، الذي بُني في نهاية القرن التاسع عشر واستغرق بناؤه 17 عاماً، والواقع في مقاطعة بافاريا، هو من أكثر المواقع الأثرية شهرةً في ألمانيا، كما أن استخدام هذا القصر في تصوير أحد أفلام الكرتون كان له دور كبير في دفع الناس لزيارته."

وترى أنتيا أن سقوط جدار برلين رفع العاصمة الألمانية لتحتل مرتبة عالية من حيث عدد زوارها في السنوات الأخيرة: "تتميز برلين بأنها من المدن الزاخرة بالأنشطة الثقافية والعلمية، فهي تضم عدداً كبيراً من المسارح والمتاحف، مثل متحف "بيرغامون" ومتحف التراث الإسلامي والمتحف المصري".

Marrakesch, Marokko
ساحة "جامع الفنا" من أهم المعالم السياحية في مدينة مراكشصورة من: PA/dpa

مهد الحضارات ... ومقصد السياح

وعلى صعيد العالم العربي، فإن موقعه الاستراتيجي الذي يربط بين ثلاث قارات، آسيا وإفريقيا وأوروبا، جعله مهداً للعديد من الحضارات، ونقطة جذب للكثير من السياح من مختلف أنحاء العالم. ففي مصر مثلاً ترى رشا، وهي شابة مصرية تعمل مرشدة سياحية، أنه رغم الشهرة العالمية التي تتمتع بها أهرامات الجيزة، فإن هناك منشآت أثرية رائعة خلفتها الحضارات العديدة التي تعاقبت على أرض النيل؛ فإلى جانب الأهرامات ورثت مصر عن أجدادها الفراعنة "مقابر الملوك ذات الجدران الملونة والمنحوتة داخل الصخور في الأقصر، إضافة إلى العديد من المعابد الدينية في الأقصر وأسوان"، أما مدنية الإسكندرية فتضم آثاراً يرجع تاريخها إلى العصر الروماني مثلما تذكر رشا. وتعد الكنائس والأديرة المنتشرة في صحراء مصر، وخاصة في الصعيد، أهم ما خلفته الحضارة القبطية. وتضيف رشا: "إن مدينة رشيد تعد شاهداً على مخلفات الحضارة الإسلامية".

أما نهاد طوباليان، وهي صحفية لبنانية تعمل في جريدة "الأنوار" مهتمة بشؤون السياحة والآثار في لبنان، فترى أن لبنان يتمتع بمواقع أثرية تروي تاريخ البلد رغم صغر مساحته. ويعود تاريخ تلك المواقع إلى الحقبة الرومانية والبيزنطية، وهي تشكل نقطة جذب للسياح العرب والأجانب، مثل قلعة بعلبك الرومانية والتي وضعت على لائحة التراث العالمي، إضافة إلى قلعة الجبيل والتي تمزج بين الحقبة الفينيقية والرومانية، والمعالم الأثرية المميزة الموجودة في مدينتي صيدا وصور. ولا تزال الحفريات تكشف عما يحتضن باطن وسط بيروت من مواقع أثرية مهمة، تضيف نهاد، كان آخرها الملعب الروماني.

"طراز معماري يذكر بقصص ألف ليلة وليلة"

وفي المغرب ترى حليمة، وهي صحفية مغربية تعمل في الإذاعة والتلفزة المغربية، أن ما يميز المغرب سياحياً تضاريسه المتنوعة والتي ترضي جميع الأذواق. وتشير حليمة إلى أن المدن المغربية القديمة هي أكثر مايجذب السياح، كمدينة مراكش وأغادير وطنجة وتطوان ومكناس وفاس. وتصف حليمة مدينة مراكش الجميلة حيث نشأت وترعرت بقولها: "يتميز القسم القديم من مراكش برياضه وبيوته القديمة المبنية حسب الطراز المعماري القديم الذي يذكر بقصص ألف ليلة وليلة". وتعد ساحة "جامع الفنا" في وسط المدينة من أهم ما يميز مراكش ثقافياً على حد قول حليمة: "تتجمع في هذه الساحة فرق غنائية تقدم من خلال عروضها الفلكلور الخاص بهذه المدينة". وتعتبر حليمة أن الأنشطة الثقافية التي تقام في مدينة مراكش، تساهم بشكل كبير في استقطاب السياح: "ينظم سنوياً مهرجان الرقص المعاصر، إضافة إلى المهرجانات السينمائية التي تجمع الفنانين من مختلف أنحاء العالم".

"باهية برشة"

Tunesien Touristen am Strand von Jendouba
الشواطئ التونسية من أكثر الشواطئ التي تجذب السياح الألمانصورة من: picture-alliance / Bildagentur Huber

ورغم الأزمة الاقتصادية التي هزت العالم بأكملها في الفترة الأخيرة، والأحداث الإرهابية والحروب التي عاشتها بعض بلدان العالم العربي، إلا أن هذا لم يحد من رغبة الألمان في التعرف على هذا العالم من شرقه إلى غربه. هذا ما تؤكده إليزابيت التي تعشق الثقافة العربية في حديثها مع دويتشه فيله، فرغم تحذير صديقها لها من زيارة العالم العربي في بعض الأحيان إلا أنها لا يمكن أن تنسى كرم الضيافة العربية التي أحستها في زياراتها المتكررة لسوريا ومصر والمغرب: "أحببت العالم العربي لدرجة دفعتني للإقامة في مصر أكثر من 6 أشهر لتعلم الرقص الشرقي. إنه شيء رائع" . وتصف كريستينا زيارتها الأخيرة لتونس قائلة: "باهية برشة .. هذا ما تعلمته في تونس الجميلة ذات الشواطئ الرائعة."

السياحة بحلة جديدة

Karte Deutschland und die Arabische Welt
الوطن العربي البوابة الشرقية لأوروباصورة من: DW

وترى حليمة أن العالم العربي هو بوابة أوروبا نحو إفريقيا، وتشير إلى أن هناك تزايداً في عدد السياح الألمان الذين يأتون لزيارة المغرب، ومشيرة إلى أن مفهوم السياحة قد تغير في الفترات الأخيرة، ولم يعد مقتصراً على السياحة التقليدية والتي يزور فيها السائح المناطق السياحية المعروفة عالمياً، بل إن سياح الجيل الجديد يسعون إلى اكتشاف مناطق جديدة غير معروفة. "هناك كثيرون يذهبون إلى الصحراء ويقيمون في الخيم بدلا من الفنادق، ومنهم من يقيم لدى بعض العائلات المغربية للتعرف على الحياة والثقافة المغربية كالمطبخ المغربي الأصيل والحمامات وغيرها".

ولا يقتصر أمر استضافة السياح في المنازل الخاصة على المغرب فحسب، فهناك مضافات خصصتها عائلات لبنانية في بعض القرى لاستضافة السياح حسبما تؤكد نهاد: "تفتح بعض العائلات بيوتها لاستقبال السياح لتعريفهم بكرم الضيافة اللبنانية، و يمكنهم بذلك تذوق الطعام اللبناني الأصيل". ويبدو أن الأمر في مصر مختلف عن لبنان والمغرب، إذ ترى رشا "أن هناك الكثيرين ممن يرفضون اختلاط السياح بأفراد العائلة".

السياحة العلاجية في العالم العربي

وإلى جانب التعرف على المواقع الأثرية والثقافات المختلفة في العالم العربي، تلعب السياحة العلاجية دوراً كبيراً في العالم العربي. وترى نهاد أن انتشار المستشفيات المتخصصة في عمليات التجميل جعل لبنان مقصداً لعدد كبير من السياح من مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى أن مناخ لبنان يعرف منذ القدم على أنه علاج طبيعي لأمراض الصدر، وتقول: "لبنان وجهة سياحية علاجية، تكثر فيه غابات الصنوبر إضافة إلى وجود العديد من الينابيع الكبريتية." وتشارك حليمة نهاد رأيها، وتقول إن هناك عديداً من السياح الذين يتوجهون إلى المناطق الصحراوية للاستفادة من التدليك في الرمال الحارة لمعالجة أمراض الروماتيزم.

الكاتبة: دالين صلاحية

مراجعة: سمير جريس

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد