المؤسسات الألمانية في العالم العربي "تتكيَّف" مع وصول الإسلاميين للحكم – DW – 2011/12/19
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المؤسسات الألمانية في العالم العربي "تتكيَّف" مع وصول الإسلاميين للحكم

١٩ ديسمبر ٢٠١١

لم يختلف دور المؤسسات الألمانية في دول الربيع العربي، والذي يتمثل في تعزيز مفاهيم وأطر الديمقراطية، عن طبيعته قبل اندلاع الثورات العربية، لكن الذي تغير هو الأولويات والمحظورات والساحة السياسية.

https://p.dw.com/p/13Ur6
الربيع العربي أثر أيضا على عمل المؤسسات الألمانيةصورة من: picture alliance / dpa

لم يقف حد تأثير رياح التغيير، التي اجتاحت العالم العربي، عند إحداث تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية في هذه المجتمعات فقط، بل إن تأثيرها امتد أيضاً إلى عمل المؤسسات الألمانية. ممثلي المؤسسات الألمانية يرون أن الربيع العربي فتح أمامهم آفاقاً جديدة لعملها ولكنه وضعهم في ذات الوقت أمام تحديات جديدة. ومع اختلاف توجهات وأهداف هذه المنظمات فإن متطلبات المرحلة الحالية زادت من مسؤولياتها.

فأولويات المرحلة الجديدة في مصر ما بعد مبارك تتمثل في التوعية السياسية، كما يقول فيليكس ايكينبيرغ من مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في القاهرة ( Friedrich-Ebert-Stiftung )، القريب للحزب الاشتراكي الديمقراطي ( SPD ). ويوضح ايكينبيرغ أن هناك تحسناً في مجال حرية التعبير في مصر. وعلى غير العادة فإن المؤسسات لا تعاني من عجز في الموارد المالية، حيث أن الجهات المانحة استجابت بسرعة للتطورات التي تشهدها المنطقة، كما يقول شتيفان رول من المعهد الألماني للدراسات الأمنية والسياسة الدولي ( SWP ) في برلين. وضعت الحكومة الألمانية فور الإطاحة بالدكتاتور المصري محمد حسني مبارك أموالاً إضافية تحت تصرف المؤسسات لدعم عملية التحول الديمقراطي في البلدان العربية، كما يوضح الخبير في عمل المؤسسات، شتيفان رول.


المحظورات تغيرت ولكنها بقيت

Demokratische Transformation Ägyptens
مؤتمر أقامته مؤسسة كونراد اديناور في القاهرةصورة من: IDSC

ورغم التحولات، التي شهدتها المنطقة العربية، فإن مهام وأهداف عمل المؤسسات الألمانية لم تتغير بشكل كبير عن الماضي. وتقول اليزابيت براونا من مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في تونس، إنها عندما تقارن عمل المؤسسات قبل وبعد الربيع العربي، فإنها تصل إلى استنتاج مفاده أن المهام الأساسية للمؤسسات والتي تتمثل في تعزيز مفاهيم وأطر الديمقراطية، لم تتغير على الإطلاق. ولكن الظروف تغيرت، ففي عهد الرئيس المخلوع زين العابدين كان العمل في تونس يشبه الرقص على الحبل وكان يرتبط بمخاطرأحياناً، كما توضح اليزابيث براونا.

.وتضيف اليزابيث براونا: "كنا نخضع لمراقبة صارمة بسبب تعاوننا مع منظمات المجتمع المدني، مثل الرابطة التونسية لحقوق الإنسان أو المنظمات النسائية. كانت توضع لنا خطوط حمراء طوال الوقت". وهذا ما يؤكده فيليكس ايكينبيرغ من مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في القاهرة، حيث أصبح المجلس العسكري الآن خطاً أحمرا، لا يُسمح بتجاوزه. ويوضح ايكينبيرغ بأن هناك حساسية كبيرة لدى المصريين من النفوذ الأجنبي، فالمصريين يستفسرون تفصيلاً وإجمالاً عن أهداف المشاريع، التي تديرها المؤسسات الأجنبية. ويوافقه في الرأي اندرياس ياكوبس من مكتب مؤسسة كونراد اديناور في القاهرة، التابع للحزب المسيحي الديمقراطي ( CDU )، موضحاً:"هناك شكوك عامة اتجاه المساعدات الأجنبية لبناء الديمقراطية".


نقمة ونعمة التعددية السياسية

Friedensnobelpreisträgerin Tawakkul Karman Friedrich-Ebert-Stiftung
توكل كرمان في ندوة بمؤسسة فريدريش إيبرتصورة من: DW

يتمثل التحدي الآخر، الذي يواجه المؤسسات الأجنبية، في غياب القوانين الواضحة التي تنظم عمل مؤسسات المجتمع المدني. ففي عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك كان هناك حظراً على النقابات المستقلة، لكنها تمارس عملها في الوقت الراهن بدون التعرض لمضايقات. ومن غير المتوقع أن يتم وضع الأطر القانونية لعمل المنظمات المدنية في الفترة الحالية، فالحكومة الحالية لا ترى نفسها أكثر من حكومة انتقالية وتتصرف على هذا الأساس، كما يوضح فيليكس ايكينبيرغ.

وتمارس المؤسسات الألمانية نشاطها في بعض البلدان العربية منذ عقود طويلة، مثل مؤسسة فريدريش ناومان ( Friedrich-Naumann-Stiftung ) التابعة للحزب الديمقراطي الحر( FDP ) والتي تعمل في تونس منذ الستينيات وتحظى بسمعة طيبة في المنطقة العربية، كما يقول بول سيلينتاغ من مكتب المؤسسة في تونس. طول مدة عمل هذه المنظمات يطرح السؤال حول كيفية تعاملها في الماضي مع الحكام السابقين. يجيب بول سيلينتاغ على هذا السؤال قائلا: إن منهج التعامل كان يختلف من بلد لاخر، فالعمل في تونس كان يواجه عراقيل وتحديات أكبر من مصر. ويوضح بول سيلينتاج: " النظام في تونس كان أكثر قمعاً عن مصر".

أما اليوم فإن المؤسسات الألمانية لديها مساحة أكبر للتعامل مع العديد من الشركاء. لكن ظهور العديد من القوى والمنظمات السياسية في أعقاب الربيع العربي لا يعد حسنة فقط، حيث يتعين على المؤسسات دراسة الشركاء المحتملين بعناية قبل البدء في التعاون معهم. ويؤكد بول سيلينتاج على أهمية الانتظار حتى تكتمل البنية الهيكلية لهذه القوى: " ترشح حوالي 100 حزب سياسي للانتخابات في تونس، يتعين علينا التعرف على البيئة السياسية الجديدة".

نعم للتحاور، لا للشراكة

أقلمت المؤسسات الألمانية نفسها على حقيقتين أساسيتين، تشكلان الواقع السياسي الجديد في بلدان الربيع العربي: الأولي أن هذه المجتمعات في حالة تغير مستمر والثانية أن الدين سوف يلعب دوراً أكبر في الحياة السياسة وفي المجتمع في الفترة القادمة. الأمر الذي يثير تساؤلات حول منهج المؤسسات في التعامل مع القوى الإسلامية وعن إمكانية تأسيس شراكة مع هذه القوى الصاعدة. ويجيب فيليكس ايكينبيرغ من مؤسسة فريدريش إيبرت على هذه التساؤلات قائلاً:" نظمنا قبل الانتخابات المصرية حلقات نقاش في الجامعات على سبيل المثال ودعونا ممثلين من مختلف التوجهات: اليساريين والليبراليين والمحافظين والإسلاميين أيضا. يجب أن نجلس مع هذه القوى على طاولة الحوار حتى نشرح لهم حججنا الرافضة لمواقفهم على الأقل، ولكننا لا تتعاون معها ".

نعم للتحاور، لا للشراكة .. هذا هو شعار مؤسسة فريدريش ناومان في التعاون مع القوى الإسلامية. وينبع هذا التوجه من إيمان المؤسسة بأن التعاون لا يتم إلا على أساس من القيم المشتركة وهذا غير موجود في حال الإسلاميين، كما يقول بول سيلينتاغ.

بيرجيت جورتتس/ ميريام كلاوسنر/ مي المهدي
مرجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد