النص الكامل للحوار مع د. عزمي بشارة رئيس التجمع الوطني الديموقراطي

دويتشه فيله: الانتخابات الإسرائيلية على الأبواب والبعض يرى أنها متميزة عن كل مرة، ربما لوجود حزب جديد عمل على تغيير المعادلة الحزبية في إسرائيل، هل ترون ذلك أيضاً؟

بشارة: بلا شك أن الخارطة الحزبية السياسية في إسرائيل قد تغيرت إذ نشأ يمين جديد بقيادة كاديما واليمين القديم تحول إلى المعارضة وهنالك ما يجمع اليمين الجديد مع حزب العمل ألا وهو الرغبة في الانفصال ديموغرافياً عن الفلسطينيين دون حل عادل، يعني إيمان الطرفين بأنه لا يمكن التوصل إلى حل وبالتالي فإن الظرف الدولي موات لأن تقوم إسرائيل بفرض شروطها على الفلسطينيين. هذا ما يميز هذه المعركة، طبعاً لا أحد يعرف كم سيستمر هذا الحزب لأنه لا يوجد ما يميزه في السياسية الداخلية أو الاقتصادية أو غيرها ولكنه حزب يعبر في المرحلة الراهنة عن مزاج الحكومة الإسرائيلية ولذلك سيكون هو القوة الأولى وسيشكل تحالفا مع حزب العمل لإدارة الدولة.

دويتشه فيله: هل وجود حزب كاديما في الانتخابات الإسرائيلية هذه المرة سيغير من استراتيجية أو برامج الأحزاب العربية في هذه الانتخابات؟

بشارة: نحن أكثر تنبها لأن هذا النمط من العمل أخذ شرعيته في الشارع العربي خارج البلد، أعني في الدول العربية. فحقيقة أن شارون في نهاية حياته كان يقدم عربياً كأنه رجل سلام لأنه قبل فك الارتباط في غزة أثرت علينا، بمعنى أنه منح كاديما نوعا من الشرعية وكنا بحاجة إلى جهود مضاعفة في الخمسة أشهر الأخيرة لنزع صفة الشرعية هذه، أي لجعل حزب كاديما يبدو في عين المواطنين كحزب يميني معاد للفلسطينيين، كحزب أمني للغاية يعج بمجرمي الحرب. أعتقد أن الاتصالات العربية مع هذا التيار أو المديح الذي تلقاه عربياً أساء لعملنا الوطني هنا في الداخل وبالتالي أقول أنه أثر على إستراتجيتنا وكنا بحاجة طيلة ثلاثة أشهر أن نركز في دعايتنا الانتخابية ضد الأحزاب الصهيونية وعلى رأسها حزب كاديما.

دويتشه فيله: عدد كبير من السياسيين من اليمين ومن اليسار ومن الوسط تجمعوا في هذا الحزب واتفقوا على برنامج معين، لماذا لا يحصل هذا الشيء لدى الأحزاب العربية في منطقة الداخل، هل هناك إمكانية للوحدة على الأقل على البرنامج وليس على المباديء؟

بشارة: التجمع الوطني الديموقراطي الذي أمثله قام بخطوات شبيهة عام 95 عندما جمع القوى الوطنية المبعثرة. حزب كاديما لم يجمع نسبياً أكثر مما جمع التجمع الوطني الديموقراطي، هؤلاء جمعوا أنفسهم بناء على وجود إمكانية دولية في فترة بوش لفرض الشروط على الفلسطينيين وأرادوا استغلالها بقيادة شارون أي بأن تفرض إسرائيل الحدود الدائمة من طرف واحد.

حزب كاديما مليء بالفاسدين السياسيين ونجوم السياسة الأمنية، وإضافة إلى كاديما هناك أكثر من 20 حزباً آخر في إسرائيل. أما فيما يتعلق بعرب الداخل، فنحن نجد أنه إذا لم يكن هناك تجمع واحد فقط، فلتكن ثلاث تيارات لا أكثر وهي تيارات تعكس في الواقع وضع سياسي معين على الساحة العربية. هناك تيار تقليدي يصعب تسميته حركة إسلامية ولكنه تقليدي متحفظ ومواقفه السياسية لا تتميز بأنها إسلامية في الواقع، رغم المظاهر الإسلامية، وهو التيار الذي تمثله القائمة العربية الموحدة.

ثم هناك تيار الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة ذو الميول اليسارية، وهو التيار الوحيد الذي سمح له بالعمل في اسرائيل قبل السماح بتأسيس أحزاب عربية. واخيرا هناك التجمع الوطني الديموقراطي كما نسمي أنفسنا. إذن فلدينا ثلاثة تيارات لا يرفع تجمعها في حزب واحد عدد التمثيل أو المقاعد في الكنيست. لقد كنا أصحاب فكرة تجميعها في حزب واحد، ليس لأنها ترفع عدد النواب في الكنيست وإنما لأسباب متعلقة بوجهة نظرنا حول كيفية تنظيم المليون ومائتي ألف عربي في الداخل على أساس قومي. إخواننا في التيارين الآخرين لا يرون أن هذه هي الطريقة المثلى لتنظيم العرب في الداخل، ولذلك يوجد هناك تعددية وتنافس بين ثلاثة تيارات. ولكن إذا نجحت التيارات الثلاث في الانتخابات، وهذا ما أعتقد أنه سيحصل، فلن يضيع أي صوت عربي، بل على العكس ستترجم كلها إلى مقاعد نيابية في البرلمان.

دويتشه فيله: على ماذا تركز البرامج التي تنادي بها الأحزاب العربية لعرب الداخل؟ هل هناك رسالة سياسية محددة، لاسيما مع تطور الأوضاع في مناطق السلطة الفلسطينية؟

بشارة: مواقفنا الوطنية بشأن تطور الأوضاع الفلسطينية والعربية معروفة ومواقفنا القومية معروفة أيضاً. وقد أخذنا فرصة كبيرة لعرض هذه المواقف للجمهور وهو يعرفها، لذلك نحن لا نركز في المعركة الانتخابية كثيراً على هذه المواقف، نحن طبعاً لا نتنكر لها، نحن نؤكدها ونشدد عليها ولكن الجمهور يريد أن يسمع برامجنا بشأنه، يعني بشأن قضاياه المحلية ولذلك نحن نشدد كثيراً على وجوب زيادة التمثيل العربي في الكنيست وتحسين أداءه وعقلانيته وعصرنته من أجل التمكن من رفع قضايا المواطن العربي أو معالجتها وأنا أقصد التمييز العنصري بشكل خاص، ضد العرب في إسرائيل أو مؤخراً قضاياهم المجتمعية. ذلك لأن عملية تهميشهم السياسية والاقتصادية أدت إلى حالات إفقار شديد عند عرب الداخل ومع كل ما ينتج عن ذلك من قضايا، لذلك نحن منشغلون تماماً بهذه المسائل أي معالجة قضايا الناس ومحاولة التأكيد للناس أن أفضل طريقة لمعالجتها هي أن يمثلوا أنفسهم في البرلمان وليس أن تمثلهم الأحزاب الصهيونية الحاكمة.

دويتشه فيله: لقد أصبحت حماس الآن على رأس السلطة الفلسطينية، كيف ترون تأثير ذلك على مجرى الانتخابات الإسرائيلية وعلى مستقبل المنطقة على الأقل على المدى القريب؟

بشارة: برأيي أن انتخاب حماس لم ولن يؤثر في الانتخابات الإسرائيلية بالرغم من حالة الرعب الفزع التي سادت أوساط المراقبين طيلة الفترة وهو أن حماس ستؤدي إلى دفع المجتمع الإسرائيلي إلى اليمين. حزب كاديما كان يعبر في الأصل عن يمين وعن موقف يريد فرض الأمور من طرف واحد والليكود لم يقو بسبب فوز حماس. فوز حماس لم يؤثر برأيي لأن المزاج الإسرائيلي السياسي فيما يتعلق بفرض الحدود من طرف واحد، أيا كان من يحكم السلطة الفلسطينية، قد تبلور في كاديما ولذلك لم يتأثر كثيراً بالانتخابات الفلسطينية.

اجرى الحوار ناصر الشروف