"بصمة خير" - ناشطون يعيدون الفرح إلى بغداد – DW – 2016/10/29
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"بصمة خير" - ناشطون يعيدون الفرح إلى بغداد

٢٩ أكتوبر ٢٠١٦

بينما يذهب الآف من شباب العراق للدفاع عن وطن لازمته الحروب وآخرها الحرب ضد تنظيم "داعش" في الموصل، يحارب في الجانب الآخر طلاب عراقيون لإعادة الجمال والفن والإنسانية إلى العاصمة بغداد.

https://p.dw.com/p/2RnPe
Zeichnen auf Wänden Baghdad
رسم لخارطة العراق مع رمز تاريخي من حضارة وادي الرافدينصورة من: privat

في أزقة بغداد وشوارعها الرئيسية بين الأحياء السكنية وحتى بين المحلات التجارية، تنتصب حواجز كونكريتية عالية تخفي وراءها مشاهد تجسد حياة العراقيين وتاريخهم. منذ الاحتراب الطائفي في العراق بين عامي 2006 و2007 وبسبب الأنفلات الأمني قامت أمانة بغداد (المؤسسة المعنية بإدارة العاصمة) بوضع حواجز كونكريتية لتقليل الأحتكاك بين الأحياء السكنية في بغداد وخفض الخروقات الأمنية، وتقليل فرص الهجمات بالسيارات المفخخة والعناصر الانتحارية.

اليوم، ورغم عددها الذي أصبح أقل من السابق بعد رفع بعضها من شوارع بغداد، يلفت نظر من يزور العاصمة الرسوم والألوان التي تكسو الحواجز الكونكريتية وهي رسوم تحاكي صورا من التراث البغدادي و التاريخ العراقي و بعض صورمستوحة من مناظر طبيعية.

لكن ما سر تلك الألوان والرسوم؟ ومَن حوّل الجدران الصماء إلى جدران تروي تاريخ وثقافة وبعض آمال ورغبات أهل بغداد؟

طلاب جامعيون من سكان العاصمة، تجمعوا ليرسموا لوحات فنية على الحواجز الكونكريتية. جاءت الفكرة بعدما رأوا كيف تحولت عاصمة الفن والجمال إلى سجن كبير وكئيب يفصل بين أحيائها وأزقتها وبين أناس عاشوا عشرات السنين مع بعضهم البعض، لكن فرقتهم حواجز ضخمة بألوان باهتة تبعث الحزن.

Zeichnen auf Wänden Baghdad
نوتة النشيد الوطني العراقي صورة من: privat

تجميل الجدران الكونكريتية بالرسوم والألوان

"كان هدفي أن تكون عاصمتي أجمل، لذا تطوعنا لنجعل من بغداد عاصمة للثقافة والجمال"، هذا ماقاله الطالب مهند صباح في حديث الى  DW عربية  مشيرا الى أنه إبتكر فكرة الرسم على جدران جامعته بعدما إحيطت بالحواجز الكونكريتية. ومبينا أنّ اثني عشر طالبا وطالبة من الجامعة نفسها قد قاموا بالرسم بالألوان وبمختلف الأشكال والمعاني. هؤلاء الشبان والشابات ومن خلال جمعية تدعى "بصمة خير" قاموا بنشاطات وأعمال خيرية .

أسست هذه الجمعية الناشطة بان منذر التي أطلقتها من خلال حملة على فيسبوك لتشجيع الشباب للتطوع في فريق"بصمة خير". وفي حديثها الى DW عربية كشفت بان أنّ "كثيرين رغبوا في الأنضمام للفريق لأهداف إنسانية". وفي هذا السياق أضاف مهند "أساس عملنا هو العمل التطوعي ونحن نؤمن به".  

يبدأ أعضاء الفريق بتنظيف الجدران من الملصقات العشوائية والمساحة المحيطة بها من النفايات والأتربة ، ثم يشرعون بإختيار الرسوم من قبل لجنة مختصة تشترط أن تكون الصورة ذات معنى قوي وهادف. فمثلا رسمت فاطمة الوردي نوتات موسيقية على امتداد الجدران بما يمنح المرء إحساسا بالحركة والنغم المصوّر. وحسب ما ذكر مهند، فإنّ "هذه المقطوعة الموسيقية (النوتات) هي نغم النشيد الوطني العراقي".

المقطوعات الموسيقية بلونها الأسود هي لحنٌ عن الحرية يجعل الحواجز الصماء تغني. صورة أخرى زيّنت الجدار جسدت طلبة فرحوا بتخرجهم فرموا بقبعات التخرج الى السماء بما يعبّر عن أملهم في التخرج والنجاح رغم الحواجز المحيطة بالجامعة ومصاعب حياتهم.

Zeichnen auf Wänden Baghdad
صورة لطلاب متخرجين على الحواجز الكونكريتية صورة من: privat

"بصمة خير" مرت على النازحين والمحتاجين

فريق "بصمة خير" لم يغفل وضع النازحين والمحتاجين في بغداد، فبسبب الحرب والأوضاع الأمنية الرديئة، يعاني كثيرون أوضاعا مادية وإنسانية سيئة جدا، وفي هذا المجال يقوم الفريق بحملات إغاثة ليس في بغداد فحسب بل في محافظات إخرى مثل الأنبار وصلاح الدين، وفي هذا السياق يقول مهند " نسعى جاهدين أن نقدم كل ما لدينا لنساعد أهلنا في كل شبر من العراق".

وبجانب النازحين يسعى الفريق إلى إدخال البهجة والسرور لقلوب الأيتام بأخذهم إلى أماكن للأطفال وتوزيع الهدايا عليهم مع وجبة غداء وعروض ترفيهية مع مسابقات.

 "بصمة خير" لا تقف عند هذا الحد، بل تذهب أيضا إلى دار المسنين لتخفيف آلامهم والترفيه عنهم بزيارتهم بصورة متكررة ، ومحادثتهم للتخفيف آلام الوحدة عنهم.

المصابون بالسرطان لهم نصيب من أثر "بصمة خير"، حيث يقوم الفريق بزيارات متكررة للأطفال المصابين بمرض السرطان في المستشفيات وتنظيم برامج لهم لتخفيف آلامهم ولمساعدتهم في قهر الداء الوبيل. وحول هذه الفعالية تقول بان منذر: "احتفلنا بمناسبة حلول العام الميلادي مع أطفال السرطان". وتذكر بان بأن فكرة تأسيس فريق "بصمة خير" خطرت في ذهنها عندما كانت تحاول أن تساعد المحتاجين ولكنها شكت بالقول "كنت لوحدي ولم أستطع فعل الكثير". اليوم باتت الجمعية تترك بصمتها في كل مكان محاولة بهذا إضافة لون مبهج، وبث أمل كبير في قلوب الناس، أملُ يسلحهم لقهر العنف اليومي ويساعدهم في إطفائه.

زينب عباس الخفاجي

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد