بعد إعدام متظاهرين- انتقاد القضاء يتصاعد من داخل إيران نفسها – DW – 2022/12/23
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد إعدام متظاهرين- انتقاد القضاء يتصاعد من داخل إيران نفسها

٢٣ ديسمبر ٢٠٢٢

بعد إصدار محاكم إيرانية أحكاما بإعدام متظاهرين، أدانتهم بـ"شن حرب على الله"، تعرض القضاء الإيراني إلى انتقادات غاضبة من قبل محامين وعلماء دين وقضاة بارزين، من بينهم آية الله مرتضى مقتدي، نائب رئيس "جمعية مدرسي حوزة قم".

https://p.dw.com/p/4LEKk
انتقادات ضد القضاء الإيراني عقب إصدار أحكام بالإعدام ضد متظاهرين
انتقادات ضد القضاء الإيراني عقب إصدار أحكام بالإعدام ضد متظاهرينصورة من: imago images/Konrad Zelazowski

نفذت إيران قبل أيام (الاثنين 12 ديسمبر/ كانون الأول) ثاني عملية إعدام بحق مدان ثان على ارتباط بالاحتجاجات العارمة في البلاد، والتي هزت المؤسسة الدينية في الجمهورية الإسلامية خلال الأشهر الأخيرة.

وأفادت وكالة "ميزان" الإخبارية التابعة للسلطة القضائية في إيران بأنه جرى إعدام ماجد رضا رهنورد، البالغ من العمر 23 عاما، شنقا علنا بعد صدور حكم بالإعدام بحقه من قبل محكمة بمدينة مشهد شمال شرقي إيران لإدانته بقتل عنصرين من قوات الأمن بسكين.

وقبل تلك الواقعة بأربعة أيام (الخميس 8 ديسمبر/ كانون الأول )، قامت إيران بتنفيذ أول حالة إعدام بحق محتج يُدعى محسن شكاري يبلغ 23 عاما أيضا، على خلفية اتهامه بطعن عنصر أمني بالسكين.

وقالت السلطات الإيرانية إن الاثنين أُدينا بـ"شن حرب على الله"، وهي تهمة يُصدر بحقها عقوبة الإعدام بموجب قانون الشريعة الإسلامية في إيران، فيما يتهم القضاء عشرات المتظاهرين بالانخراط في "شن حرب على الله".

ونقلت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) عن آية الله مرتضى مقتدي، وهو باحث شيعي إيراني ونائب رئيس "جمعية مدرسي حوزة قم" في 12 ديسمبر / كانون الأول قوله إن "المتظاهرين لا يشنون حربا على الله ولا على النظام الإسلامي".

وقال مقتدى، الذي تولى في السابق رئاسة  محكمة العدل الإيرانية، إن "المحتجين كانوا يتظاهرون من أجل حقوقهم، لكن قوات الأمن منعتهم من ممارسة حقوقهم".

 محكمة في مدينة مشهد في شمال شرق إيران حكمت على مجيد رضا رهناورد بالإعدام.
محكمة في مدينة مشهد في شمال شرق إيران حكمت على مجيد رضا رهناورد بالإعدام وشنق علنا في المدينة وليس داخل السجن، حسبما ذكر موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية الإيرانية. صورة من: isna

ماذا تعني تهمة "شن حرب على الله"؟

يعد الاتهام بـ "شن حرب على الله" من أخطر الاتهامات في إيران، لكنه الجريمة يكتنفها الكثير من الغموض؛ إذ لا يُعرف ماذا تعني، وهو الأمر الذي يفتح الباب أمام الكثير من التأويل.

وفي الوقت الحالي، يستخدم القضاء هذه العبارة على نطاق كبير بهدف ترهيب المحتجين وهو الذي قوبل بانتقادات من قبل جماعات حقوقية التي وصفت المحاكمات "بالصورية".

بدوره، قال الباحث الشيعي آية الله مرتضى مقتدى إن فرض عقوبة الإعدام يستلزم ارتكاب المدان جريمة قتل، مضيفا أن هذا الأمر لم ينطبق على محسن شكاري الذي كان يشارك في الاحتجاجات المناهضة للحكومة في إيران، ما أدى إلى إغلاق أحد الشوارع، فيما قِيل إنه جرح أحد عناصر "الباسيج"، التي تعني "المتطوعين"، وهي قوات شبه عسكرية تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني.

طلبة كلية الفنون الجميلة في طهران يتظاهرون بعد موت مهسا أميني (8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022)
آية الله مرتضى مقتدي: المتظاهرون لا يشنون حربا على الله ولا على النظام الإسلامي.صورة من: SalamPix/ABACA/picture alliance

بدوره، حذر أستاذ القانون بجامعة طهران محسن برهاني في فَعَالية نُظمت داخل جامعة الإمام الصادق، من أن "القضاء يفقد مصداقيته"، مضيفا "أكثر من نصف المجتمع لم يعد يصدقنا".  وتابع برهاني: "يواجه المتظاهرون محاكمات موجزة. فأين الدليل على ارتكاب جريمة شن الحرب على الله".

وجدير بالذكر أن جامعة الإمام الصادق تأسست بعد الثورة الإسلامية عام 1979 وتقوم بتدريب رؤساء أجهزة الدولة في  إيران.

كما يشار إلى أنه جرى تنفيذ عقوبة الإعدام بحق ماجد رضا رهنورد  في محاكمة قصيرة لاتهامه بقتله عنصرين من قوات الباسيج وإصابة أربعة أشخاص آخرين، وفقا لما ذكرته وكالة "ميزان".

الصحافي الإيراني صدرا محقق، طرح في تغريدة على صفحته بموقع تويتر تساؤلا مفاده: "كيف يمكن للمواطن العادي أن يميز أن مسلحين يرتدون ملابس مدنية يعتدون على المواطنين بالضرب بالعصي هم أعضاء في ميليشيا الباسيج وليسوا إرهابيين تسللوا بين الناس لقتلهم؟"

النظام يواجه صعوبة في وقف المظاهرات

وتشهد إيران مظاهرات عارمة منذ وفاة الشابة  جينا مهسا أميني  في 16 سبتمبر/ أيلول وهي رهن الاحتجاز لدى ما تُعرف بـ "شرطة الأخلاق" بسبب ارتدائها ما اُعتبر بـ "لباس غير محتشم" .

وفقا لمنظمات حقوقية، جرى اعتقال حوالي 18 ألف متظاهر منذ بدء موجة المظاهرات الأخيرة، فيما وقع 11 منهم تحت طائلة الاتهام بـ "شن حرب على الله".

وفي مقابلة مع DW، قال علي رضا، وهو طالب في مدينة قزوين، جرى حجب اسمه الحقيقي خوفا على سلامته، إن "الأمور ستزداد سوءا يوما بعد يوم بسبب تزايد حالة الغضب والحزن بين عائلات وأصدقاء وأقارب المتظاهرين الذين جرى قتلهم. هذا الأمر سيحشد المزيد".

وأضاف "تقوم قوات الأمن وهي ترتدي ملابس مدنية بعمليات تفتيش في كل مكان في مدينة قزوين بما في ذلك الجامعة. لا أعرف ما المدى الذي سوف تصل إليه الأمور؟ الاحتجاجات سوف تندلع. نحن طلاب الجامعة في إضراب وهناك كثير منخرطون، لهذا السبب تم إلغاء العديد من الفصول الدراسية ".

وفي محاولة لوقف المظاهرات، خاصة في الجامعات الإيرانية، قالت السلطات إنها تسعى لإجراء "حوار"، فيما نظمت جامعات إيرانية عديدة فعاليات خلال إحياء "يوم الطالب الإيراني" في السابع من ديسمبر / كانون الأول، وسط مطالبات بضرورة إجابة المسؤولين الحكوميين على أسئلة الطلاب.

وكان الرئيس إبراهيم رئيسي قد ألقى خطابا في جامعة طهران ثم سمح بعد ذلك لبعض الطلبة بطرح أسئلة.

بدورها، قالت فاطمة، الطالبة الإيرانية في جامعة الزهراء بطهران، إن من كان يشارك في هذه الفعاليات هم "طلاب هادئون وموالون للنظام".

وتعد جامعة الزهراء الوحيدة في إيران للإناث مع تطبيق قواعد قبول صارمة، فيما قالت فاطمة البالغة من العمر 25 عاما والتي جرى تغيير اسمها الحقيقي خوفا على سلامتها، إنه منذ وفاة مهسا أميني "رأينا في جامعتنا متظاهرات".

وقالت "أنا متفاجئة من شجاعة زميلاتي في الجامعة. كانت  جامعة طهران  في السابق في طليعة العمل السياسي. هذه المرة الجميع يحتج".

احتجاجات "يوم الطالب"

تعد  جامعة طهران من أعرق الجامعات في إيران وتحمل رمزية حتى قبل قيام الجمهورية الإسلامية إذ أنه قبل 70 عاما وتحديدا في 7 ديسمبر / كانون الأول عام 1953، قُتل ثلاثةُ طلاب في الجامعة برصاص الجنود إبان حقبة الشاه خلال اضطرابات وقعت عقب الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء محمد مصدق.

الجدير بالذكر أن المخابرات الأمريكية والبريطانية قد ساعدتا في الانقلاب على محمد مصدق، أول رئيس وزراء إيراني منتخب ديمقراطيا، ما مهد الطريق أمام عودة حكم الشاه، الذي رفض بعد ذلك أي إصلاحات ديمقراطية.

مظاهرة تضامنية في بون مع المحتجين في ايران
مظاهرة تضامنية في بون مع المحتجين في ايرانصورة من: Shirin Shakib/DW

ومنذ ذلك الحين، أصبح الطلاب الثلاثة، الذين قتلوا في أحداث 1953، رمزا للمقاومة فيما أطلق على يوم مقتلهم "يوم الطالب الإيراني"، عقب قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979، حيث تجرى فعاليات ومسيرات.

لكن خلال العشرين عاما الماضية، كانت المسيرات فرصة للاحتجاج على النظام، فيما أصدرت كيانات طلابية في أكبر سبع جامعات في طهران بيانا مشتركا في يوم الطالب جاء فيه: "سنواصل الكفاح من أجل الديمقراطية والحرية".

الطلاب في مواجهة المسؤولين

وفي "يوم الطالب الإيراني"، جرى نشر مقاطع مصورة لمسيرات داخل مختلف الجامعات الإيرانية، بما في ذلك فعالية في اليوم السابق داخل جامعة الشريف حيث التقى رئيس بلدية طهران  علي رضا زاكاني بعدد من طلاب الجامعات الذين قاموا باستقباله بوابل من الأسئلة المحرجة.

وخلال اللقاء، وقفت طالبة وهي لا ترتدي حجابا، قائلة "الشاه كان يمتلك قدرا كبيرا من الكرامة لأنه رحل عن البلاد عندما شاهد الاحتجاجات الجماهيرية ضده في البلاد".

وبمجرد خروج زاكاني من القاعة، هتف الطلاب والطالبات هتافات ضد النظام لا سيما "الموت للديكتاتور".

لكن منظمات حقوقية تقول إن الطلاب الذين يشاركون في الاحتجاجات يواجهون عقوبات قاسية، مستشهدين في ذلك بقضية سابا رياني، التي صدر بحقها في "يوم الطالب الإيراني" عقوبة بالسجن ستة أشهر وبالجلد 30 جلدة بسبب مشاركتها في مظاهرة سلمية في الجامعة.

شابنام فون هاين /  م ع