بولندا تلمح إلى إفشال مشروع الدستور الأوروبي وباروسو يجدد دعمه لميركل

فاجأ الرئيس البولندي ليخ كاشينسكي المراقبين بإشارته إلى ترك جميع الخيارات مفتوحة أمام احتمال لجوء حكومته إلى إفشال مشروع إعادة إحياء مسودة الدستور الأوروبي، لتتحول بذلك الأنظار من الرفض الفرنسي والهولندي لمسودة الدستور إلى بولندا التي من المحتمل أيضا أن تصوت ضد دستور أوروبي موحد. ففي مقابلة مع الصحيفة البريطانية "ذي تايمز" قال الرئيس البولندي إن بلاده "تتمتع بجميع الحقوق اللازمة من أجل الدفاع عن مصالحها" وذلك في معرض إجابته على سؤال حول احتمال استخدام بلاده حق النقض الفيتو لرفض مسودة الدستور.

أما بخصوص قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة، فقد أعرب الرئيس البولندي عن دعمه للقمة، قائلا إنه "يتمنى أن تكون القمة مكللة بالنجاح، ولكن هذا النجاح يتطلب عدم خروج بعض الدول كاسبا من القمة والبعض الآخر خاسرا." وألمح الرئيس البولندي في المقابلة ذاتها إلى أن جمهورية التشيك "مستعدة لتأييد الموقف البولندي".

باروسو يجدد دعمه لميركل

يشار إلى أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تترأس بلادها الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي تنوي في القمة المقبلة المزمع تنظيمها بين 21 و 22 يونيو/حزيران الجاري في بروكسل الإعلان عن خطة زمنية لإقرار مسودة الدستور. وفي هذا الخصوص، أعرب رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو عن أن المفوضية الأوروبية "ستدعم الرئاسة الألمانية للاتحاد الأوروبي دعما كاملا" خلال القمة الأوروبية المقبلة بشأن التوصل لاتفاقية دستور أوروبي موحد. وأضاف باروسو عقب لقائه مع قيادات بالكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني أمس في بروكسل أن توقيت إدخال إصلاحات على اتفاقية الدستور الأوروبي الموحد أصبح أفضل من أي وقت مضى وأشار إلى أن ثقة المواطنين الأوروبيين في أوروبا قد زادت.

وفي إشارة إلى مطالبة الحكومة البولندية بأن تسمح لها اتفاقية الدستور الأوروبي الموحد بالحصول على ثقل أكبر عند التصويت على قرارات الاتحاد الأوروبي، صرح فولكر كاودر، رئيس الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي الديمقراطي بالقول: "لن تفشل القمة بسبب شيء مثل هذا. على البولنديين أن يعلموا أن أوروبا هي وطنهم في الحاضر والمستقبل". وحث كاودر على توزيع المهام في الاتحاد الأوروبي وقال إنه على أوروبا أن تحل القضايا الكبيرة وتترك الباقي للدول الأعضاء.

... وكاشينسكي يبقى متفائلا

وردا على انتقادات واضحة وجهها بعض السياسيين الأوروبيين في بروكسل وخاصة الألمان منهم لتصريحات كاشينسكي، أعرب الرئيس البولندي "عن تفائله الكامل" من أنه سيتم التوصل إلى تسوية خلال قمة الاتحاد الأوروبي المقبلة فيما يتعلق بمعاهدة الدستور الأوروبي. في الوقت ذاته، قال كاتشينسكي في مؤتمر صحفي مشترك في وارسو مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إنه "مفعم بالتفاؤل بالتوصل خلال القمة إلى تسوية يسعد بها الجميع". وتابع بالقول إن بلاده ستسعى إلى تغيير نظام التصويت المنصوص عليه في مشروع معاهدة الدستور الأوروبي وهو التحرك الذي لا ترحب به بقية الدول الأعضاء بالاتحاد.

ساركوزي في وارسو

أما ساركوزي فقد علق قائلا إن الأمر الأهم هو أن الرئيس البولندي قال إنه يرغب في أن تحقق القمة نجاحا" في إشارة إلى المشاورات الدبلوماسية لتسوية الخلافات المتعلقة بمشروع الدستور. وتعترض بولندا على ما يسمي نظام "الأغلبية المزدوجة" للاقتراع الموضوع في مشروع معاهدة دستور الاتحاد الاوروبي الحالية لأنه يعطي للدول الأكبر حجما وعلى رأسها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا حقا أكبر في إصدار القرارات.

ووفقا لنظام الاتحاد الأوروبي فإن أي قرار يتخذ لابد وأن يوافق عليه ما لا يقل عن 55 % من أعضاء الاتحاد وهو ما يعادل 15 دولة تمثل 65 % من سكان الاتحاد بالكامل. إلا أنه وبعد رفض الناخبين الفرنسيين والهولنديين مجمل مشروع الدستور في استفتاءين منفصلين عام 2005 أصبح دخول أي قرار حيز التنفيذ يتطلب موافقة بالإجماع من أعضاء الاتحاد البالغ عددهم 27 دولة. وحتى الآن لم توافق على المشروع رسميا إلا 18 دولة فقط.

... وثاباتيرو إلى برلين

على الصعيد ذاته، يغادر رئيس الوزراء الأسباني خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو مدريد اليوم الجمعة متوجهاً إلى برلين لعقد مباحثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. كما سيتوجه ثاباتيرو بعد ذلك إلى وارسو وبصحبته أربعة وزراء لحضور فعاليات القمة الأسبانية-البولندية الرابعة، حيث تتركز المحادثات حول مستقبل الدستور الأوروبي. وتؤكد كل من ميركل وثاباتيرو على أهمية التوصل إلى إتفاق سريع بهذا الشأن تقبل به جميع دول الاتحاد الأوروبي.