تعقب "رجل أعمال تركي".. الحلقة المفقودة في "قطر غيت"؟ – DW – 2023/8/22
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعقب "رجل أعمال تركي".. الحلقة المفقودة في "قطر غيت"؟

٢٢ أغسطس ٢٠٢٣

أشارت السجلات البريطانية لوجود ارتباط بين رجل أعمال تركي وشركة تعود ملكيتها للعائلة المالكة بقطر. ويعد هذا الارتباط بمثابة كشف عن "الحلقة المفقودة" في مزاعم دفع قطر والمغرب رشاوى للتأثير على مشرعين في الاتحاد الأوروبي.

https://p.dw.com/p/4VRRE
هل يوجد ارتباط بين هاكان كاموز وفضيحة "قطر غيت"؟
هل يوجد ارتباط بين هاكان كاموز وفضيحة "قطر غيت"؟صورة من: Ray Tang/AA/picture alliance

بعد أن غادر بلاده عام 1992، عمل التركي هاكان كاموز في بداية حياته بالعاصمة البريطانية لندن في مطعم كباب حيث كان ساعات دوام عمله تمتد لقرابة 15 ساعة.

ولم تكن هذه البداية الصعبة والقاسية تبشر بأن هذا الرجل – الذي سيصبح محاميا لاحقا - سيجد طريقه إلى دوائر الثروة والسلطة في لندن وأنقرة ودول أخرى ليصل إلى أن يتردد اسمه في نهاية المطاف في فضيحة "قطر غيت" التي ما زالت تعصف بالبرلمان الأوروبي.

و"قطر غيت"  هو الاسم الذي أُطلق على تحقيق قضائي بشبهات فساد في البرلمان الأوروبي يُعتقد أنّها مرتبطة بقطر  والمغرب اللذين ينفيان أيّ علاقة لهما بهذه القضية.

وتخلل انتقال كاموز من الكباب إلى المحاماة عمله في مطعم صغير لبيع الهمبرغر حتى تمكن من تعلم اللغة الإنجليزية ليحصل فيما بعد على درجة البكالوريوس في السياسة والعلاقات الدولية.

وأثناء دراسته للحصول على درجة الماجستير في دراسات الحرب في كلية كينجز كوليدج بلندن، عمل كاموز كمترجم ومساعد في مكتب للمحاماة يساعد الأتراك في لندن ليصبح بعد ذلك مستشارا قانونيا.

وتلا ذلك، قيام كاموز بتأسيس العديد من الشركات المسجلة في المملكة المتحدة وتركيا فيما ارتبط بعضها بفضيحة "قطر غيت".

ومن بين الشركات "مكتب محاماة ستوك وايت" ومقره لندن والذي انخرط في قضايا ضد حكومات دول منافسة لتركيا مثل الهند وإسرائيل والسعودية وسوريا والإمارات.

وفي مقابلة مع DW، قال "خلال السنوات العشر الماضية، كان تركيز عملنا في مجال قانون الهجرة منصبا بشكل أكبر على انتهاكات حقوق الإنسان  وجرائم الحرب حيث قمنا برفع العديد من قضايا جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان".

صادرت الشرطة البلجيكية حوالي 1.5 مليون يورو نقدا خلال مداهمات بما في ذلك حقيبة ممتلئة بالأوراق النقدية فئة خمسين ومئة يورو.
صادرت الشرطة البلجيكية حوالي 1.5 مليون يورو نقدا خلال مداهمات بما في ذلك حقيبة ممتلئة بالأوراق النقدية فئة خمسين ومئة يورو.صورة من: AFP

ولم يتوقف الأمر على "مكتب محاماة ستوك وايت" بل أصبح كاموز عضوا في مجلس إدارة مؤسسة "ريدينت تراست" التي بحسب موقعها الإلكتروني تعد مؤسسة خيرية تنشط في "مساعدة المنظمات المعنية بحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم لجمع الأموال التي تحتاجها لتحقيق أهدافها".

وفي عام 2021، أقدم كاموز على تأسيس شركة London RS Properties العقارية والمملوكة لوزير المالية التركي السابق محمد شيمشك ورجل الأعمال التركي عبد الرحمن ريسيت أوغلو الذي تتعاقد معه الحكومة التركية لتنفيذ المناقصات العامة. وقد تولى كاموز إدارة الشركة لفترة زمنية قصيرة.

الجدير بالذكر أن أردوغان أعاد شيمشك إلى منصبه عام 2023.

الفساد في البرلمان الأوروبي

يشار إلى أنه في أواخر العام الماضي، جرى القبض على العديد من أعضاء  البرلمان الأوروبي  من بينهم النائبة السابقة لرئيسة البرلمان الأوروبي، اليونانية إيفا كايلي، التي باتت الشخصية الرئيسية في الفضيحة التي هزت البرلمان الأوروبي فيما كان صديقها المساعد البرلماني فرانشيسكو جورجي ضمن أول دفعة من الموقوفين في ديسمبر / كانون الأول في بروكسل عندما عثر المحققون على 1,5 مليون يورو نقدا موزعة في حقائب وأكياس.

وجرى اتهام الموقوفين بالتورط في جرائم فساد وغسيل الأموال والانخراط في منظمة إجرامية.

وقد أشارت التقارير الأولية حيال فضيحة "قطر غيت" إلى قيام مسؤولين من قطر والمغرب وموريتانيا بدفع كافة نفقات رحلات السفر الفاخرة وأيضا تقديم تحويلات نقدية لأعضاء البرلمان الأوروبي للتأثير على قرارات السياسة بشأن قضايا مثل اتفاق طيران أبرم عام 2021 سمح بدخول الخطوط الجوية القطرية (الناقل الوطني لدولة قطر) إلى مطارات الاتحاد الأوروبي.

وتورط المشروعون الأوروبيون الذين حصلوا على رشاوى في العمل لضمان امتناع البرلمان الأوروبي عن انتقاد هذه الدول علنا بسبب انتهاكات حقوقية في قضايا المرأة ومجتمعات الميم ومعاملة العمالة الوافدة والأقليات.

وعلى خلفية فضيحة "قطر غيت"، تعهد العضو السابق في البرلمان الأوروبي بيار أنطونيو بانزيري بالتعاون مع  السلطات البلجيكية  مقابل تخفيف العقوبة ضده.

باتت النائبة السابقة لرئيسة البرلمان الأوروبي، اليونانية إيفا كايلي، الشخصية الرئيسية في فضيحة "قطر غيت" مع صديقها المساعد البرلماني فرانشيسكو جورجي
باتت النائبة السابقة لرئيسة البرلمان الأوروبي، اليونانية إيفا كايلي، الشخصية الرئيسية في فضيحة "قطر غيت" مع صديقها المساعد البرلماني فرانشيسكو جورجيصورة من: Eurokinissi/AFP

وقال المدعي العام البلجيكي في بيان صدر في 17 يناير/ كانون الثاني الماضي إن بانزيري وقع على اتفاق للتعاون بشرط تخفيف العقوبة عليه.

وقد حصلت صحيفة "ليسبرسو" الإيطالية على شهادة جيورجي وشاركتها مع DW  حيث كشفت عن استخدم المشرع الأوروبي السابق وبانزيري شركة وهمية في إيطاليا تسمى Equality Consultancy SRL بهدف إضفاء بعض الشرعية على تدفق أموال الرشاوي بدلا من الاعتماد على التحويلات النقدية.

وأبلغ بانزيري المحققين أن أموالا قطرية جرى تحويلها إليه وإلى شركائه عبر "رجل أعمال تركي ومحاميه في لندن" فيما ذكر اسم هاكان كاموز الذي لم يتم الكشف عن اسمه علنا من بين المشتبه بهم في التحقيقات.

وفي مقابلة مع DW، قال كاموز إنه لا يعرف شخصيا السياسيين المتورطين في القضية، لكنه قال إنه كان قد التقى بجورجي في الدوحة  خلال مؤتمر يتعلق بعمله في مجال حقوق الإنسان حيث أعرب عن إعجابه بنجاحه كشخصية ذات نفوذ في البرلمان الأوروبي.

وقد أشارت الوثائق التي حصلت عليها DW إلى أنه خلال الفترة بين عامي 2019 و 2020، أرسلت شركة "ستوك وايت" ومؤسسة "ريدينت تراست" أكثر من 115 ألف دولار إلى شركة Equality Consultancy في مقابل "خدمات" يقدمها جيورجي للترويج لنشاط كاموز الحقوقي داخل البرلمان الأوروبي ومساعدة منظمته في الحصول على مساعدات مالية أوروبية.

فضيحة "أوراق الجنة"

ولم ينحصر العمل الاستقصائي الذي قام به فريق DW على الاعتماد على شهادة بانزيري وجورجي أمام المحققين والمقابلة التي أجرتها مع كاموز، بل جرى استخدام قواعد بيانات مفتوحة المصدر وتسريبات للكشف عن المزيد من الأطراف المعنية.

وفقا لما نشرته صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية والاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين في عام 2017 إبان فضيحة "أوراق الجنة"، فقد جرى تسجيل شركة تسمى Radiant Properties Limited تدار من قبل مؤسسة "ريدينت تراست" في جيرسي بجزر القنال الإنجليزي التي تعد أبرز الملاذات الضريبية.

وكشفت السجلات الرسمية  التي تحتفظ به "لجنة جيرسي للخدمات المالية" عن معلومات إضافية عن الشركة حيث تبين أنها شركة عقارية مملوكة لخالد آل ثاني، أحد الأعضاء البارزين في العائلة المالكة القطرية والرئيس التنفيذي لبنك قطر الدولي الإسلامي، ونجله تركي.

ورغم عدم تمكن DW من التأكد من أن شركة Radiant Trust التي ذُكر اسمها في وثائق فضيحة "اوراق الجنة" هي ذاتها شركة  Radiant Trust التي يعد كاموز أحد أعضاء مجلس إدارتها، إلا أن كلا الكيانين يحملان نفس الاسم وقد جرى تسجيلهما في نفس الولاية القضائية فضلا عن أنه لا توجد مؤسسة خيرية أخرى تحمل اسم Radiant Trust في المملكة المتحدة بحسب سجلات المؤسسات الخيرية في البلاد.

ورفض كاموز الرد على استفسارات DW بشأن علاقته مع أفراد من العائلة المالكة في قطر  وبدوره لم يرد خالد آل ثاني على أسئلة DW.

وتنفي حكومة قطر بشكل قاطع أي صلة لها بهذه الاتهامات.

كشففت السجلات الرسمية في جزيرة جيرسي عن خالد آل ثاني يمتلك شركة Radiant Properties Ltd
كشففت السجلات الرسمية في جزيرة جيرسي عن خالد آل ثاني يمتلك شركة Radiant Properties Ltdصورة من: Jersey Financial Services Commission

ثقافة الإفلات من العقاب

ولم تكشف فضيحة "قطر غيت" عن شبكة كبيرة من المعاملات المالية والتحالفات السرية فحسب، بل كشفت أيضا عن حقيقة مفادها أن البرلمان الأوروبي لا يمتلك إجراءات حماية كافية ما دفع رئيسته روبرتا ميتسولا إلى اقتراح حزمة من 14 نقطة لمكافحة أي أعمال فساد ورشوة.

وأعلنت ميتسولا أواخر العام الماضي عن فتح تحقيق داخلي للوقوف على كافة ملابسات القضية، قائلة "لن يكون هناك أي إفلات من العقاب. لن يتم إخفاء أي شيء. هؤلاء الأطراف ذوي الدوافع المغرضة المرتبطين ببلدان ثالثة استبدادية استخدموا على ما يبدو منظمات غير حكومية ونقابات وأفرادا ومساعدين ونوابا أوروبيين كأسلحة بهدف إخضاع آلياتنا، لكن خططهم المغرضة فشلت".

ورغم ذلك، تعرضت المسؤولة الأوروبية لانتقادات إذ قال نيكولاس أيوسا، نائب مدير منظمة الشفافية الدولية في بروكسل، إن البرلمان الأوروبي لم يكن "قاطعا في مسائل الشفافية".

وأضاف أن المشرعين يفتقرون بشكل عام إلى الإرادة لضمان الرقابة، قائلا: "لقد عاش أعضاء البرلمان الأوروبي في كنف ثقافة الإفلات من العقاب لفترة طويلة لدرجة أنه بات من الصعب عليهم قبول حقيقة أنهم بحاجة إلى تبني إصلاحات حقيقية".

وانتقد غياب الشروع في إصلاحات رغم الضجة التي أثارتها فضيحة  "قطر غيت" ، قائلا "كان من المفترض إطلاق مقترحات سريعة لتمهيد الطريق أمام تدشين إصلاحات أكبر".

الجدير بالذكر أنه كان من المقرر التصويت على مسودة لمكافحة الفساد في يوليو/ تموز الماضي، لكن جرى تأجيل التصويت إلى سبتمبر/ أيلول المقبل على وقع فشل الأحزاب الأوروبية في الاتفاق على تدابير لتقييد التواصل بين أعضاء البرلمان الأوروبي وجماعات الضغط.

وفي ذلك، ينتقد مراقبون عدم تطبيق أي قواعد جديدة لمكافحة الفساد داخل أروقة البرلمان الأوروبي على الإطلاق رغم مرور أكثر من سبعة أشهر على الكشف عن فضيحة "قطر غيت" التي هزت واحدة من أكثر المؤسسات الأوروبية تأثيرا.

 

سردار فاردار / م. ع

ساهم في إعداد التقرير جاك باروك وباولو بيونداني من صحيفة "ليسبرسو" الإيطالية