جبهة النصرة بين القاعدة وبين الجيش الحر – DW – 2012/11/22
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

جبهة النصرة بين القاعدة وبين الجيش الحر

جاسم محمد٢٢ نوفمبر ٢٠١٢

يرى جاسم محمد انه قد بات واضحا ، بان الحركات الجهادية والمجموعات الأصولية التي تقاتل في سوريا، هي أما مجموعاتٌ من الخارج تتألّف من خليط عربي إسلامي يمني نفسه بإمارة إسلامية ،أو مجاميع الجيش السوري الحر غير المتناسقة.

https://p.dw.com/p/16o3n
صورة من: Getty Images/AFP

يكثر الحديث عن الجهاديين وسلاحهم في سوريا، وهي أحاديث تأتي من جهات مختلفة، ينتظم في عدادها النظام ومعارضوه وكذلك أنصارهما ليس في داخل سوريا فقط، وإنما في الخارج عبر المستوين الإقليمي والدولي، وفي كل الأحوال، يظهر البعض تخوفه من الجهاديين وسلاحهم، خلافا لما يقوم به البعض من تخفيف أثر حضور الجهاديين وسلاحهم وتأثيرهما على الوضع السوري واحتمالاته.

ويقصد بالجهاديين الذين تتم الإشارة إليهم، مجموع المسلحين الوافدين من البلدان العربية والإسلامية مع تركيز خاص على المقبلين من أفغانستان والعراق ولبنان والجزائر وليبيا واليمن، وهي البلدان التي شهدت في العقد الماضي حضورا لتنظيم القاعدة، وتنظيمات شقيقة تماثله في تبني الخط الآيديولوجي والعسكري مثل الجيش الإسلامي في العراق وفتح الإسلام في لبنان . وفي أهم الإشارات التي تناولت مجيء هؤلاء إلى سوريا، قالت لجنة التحقيق الدولية حول سوريا التابعة للأمم المتحدة، إن مئات منهم وفدوا من إحدى عشرة دولة إلى البلاد وقدرت مصادر الأمم المتحدة أن دور هؤلاء الرئيسي يتمثل في تأثيرهم الأيديولوجي على المعارضين المسلحين وخاصة على جنود الجيش السوري الحر.

إلىذلك قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية لـصحيفة "الشرق": إنتنظيم جبهة النصرة لأهل الشام، يتكون في أغلبهمن جهاديين كانوا يقاتلون في العراق ضمن تنظيم القاعدة في " دولة العراقالإسلامية "، أكثرهم من الصف الثاني هناك، وهم ينفذون في سوريا نفس التكتيكاتالعسكرية التي كانوا ينفذونها في العراق، وأبرزها العمليات الاستشهادية، مضيفا أن المقاتلين في التنظيم هم من والعراق وليبيا وتونسوالسعودية، كما بدأ ينضم إليهم مقاتلون سوريون وجنسيات عربية أخرى .وقال أبوهنية: إن التنظيم هو الأكثر وجوداً وسرعة في النمو الآن، حيث اعترفت بهالقاعدة وأصبح يتبنى أدبياتها، وأصدر العشرات من البيانات التي لقيت رواجاًكبيراً في أوساط الجهاديين.

" جبهة النصرة ترفض قيادة الجيش الحر"

تكاد تكون جبهةالنصرة أكثر التنظيمات الإسلامية المسلحة نشاطاً على الأراضيالسورية، رغم حداثة عمرها وهي تتغذى على ظهيرها في لبنان : تنظيم فتح الإسلام ، وانتزعت مباركة تنظيم القاعد ة ،بعدما كانت لقيادييها علاقة بالمخابراتالسورية والأميركيةوكذلك على مقاتليها القادمين من العراق .

وقد تبنّت جبهة النصرة الإسلامية الهجوم المزدوج على مبنى هيئة الأركانالعامة للجيش السوري في قلب دمشق. عقب ذلك،أعلن الجيش السوري الحر أن العملية نفذتها أربع مجموعات من فصائلالمعارضة المسلحة، خصّ منها بالذكر تجمّع أنصار الإسلام لدمشق وريفها.

ترفض مجموعة النصرة هذه القتال تحت لواءالجيش الحر، التزاماً منها بمفهوم الراية الذي يحتم على المجاهدي العمل تحت راية التوحيد لإضفاء الشرعية الدينية على جهادهم. وتوضح معلومات مختلفة المصادر أن جبهة النصرة حقّقت قفزتها النوعية، فيهذه الفترة القصيرة، بفضل دعم في العدد والعتاد وصلها من لبنان والعراق. وتكشف الوقائع حقيقة مغادرة عدد من رموز القاعدة وفتح الإسلام، مخيم عين الحلوة وشمال لبنان إلى سوريا . حيث نجح القيادي البارز في القاعدة توفيق طه، وأربعة من قياديي فتح الإسلام، (هيثم الشعبي، زيادأبو النعاج، محمد الدوخي الملقب بخردق، واللبناني عبد الرحمن القراعي)، فيمغادرة عين الحلوة إلى سوريا.

شرعنة جبهة النصرة إعلاميا

جبهة النصرة هي المجموعة الوحيدة من المسلحين السوريين التي تنشر أخبارها على منتدى شبكة الإنترنت الذي يستخدمه زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وتابعون معروفون للشبكة الإرهابية.

يؤشرهذا وجود علاقة بين الجبهة وتنظيم القاعدة الرئيسي، على الأقل من خلال الجناح الإعلامي. وتضفي هذه العلاقة على الجبهة بين الجهاديين المصداقية التي تفتقر إليها الجماعات الأخرى، على حد قول آرون زيلين، الزميل في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى. ويقول زيلين: إنها التنظيم الجهادي الأبرز في سوريا حاليا. ولا يوجد ما يشير إلى امتلاك جبهة النصرة إلى أي أسلحة متطورة أو ثقيلة، لكن تبدو بنادق إيه كيه 47 التي يحملها رجال ألنصرة أحدث من تلك التي يحملها المقاتلون في المجموعات الأخرى التابعة للجيش السوري الحر التي تقاتل في حلب .

تصدر مؤسسة "المنارة البيضاء" الإعلامية التابعة للجماعة بيانات ومقاطعفيديو تُنشر بصورة منتظمة على مواقع جهادية ووسائل تواصل اجتماعي ومواقعتبادل مقاطع الفيديو.
لكن لم يظهر زعيم الجماعة أبو محمد الجولانيشخصيا في أي مقطع فيديو، حيث يفضل الحديث عبر مقاطع صوتية. وتمتد هذهالرغبة في إخفاء الهويات إلى المسلحين والمدنيين الذين يظهرون في مقاطعالفيديو.

تكتيكات متشابهة

يقلص الجيش الحر من وجود قوات النظام وتأثيرها (خاصةً في المناطق الريفية وفي المناطق الحضرية الهامة) وذلك عن طريق الاستيلاء على المواقع العسكرية أو إجبار الحكومة على تركها تحت ضغط منهم. وحتى في المناطق التي تكون فيها قوات النظام قوية نسبياً، تقاتل قوات الثوار من أجل السيطرة عليها .

وتقطع قوات الثوار شبكات الطرق الرئيسية خاصة في محافظتي إدلب وحلب، وعلى نحو متزايد في محافظة الرقة . ويعيق هذا التصرف من قدرة النظام على نقل قواته إلى المناطق المهددة ويجبرها على حماية مواقعها. ويسهم هذا بدوره في عزل مواقع النظام في المناطق المتنازع عليها بما في ذلك قواعد إطلاق المدفعية والمطارات الجوية.

تقوم قوات الثوار بمهاجمة مواقع قوات النظام ومنشآته للحصول على الأسلحة والذخائر. وكل موقع يستولون عليه يمدهم ببعض منها وأحياناً بكميات كبيرة. وتشكل نقاط التفتيش ومنشآت الدفاع الجوي الأهداف المفضلة لهم. وبشكل إجمالي، تواصل العمليات العسكرية التي تشنها قوات الثوار الضغط على النظام في العديد من الجبهات. وربما لا يكون هذا جزءاً من إستراتيجية كبيرة ولكن مجموع هذه العمليات له تأثير مشابه. وقد أدى القتال في العديد من الأماكن إلى إنهاك القوات النظامية مما حرمها من القدرة من شن هجمات واسعة.

"دور محدود"

لا يمثل الجهاديون الثورة السورية وليسوا القوة الأساسية الفاعلة فيها وليس لهم دور قيادي في التخطيط للعمليات العسكرية بل انهم يشكلون جزءاً محدوداً إذ يبلغ عددهم أقل من ألفي مقاتل ينتمون الى جنسيات عربية وأجنبية وينشطون في مناطق عدة وخصوصاً في الشمال. والجهاديون لن يشاركوا في تقرير مصير سوريا ومستقبلها ولن يكونوا في أي حال شركاء في السلطة مع الثوار والمعارضين بل أنهم شركاء في الحرب ضد النظام .

ولم يكن لهم حضور فاعل في اجتماعات المعارضة ومجالسها وآخرها اجتماع الدوحة في 14 نوفمبر 2012 وقد اعترفت باريس بشرعية الائتلاف الوطني السوري المعارض،كما فتحت فرنسا الباب أمام إرسال أسلحة إلى المعارضة بطرح احتمال إلغاءالحظر المفروض حاليا على إرسال السلاح إلى هذا البلد بقرار صادر عن الاتحادالأوروبي.

ويقول أكثر المحللين إن دور جبهة النصرة في حركة المظاهرات والاحتجاجات السلمية المطالبة بالحرية التي شهدتها سوريا العام الماضي، كان صغيرا نسبيا. وأي شعبية تتمتع بها جبهة النصرة بين السوريين هي شعبية نفعية، سببها الرئيسي هو خيبة الأمل الناتجة عن غياب الدعم الدولي، على حد قول إيميلي هوكايم، المحللة في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية ومقره لندن. وتوضح من بيروت قائلة: "لن يكونوا هم العامل الأساسي. ربما يعجلون بالنهاية العسكرية للنظام، لكنهم لن يكونوا أهم عامل أساسي هنا ".

هناك مؤشرات على أن "جبهة النُصرة" بدأت تعزز قدراتها، فسرعة الإصدارات من وقت الهجوم وحتى النشر على الإنترنت أصبحت أقل بكثير في الأسابيع الأخيرة. فيما كان الأمر سابقاً لا يستغرق ما لا يقل عن أسبوع أو أسبوعين بين حدوث هجوم وإصدار بيان عنه. أما الآن فيستغرق ذلك أقل من 12 ساعة.

ما بعد نظام الأسد

من المتوقع ان تظهر حدة الخلافات بين المعارضة الرئيسية والجهاديين بمجرد سقوط نظام الأسد، بيد أنه كلما طال أمد الصراع، تسارعت وتيرة تطرفه وصبغته الطائفية جنباً إلى جنب مع تدفق المقاتلين الأجانب إلى سوريا. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تعقيد التحول في مرحلة ما بعد الأسد.

والسؤال هو: هل سيتبعون نموذج تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية واليمن ؟

وإذا كان هناك سبب للقلق من ظهور هذه الجماعات، فإنه يجب أن يدفع إلىالعمل بشكل أسرع وأكثر قوة من قبل المجتمع الدولي لتقديم الدعم الكافيللمعارضة المعترف بها، واللجوء إلى جميع أشكال الضغط من أجل الوصول إلى حلسياسي يؤمن انتقال السلطة، فالجميع يعرف أن النظام تخطى نقطة اللاعودة،وإطالة وتيرة الصراع لا تعني سوى دفع تكلفة أكبر من الدم والدمار، وجعلالإصلاح ووأد الأحقاد والثارات أصعب مستقبلا.