"جغرافيا الخوف"ـ رواية تصور معاناة مهاجر غير شرعي في مدينة أوروبية – DW – 2008/5/24
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"جغرافيا الخوف"ـ رواية تصور معاناة مهاجر غير شرعي في مدينة أوروبية

منصف السليمي٢٤ مايو ٢٠٠٨

يثير عنوان رواية "جغرافيا الخوف" للكاتب الجزائري المقيم في ألمانيا، حميد سكيف، فضول القارئ للبحث عن نهاية قصة مأساوية بطلها مهاجر غير شرعي يعيش في مدينة أوروبية، متخفيا بأسماء وهويات مزيفة، القاسم المشترك بينها هو الخوف.

https://p.dw.com/p/E29j
غلاف الترجمة الألمانية لرواية "جغرافيا الخوف"

وقع الاختيار على عنوان رواية "جغرافيا الخوف" من قبل دار النشر الألمانية " ناوتيلوس" (مقرها هامبورغ)، لترجمتها إلى الألمانية، اعتقادا من الناشر بأنها ملائمة للجمهور الألماني، كما يقول كاتبها حميد سكيف في مقابلة مع دويتشه فيله. وصدرت الرواية بالألمانية منذ بضعة أشهر، بعد أن لقيت نجاحا واسعا في فرنسا وإيطاليا، ونال عليها مؤلفها جوائز مرموقة. ويلاحظ تغيير عنوان الرواية بحسب البلد، فهي بعنوان"جغرافيا الخطر" باللغة الفرنسية التي كتبها بها سكيف ، وهي أيضا بعنوان "الخوف" في الترجمة الايطالية للرواية ، وتحمل هذه العناوين المتباينة لنفس النص الأدبي، مؤشرا على تفاوت النظرة بين ثلاثة من كبريات البلدان الأوروبية المستقبلة للهجرة، للقضية التي تعالجها الرواية؛ أي قضية الهجرة غير الشرعية.

" جدلية الحب والفشل والخوف"

Hamid Skif und Übesetzer Andreas Münzner
الروائي حميد سكيف( الى يمين الصورة) مع اندرياس منسنر مترجم روايته الى الألمانيةصورة من: DW/Moncef Slimi

في نهاية شهر سبتمبر من عام 2005 فرغ سكيف من كتابة "جغرافيا الخوف" وحمل فصلها الأخير بصمات أحداث مأساوية شهدتها مدينتا سبته ومليلية، سقط فيها قتلى وجرحى من شبان أفارقة كانوا يحاولون اجتياز الحدود بين اسبانيا والمغرب. ويعترف سكيف قائلا "لقد شكلت تلك الأحداث صدمة لي ووجدت نفسي هكذا أكتب عنها في نهاية الرواية". والرواية مفعمة بأحداث الواقع ويعكس أسلوبها حميد سكيف كروائي للموضوعات السياسية. ونبعت فكرة الرواية كما يقول سكيف" عندما أردت أن أتخيل مآل الأوضاع لو أن حكومات أوروبية ذات توجهات يمينية تذهب في سياساتها التي تحاول اللعب على مشاعر الرأي العام ، إلى أبعد الحدود ، فتنفذ عمليات واسعة لطرد الأجانب وخصوصا المهاجرين غير الشرعيين".

ومن هنا ظهر بطل الرواية منغلقا على نفسه في غرفة وهو في حالة انتظار رهيبة لمرور عاصفة ملاحقة المهاجرين. لكن ستكسر هذه الحلقة المخيفة التي يعيشها هذا المهاجر غير الشرعي، عندما يجد مساعدة من صديق وهو طالب اسمه ميشيل، وعندما يبدأ باكتشاف علاقات الحب مع جيرانه في العمارة المقابلة لغرفته. ولذلك يرى سكيف أن روايته رغم قسوة الوقائع المحملة بها، فهي تتجاوز في عمقها قصة مهاجر غير شرعي و تذهب بقارئها إلى أعماق لا علاقة لها بالسياسة، "إنها رواية عن الحب والإنسان ، والفشل والخوف"كما يقول.

تعدد الأسماء والهويات...والخوف هو القاسم المشترك

" ليس لي اسم أو لقب وليس لي هوية، فقط لدي أسماء مستعارة، وكل الصفات أو الهويات التي احملها تتوقف على الذي يشغلني: فأنا تركي، عربي، بربري، إيراني، كردي، بوسني...إنني حسب ما تمليه الضرورة ". ترسم هذه الفقرة من الرواية ملامح شخصية بطل الرواية، إنه باختصار مهاجر غير شرعي بدون هوية.

لكن ما هو القاسم المشترك في هذه الشخصية؟ يجيب سكيف "إنها خاصية الخوف". وحول ما إذا كان هذا الخوف من قسوة الواقع الذي يعيش فيه أم من الترحيل إلى بلده في حال إيقافه، يقول سكيف" إنه خوف من التعسف والقمع، خوف يلاحقه منذ كان في بلده، خوف من الملاحقة والترحيل وانتهاكات يتعرض لها هؤلاء الشبان المهاجرون بسبب أوضاعهم غير الشرعية، رغم أنهم لم يرتكبوا أي جريمة سوى أنهم لا يحملون وثائق قانونية".

في انتظار المجهول!

Buch Cover Hamid Skif
رواية " جغرافيا الخوف" محاولة مغاربية لاختراق الحقل الثقافي الالمانيصورة من: DW/Moncef Slimi

لكن هل إخفاء الهوية والتخفي، ينم عن نية في التنكر للماضي والهوية الحقيقية؟ "حتما لا" يجيب سكيف، موضحا أن الشبان المهاجرين غير الشرعيين رغم خيبات الأمل التي تعرضوا لها في بلدانهم، فهم ليسوا محبطين بل يحافظون في أعماقهم على تعلقهم بالجذور، لكنهم خائفون. وتجسد شخصية بطل الرواية الخوف من الذوبان والضياع وفقدان الهوية، بسبب الظروف القاسية التي يواجهها في حياته المنغلقة في غرفته لمدة ثلاثة أشهر، ولا يستطيع مغادرتها إلا في جنح الظلام كي يبحث في القمامة عما يسد به رمقه، وهو لا يعرف ما سيحدث له بعد لحظات أو ساعات أو أيام ويعيش دائم الخوف من إمكانية إيقافه. وأمام حالة التقوقع التي تحاصره في غرفته، لن يجد هذا المهاجر غير الشرعي، سوى تقليب ذكرياته ومن هنا جاءت الرواية مليئة بمشاهد كأنها فيلم عن ذكرياته وماضيه بتفاصيله.

اختراق مغاربي في الحقل الأدبي الألماني

هل رواية "جغرافيا الخوف" والقضية التي تعالجها، هي محاولة من الكاتب طرح الموضوع على الجمهور الألماني واستدراجه للمناقشة حوله باعتبار القضية مشتركة؟ قد يكون ذلك لكن الأهم بالنسبة لسكيف كما يقول هو كونها مسلك أدبي يهدف من خلاله لتحقيق اختراق مغاربي في الحقل الأدبي والثقافي الألماني، على غرار ما يحققه جيل من الأدباء الشبان الأتراك في ألمانيا. ويقول سكيف " أتمنى أن يمكنني هذا الكتاب من فرصة حوار ثقافي أوسع مع الجمهور الألماني"، حوار يمكن أن يساهم في تبديد أكليشيهات وسلبيات في النظرة المتبادلة بين المجتمعين الألماني من جهة والمغاربي والعربي من جهة ثانية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات