خبراء: إضراب سائقي القطارات سيكلف الاقتصاد الألماني مئات الملايين

تستعد نقابة سائقي القطارات الألمانية جي دي إل GDL لإيقاف حركة نقل البضائع بالقطارات في كافة أنحاء البلاد اعتبارا من الخميس المقبل 9 أغسطس/آب، وذلك كجزء من خطة لإضراب شامل هددت النقابة بتنفيذه إذا لم تستجب شركة السكك الحديدية الألمانية "دويتشه بان" لمطالب السائقين بزيادة أجورهم بنسبة 31 في المائة.

وفيما اختار السائقون قطارات نقل البضائع كنقطة انطلاق لإضرابهم عن العمل حرصا منهم على عدم إثارة الشارع الألماني ضدهم، والذي أظهرت بعض الاستطلاعات انقسامه في التعاطف مع مطالبهم، يحذر الخبراء من الآثار التي ستنعكس على قطاعات الاقتصاد الألماني، إذا نُفذ هذا الإضراب، لاسيما وأن قطاعات الصناعة والتجارة الرئيسية في البلاد كإنتاج ومعالجة الصلب وصناعة الآلات والكيماويات وصناعة السيارات تعتمد بشكل كبير على القطارات كوسيلة لنقل البضائع والمواد الخام.

الأضرار قد تصل إلى مئات الملايين

في هذا السياق توقع معهد الدراسات الاقتصادية الألماني "دي اي دبليو" أن تتكلف الصناعة الألمانية جراء هذا الإضراب، إذا ما نفذ، مئات الملايين. وقال خبراء إن القطاعات الصناعية الرئيسية كإنتاج ومعالجة الصلب وصناعة الآلات والكيماويات سوف تكون أكثر القطاعات تضررا من الإضراب. فهذه الصناعات حسب الخبراء لا تتمتع سوى ببدائل نقل قليلة، بينما سيكون قطاع الأغذية والسلع المنزلية أقل تضررا، إذ أن النقل البري يمثل بديلا حيويا للسكك الحديدية.

من ناحيتها أعربت مديرة الموارد البشرية في "دويتشه بان" مارجريت سوكال عن مخاوفها من الآثار الكبيرة لهذا الإضراب. وأضافت سوكال قائلة إن الأمر لن يتوقف فقط على الخسائر التي ستلحق بشركة القطارات الألمانية، وإنما أيضا على الاقتصاد الألماني برمته والذي سوف تشل حركته. واستدلت المسئولة الألمانية على حجم الخسائر بتوقعات صدرت عن معهد الدراسات الاقتصادية الألماني تشير بأن الأضرار الاقتصادية قد تصل إلى حوالي 500 مليون يورو في اليوم الواحد.

وتقدر سوكال أن يتضرر حوالي خمسة ملايين مسافر، إذا ما توسع الإضراب ليشمل قطارات نقل الركاب. من ناحيته يقول اتحاد الصناعات الألماني أنه من الممكن تحمل نتائج توقف القطارات ليوم واحد أو يومين، لكن إذا ما استمر أكثر من ذلك فإنه سيؤثر لاشك على مسار الانتعاش الاقتصادي الحالي في البلاد.

مخاوف مبررة أم مجرد أزمة عابرة؟

وتراقب شركات الحديد والصلب وشركات صناعة السيارات الوضع بقلق. في هذا السياق قال متحدث باسم شركة فولكس فاجن، أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا، إن الشركة تتعامل مع الإضراب "بجدية بالغة". أما شركة بي إم دبليو للسيارات فقالت في هذه الأثناء إنها تسعى إلى زيادة حصة نقل سياراتها عبر شركات النقل البري. وكشف متحدث باسم الشركة إن حوالي 55% من الإنتاج اليومي لشركته والبالغ في ألمانيا 3500 سيارة، يتم نقله عادة عبر السكك الحديدية، مشيرا إلى أن قطار البضائع يستطيع حمل 200 سيارة، بينما تحمل الشاحنة ثماني سيارات فقط.

من جهة أخرى وعلى العكس من ذلك تماما يرى بعض الخبراء أن الاقتصاد الألماني قادر على تجاوز اثار هذا الإضراب المحتمل بسرعة، مشيرين إلى أن الآمر سيكون مجرد أزمة عابرة ستزول أثارها بمرور الوقت من خلال مواجهة العجز في البضائع والمواد الخام باستخدام المتوفر منها في المخازن أو من خلال مضاعفة الكميات بعد الانتهاء من الإضراب. وفي هذا السياق يستشهد المراقبون بحالات الإضراب المتكررة لسائقي القطارات في كل من فرنسا وايطاليا، والتي لم تؤثر في رأي هؤلاء على مستوى النمو الاقتصادي ولم تهدد مكانة البلدين الاقتصادية.