دبلوماسي ألماني يكشف لـDW حرب المعلومات تحت قبة مجلس الأمن – DW – 2023/3/21
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

دبلوماسي ألماني يكشف لـDW حرب المعلومات تحت قبة مجلس الأمن

٢١ مارس ٢٠٢٣

في الجزء الثاني من حواره مع DW، يفتش هانس فون شبونيك الدبلوماسي الألماني والأممي السابق في ذكرياته ويروي كيف لعبت "الأكاذيب" والتضليل الإعلامي دورا في صناعة حرب العراق عام 2003 ويسأل: أين "المساءلة"؟

https://p.dw.com/p/4OqvQ
موقف ألمانيا كان معارضا للحرب. في الصورة مستشار ألمانيا آنذاك شرودر ووزير خارجيته فيشر خلال إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة (23/9/2003)
مستشار ألمانيا الأسبق غرهارد شرودر ووزير خارجيته يوشكا فيشر كانا معارضين لحرب العراق. الصورة أثناء إنعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة (23/9/2003)صورة من: Campbell/dpa/picture alliance

في ذكرى مرور عشرين عاماً على حرب العراق في 2003 وإسقاط نظام صدام على يد القوات الامريكية في إطار تحالف دولي ضم بجانب الولايات المتحدة كلا من بريطانيا، أستراليا، بولندا، ضمن مع عرف بـ"تحالف الراغبين"، يفتح هانس فون شبونيك أوراقه متحدثا عن فترة صعبة منذ عام 1990 وخصوصا قبيل حرب عام 2003.

وهانس فون شبونيك هو دبلوماسي ألماني سابق تولّى ما بين عامي 1998 و2000 منصب منسق الشؤون الإنسانية للمنظمة الأممية في العراق، والمشرف على إدارة برنامج "النفط مقابل الغذاء".

التضليل الإعلامي والتأثير على الكونغرس

مازال مشهد المراهقة الكويتية التي أدلت بشهادتها أمام لجنة من الكونغرس الأمريكي خلال احتلال العراق للكويت في عام 1990 راسخا في ذاكرة كثيرين، حيث تظهر فيه مراهقة كويتية تدلي بشهادتها وتروي فيه وهي تبكي كيف أن الجنود العراقيين كانوا يخرجون الأطفال من حاضنات الأطفال بالمستشفيات ويتركوهم للموت ويسرقون الحاضنات. وكانت هذه "الشهادة الكاذبة" ضمن حملة إعلامية تقودها مؤسسة "هيل أند نولتون" للعلاقات العامة، وظهر بعدها أنها ابنة سفير الكويت في الولايات المتحدة، سعود ناصر الصباح. ويستشهد فون شبونيك بهذه الحادثة ويوضح كيف أنها "كانت مضللة، لتصوير جنود الجيش العراقي على أنهم مجرمو حرب لم يخجلوا حتى من إغلاق الحاضنات حتى يموت الأطفال والرضع".

ويضيف بالقول لـDW إنه قبيل حرب عام 2003 كانت هناك حملات إعلامية لدعم الحرب، ويشير إلى مكتب التأثير الاستراتيجي الذي أنشأه وزير الدفاع الأمريكي الأسبق رامسفيلد بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 ، والذي أغلق سريعا: "كان من المفترض أن يتم فيه تجميع هذه الأكاذيب معا، وعندما أدرك أنه لم يحرز أي تقدم، حل المكتب"، بحسب فون شبونيك.

يذكر أن  رامسفيلد صرح للصحفيين "من الواضح أن المكتب تضرر للغاية لدرجة أنه من الواضح لي أنه لا يمكن أن يعمل بشكل فعال .. لذلك يتم إغلاقه"، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.

الدبلوماسي الألماني السابق هانس فون شبونيك
الدبلوماسي الألماني السابق هانس فون شبونيك صورة من: Karim Sahib/dpa/picture-alliance

ويعود الدبلوماسي الألماني السابق إلى شرح كيف كانت الضغوط تسلط على فريق عمل الأمم المتحدة في العراق، "خلال السنوات التي كنت فيها في بغداد، كان علينا أن نحارب المعلومات المضللة مرة تلو الأخرى. ومن كنّا؟ كنّا أفراد الأمم المتحدة الصغار، الحمقى، ذوي العيون الزرقاء".

غير أن حرب المعلومات كانت مندلعة بين الكبار أيضا. ويوضح بالقول: "من ناحية أخرى، كانت هناك أطراف قوية لديها أموال لصناعة معلومات مضللة، وكثيرا ما كنا نخسر نحن في مواجهتها، والحقيقة تؤلم، الحقيقة تؤلم! كان الفرنسيون يقفون إلى جانبنا كثيرا، إلى جانب الأمم المتحدة فيما يتعلق ببغداد والعراق، دعمونا دائما كي نتحلى بالشجاعة للسباحة ضد تيار المعلومات المضللة. لكن البريطانيين والأمريكيين كانوا يمنعوهم مرارا وتكرارا من دعوتي أو قبل ذلك دعوة سَلَفي إلى مجلس الأمن، على سبيل المثال، لتقديم ما لدينا من معلومات ونحن في عين المكان (.....) كان لدينا معلومات أكثر من غيرنا. لقد تم منع ذلك، كان هناك صراع بين سرد الحقيقة والعكس، لقد كانت دائما مشكلة بين الأمم المتحدة والأمريكيين".

وفي هذا الصدد يرى فون شبونيك أن العلاقات بين الأمم المتحدة والحكومة الأمريكية كانت دائما جيدة "مادام أن أجندة الأمم المتحدة كانت مطابقة لأجندة الأمريكيين. بمجرد حدوث انقسام ينتهي الأمر. كنا خاضعين للرقابة، كنا غير مستقلين مالياً وكنا بحاجة إلى الأموال الأمريكية وكنا بحاجة إلى الدعم الأمريكي في بعض الأحيان".

قوات "جيش القدس" في بغداد قبيل الحرب في شهر فبراير عام 2002. تعددت القوات المسلحة في العراق في ظل نظام صدام حسين.
قوات "جيش القدس" في بغداد قبيل الحرب في شهر فبراير عام 2002. تعددت القوات المسلحة في العراق في ظل نظام صدام حسين. صورة من: Patrick Baz/dpa/picture-alliance

المساءلة للضعفاء فقط؟

يسرد الدبلوماسي الألماني الكثير حول ما شاهده خلال توليه ما بين عامي 1998 و2000 منصب منسق الشؤون الإنسانية للمنظمة الأممية في العراق والمشرف على إدارة برنامج "النفط مقابل الغذاء". ويعود في حواره مع DW إلى نقطة مهمه موضحا :"المساءلة. من الواضح أنه في عام 2003، يمكن القول، إنه جرى صناعة كذبة استعدادا لهذه الحرب. كانت الحرب نفسها ناجحة كما هو متوقع، لكن الاحتلال كان كارثة كاملة، أشعل النار في منطقة بأكملها. ما زلنا نشعر عواقبها حتى اليوم".

ثم يعود ويتساءل: هل تمت محاسبة أي أحد على ما جرى؟ ويجيب بـ "لا، ولا حتى وسائل الإعلام التي استعملت سردية الحرب، مثل واشنطن بوست وبعد ذلك نيويورك تايمز، اللتين كانتا جزئيا مشجعتين أيضا. وبالطبع كانت هناك أصوات منتقدة، لكن لم تكن أصواتا مؤثرة، كان بعضها في الإعلام والسياسة وحتى في الجيش".

أعضاء في حزب البعث، الحزب الوحيد في ظل نظام صدام حسين، في تظاهرة معتادة ضد الولايات المتحدة قبل شهر من اندلاع الحرب عام 2003.
أعضاء في حزب البعث، الحزب الوحيد في ظل نظام صدام حسين، في تظاهرة معتادة ضد الولايات المتحدة قبل شهر من اندلاع الحرب عام 2003. صورة من: Karim Sahib/dpa/picture-alliance

ويعرج الدبلوماسي الألماني السابق بالحوار فيتكلم عن حادث إطلاق النار على المدنيين الذي نشره موقع ويكليكس ويقول: "ماذا عن المساءلة بشأن المسؤولين عن إطلاق النار؟ موضوع يطرح للنقاش جدا في الوقت الحالي، خاصة فيما يتعلق بالغزو الروسي لأوكرانيا. المساءلة، كما جرت العادة على مر السنين، تأتي لمحاسبة الضعفاء دائما. أما الناجحون ومن يسمون بالمنتصرين فيفلتون من العقاب".

أبو غريب

عرف سجن أبو غريب خلال فترة حكم صدام حسين للعراق بسمعة سيئة بسبب تعذيب النظام للمعتقلين السياسيين وعمليات الإعدام التي كانت تجري داخله من دون محاكمات، لكن اسم السجن لم يظهر إلى العلن إلا في عام 2004 بعد نشر صور يظهر فيها جنود أمريكيون يعذبون معتقلين عراقيين.

وحول هذا يطرح الدبلوماسي الألماني فكرة المساءلة ويوضح: "يجب القول إن سجن أبو غريب كان مكانا رهيبا وحشيا، هو المكان الذي عذب فيه صدام حسين السجناء ، لكنه كان أيضا المكان الذي عذب فيه بوش أو من تحت أمرته معتقلين عراقيين". 

فضيحة تعذيب السجناء العراقيين في سجن أبوغريب (الصورة من عام 2003)
فضيحة تعذيب السجناء العراقيين في سجن أبوغريب أثارت الرأي العام ضد جورج بوش الابن، حتى داخل الولايات المتحدة نفسها. صورة من: AP/picture alliance

ويتابع السياسي الألماني "مرة أخرى يظهر هذا المعيار المزدوج. مرة أخرى أعود إلى المساءلة! لقد تم تنفيذ حكم الإعدام بحق صدام حسين. قبول عقوبة الإعدام من رفضها هو سؤال آخر. لكنه عوقب على ما فعله. لكن إذا نظرنا إلى ما حولنا، لم تتم معاقبة أي شخص آخر، لا توني بلير  ولا جورج بوش وهذا مثال آخر على المعايير المزدوجة مرة أخرى".

ويؤكد هانس فون شبونيك أن هذا "أمر لا يمر من دون أن يلاحظه أحد في العالم. أحيانا لا يفهم المراقبون السياسيون أن مثل هذا الأمر يتراكم على مر السنين ثم ينفجر فجأة. ونحن نعيش اليوم في موقف يغذي ذلك أيضا، بسبب الخلاف المتعلق بأوكرانيا".

ماتياس فون هاين/ عباس الخشالي

ولد الدبلوماسي الألماني السابق هانس فون شبونيك في مدينة بريمن بألمانيا عام 1939. اشتغل لأكثر من ثلاثين عاماً لصالح منظمة الأمم المتحدة. وتولّى ما بين عامي 1998 و2000 منصب منسق الشؤون الإنسانية للمنظمة الأممية في العراق، والمشرف على إدارة برنامج "النفط مقابل الغذاء" بالعراق.

في عام 2003، ساهم مع الصحفي الألماني أندرياس تسوماخ في نشر كتاب تحت عنوان "العراق – أو حرب كانت مقصودة". وفي عام 2005 صدر له كتابه آخر بعنوان "الحرب الأخرى - نظام العقوبات الأممي في العراق".