رئيسي يؤدي اليمين.. كيف تتعامل ألمانيا مع رجل الدين المتشدد؟ – DW – 2021/8/5
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رئيسي يؤدي اليمين.. كيف تتعامل ألمانيا مع رجل الدين المتشدد؟

٥ أغسطس ٢٠٢١

بعد تثبيته من قبل خامنئي، أدى رجل الدين المتشدد إبراهيم رئيسي اليمين الدستورية ليصبح الرئيس الثامن لإيران. السجل الدامي للرئيس الجديد يضع مستقبل العلاقات الألمانية الإيرانية على المحك. فهل تصعد ألمانيا لهجتها تجاه إيران؟

https://p.dw.com/p/3yV4S
سجل رئيسي الدامي يثر الجدل في ألمانيا!
سجل رئيسي الدامي يثر الجدل في ألمانيا!صورة من: REUTERS

 

أدى إبراهيم رئيسي، رجل الدين المتشدد والقاضي البالغ من العمر 60 عاماً، اليوم الخميس (الخامس من آب/ أغسطس 2021) اليمين الدستورية رئيسا لإيران، وذلك أمام مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان). وبذلك تصبح السلطات الثلاث في إيران، التنفيذية والتشريعية والقضائية، تحت سيطرة المحافظين المتشددين.

وتوقعت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) أن يقدم رئيسي، الرئيس الثامن لإيران الذي "عُرف بنظاراته شبه الخالية من الإطارات وابتسامته الخجولة المصطنعة"، تشكيلة حكومته في غضون أسبوعين إلى البرلمان للحصول على ثقته. وكان الزعيم الإيراني علي خامنئي قد نصب رئيسي يوم الثلاثاء الماضي.

ويتولى المحافظ المتشدد منصبه في وقت حرج، يتزامن مع تعثر المحادثات غير المباشرة في فيينا مع الولايات المتحدة الأمريكية حول مستقبل الإتفاق النووي. إضافة إلى الهجوم الأخير بطائرة بدون طيار على ناقلة نفط قبالة سواحل عُمان، والذي كشف من جديد عن مدى تزايد خطورة الوضع الأمني في بحر العرب. فقد اتهمت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، إيران  وحملتها مسؤولية الهجوم على الناقلة التي تديرها شركة إسرائيلية.

إذا كان مستقبل إيران في عهد رئيسي يبدو قاتماً، فإن إلقاء نظرة على سيرته الذاتية يكشف عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، حسب نشطاء ومنظمات حقوقية. ففي الماضي القريب، حكم رئيسي، حينما كان على رأس النظام القضائي، بإعدام العديد من المشاركين في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في عامي 2018 و 2019.

ليس هذا فحسب، بل حتى في بداية حياته السياسية، صنع لنفسه اسماً منذ أكثر من ثلاثة عقود باعتباره من أتباع النظام معدومي الضمير. ففي عام 1988 شارك في تعذيب وإعدام آلاف السجناء السياسيين. ولهذا وضعت الولايات المتحدة  الأمريكية، رئيسي على قائمة العقوبات الخاصة بها في عام 2019.

في ضوء ماضي رئيسي الدموي، يدعو خبراء السياسة الخارجية الألمان إلى تغيير طريقة تعامل برلين مع طهران. وفي هذا الصدد يقول أوميد نوريبور، المتحدث باسم  حزب الخضر الألماني المعارض للشؤون الخارجية في تصريح لـ DW: "إذا كان قاضي الدم المُتَمَرّس هو رئيس البلاد، فمن واجبنا وضع حقوق الإنسان في المقام الأول".

الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي في فترة شبابه
الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي في فترة شبابهصورة من: MIZAN

ضرورة التخلي عن "الديبلوماسية الهادئة"

لعبت حقوق الإنسان دوراً ثانوياً خلال فترة حكم سلف رئيسي، حسن روحاني. حتى عندما قمعت قوات الأمن الإيرانية بوحشية المظاهرات ضد ارتفاع أسعار البنزين في عام 2019، فإن الحكومة الألمانية لم تدن حكومة طهران. لهذا يرى نوريبور أنه "يجب إيقاف هذه الديبلوماسية الهادئة".

الرأي نفسه يشاطره بيجان جير سراي، المتحدث باسم السياسة الخارجية للحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) إذ يقول لـ DW: "نحن بحاجة إلى استراتيجية جديدة تجاه إيران". استراتيجية لا تقتصر على المفاوضات الجارية لإنقاذ الاتفاق النووي.

فمنذ بداية هذا العام، تجري في فيينا مفاوضات لإحياء الإتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه  في عام 2015 بعد سنوات من المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين من جهة وإيران من جهة أخرى. ومقابل التخفيف من العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها، رضخت إيران إلى مطالب الحد من أنشطتها النووية. غير أن الانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة  الأمريكية من الاتفاق النووي عام 2018، دفع إيران بعد عام فقط، إلى الإخلال بالتزاماتها تجاه الاتفاق ومتابعة تطوير أنشطتها النووية.

الاتفاق النووي ليس القضية الوحيدة

طغى الاتفاق النووي على العلاقات الألمانية الإيرانية على مدار السنوات الثماني الماضية، حسب تحليل كورنيليوس أديباهر، الباحث المشارك في الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية (DGAP). ويقول أديباهر لـ DW: "لكن هناك أيضاً قضايا أخرى: السياسة الداخلية وحقوق الإنسان والقضايا الإقليمية. من الواضح أن ألمانيا لم تول اهتماماً كبيراً لهذه القضايا".

يبدو أن الواجهة المعتدلة لسلف رئيسي، حسن روحاني جعلت من السهل صرف النظر عن هذه القضايا. لذا يقول المحلل السياسي الألماني الإيراني علي فتح الله نجاد لـ DW: "أصبح من الصعب الآن على ألمانيا وأوروبا الدفاع علنًا عن الخط السابق لسياسة الاستقرار الاستبدادي".

وليس ماضي رئيسي فحسب، بل طغت انتهاكات حقوق الإنسان في إيران أيضًا على الأيام والأسابيع التي سبقت تنصيبه. في مقاطعة خوزستان الجنوبية الغربية، تم قمع الاحتجاجات ضد نقص المياه السائد بوحشية من قبل الميليشيات الموالية للحكومة. كما تحدثت تقارير منظمة العفو الدولية عن ما لا يقل عن ثمانية قتلى.

بوادر تحول في السياسة الخارجية!

هناك بوادر أولية على حدوث تغيير في الرأي العام الألماني والسياسة الخارجية الألمانية تجاه إيران. ففي نهاية يونيو/حزيران، أصدر البرلمان الألماني أول قرار بشأن حقوق الإنسان في إيران منذ عشر سنوات. ففي طلب مشترك، دعت أحزاب الائتلاف الحاكم وحزبا الخضر والليبرالي المعارضان إلى ضرورة وضع حقوق الإنسان على رأس اهتمامات السياسة الألمانية تجاه إيران  وأن تتم مراجعة هذه السياسة بشكل نقدي ومنتظم.

كما دعت الأحزاب إلى ضرورة مواصلة حث إيران على الامتثال للمعاهدات الخاصة بحقوق الإنسان. كما على الحكومة الألمانية أن تعمل من جانبها على ضمان انضمام إيران أيضاً إلى اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بحقوق المرأة ومناهضة التعذيب.

الأزمات كفرصة للتعاون؟

 من أجل المصالح الخاصة، يدعوا الخبراء إلى ضرورة وضع المشاكل الاقتصادية والبيئية في البلاد في صلب العلاقات الألمانية الإيرانية. تعاني البلاد من ارتفاع معدلات البطالة ونقص حاد في المياه وحالات طوارئ طبية. يحذر أديباهر "إذا غادر المزيد من الناس البلاد لأنها أصبحت غير صالحة للسكن، فإن مصالحنا ستتأثر أيضاً".

ويرى الخبير من الجمعية الألمانية للسياسة الخارجية (DGAP) فرصاً للتعاون الألماني الإيراني."على سبيل المثال، يمكن لألمانيا تحقيق الكثير في مجال المساعدة البيئية والاقتصادية بشأن قضية المياه، كما يمكنها تحقيق الكثير من الأشياء الإيجابية هناك من خلال البحث العلمي".

معالجة سياسة إيران الإقليمية

لكن يجب مراقبة دور إيران في المنطقة بأكملها، كما يحذر خبير السياسة الخارجية في حزب الخضر، نوريبور: "انتهاكات حقوق الإنسان للنظام خارج إيران، على سبيل المثال في سوريا، يجب أن تطرح على الطاولة أيضاً". فإيران تنشط في الحرب الأهلية السورية، وتدعم الميليشيات الشيعية في لبنان والعراق وحركة حماس في قطاع غزة وتتحالف مع المتمردين الحوثيين في اليمن.

وتمتلك إيران أيضاً أحد أكبر برامج الصواريخ الباليستية في المنطقة، يمكنها حتى ضرب أهداف في إسرائيل. "عندما ترى كيف تدعم الحكومة الإيرانية الجهاد الإسلامي في غزة وحزب الله في جنوب لبنان، حيث تنطلق الهجمات بشكل متكرر. آخرها بآلاف الصواريخ، فمن الواضح أن السياسة الإقليمية يجب أن تكون على رأس جدول الأعمال"، يقول ألكسندر غراف لامبسدورف، العضو البارز في الحزب الليبرالي لـ DW.

كما طالب وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس  في وقت سابق بإدراج برنامج الصواريخ في مفاوضات الاتفاق النووي، لكن إبراهيم رئيسي أعلن استبعاد البرنامج من المفوضات بشكل قاطع.

إيران تقترب من امتلاك القنبلة النووية!

اللقاء الأول بين ألمانيا والحكومة الإيرانية الجديدة تحت قيادة رئيسي، سيكون بشأن مستقبل الإتفاق النووي. وكان رئيسي قد أوضح بالفعل أن المحادثات تحت قيادته لن تكون أسهل: "لن نسمح أن تكون المفاوضات من أجل المفاوضات فقط" ، قال رجل الدين المتشدد في يونيو/ حزيران.

ووفقا لمعلومات من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن إيران تهدف الآن إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة. وهذا يعني أن البلاد تبتعد أكثر فأكثر عن الاتفاق النووي، كما أن الوقت الذي يفصلها عن امتلاك الأسلحة النووية يتقلص: في عام 2015، كانت إيران لا تزال بعيدة عن امتلاك القنبلة النووية بعام تقريباً، والآن هي بضعة أشهر فقط.

ويؤكد لامبسدورف، العضو البارز في الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، أن الاتفاق يبقى مهماً بالنسبة لألمانيا. "حتى لو انتهكت إيران الاتفاق وتريد زيادة تخصيب اليورانيوم إلى 20 في المائة، فإن الأمر يستحق محاولة منعها من السير في الطريق حتى النهاية".

بيد أن الخبير في الشؤون السياسية، فتح الله نجاد مقتنع بأن طهران تريد الاستمرار في المفاوضات رغم حدة لهجتها. "سيكون هناك المزيد من الاستمرارية بين الرئيسين. الحكومة ليس لديها الكثير لتقوله عن السياسة الخارجية في إيران. المرشد الأعلى، جنبا إلى جنب مع الحرس الثوري، هو الذي يحدد الاتجاه".

سينا ماري/ إ.م