شبح انتقال عدوى العنف من المدن الفرنسية إلى ألمانيا – DW – 2005/11/7
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

شبح انتقال عدوى العنف من المدن الفرنسية إلى ألمانيا

محمد مسعاد٧ نوفمبر ٢٠٠٥

الصدامات الدامية في المدن الفرنسية تلقي بظلالها على سياسة أوروبا المتعلقة بالاندماج الاجتماعي للمهاجرين على أراضيها. ألمانيا تعيش على إيقاع الخوف من وصول أحداث فرنسا إلى شوارعها وسط الدعوة الى انتهاج سياسة هجرة جديدة.

https://p.dw.com/p/7Q5m
عدد من الحافلات المتضررةصورة من: AP

يبدوا أن لا نداءات الرئيس الفرنسي جاك شيراك ولا نداءات الجمعيات الإسلامية بفرنسا قادرة على إيقاف المظاهرات التي توالت لليوم الحادي عشر على التوالي في شوارع العاصمة الفرنسية وامتدت لتشمل مدنا أخرى. وقد وصلت هذه الصدامات إلى قلب العاصمة باريس، منذرة بتحول خطير في علاقة الأحياء الهامشية مع السلطات المركزية الفرنسية بل أنها تطورت الآن لتشهد تبادل لإطلاق الرصاص بين المتظاهرين ورجال الأمن الذين يبدو أنهم عازمين على إيقاف هذه التظاهرات مهما كلف الأمر، نزولا عند أوامر وزير الداخلية المحافظ ساركوزي الذي أثارت تصريحاته المتظاهرين وكانت سببا في تفاقم الأوضاع. وكان ساركوزي قد وصف المتظاهرين "بحثالة المجتمع الذين يجب تطهير المنطقة منهم بالكامل." وقد قامت قوات الشرطة بإلقاء القبض على حوالي 200 متظاهر. وتوقع المراقبون أن حالة الانفلات الأمني ومظاهر الفوضى قد تشهد تطورات خطيرة ستلقي بظلالها على الساحة السياسية الفرنسية وكذا الأوربية. واليوم أوردت وكالات الأنباء خير سقوط أول ضحية في المواجهات التي يدور رحاها على شكل معارك كر وفر في وسط الليل.

أكثر من مجرد حدث عابر

Paris Unruhen 2
جانب من الدمارصورة من: dpa

لقد نجحت الأحداث التي يشهدها عدد من المدن الفرنسية في تغيير مجرى ومستوى النقاش من مجرد الحديث عن تمرد عابر لشباب ينحدر من أصول مهاجرة الى نقاش حول سياسة الدولة الفرنسية وباقي الدول الأوربية تجاه الهجرة والمهاجرين. فالنموذج التي اختارته فرنسا للتعامل منذ الستينات مع المهاجرين فشل فشلا ذريعا واثبت أن سياسة الغيتوهات التي سلكتها حكومة باريس هي السبب الرئيسي في ظهور تصادمات عرقية تشهدها فرنسا من حين الى آخر. كما أن الأوضاع الاقتصادية المزرية لهؤلاء الشباب هي احدى العوامل الأساسية في انتشار ظاهرة العنف في أوساطهم. فالبطالة في صفوف الشباب الذين لم يتجاوز عمرهم 25 عاما وصلت حوالي 23 بالمائة، بل أنها قد تصل إلى 36% في أوساط أبناء المهاجرين من أصول افريقية على وجه الخصوص، حيث أن حظوظهم في الحصول على فرص عمل تقل خمسة أضعاف عن حظوظ الشباب الفرنسيين

شبح انتقال العدوى

Zentrum Kreuzberg am Kottbuser Tor in Berlin
حي كروتسبيرغ في برلينصورة من: DPA

دفعت التطورات على الأراضي الفرنسية بعدد من البلدان الأوروبية إلى التعبير عن مخاوفها وقلقها من انتقال هذه العدوى إليها ومن بينها ألمانيا حيث ألقت أحداث فرنسا بظلالها على المفاوضات الجارية في برلين بين الحزبين الكبيرين من أجل تشكيل الحكومة المقبلة. ومن الجدير بالذكر أن ألمانيا كانت قد أجرت تعديلا على قانون الهجرة. وقد تضمن هذا القانون عدة بنود تسير في اتجاه فك العزلة عن المهاجرين وعائلاتهم خصوصا فيما يتعلق بجانب اللغة التي أولاها القانون الجديد أهمية قصوى، إلا أن ذلك لم يمنع السياسيين من حين لآخر من دق ناقوس الخطر. ففي هذا السياق صرح المسئول عن الشؤون القانونية في كتلة الحزب الاشتراكي الديموقراطي البرلمانية بالتالي: "على حزبيْ التحالف أن يعملا وبسرعة على سن مزيد من القوانين واتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة لتفادي حدوث مثل تلك المصادمات التي شهدتها فرنسا، بل يجب اعتبار الاندماج بمثابة المهمة الضرورية في اتفاقات الحزبين على مستوى السياسة الداخلية." أما فولفغانغ بوسباخ الناطق الرسمي للحزب المسيحي الديمقراطي لشؤون السياسة الداخلية والرئيس المقبل للكتلة البرلمانية للحزب فقد اعتبر أن الحالة خطيرة جدا، مشير الى انه بالرغم من أن النسيج الاجتماعي في فرنسا يختلف عنه في ألمانيا، الا انه يجب على الألمان ألا يوهموا أنفسهم باستبعاد امكانية وقوع نفس الأحداث في ألمانيا. وأضاف بوسباخ قائلا: "من الضروري اعتماد ثلاث خطوات لتجنب ذلك: أولا يجب تقوية وتعزيز سياسة الاندماج، ثانيا تطبيق قانون العقوبات وقانون الأجانب بشكل حازم، ثالثا علينا مراقبة وتتبع ما يجري داخل أروقة المساجد."

تداعيات وتحذيرات على كافة الصعد

Kombo neue Bundesregierung
حكومة ألمانيا المرتقبة تحت قيادة ميركلصورة من: AP

دانيل كون بينديت، عضو حزب الخضر الألماني في البرلمان الأوروبي، اعتبر التصريحات الجديدة لوزير الداخلية الفرنسي بكون "الأحداث التي شهدتها فرنسا هي بإيعاز من المنظمات الإسلامية المتشددة" بأنها هراء، وانه يحاول التستر على تصريحاته السابقة. وأضاف بينديت أن السياسة التي تتبعها فرنسا والسلوك العنصري أحيانا لعناصر قوات الأمن بهذه المناطق هي السبب وراء هذه الأحداث، داعيا الى ضرورة اعادة النظر في سياسة التعليم في فرنسا وفي كل الدول الأوروبية وكذا اعادة النظر في هذه المجمعات السكنية التي هي بمثابة غيتوهات لا تعرفها أوروبا بالشكل الذي هو عليه في فرنسا. أما كينان كولات رئيس الجالية التركية بألمانيا فيعتبر أن ظروف البطالة وتراجع فرص التأهيل والدراسة التي يعيشها الشباب المنحدر من أصول مهاجرة قد يتطور إلى خطر شبيه بما حدث في فرنسا. ووجه كولات نداء الى الحكومة الألمانية والى المستشارة المرتقبة أنجيلا ميركل للعمل على مضاعفة الجهود من أجل تساوي الحظوظ بين الشباب من اصول مهاجرة والشباب المنحدر من أصول ألمانية.

إن الأحداث التي تعيشها فرنسا تدعو جميع الدول الأوربية وخصوصا ألمانيا الى إعادة النظر في سياستها تجاه المهاجرين وذالك باعتبار أنهم جزء من هذه المجتمعات وليس باعتبارهم حثالة على حد تصريح وزير داخلية فرنسا ساركوزي.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد