مجلس الأمن: اقتراحات "مجموعة الأربع" تلاقي معارضة شديدة

صحيح أن أروقة الأمم المتحدة تشهد منذ فترة طويلة إبرام صفقات رخيصة ومقايضات ومشاورات خلف الكواليس بخصوص الاقتراحات الرامية إلى إصلاح مؤسسات المنظمة الدولية، لكن المباحثات بخصوص الإصلاحات الطموحة دخلت هذا الأسبوع مرحلة العد التنازلي ومن المحتمل أن تتدخل الجمعية العامة غدا الأربعاء (12.07.07) في اتخاذ قرارات ملموسة بخصوص أهم المسائل المدرجة على برنامج الإصلاحات وهي توسيع عضوية مجلس الأمن. وفي حين ما زالت ألمانيا متمسكة باقتراحات ما يسمى بـ "مجموعة الأربع" وهي الهند والبرازيل واليابان وألمانيا الساعية إلى توسيع عضوية مجلس الأمن من 15 دولة إلى 25 دولة، تؤيد الولايات المتحدة ضم دولتين فقط إلى مجلس الأمن، اليابان واحدة منها. ووفقا لاقتراحات "مجموعة الأربع" فإن ألمانيا والبرازيل والهند واليابان تؤيد ضم ست دول إلى مجلس الأمن كأعضاء دائمين وأربع دول كأعضاء غير دائمين ليصبح عدد الدول الأعضاء في مجلس الأمن 25 دولة. وفي جولة المناقشات الأولى التي شهدها مجلس الأمن أمس الاثنين (11.07.05) وشارك فيها ممثلو 21 دولة لاقت اقتراحات "مجموعة الأربع" معارضة شديدة من الصين وباكستان والأرجنتين وكولومبيا وسان مارينو. أما ممثلو ألمانيا وفرنسا وبولندا ولاتفيا وليتوانيا والأردن فقد أعربوا عن موافقة بلادهم على اقترحات الدول الأربع المرشحة للحصول على مقعد دائم في الهيئة الدولية. وفي حين عارضت الأرجنتين وكولومبيا حصول البرازيل على مقعد دائم، تعارض الباكستان انضمام الهند إلى مجلس الأمن.

إفريقيا تطالب بعضوين دائمين

بينما تمخضت قمة سرت الإفريقية عن اتفاق رؤساء دول وحكومات البلدان الإفريقية على المطالبة بمقعدين إفريقيين دائمين وخمسة مقاعد غير دائمة في مجلس الأمن، بدأت "مجموعة الأربع" نهاية الأسبوع الماضي في نيويورك بالخطوة الرسمية الأولى على طريق الترويج لمشرعها الإصلاحي. إلى ذلك أعلنت بعثة اليابان في الهيئة الدولية أن تقديم مسودة الاقتراحات إلى مكتب الترجمة من أجل نقله إلى اللغات الستة المعتمدة في المنظمة الدولية. تجدر الإشارة إلى أن ترجمة الاقتراحات إلى لغات الأمم المتحدة الستة وتقديمها مكتوبة إلى ممثلي 191 دولة في الأمم المتحدة هي شرط لا بد منه من أجل عرضه على الجمعية العامة. من جانبها أعربت البعثة الألمانية عن أملها في تقديم المقترحات بأسرع وقت ممكن إلى الجهات المختصة. ولم تقتصر الاقتراحات التي قدمتها القمة الإفريقية التي عقدت في مدينة سرت الليبية على هذه المطالبة، بل أنها شملت أيضا نداءات بضرورة إجراء إصلاح شامل في المنظمة الدولية ومراعاة حقوق ومصالح الدول الإفريقية وتعزيز صلاحيات الجمعية العامة لتكون قادرة على اتخاذ القرارات وإنشاء لجنة خاصة لاحتواء الصراعات تمشيا مع مطالب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان. كما طالبت القمة بتأسيس هيئة جديدة لحقوق الإنسان كجهاز مستقل يتخذ من جنيف السويسرية مقرا له.

اتحاد الكاريبي يؤيد

وعلى صعيد التحالفات انضمت مجموعة الكاريبي "كاريكوم" أول أمس إلى معسكر المؤيدين لاقتراحات "مجموعة الأربع" وأعلنت مصادر دبلوماسية في نيويورك عن أن القمة التي عقدتها مجموعة الكاريبي اتخذت قرارا بتأييد اقتراحات الدول الأربع، مشترطة في الوقت ذاته زيادة عدد الأعضاء غير الدائمين في خطوة لسماع أصوات الدول الصغيرة في مجلس الأمن ومن بينها الدول المشاطئة للبحر الكاريبي.

41 مليون توقيع ضد اليابان

فوجئت الجهات المختصة في الأمم المتحدة أمس عندما حصلت على عريضة وقع عليها 41 مليون شخص طالبوا فيها المسؤولين في المنظمة الدولية برفض طلب طوكيو الساعي إلى الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن. ووفقا لمتحدثة باسم منظمة "الاتحاد العالمي للحفاظ على تاريخ الحرب العالمية الثانية" فإن أحد المستشارين المقربين إلى الأمين العام كوفي عنان حصل على الالتماس وإنه سيقدمه إلى الجهات المعنية. وقالت مصادر الأمم المتحدة إن العريضة وصلت إليها من كوريا الجنوبية عبر البريد الإلكتروني وإن معظم الموقعين عليها يعيشون في الصين. وعللت الجهات المسؤولة عن العريضة اللجوء إلى الأمم المتحدة للإعراب عن رفضها لحصول اليابان على مقعد دائم في مجلس الأمن بالقول إنه يجب على اليابان الاعتذار رسميا عن جرائم الحرب التي ارتكبتها أبان الحرب العالمية الثانية. تجدر الإشارة إلى أن اليابان احتلت في الحرب العالمية الثانية كوريا وأجزاء من الصين ودول آسيوية أخرى، مما أسفر من مقتل مئات آلاف المدنيين.وفي حين تعتبر طوكيو أنها قدمت اعتذارات كافية للدول المتضررة، تعتبر الدول المجاورة لليابان أن ما قامت به طوكيو ليس كافيا.

واشنطن:لن نقف في وجه أحد

بعد فترة الجمود، بل التوتر التي شهدتها العلاقات بين "أوروبا العجوز"، على رأي وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، لم يكن يتوقع المراقبون أن يعود المستشار الألماني غيرهارد شرودر من زيارته السابعة لواشنطن في نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي وفي جعبته موافقة أمريكية على حصول برلين على مقعد دائم في مجلس الأمن. وإذا استثنينا تلخيص الرئيس الأمريكي موقف بلاده من انضمام ألمانيا إلى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن بالقول"لن نعارض انضمام أي دولة"، فإنه يمكن القول إن الاشتراكي الديمقراطي أخفق مجددا في الحصول على تأييد الإدارة الأمريكية ورجع دون الحصول من واشنطن على تنازلات تسند ظهره على الجبهة الداخلية، وذلك في وقت اقترب فيه موعد إجراء الانتخابات البرلمانية الألمانية التي تشير استطلاعات الرأي بشأنها إلى أن شرودر وحزبه سيتكبدان فيها هزيمة نكراء. ففي حين أكد المستشار الألماني في المؤتمر الصحفي الذي جمعه بالرئيس الأمريكي في واشنطن مجددا على رغبة بلاده في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، أعرب الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أن بلاده لن تعارض حصول أية دولة على مقعد دائم في الهيئة الدولية. وبهذا لم يتمكن المستشار الألماني مجددا كسب الرئيس الأمريكي كشريك في مساعيه الرامية إلى لعب دور أكبر في المحافل الدولية.

تقرير: ناصر جبارة