تنافس حاد على لقب الدوري

شهدت ألمانيا في صيف عام 2006 أجواء احتفالية مثيرة وممتعة في ربوع البلد الذي استضاف بطولة العالم لكرة القدم 2006. إذ كان الشغل الشاغل للمواطنين والسياح في ألمانيا خلال صيف هذا العام هو كأس العالم 2006. وبما أن المنتخب الألماني لكرة القدم قدّم عروضاً رائعة وقوية لم يكُن أحدٌ في ألمانيا يتوقعها في البداية، ازداد الحماس لهذه الرياضة التي باتت حديث الجميع في كل مكان، في أماكن العمل والساحات العامة والمطاعم والمقاهي ووسائل المواصلات وغيرها.

وعلى الرغم من أن الفريق الألماني لكرة القدم لم ينجح في بلوغ نهائي البطولة إر خروجه من الدور نصف النهائي على يد غريمه التقليدي الفريق الإيطالي، إلا أن إقبال الجمهور والمشجعون على الملاعب والساحات العامة التي نًصبت فيها شاشات ضخمة لعرض المباريات بشكل حي ومباشر لم يتراجع أبداً. بل على العكس من ذلك واصل المواطنون والسياح في ألمانيا متابعة المباريات بعناية وحماس كبيرين. وبعد صافرات النهاية كانت الاحتفالات تعم شوارع المدن الألمانية احتفاءً بهذا المهرجان الرياضي الكبير. لكن وبعد أسابيع قليلة من نهاية كأس العالم وتتويج المنتخب الإيطالي بطلاً للعالم للمرة الرابعة، عادت الحياة إلى طبيعتها في ألمانيا وانطلق الموسم الـ .... لدوري كرة القدم الألماني. وسرعان ما تبين أن أجواء كاس العالم تختلف تماماً عن أجواء الدوري الألماني لكرة القدم.

هل أنهكت بطولة العالم اللاعبين الألمان؟

ما يُميز الموسم الحالي للدوري الألماني عن المواسم السابقة هو بروز فرق واعدة مثل فريق نورنبيرغ وهيرتا برلين اللذين تصدرا الدوري لفترة مؤقتة وغيرهما من الفرق المغمورة التي لم يكُن أحدٌ يتوقع صعودها إلى فرق الصدارة، أو على الأقل لم يكُن أحد يتوقع أن تُقدّم هذه الفرق ذاك الأداء القوي والرائع. على سبيل المثال تصدر نورنبيرغ وما يزيد من إثارة الدوري الألماني هو أن التنافس الشديد على صدارة الدوري ، إذ ليس هناك فارق كبيرٌ بين المتصدر ومطارديه الرئيسيين. يبدو أن حامل اللقب فريق بايرن ميونيخ سيُواجه هذه المرة مصاعب جمة في رحلة الدفاع عن لقبه. فإذا ما واصل المتصدر فيردر بريمن وصاحب المركز الثاني فريق شالكه أداءهما القوي، فسيكون على البافاريين الاكتفاء هذه المرة بالمركز الثاني أو حتى الثالث أو ...

لم يبلغ صاحب الرقم القياسي في الفوز ببطولة الدوري الألماني مستواه المعهود خلال مرحلة الذهاب، فقد خسر بايرن ميونيخ أمام فرق مغمورة لم يكُن أحد يتوقع صمودها أمام البافاريين، مثل فريق هانوفر الذي ألحق بالبافاريين هزيمة مذلة في عقر دارهم. هذا بالإضافة إلى خروج حامل اللقب المفاجئ من كأس ألمانيا على يد الفريق الصاعد أليمانيا آخن بعد خسارته أمامه بهدفين مقابل أربعة.هل هناك أسباب حقيقية لذلك؟ ربما أنهكت بطولة العالم لكرة القدم قوى لاعبي الفريق البافاري الذين خاض مًعظمهم غمار منافسات كاس العالم. هذا على الأقل ما نوّه إليه بعض المسؤولين في الفريق البافاري. لكن ماذا عن فريق بريمن الذي قدّم عروضاً رائعة وقوية وسجّل أكبر عدد من الأهداف في مرحلة الذهاب؟

أداء ساحر لفيردر بريمن

لم يظهر على لاعبي فريق فيردر بريمن أي علامات تعب أو إرهاق جراء كأس العالم 2006. على الرغم من مشاركة عدد كبير من لاعبي متصدر الدوري الألماني في كأس العالم 2006، إلا أن بريمن نجح في إحراز أكثر الأهداف وكسب أكبر عدد من النقاط ضمن له في نهاية مرحلة الذهاب التربع على قمة الدوري. إضافة إلى ذلك قدّم نجوم الفريق الذي يُشرف على تدريبه المدرب المتواضع والمتحمس توماس شاف عروضاً جميلة ومثيرة أبهجت جمهور هذه الرياضة الأكثر شعبية في العالم.

بقيادة لاعب خط الوسط البرازيلي دييغو قدّم بريمن أداءً هجومياً قوياً ومُمتعاً. إلى جانب صانع الألعاب الذي جعل سلفه الفرنسي يوهان ميكو في عالم النسيان، تألق مهاجم المنتخب الألماني النجم ميروسلاف كلوزه بإحرازه 10 أهداف ليتقاسم مع مهاجم هيرتا برلين بانتيليتش من صربيا صدارة قائمة هدافي مرحلة الذهاب. لكن العروض الرائعة التي قدمها بريمن لم تُغير شيئاً من الواقع وهو أن إجمالي مستوى منافسات مرحلة الذهاب كان متوسطاً. لكن ذلك لم يُثن عشاق كرة القدم عن القدوم إلى الملاعب لمؤازرة فرقهم والاستمتاع بالأجواء الحماسية التي تسود عادة ملاعب كرة القدم. يبدو انتقال بعض النجوم الكبار إلى فرق أخرى في الخارج، مثل كابتن المنتخب الألماني ميشائيل بالاك والبرازيلي تسي روبرتو والتشيكي روزيدسكي، لم يمنع المشجعين من مواصلة توافدهم إلى الملاعب، لا سيما أن هناك نجوماً جُدد، مثل البرايزيليين دييغو ونالدو أوالمهاجم الصاعد يان شلاودراف من فريق آخن، أثبتوا أنهم قادرون على سد الفراغ الذي تسبب فيه نجوم الكرة الذين أداروا ظهورهم للدوري الألماني.

شبح الهبوط إلى الدرجة الثانية يتهدد هامبورغ

على الرغم من بعض الإخفاقات، إلا أن مُعظم مدربي الفرق الألمانية ظلوا مُتمسكين بمقاعدهم، مثل مدرب فريق هامبورغ توماس دول الذي حقق نجاحات كبيرة خلال الموسم الكروي 2005/2006 حيث قاده فريقه إلى دوري أبطال أوروبا. أما الآن فأصبح الفريق الهانزياتي مهدداً أكثر من أي وقت مضى بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية. لكن هناك مدرباً اضطر لمغادرة فريقه بشكل مبكر، ألا وهو مدرب فريق هانوفر بيتر نويرور الذي أقيل من منصبه بعد منافسات الأسبوع الثالث للدوري الألماني ليحل مكانه المدرب ديتر هيكنغ. وفي الـ 18 من ديسمبر لحق به الهولندي بيرت فان مارفيك الذي سُرّح من منصبه كمدرب لفريق بروسيا دورتموند العريق بسبب إخفاقه في تحقيق ما كان يُتوقع منه. وبسُرعة فائقة ( بعد يوم واحد فقط ) تم التعاقد مع مدرب هيرتا برلين السابق يورغين روبر خلفاً لـ مارفيك.

هامبورغ يتمسك بتوماس دول

خلافاً لفريقي هانوفر ودورتموند ما زال فريق هامبورغ متمسكاً بمدربه توماس دول، على الرغم من النتائج المخيبة والأداء الضعيف الذي قدمه الفريق الهانزياتي. إذ لم ينجح هامبورغ خلال مرحلة الذهاب إلا في تحقيق فوز واحد في 17 مباراة خاضها في إطار منافسات الدوري. وكانت النتيجة هبوط هامبورغ بقيادة مدربه المحبوب توماس دول إلى مراكز الهبوط إلى دوري الدرجة الثانية. هذا بعد أن كان حقق معه خلال الموسم الماضي نجاحات كبيرة قادته إلى منافسة نخبة الفرق الأوروبية على لقب دوري أبطال أوروبا.

ما الذي يتوقعه عشاق كرة القدم الألمانية عام 2007؟ يتوقع المشجعون الألمان بالطبع استمرار أجواء الإثارة والحماس في الملاعب الألمانية. كما يأمل الجمهور الألماني في أن يواصل فريق بايرن ميونيخ العريق عروضه القوية في إطار دوري أبطال أوروبا ليُمثل الكرة الألمانية خير تمثيل على الساحة الأوروبية. وهناك آمال تُعلق أيضاً على فريقي فيردر بريمن وليفركوزن اللذين مازالا ينافسان على لقب كأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

علاء الدين موسى