ناشط حقوقي: أحكام الإعدام في السعودية لا تستند إلى أدلة – DW – 2016/6/1
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ناشط حقوقي: أحكام الإعدام في السعودية لا تستند إلى أدلة

أجرى الحوار حسن ع. حسين١ يونيو ٢٠١٦

اعتبر المحامي والناشط الحقوقي السعودي طه الحاجي أحكام الإعدام الصادرة في بلاده بحق متهمين بالإرهاب تعذيرية وتقديرية ولا تستند إلى أدلة دامغة، مشيرا إلى أن النظام يستغل قانون مكافحة الإرهاب لكتم أفواه المعارضة.

https://p.dw.com/p/1IySD
Saudi Arabien Hinrichtungsplatz in Riad
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Grimm

قال محام إن السعودية قضت يوم الأربعاء (الأول من حزيران/يونيو 2016) بإعدام 14 شخصا لتهم تتصل بالإرهاب بعد إدانتهم بهجمات على الشرطة في منطقة القطيف، التي تقطنها أغلبية شيعية في المنطقة الشرقية التي شهدت من قبل احتجاجات مناهضة للحكومة.

وأضاف المحامي، الذي كان يترافع عن المتهمين والذي طلب عدم نشر اسمه، أن تسعة أشخاص آخرين صدرت ضدهم أحكام بالسجن لفترات بين ثلاث سنوات و15 سنة وبرأت المحكمة شخصا واحدا. وتابع قائلا إن المدعى عليهم الأربعة والعشرين محتجزون منذ نحو ثلاث سنوات بتهمة حيازة أسلحة وإطلاق النار على الشرطة.

ولتسليط الضوء على هذه الأحكام وخلفيتها القانونية والسياسية حاورت DW عربية المحامي والناشط الحقوقي السعودي طه الحاجي.

DW عربية: ما هو مغزى الحكم بالإعدام بحق 14 متهما من منطقة القطيف وكلهم من الطائفة الشيعية بالنسبة لتلك الطائفة ولعموم المجتمع السعودي؟

طه الحاجي: يعني هو قبل كل شيء استمرار لسلسلة الإعدامات منذ إعدام الشيخ النمر مطلع العام الحالي، هي مزيد من القمع ومزيد من الوحشية التي تستخدمها السلطة لقمع أي صوت معارض وأي مطالبات، المشكلة أن الاتهامات مختلفة، وقائمة المحكومين ليست خلية واحدة يرتبط أفرادها ببعضهم بالبعض، هم أشخاص متفرقون واتهاماتهم مختلفة، حيث تختلف الاتهامات من شخص لآخر، وأنا لا أفهم كيف ربطوا تلك الاتهامات على هذه المجموعة وكأنهم من خلية واحدة.

ولكن علي أن أوضح أولا أنني لم أطلع على حيثيات الحكم لأنه صادر اليوم، ولكن غالبا تكون هذه الأحكام التي صدرت أحكاما تعذيرية، فالأحكام العذيرية تعني أنها سلطة تقديرية من القاضي، وهذا ما يؤكد أن السعودية تتوسع بصورة غير مبررة في استخدام عقوبة الإعدام بطريقة وحشية، وهو توسع غير مقبول وغير معقول، وإذا كانت المنظمات الدولية والعالم تسعى لتقنين عقوبة الإعدام قدر الإمكان، والسعودية تدعي أنها تقنن هذه العقوبة ولا تطبقها إلا في أضيق الحدود، لكن الواقع يخالف هذا الادعاء.

هل هناك وجوه بارزة بين المحكوم عليهم بالإعدام اليوم؟ نتذكر في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي كان الشيخ النمر من أبرز الشخصيات التي تلقت عقوبة الإعدام؟

قائمة المحكومين بالإعدام اليوم تتضمن أغلبية من الشباب، البعض منهم كان أثناء اعتقالهم في سن تحت 18 عاما، لكن البارز فيهم شخصيات في قائمة المطلوبين، وهي القائمة المعروفة بقائمة 23، لأنها تحتوي على 23 اسما والتي تتضمن أسماء اثنين من المطلوبين وهما حسين ربيع وعبدالله صريح، وهما من أبرز الوجوه في قائمة المحكومين اليوم.

هل تعتقد أن للأحكام هذه خلفية سياسية أكثر منها جنائية بحتة؟

مما لا شك فيه هو أولا أن هذه المحكمة التي أصدرت تلك الأحكام هي محكمة أمنية، وكل التقارير الدولية والدراسات التي جرت حول هذا الموضوع أثبتت أن هذه المحكمة لا تتوفر فيها المعايير العادلة ولا تطبق معايير المحاكمات العادلة. فهي محكمة أمنية بامتياز، المتهمون أمامها لا يعاملون كما يتم معاملة متهمين في قضايا أخرى، فهي بالتأكيد أحكام سياسية أمنية بامتياز بعيدا عن القانون والشرع.

كيف تجري عادة مثل هذه المحاكمات؟ هل يتمكن المتهمون من الدفاع عن أنفسهم بكل السبل المتاحة لهم قانونيا؟

يجب أن نعلم أن هذه المحكمة هي محكمة جزائية متخصصة في قضايا الإرهاب وأمن الدولة، ولكن الواقع أن أي معارض، مهما كان، سواء أكان معارضا سياسيا أو أي شخص يكتب تقريرا ينتقد الجهاز الحكومي أو أي ناشط حقوقي أو أي صاحب رأي، يعامل كما يعامل الإرهابي ويتم محاكمته أمام هذه المحكمة المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.

وهكذا يمثل أمام هذه المحكمة كل المطالبين بحقوقهم وأصحاب الرأي والنشطاء ويتم معاملتهم كمعاملة الإرهابيين. المحكمة هذه تشهد انتهاكات كثيرة، فمنذ بداية الاعتقال وحتى مثوله أمام المحكمة، وهي فترة قد تستغرق سنوات، لا يسمح للمتهم بلقاء محاميه قبل انطلاق جلسات المحكمة، كما لا يتمكن المحامي بعد بدء المرافعات من الترافع عنه، حيث هناك الكثير من المضايقات التي تواجه المحامي.

كما أن المحكمة لا تأخذ الدفوع التي يتقدم بها المحامي أو المتهم بنفسه بعين الاعتبار. فمثلا لا تعير المحكمة أية أهمية لدفاع المتهم أو المحامي عنه عن أن الاعترافات التي أخذت منه بالإكراه وانتزعت تحت التعذيب. ولا تنظر المحكمة إلى مثل هذه الاعتراضات إطلاقا ولا تتعامل معها بجدية. أي بعابرة أخرى لا توجد جدية لدى المحكمة بأخذ هذه الأمور بجديتها كما يفترض أن يتعامل معها قضاء عادل.

ما هي أدلة إثبات الأحكام التي استندت إليها المحكمة؟

في هذه القضية التي صدرت فيها أحكام اليوم لم أكن مطلعا على ملفاتها بالكامل. ولكن في القضايا السابقة التي رافعت فيها يكون غالبا الاعتراف المقدم من المتهم هو دليل "ثبوت الجرم". وهذا يعني أن المدعي العام فقط يقدم هذا الدليل، وكما قلنا فإن هذه الاعترافات تنتزع بالإكراه والتعذيب. أي أن المعتقل يوقع على وثيقة الاعتراف رغما عنه. فيكون في النهاية هذا هو الدليل الوحيد في القضية. وغالبا ما يقول المتهم أمام المحكمة بأن هذه الاعترافات انتزعت منه تحت ضغط التعذيب، إلا أن المحكمة ترفض هذا الاعتراض ولا تأخذ به.

Taha Alhajji saudi-arabischer Rechtsanwalt
المحامي والناشط الحقوقي السعودي طه الحاجيصورة من: Privat

هل يعتمد القضاء السعودي مبدأ " المتهم برئ إلى أن تثبت إدانته؟ وهو مبدأ دولي؟

كلا، لا يتم التعامل مع المتهم منذ البداية وفق هذا المبدأ. فالمتهم مدان منذ اعتقاله مرورا بمثوله أمام المحكمة. إن القضاء يفرض في الشخص المعتقل الجرم أساسا، هذا هو الواقع الذي نراه.

هل يكون محامي المتهم حاضرا عن صدور الأحكام؟

نعم، لكون لدى المتهم محام، فيجوز له حضور جلسة نطق الحكم. ولكن بعض الجلسات تعقد من دون وجود المحامي، حيث يتم إحضار المتهمين من زنزاناتهم لحضور جلسة محاكمة من دون تبليغ مسبق للمتهم أو محاميه، حيث يتفاجأ المحامي بعقد مثل هذه الجلسة.

أفهم من كلامك أن ليس كل المتهمين يتم تمثيلهم عبر محامين، هل هذا صحيح؟

نعم، فغالبية المتهمين ليس لهم من يدافع عنهم، فالمتهمون والمحامون، وأنا منهم، مقتنعون تماما بأن لا فائدة من وجود محام. وجود المحامي هو يشكل صورة تجميلية أو ترقيعية للمحكمة لا أكثر ولا اقل. لأنه عمليا لا قيمة لوجود محام أمام هذه المحكمة.

هل يمكن استئناف هذه الأحكام بعد صدورها؟

نعم بالتأكيد يمكن استئناف هذه الأحكام، ولكن لا يرجى منه أي خير، في العادة يؤدي الاستئناف إما إلى تأكيد الأحكام أو يشددها. ومن النادر جدا أن تقوم محكمة الاستئناف بنقض الأحكام الصادرة إما بإلغائها تماما أو التخفيف منها.

كيف تتعامل سلطات المحاكم والسجون مع المتهمين والمحامين إن وجدوا؟

يجب تقسيم إجراءات القضاء إلى عدة مراحل: فمرحلة ما قبل المحكمة شيء، وما بعد بدء جلسات المحكمة شيء آخر. ففي مرحلة ما قبل المحكمة لا يتم التعامل مع المحامي أبدا، حيث لا يمكن للمحامي حضور جلسات التحقيق إطلاقا. كما لا يمكنه الاطلاع على ملفات القضية في هذه المرحلة. ولا يجوز للمحامي زيارة موكله في السجن.

أما بعد بدء المرافعات أمام المحكمة فيسمح للمحامي بحضور الجلسات. ولكن عمليا، وكما قلت في السابق، لا يأخذ أي شيء من عناصر دفاعه أو اعتراضه في القضية من قبل المحكمة. أنا شخصيا قدمت الكثير من الاعتراضات في قضايا سابقة، منها طالبت بإطلاعي على ملف القضية بالكامل، ومنها قلت إن الاعترافات انتزعت بالإكراه وتحت ضغط التعذيب، إلا أن المحكمة لم تأخذ أي شيء بنظر الاعتبار ولم تنفذ أي طلب من طلباتي وأهملت كل ذلك إهمالا بالكامل. بالنسبة للقضاء، فإن وجود المحامي هو أمر تجميلي للادعاء بأن المحاكم تجري وفق معايير عادلة، لا أكثر ولا أقل.

كيف ستنعكس هذه الأحكام على المزاج الشعبي العام في المملكة؟

في الواقع أن المجتمع الشيعي في الداخل السعودي محبط تماما منذ بداية العام، حيث تم إعدام الشيخ نمر. وتصاحب الإحباط حالة خوف مستمر ورعب بثتها الحكومة في نفوس الناس، فالناس بدأت تشعر باليأس والعجز، حيث يرون أن القضايا التي تصدر المحاكم أحكام إعدام فيها بحق أبنائهم لا تستحق حتى السجن. فليس من المعقول أن تؤدي المشاركة في مظاهرة إلى صدور حكم الإعدام.

وعموما أن أحكام الإعدام هي رسالة لعموم المجتمع السعودي مفادها أن الحكومة ماضية في اعتما الحل الأمني باعتباره الحل الوحيد المتوفر لديها، ولا يتوفر لديها حلول سياسية لمشاكل المجتمع. ولكن يجب أن نميز بين شرائح المجتمع السعودي، فمجموعة المتشددين تستبشر بصدور هذه الأحكام، لأن فيها قتل للشيعة. وهناك مجموعة أخرى موالية للنظام مهما فعلت وترضى بكل الأحكام. ولكن هناك مجموعات كبيرة في المجتمع السعودي ترى في هذه الأحكام وحشية وأنها ليست مبررة، وتعتقد هذه المجموعة بعدم عدالة هذه المحاكمات بغض النظر عن طائفة المتهم. فالقتل والقمع يشمل الجميع في نهاية المطاف ولا تنحصر في الطائفة الشيعية، فقبل أيام صدر حكم بسجن الناشط الحقوقي عبدالعزيز السبيلي لمدة ثماني سنوات لمجرد أن أبدى رأياً.

ويمكن القول إن النظام السعودي يستغل ملف مكافحة الإرهاب في قمع أي نشاط في المجتمع وعلى كل المستويات وبحق كل الطوائف. فشماعة الإرهاب هي الراية التي يرفعها النظام.

المحامي طه الحاجي ناشط حقوقي دافع عن الكثير من المعتقلين في السعودية، بينهم 33 معتقلا حاليا في السعودية بتهمة التجسس لإيران. ضايقته السلطات إلى درجة جعلته يترك بلاده ويلتجأ إلى ألمانيا.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد