هذه هي الأسباب "الحقيقية" التي تدفع الأفارقة للهجرة! – DW – 2020/2/2
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هذه هي الأسباب "الحقيقية" التي تدفع الأفارقة للهجرة!

علاء جمعة
٢ فبراير ٢٠٢٠

مع استمرار موجات الهجرة والنزوح، تحاول دراسة حديثة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلقاء الضوء على أسباب قدوم المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا. الأسباب التي توصلت لها الدراسة كانت صادمة وغير متوقعة في بعض الأحيان!

https://p.dw.com/p/3X4DB
هجرة الفئات المتعلمة تفاقم أزمة القارة السمراء وتحرمها من الكفاءات الوطنية الشابة
لاجئون غالبيتهم من أفريقيا يركبون قوارب خطيرة للوصول إلى أوروبا بحثا عن حياة أفضلصورة من: pictur- alliance/AP Photo/O. Calvo

العدد الإجمالي للمهاجرين الذين وصلوا إلى الجانب الأوروبي للبحر المتوسط عام 2019 شهد انخفاضا مقارنة بالسابق. فوفقا لأرقام المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن  141.472 مهاجراً وصلوا في عام 2018 بينما كان عدد القادمين لغاية 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019 هو 122.624 مهاجرا فقط. ومع ذلك، فقد شكلت اليونان استثناء، حيث ازداد عدد المهاجرين القادمين من تركيا إليها بشكل كبير سواء برأ أو بحرا وذلك وفقا لأرقام مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، حيث بلغ عدد القادمين لغاية 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019 ما مجموعه 73.377 مهاجرا مقارنة بـ 23 ألف مهاجر عام 2018.

ومع استمرار قدوم المهاجرين تتزايد الأسئلة عن ماهية الأشخاص الذين يخاطرون بكل شيء للمجيء إلى أوروبا وأسباب إقدامهم على ذلك؟

تحاول دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الإجابة على هذه الأسئلة، حيث تم تقييم بيانات 1970 مهاجرا من 39 دولة أفريقية يعيشون في 13 دولة أوروبية - وكانت النتائج مثيرة للغرابة في بعض الأحيان، وذلك بحسب ما وصفتها مجلة فوكوس الألمانية التي نشرت تقريرا مفصلا عن هذا الموضوع.

من هم الأشخاص الذين يأتون إلى أوروبا من إفريقيا؟

كان متوسط أعمار المهاجرين الذين تمت مقابلتهم 24 عاما عندما بدأوا رحلتهم إلى أوروبا، غالبيتهم كانوا من الذكور العازبين، 85 بالمئة تقريبا قدموا من المناطق الحضرية في إفريقيا. من المهم الإشارة إلى أن الدراسة ركزت على المهاجرين الأفارقة القادمين لظروف غير الحرب أو الاضطهاد السياسي، ولم تتح لهم فرصة للهجرة الشرعية.

إحدى النتائج الرئيسية الصادمة للدراسة كشفت أن المهاجرين في كثير من الحالات هم أفضل تعليماً من أقرانهم في بلدانهم الأصلية. إذ أن 58 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع إما كان لديهم عمل في وطنهم (49 بالمئة) أو كانوا لا يزالون في طور الدراسة والتعلم (9 بالمئة) وذلك قبل الهجرة إلى أوروبا، وفي المتوسط ​​كان المهاجرون القادمون مدربين لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات بفترة أطول من متوسط تدريب أقرانهم في الوطن، وهو ما ينطبق كذلك على النساء حيث مكثت النساء المهاجرات في المتوسط مدة خمس سنوات دراسية أطول من أقرانهن.

ويبين التقرير الأممي أنه "يمكن أن نستنتج أن التعليم المتزايد قد وسّع بشكل كبير آفاق الفرد وطموحاته"، لأن غالبية العاملين حصلوا على رواتب "تنافسية" في بلدهم الأصلي. قبل المغادرة، حصل 49 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع على ما يزيد عن 63 بالمئة من متوسط الأجور ​​في بلدهم الأصلي. بينما قال كثيرون أيضا إن وظائفهم كانت آمنة ومنتظمة. ومع ذلك، فإن 38 بالمئة فقط حصلوا على ما يكفي لتغطية نفقاتهم، وشعر نصفهم أنهم لم يكسبوا ما يكفي، وقال 12 بالمئة فقط إنهم يستطيعون الادخار.

خلاصة الدراسة: الأشخاص الذين يأتون إلى أوروبا هم أولئك الذين يكسبون بشكل أفضل مقارنة بمتوسط ​​السكان في بلدانهم الأصلية والذين لديهم مستوى عالي نسبيا.

موجات المهاجرين تصل إلى سواحل شمال أفريقيا وهناك تنتظر قوارب المهربين للعبور إلى سواحل جنوب أوروبا
شباب أفارقة يسلكون طريقا محفوفا بمخاطر كثيرة قد تهدد حياتهم للوصول إلى أوروبا الصحراء والبحر المتوسطصورة من: picture-alliance/AP Photo/O. Hebbat


لأي أسباب يغادر الناس أفريقيا؟

على الرغم من أن الكثيرين كانوا يعملون في بلدهم، إلا أن الأموال لم تكن كافية للعيش. بالنسبة لـ 60 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع، كان "العمل وإرسال أموال إلى الوطن" هو الدافع الأهم للسفر. ولكن في الوقت نفسه، قال واحد بالمئة فقط بأن العامل الاقتصادي هو الدافع الوحيد. وهذا يجب أن يؤدي إلى إعادة التفكير: أسباب الهجرة "متنوعة" ولا يمكن اختزالها في مشكلة واحدة مثل الحرب أو الفقر، كما يؤكد المشرفون على الدراسة.

السبب الثاني الأكثر أهمية للهجرة هو العائلة أو الأقارب في المهجر حيث كانت النسبة حوالي 18 بالمئة من المستطلعين.

السبب الثالث" "التعليم" (ثمانية بالمئة)

السبب الرابع  ​​"المشاكل الشخصية / الحرية" (سبعة بالمئة).

 أشار أكثر من ربع المهاجرين إلى نظام الحكم أو انعدام الأمن في بلدانهم الأصلية كدافع ثانوي. 77 بالمئة اشتكوا أيضا من القيود السياسية وضيق هامش حرية الرأي في وطنهم.

رئيس برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر، قال: "التقرير أكد أن الهجرة هي انعكاس للتقدم التنموي في جميع أنحاء أفريقيا، حتى لو كان التقدم موزعا بشكل غير متساو ولا يسير بسرعة كافية لتلبية توقعات الناس".

وخلصت الدراسة إلى إن الحل الوحيد طويل الأجل لمنع الهجرة غير القانونية إلى أوروبا هو تسريع وتيرة التنمية. يجب أن تتاح للشباب فرص جيدة في وطنهم وفي المناطق المجاورة لهم مباشرة. لذلك، يجب إعادة النظر في الاستراتيجيات الحالية والقرارات السياسة على المدى القصير بحسب الدراسة.

ماذا كان سيمنع الناس من الهجرة؟

في الدراسة، ذكر 41 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع أن "لا شيء" كان يمكن أن يمنع هجرتهم. وقال واحد من كل أربعة إن الظروف المالية الأفضل في وطنهم كانت ستدفعهم إلى  البقاء، وقال حوالي 15 بالمئة الحكم والرفاهية.

والمثير للاهتمام أن حوالي 2 بالمئة فقط قالوا إنهم لما فكروا في الهجرة لو كانوا يعرفون مسبقا مدى خطورة الرحلة. هذا على الرغم من حقيقة أن 93 بالمئة من الذين تم سؤالهم قالوا إنهم عانوا من مواقف خطيرة خلال رحلتهم. أكثر من النصف بقليل (56 بالمئة) توقعوا ذلك منذ البداية.

ويستخلص المشرفون على الدراسة شركاء التنمية والحكومات الأفريقية تحاول حاليا منع الهجرة غير الشرعية من خلال حملات لتوعية الناس بالمخاطر. لكن الأرقام توضح أن هذه الحملات الإعلامية لوحدها على الأقل لا يمكنها تغيير رأي الناس. ويقول التقرير إن غالبية المهاجرين يغامرون على ما يبدو بمخاطر محسوبة من خلال مقارنة مزايا وعيوب الهجرة بالظروف المحلية. يبدو أن هذا صحيح عند العودة إلى الماضي - على الرغم من كثرة الصعوبات التي وصلت إلى أوروبا.

هل يريد المهاجرون البقاء في أوروبا؟

أشار 70 بالمائة من المُستطلعة آرائهم أنهم يريدون البقاء في أوروبا على المدى الطويل. ويرغب المهاجرون "الناجحون" الذين يحملون تصاريح عمل ووظائف ورواتب كافية لإرسال بعض الأموال إلى الوطن في العودة عاجلاً أكثر من غيرهم.

ووفقًا للتقرير، فإن هذا يرجع أيضا إلى التوقعات في بلدهم الأم: 55 بالمئة من العاملين المهاجرين و59 بالمئة من الذين يرسلون الأموال لأهاليهم يعتقدون أن أسرهم وأصدقاءهم في الوطن سيكونون سعداء عند عودتهم. وتنخفض النسبة بشكل كبير بين الأشخاص الذين لا يكسبون أي شيء (41 بالمئة) أو لا يرسلون الأموال (38 بالمئة).

وتشير الدارسة في خلاصتها إلى أنه ينبغي للحكومات أن تنبذ فكرة أن سياسة تقييد سوق العمل تؤدي إلى مغادرة المهاجرين بسرعة إلى أوروبا. بل يبدو أن العكس هو الصحيح: فالمهاجرون الذين يُسمح لهم بالعمل وبالتالي الاندماج في سوق العمل الأوروبية أكثر استعدادا للعودة إلى بلدانهم الأصلية.

الكاتب: علاء جمعة

المصدر: مهاجر نيوز

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد