وجهة نظر: كانت نهاية الحرب ضربة حظ وفي نفس الوقت كابوسا – DW – 2015/5/7
  1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وجهة نظر: كانت نهاية الحرب ضربة حظ وفي نفس الوقت كابوسا

فليكس شتاينر/ عارف جابو٧ مايو ٢٠١٥

الثامن من مايو 1945 يبقى يوما مصيريا بالنسبة لألمانيا، فهو يعبر عن مشاعر الانهيار بالنظر إلى الحرب العالمية الثانية. بعد مرور 70 عاما قد تبدو النظرة إليه بشكل مختلف، ورغم ذلك فهو يعبر حقا عن كابوس، حسب رأي فليكس شتاينر.

https://p.dw.com/p/1FKux
70 Jahre Kriegsende Westwall Siegfriedlinie
صورة من: picture-alliance/dpa

الثامن من مايو/ أيار 1945 يبقى اليوم الأصعب بالنسبة للألمان في التاريخ الحديث، لأنه الأكثر تناقضا. لكن ومنذ ثلاثين عاما يبدو الأمر واضحا ومحسوما إذ إن "الثامن من مايو/ ايار 1945 كان يوم التحرير. فقد تم تحريرنا جميعا من النظام النازي المستبد الذي يحتقر الإنسان" هذا ما قاله الرئيس الألماني الراحل ريشارد فايتسزكر بكل وضوح في الذكرى الأربعين لانتهاء الحرب العالمية الثانية، وهذا ما يراه اليوم 90 بالمائة من الألمان بعد عقود من انتهاء الحرب.

وعند النظر إلى الثامن من مايو/ ايار كـ "يوم تحرير" فقط، فإن هناك ما يبرر الاحتفال، حيث يمكن لنا نحن الألمان أن نتعامل مع هذا اليوم مثل الكثير من جيراننا في أوروبا بشكل احتفالي وبمرح وبهجة، لكن بعد سبعين عاما يبقى هذا بالتحديد أمرغير كاف. وهو ما عبر عنه الرئيسي ريشارد فايتسزكر في كلمته التاريخية عام 1985 "نحن الألمان نحتفل بيننا بهذا اليوم ، وهذا أمر ضروري. علينا أن نجد المعايير لوحدنا وبأنفسنا ". ولا يمكن الحديث هنا عن معيار واحد.

الشعور بالذنب والحزن والخجل والامتنان

هناك أولا الشعور بالذنب وبالمسؤولية عن جميع الجرائم التي ارتكبت باسم الألمان حتى الثامن من مايو/ ايار 1945. وهناك أيضا رابط الشعور بالمسؤولية بالنسبة لمن ولدوا بعد الحرب. الذكرى يجب أن تبقى حية ويجب الحرص على عدم تكرار ما حدث، والحزن على الضحايا وعلى معاناة الشعب نفسه، وأيضا على الذين سقطوا خلال الحرب التي استمرت خمس سنوات ونصف وشملت كل أوروبا. إنهم أولائك الذين ماتوا تحت وابل القنابل على المدن وأثناء الهروب من شرق ألمانيا خلال الحرب. إنهن النساء والفتيات اللواتي اغتصبن من قبل الجنود لدى دخول الجيش الأحمر واحتفاله بالنصر. وأيضا الجنود الألمان الذين ماتوا في الأسر على ضفاف الراين وفي معسكرات الاعتقال في سيبيريا. وهم أيضا الاثني عشر مليون ألماني الذين شردوا من وطنهم بعد الثامن من مايو/ أيارا 1945. التذكير بكل شيء أمر مشروع وضروري، غير أن ذلك لا يعني القيام بمقارنة بين أعداد الضحايا والنقص من مستوى المسؤولية.

هناك خجل أيضا، الخجل من عدم تمكن المانيا بمفردها التخلص من طاعون النازية، إنه الخجل من أن الدولة النازية بقيت قائمة وفعالة حتى آخر دقيقة، رغم أن سقوطها الوشيك كان متوقعا. الكثير ممن استعجلوا الاستسلام أو أزالوا حواجز المدرعات دفعوا حياتهم ثمنا لذلك. لقد تم إعدام جنود منشقين، حتى عندما كانت قوات الخصم على مرأى منهم.

Steiner Felix Kommentarbild App
كاتب التعليق: فليكس شتاينر

انتشر الدمار والعبث في كل مكان، تماما كما كان هتلر يتمنى ذلك، حيث لم يبق أي جسر سليما، وحرقت قرى وأعداد لا تحصى من بيوت الفلاحين والعمال، فقط لأن ضابطا متشددا ربما كان يعتقد أن "النصر النهائي" آت قريبا ولاشك. نشمئز لكل هذا، ولكنه جزء من تاريخنا.

وأخيرا يرتبط هذا الموضوع بشعور الامتنان: الامتنان لأننا نحن الألمان حصلنا على فرصة جديدة رغم فترة النازية، بحيث لم نبق مستعمرين، وإنما شعبا مستقلا حرا يقرر مصيره مستقبله بنفسه. فرنسا وبريطانيا وأمريكا بالدرجة الأولى جعلت هذه الخطوة ممكنة. وتحديدا بعد أربع سنوات من الاستسلام غير المشروط، أي في الثامن من مايو/ أيار 1949 أصدر 65 رجلا وإمرأة الدستور الأساسي لألمانيا الذي لايزال مطبقا حتى الآن. عام 1990 وافق الاتحاد السوفياتي أيضا على سريان مفعول هذا الدستور وتطبيقه في جميع أنحاء ألمانيا.

نقطة تحول

عدد قليل من المواطنين الألمان كانوا ينظرون إلى الثامن من مايو/ أيار عام 1945 كيوم للتحرير، حيث كان اليأس القاتم منتشرا بين العديد ممن أرادوا العيش وتجاوز المحنة فقط، وحيث تم القضاء على إرهاب النازية بشكل عشوائي من قبل قوات التحالف. لكن بالنظر إلى الأحداث، شكل ذلك اليوم نقطة تحول لما نحياه في يومنا هذا، حيث الحرية واحترام حقوق الإنسان والليبرالية التي نفخر بها اليوم، والتي لم يكن تحقيقها ممكنا دون الثامن من مايو/ أيار 1945.

الثامن من مايو/ أيار 1945 كان بمثابة ضربة حظ وكابوسا في نفس الوقت. فمن يتساءل عن تردد ألمانيا في إرسال قوات خارج البلاد، ولماذا نفضل الحوار والتفاوض على استخدام السلاح في حل الأزمات؟ أو لماذا تدعو برلين بالخصوص للحوار ولمفاوضات جديدة مع موسكو بشأن الأزمة الأوكرانية؟ فسيجد الجواب بين ثنايا ما حدث عام 1945، حيث إن وحشية الحرب تشكل كابوسا بالنسبة لألمانيا ويستغرق أثر ذلك لفترة أطول من عمر الإنسان.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات